الكورد والعرب والآشوريون والدروز… مكونات تجمعهم الخيمة الوطنية السورية
إعداد : عزالدين ملا
طغت تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيراتها على مجمل السياسات العالمية، وتخطت حدود الغرب والشرق، وما نلاحظ على الأرض السورية من مد وجزر في سياسات الدول الإقليمية والدولية ليست سوى تأثيرات تلك الحرب.
ومن خلالها تدفع بمستقبل سوريا عامة وكوردستان سوريا خاصة نحو مستقبل مجهول، فكل دولة تتحرك وفق ما تقتضيه مصالحها، ولا يهمها ما وصلت إليها حال سوريا والسوريين، والوضع الكارثي في المستقبل.
من هنا يعمل كل طرف، ويتحرك لتحقيق أكبر قدر من المكاسب والنفوذ. أما السوريين عامة والكورد على وجه الخصوص فملتهون ببعضهم البعض، من اتهامات وتخوين واستغلال، وهذا كله جعل الدول تغض الطرف عن كل ما يحصل في سوريا من عنف ومجاعة.
1-ما تحليلك لكل ما يجري الآن من سياسات المد والجزر على الساحة الدولية والإقليمية؟
2-ما هو عامل الربط بين ما يجري على الساحة السورية والكوردية وما يجري من تداعيات دولية على رحى الحرب الروسية والاوكرانية؟
3-من خلال كل ما يجري أين يتواجد السوريون؟ وهل للكورد وجود في كل هذه السياسات؟ أين؟ ولماذا؟
4-كيف يمكن للكورد التحرك نحو الأمام ورسم بصمة لهم في السياسات السورية المستقبلية؟
الكورد عنصر وعامل قوي للتوازن بين المكونات السورية
تحدث عضو اللجنة المركزية في الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، الدكتور كاوا أزيزي، بالقول: «السياسة، يعني مصالح. لا سياسة دائمة. السياسة تتغير، لكن المصلحة ثابتة ودائمة. من لا يفهم بالسياسة ويتبع العواطف والشعارات في النهاية يبقى وحيدا في مفترق الطرق، ويبدأ باتهامات خانني، خائن، خيانة وإلى ما هنالك من اتهامات لا معنى لها. سوريا كدولة وكشعب، فقدوا السيطرة على مسار الحوادث في بلادهم.
لا المعارضة ولا النظام يملكون قرارهم اليوم، كل شيء اصبح في بازارات القوى الدولية والإقليمية. لقد تحولت سوريا الى ساحة لتصفية حسابات الآخرين وعلى حساب الشعب السوري. نَصَحنَا الأمريكيين قبل تأسيس المجلس الوطني الكوردي بعدة شهور (ممثلي أحد عشر حزبا كورديا في هولير). بان الحرب في سوريا ستكون طويلة، هذه الحرب ليست حربكم ابتعدوا عنها. من سيدخلها سيصبح جسرا لغيره ……..الخ».
يتابع أزيزي: «نعم، الكل يتبع مصلحته، تركيا تسعى للسيطرة الكاملة على كوردستان سوريا مستغلة وجود الـ ب ك ك، إيران تمد نفوذها بشكل خطير وتريد السيطرة من الداخل على قرار النظام، الروس يهمهم قواعدهم البحرية في طرطوس والساحل، أمريكا تقوم بتشويش الجميع والسيطرة على خيوط اللعبة كاملة بالاتفاق الضمني والظاهري مع إسرائيل بجعل سوريا أرضا وشعبا آمنة وغير خطرة على امن اسرائيل.ان من دفع وسيدفع ثمن هذا كله انه الشعب السوري بكل مكوناته ومنهم الكورد بشكل خاص. تهجير، تدمير، قتل، اعتقالات، مغيبين، سجون، مجاعة، أوبئة، تشرد، تغييرات ديمغرافية قطع النسيج الاجتماعي والمذهبي والقومي السوري. بالحصيلة دولة فاشلة ومقسمة على أرض الواقع».
يضيف أزيزي: «طبعا كل الاحداث الدولية ترتبط ببعضها البعض وتتأثر ببعضها البعض، ان انشغال الروس بالحرب الاوكرانية، ضعف من وجودها في الساحة السورية مما افسح المجال لكل من تركيا وإيران بالتمدد والسيطرة، وهذا هدد مصالح الاسرائيليين والروس، مما دفع بإسرائيل بضربات قاتلة لقوات النظام وإيران على الأراضي السورية والعراقية وحتى الإيرانية، واشتداد التناقض بين أمريكا وتركيا ودول الناتو وتركيا. هذا كله، يتسبب في توسيع رقعة الحرب وتحويلها إلى حرب اقليمية على أقل تقدير ان لم نقل عالمية وخاصة بعد اشتداد الصراع بين روسيا والناتو».
