البارزانيون… هندسةُ الاستقرار وصناعةُ الدور الكردستاني في معادلات الشرق الأوسط
بقلم الكاتب بنكين محمد
في لحظةٍ إقليمية مليئة بالتقلبات، وفي منطقةٍ لا تعرف الثبات إلا بوصفه استثناءً، يبرز إقليم كوردستان كنموذجٍ يحظى بالاهتمام الإقليمي والدولي، ليس فقط بما يملكه من مصادر قوة طبيعية، بل بما يمتلكه من رؤية سياسية وإدارة حكيمة وبنية قيادية أثبتت قدرتها على تحويل التحديات إلى فرص، والضغوط إلى مسارات جديدة للنهوض.
وعلى رأس هذا المشهد يتصدر الحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي أصبح – ليس مصادفة ولا مجاملة – الحزب الأول على مستوى دولة العراق. إن هذا التفوق لم يأتِ من فراغ، بل من تاريخٍ طويل في العمل الوطني والكردستاني، ومن قدرة استثنائية على إدارة التوازنات، وحماية الاستقرار، وتقديم نموذج سياسي يقترب في منهجيته من مؤسسات الدول الحديثة.
ليس غريباً أن يطلّ هوشيار زيباري بلغة عربية فصيحة تتجاوز مستوى كثيرٍ من الساسة العرب. فالرجل مدرسةٌ بذاته، يجمع بين التكوين السياسي العميق والبراعة الخطابية والقراءة الاستراتيجية الواسعة.
لم يكن مجرد وزير خارجية ناجح، بل معماريّاً لصورة العراق في الخارج، وصوتاً متزناً للإقليم في أكثر اللحظات حساسية.
قدرته على مخاطبة جميع الأطراف، وفهمه لطبقات الصراع الإقليمي، جعلاه مرجعاً حقيقياً في الدبلوماسية الشرق أوسطية.
وحين نتحدث عن التنمية، يستحيل تجاوز مسرور بارزاني، الذي استطاع أن يحوّل عملية الإعمار في كوردستان إلى حركة مستمرة لا تهدأ.
ليس مبالغة القول إنه يتحدى “خرائط غوغل”، فكل عام يولد طريق جديد، ومشروع جديد، وبنية تحتية تتقدم بخطوات لا تتراجع.
إنها قيادة تعمل بعقلية الاقتصاد الحديث، وتفهم أن التنمية ليست إسمنتاً وحديداً فقط، بل ثقةً تُبنى بين الدولة والمواطن، واستقراراً اقتصادياً يفتح الأبواب أمام المستثمرين الإقليميين والدوليين.
نيجرفان بارزاني، فهو الوجه الدبلوماسي الذي قدّم إقليم كوردستان للعالم بصورته الحقيقية:
شريكاً موثوقاً، لا تابعاً؛ لاعباً سياسياً متزناً، لا طرفاً هامشياً؛ جسراً للحوار بين العواصم المتباعدة، لا ساحة للصراع.
تحركاته ليست زيارات بروتوكولية، بل محطات استراتيجية يعيد عبرها تثبيت حضور الإقليم في ملفات الطاقة، والاستقرار الإقليمي، والتعاون الأمني، والعلاقات الاقتصادية الدولية.
مسعود بارزاني… القائد الذي حمى الحلم الكردي من العواصف
ومع كل هذا البناء المؤسسي، تبقى البوصلة بيد رجلٍ كرّس حياته لحماية إرادة شعبه:
الرئيس مسعود بارزاني.
رجلٌ لم يصنع قيادته بالمنصب، بل صنع المنصب بقيمه وثباته ورؤيته.
على مدى عقود، كان صمام الأمان للأمة الكردستانية، وحارساً لوحدتها، وضامناً لاستمرار مشروعها السياسي مهما اشتدت العواصف.
يقدّمه كثيرون كزعيم، لكن الحقيقة أنه أبعد من ذلك: إنه رمز لإرادةٍ لم تُهزم، ولسياسةٍ تؤمن بأن الكرامة ليست شعاراً بل ممارسة يومية.
منجزات ليست للاستهلاك… بل لتأسيس مستقبل
إقليم كوردستان اليوم يقف على أرضية صلبة، بفضل منظومة قيادة تجمع بين الخبرة التاريخية والرؤية العصرية والعمل المؤسسي.
وفي وقت تتعطل فيه مؤسسات عدة دول في المنطقة أمام الأزمات، يمضي الإقليم في تعزيز استقراره، وتطوير اقتصاده، وترسيخ علاقاته مع العالم، مستنداً إلى إرادة سياسية واضحة، وإلى ثقة شعبية تزداد بفضل النتائج الملموسة.
ليس غريباً – في ضوء كل هذا – أن يتصدر الحزب الديمقراطي الكردستاني المشهد السياسي العراقي، وأن يصبح فاعلاً رئيسياً في معادلات بغداد، وأن ينظر إليه كثيرون باعتباره حجر الأساس في أي استقرار قادم.
إن التجربة البارزانية ليست مجرد قيادة أحزاب، بل إدارة مشروعٍ وطني وقومي استطاع أن يضع كوردستان على طريقٍ مختلف عن محيطها… طريق الدولة الناجحة، والشراكة الحقيقية، والدور الإقليمي الفاعل.
في عالمٍ يتجه نحو التعقيد، تبقى الشعوب التي تمتلك قيادة واضحة، وحكمة سياسية، ورؤية إنمائية، هي الأكثر قدرة على حماية مستقبلها.
وكوردستان… بشخوصها، ومؤسساتها، ورجالها، وفي مقدمتهم عائلة بارزاني… تقدم اليوم نموذجاً يُكتب، ويُدرّس، ويُحتذى



