تزداد معاناة السكان في مدينة الحسكة يوماً بعد يوم مع بداية الشتاء، حيث تتفاقم أزمة الخدمات الأساسية بشكل غير مسبوق، في ظل غياب الكهرباء النظامية وارتفاع أسعار المحروقات وافتقار العائلات لوسائل التدفئة، ويؤكد الأهالي أن واقع هذا العام هو الأسوأ منذ سنوات، مع تحول البرد إلى تهديد مباشر لحياتهم.
وتشير مصادر محلية إلى أن انقطاع الكهرباء لم يعد مجرد مشكلة متكررة، بل أصبح حالة دائمة، إذ لم تشهد مدينة الحسكة وصول الكهرباء النظامية منذ أكثر من عام كامل، فيما تُعزى الأزمة إلى الانخفاض الكبير في منسوب المياه المغذية لمحطات التوليد، إضافة إلى التخريب المستمر الذي يستهدف الشبكات والمحولات، ما أدى لتعطل خدمات أساسية كضخ المياه وتشغيل الأفران والمراكز الخدمية.
ومع غياب الكهرباء العامة، يضطر السكان للاعتماد على المولدات الخاصة التي ترهق ميزانياتهم بسبب ارتفاع أسعار الاشتراك وعدم قدرتها على تشغيل الورش والمحال الصناعية، فضلاً عن الأعطال المتكررة وارتفاع أسعار قطع الغيار، ما حول المولدات من حل مؤقت إلى عبء ثقيل لا يستطيع الكثيرون تحمله.
من جانب آخر ورغم توزيع 300 لتر فقط من المازوت لكل بطاقة عائلية، يؤكد الأهالي أن هذه الكمية لا تكفي لفصل الشتاء، ما يدفعهم لشراء الوقود من السوق بأسعار مضاعفة، وفي بعض الأحياء، ومنها حي المفتي في الحسكة، لم تتسلم العائلات حصتها حتى الآن، ما جعل الشتاء يبدأ من دون أي وسيلة للتدفئة.
تدهور المحروقات انعكس بدوره على أسعار المواد الغذائية، وكلف النقل، وأسعار الخبز، ما زاد الضغوط الاقتصادية ودفع الكثير من الأهالي لاستخدام وسائل بدائية للدفء، في وقت تحذر فيه جهات طبية من تأثير انخفاض الحرارة على الأطفال والمرضى وكبار السن.
وفي حديثه لموقع المجلس الوطني الكوردي، قال المواطن باسل محمد، وهو من سكان حي المفتي، إن الوضع المعيشي وصل إلى مرحلة لا تُحتمل، موضحاً: “الكهرباء النظامية مقطوعة تماماً منذ أكثر من سنة، ولم نرها ولا دقيقة خلال هذه الفترة، حياتنا معلقة على المولدات، والمولدات صارت نار بالأسعار، حتى إذا اشتراكنا شغال، لا تكفي لتشغيل سخان ماء أو غسالة أو حتى شاحن بسرعة مقبولة”.
كما أضاف محمد أنّ أزمة المحروقات فاقمت الأوضاع المعيشية بشكل خطير، مؤكداً: “إلى الآن لم نستلم مازوت التدفئة، مع إنه من المفروض يعطوننا 300 لتر، وبصراحة حتى لو استلمناها، هذه الكمية لا تكفي فصل الشتاء، والعالم تضطر تشتري الغالون بسعر مجنون، والبرد داخل علينا ولا يوجد لدينا شيء نستخدمه للتدفئة”.
وأشار إلى أن غياب الكهرباء والمازوت يضرب الحياة اليومية بكل تفاصيلها: “حتى دراسة الأولاد أصبحت مشكلة، كما لا يمكننا تشغيل آبارنا على المولدات، وبعض الأفران الحجرية تعمل يوم وتتوقف يوم، الوضع لم يعد طبيعي أبداً، نحن نعيش بين الظلام والبرد”.
واختم محمد حديثه برسالة للمسؤولين قائلاً: “نريد حلاً حقيقياً، وليس وعود، الشتاء حل علينا، والناس لا توجد لديها لا كهرباء ولا مازوت ولا قدرة تشتري من السوق، نريد إجراءات سريعة قبل أن يتحوّل هذا الشتاء لكارثة على العائلات الفقيرة”.
أمام هذا المشهد القاتم، يجد سكان مدينة الحسكة أنفسهم في معركة يومية لتأمين أبسط مقومات الحياة، بينما تتشابك أزمات الكهرباء والمحروقات وغلاء الأسعار في دائرة خانقة لا تلوح لها نهاية، ما يجعل الشتاء الحالي الأكثر صعوبة منذ سنوات طويلة.
