تمر اليوم الإثنين الموافق 22 كانون الأول 2025، الذكرى السنوية السابعة عشرة لرحيل المناضل والقائد السياسي البارز، محمد نذير مصطفى، السكرتير العام السابق للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي)، الذي يعرف اليوم باسم الحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا (PDK-S) يعتبر الراحل أحد أبرز رموز الحركة الوطنية الكردية في سوريا، حيث جمع في مسيرته بين النضال السياسي والممارسة القانونية النزيهة.
وُلد محمد نذير مصطفى عام 1939 في مدينة ديريك، لأسرة عُرفت بانتمائها الوطني وروحها النضالية، تنحدر من عائلة “علي يونس” قادة ثورة صاصون التاريخية في كردستان تركيا. وكان الانطلاق الحقيقي لمسيرته النضالية قد بدأ مع التحاقه بالعمل الحزبي في شباط 1958، ليسلك مساراً قيادياً متصاعداً. ففي المؤتمر الحزبي الأول الذي عُقد في كوردستان العراق عام 1972، تم انتخابه عضواً في اللجنة المركزية ثم المكتب السياسي، ليبدأ مرحلة جديدة من المسؤولية.
واجه مصطفى مع عدد من قادة الحزب اختباراً قاسياً بسبب موقفه الرافض لسياسة “الحزام العربي” التي طبقتها السلطات في محافظة الحسكة، حيث اعتُقل في آب 1973. قضى بسبب ذلك نحو ثماني سنوات في السجن، أمضي جزءاً منها في زنزانة انفرادية، قبل أن يفرج عنه عام 1981. بعد خروجه، انقطع تنظيمياً عن الحزب لفترة، لكنه حافظ على التزامه الفكري والسياسي والعقائدي بمبادئه.
عاد إلى الصفوف القيادية بقوة بعد استشهاد الأمين العام آنذاك كمال أحمد درويش، حيث لاقت رغبته في العودة استجابة من رفاقه. ففي المؤتمر الثامن، انتُخب عضواً في اللجنة المركزية ثم سكرتيراً لها، ليتقلد بعدها منصب السكرتير العام للحزب في المؤتمر التاسع، ويُعاد انتخابه لهذا المنصب في المؤتمر العاشر رغم غيابه بسبب المرض، مما يدل على الثقة الهائلة التي حظي بها.
إلى جانب نضاله السياسي، كان محمد نذير مصطفى رائداً في المجال القانوني. فهو أول طالب كردي يتخرج من كلية الحقوق وأول محامٍ كردي يمارس المهنة في محافظة الحسكة. تميز في مسيرته المهنية بنزاهة وإخلاص منقطع النظير، وأصبح مرجعاً قانونياً أساسياً وموثوقاً بين أقرانه المحامين في المحافظة، مجسداً بذلك الربط بين العمل القانوني النزيه والكفاح السياسي من أجل الحقوق.
في نهاية عام 2006، شُخّصت إصابته بمرض سرطان الرئة. وبلفتة كريمة من الرئيس مسعود بارزاني، نُقل للعلاج في باريس على نفقة رئاسة إقليم كوردستان. وبعد عودته، تابعه السيد سيوان بارزاني عن كثب، و كان يُرسل له الدواء من فرنسا بشكل دوري بناءً على التقارير الطبية الى أن وافته المنية صباح الاثنين 22 كانون الأول/ديسمبر 2008.
مثّل رحيل محمد نذير مصطفى خسارة فادحة للشعب الكردي والحركة الكردية، التي فقدت علماً بارزاً من أعلامها الوطنية والنضالية، كما خسر حزبه قائداً من خيرة مناضليه. تبقى مسيرته الحافلة نموذجاً للتفاني في خدمة القضية الكردية، وجسراً بين النضال السياسي والمبادئ القانونية والإنسانية السامية في إطار السعي لتحقيق الحقوق المشروعة للشعب الكردي في سوريا الموحدة.
لروحه المجد والخلود

اعداد: عبدالهادي شيخي



