في الثامن من كانون الأول، تمر الذكرى السنوية الأولى لهروب رأس النظام الدكتاتوري بشار الأسد وانهيار منظومته الأمنية الاستبدادية التي مارست الفساد والإفساد عقودًا من الزمن،
وأذاقت السوريين صنوف العذاب، وقتلت وشرّدت ودمّرت طيلة أربعة عشر عامًا من الثورة السورية، واستهدف الوجود القومي للشعب الكردي بتطبيقه العديد من المشاريع العنصرية المقيتة ضده،
ليصبح هذا اليوم الحدث التاريخي الأبرز على مستوى العالم، ويكون بداية مرحلة جديدة لإنهاء معاناة الشعب السوري. هذا اليوم الذي جاء نتيجة لتضحيات السوريين رجالًا ونساءً، عربًا وكردًا وسريانًا آشوريين وتركمانًا، مسلمين ومسيحيين وإيزيديين الذين قدموا جميعًا الغالي والنفيس من أجل حريتهم وكرامتهم.
إن المجلس الوطني الكردي، وفي هذه المناسبة التاريخية، يؤكد أن فرحة السوريين بهذا اليوم لن تكتمل بزوال سلطة الاستبداد وانهيار النظام، بل تتم بتجسيد تطلعاتهم في بناء دولة عادلة تصون حرية جميع المواطنين وكرامتهم، وتضمن مشاركة فاعلة لهم في بناء سوريا الجديدة، وتؤمّن لهم الأمن والأمان وتوفير سبل العيش الكريم.
ولكي تصبح هذه التطلعات واقعًا ملموسًا يعيشه السوريون في وطنهم، فإن المجلس يدعو الإدارة الانتقالية إلى تبني نهج الانفتاح والحوار الجاد مع كافة المكونات القومية والسياسية والمجتمعية، وإشراكها في قرار بناء الدولة المنشودة. وفي هذا الإطار يرى المجلس أن التغافل عن تناول القضية الكردية يضر بمسيرة البناء والاستقرار وحل باقي القضايا والمشاكل التي ينتظرها السوريون، وعليه فإنه يدعوها أيضًا إلى إفساح المجال وبدء الحوار المباشر مع الوفد الكردي المشترك الذي يعتمد رؤية كردية حول مستقبل البلاد وحل القضية الكردية، للتحاور معه وصولًا إلى ما يضمن ذلك في الدستور الجديد للبلاد.
ومع فرحة السوريين بهذا اليوم، لا بد من الإشارة إلى أن ما شهدوه وما تابعه العالم مؤخرًا في بعض المظاهرات الاحتفالية بهذه المناسبة التي دعا إليها الرئيس الشرع، من سلوكيات وتبنٍّ لخطابات الكراهية ضد المكونات السورية والتوصيفات المسيئة لهم، لا يمكن اعتبارها ظاهرة عرضية مدانة فحسب، بل جاءت امتدادًا لما زرعه النظام البائد من فتنة وفرقة بين أبناء الوطن الواحد.
وإن استمرار هذا السلوك وهذا الخطاب يهدد السلم الأهلي ويقوّض أسس الدولة المنشودة التي دفع السوريون أثمانًا باهظة لتحقيقها، وتقع على عاتق الحكومة محاسبة المسيئين والمحرضين على الكراهية أيًا كانوا، وضرورة أن تترجم ذلك بالأفعال حمايةً لحقوق جميع المكونات وصونًا للنسيج الوطني. ويأتي الردّ الأمثل على هذه الممارسات التمييزية بتعزيز قيم وثقافة العيش المشترك، وتأمين الحقوق القومية والديمقراطية دستوريًا لكل المكونات دون استثناء.
إن سوريا الجديدة التي ينشدها السوريون وضحّوا من أجلها، هي سوريا الحرية والكرامة والعيش المشترك، سوريا ديمقراطية لامركزية بهويتها المتعددة القوميات والثقافات والأديان، والتي تُبنى وتُصان بإرادة وشراكة أبنائها جميعًا.
الرحمة لشهداء سوريا، والحرية لمعتقليها، والعودة الكريمة لمهجّريها.
الأمانة العامة للمجلس الوطني الكردي
قامشلو ٧ كانون الأول/ ديسمبر ٢٠٢٥م