يردف أزيزي: «السوريون في هذه المعمعة اقصد النظام والمعارضة لم يستطيعوا ان يكونوا سوى متفرجين سلبيين. عدا انهم يعادون بعضهم البعض بشكل عنيف ( النظام، المعارضة، المعارضة فيما بينها، الكورد فيما بينهم وان لم يتحول صراعهم الى مسلح ). الكورد متواجدون على الساحة السياسية السورية، الانكسة مع المعارضة في الائتلاف الوطني السوري كجزء من العملية السياسية السورية، وقسد المتهمة بانها كوردية كأجندة للنظام أولا؟، وبعدها كحلفاء للتحالف الدولي ضد داعش عسكريا فحسب».
يختم أزيزي: «للكورد أهمية كبيرة في سوريا. فهم القوة الأكثر تنظيما والأكثر ثورية. انهم عنصر وعامل قوي للتوازن بين المكونات السورية، وعامل توازن على الساحة السياسية والعسكرية السورية. من الواجب ان يصل الكورد بكل تصوراتهم وايديولوجياتهم إلى حد أدنى من الإتفاق، واستغلال الوجود الامريكي كضمانة للعمل السياسي، ومن المفروض ان تغير الانكسة اسلوب عملها، وتقدم برنامجا واستراتيجية جديدة تشارك بفعالية في العملية السياسية شرق وغرب الفرات كقوة معارضة مستقلة، لها مشروعها القومي الكوردي والوطني السوري. وكما يفترض على الحزب الكوردى الأكبر في سورية الحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا والتي تستعد لعقد مؤتمرها الثاني، ان ينتخب قيادة قوية تعتمد على الداخل وان تنزل إلى الشارع بقوة حاملة هم المواطنين، ومستقبل الكورد السوريين. وان تمد جسور التعاون والتنسيق بين جميع المكونات والتوصل مع الـ ب ي ن ك إلى إتفاق حد أدنى يضمن العمل السياسي الحر برعاية أمريكية، والدخول إلى الساحة من كل جوانبها، والابتعاد عن وضع المتفرج السلبي».
القضية الكوردية في سوريا جزء لا يتجزأ من القضية الوطنية السورية
تحدث القيادي في حركة الاصلاح الكردي في سوريا، كاظم خليفة، بالقول: «ان البحث فيما يجري على الساحة الدولية. والاقليمية من صراعات نتيجة لتداخل وتشابك المصالح بين الدول الكبرى وانعكاسات، هذا الصراع بشكل مباشر على الساحات المحلية في أية بقعة جغرافية يمكن قراءتها بشكل أولي في ظل مفهوم العولمة بكل مظاهرها السياسية والاقتصادية والثقافية. والآليات المستخدمة في تطبيقها والتي قد أوجزها البعض بجملة ( ان العالم بات كقرية صغيرة )، وذلك بفعل ثورة التكنولوجيا والحاجة إلى ايجاد بيئة مناسبة لإنشاء اسواق اقتصادية عابرة للحدود الوطنية يمكن الاستثمار فيها من قبل الدول العظمى. مع الاشارة إلى الصراع قبل التسعينيات بين قطبين عالميين ( أمريكا والاتحاد السوفييتي)، ثم سيطرة القطب الواحد بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وتفرد أمريكا في قيادة العالم وخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر وما خلفتها من تداعيات، وسعي كل من روسيا والصين وحلفائهما اليوم في إعادة إيجاد قطب جديد في مواجهة أمريكا وحلفائها، والتنافس على إيجاد نظام عالمي جديد يخدم مصالح كل منها وخاصة بعد ان اصبحت سوريا موضع استقطاب دولي، والدور الذي أنيط بروسيا في هذا الملف حتى تمردت على القطبية الاحادية، وبدأت تطرح نفسها كقوة أخرى في مواجهة التفرد الامريكي. واعتقد ان المنطقة الأكثر خصوبة وتلاؤما والتي يكون الصراع فيها وعليها هي منطقة الشرق الاوسط التي رُسمت، اغلب خرائطها من قبل الدول العظمى بطريقة تخدم مصالحها المستقبلية، ولما في هذه المنطقة من خيرات تتحكم بها أنظمة استبدادية فاسدة وصراعات قومية ومذهبية وقضايا شعوب مضطهدة أمعنت دول الإقليم المعنية منذ عشرات السنين في تعقيدها بالتوافق مع بعض القوى الدولية بدل البحث عن حل لها».
يتابع خليفة: «اما الحرب الروسية الأوكرانية والتي غامر بإشعالها الرئيس الروسي بوتين ولازال يصارع في مستنقعها، فجاءت لتعلن عن مرحلة جديدة من الصراع بين أمريكا وحلفائها من جهة والروس وحلفائهم من جهة أخرى، ولتتحول إلى حرب استنزاف للقوة العسكرية والاقتصادية بغية فرض أكبر قدر ممكن من إديولوجية المنتصر على الساحة العالمية بعد ان جاهرت روسيا برفضها للقطبية الاحادية، وقد اضحت الكثير من القضايا في منطقتنا المعلقة، ويمكن ألا تجد لنفسها حلا حتى انتهاء هذه الحرب وما ستفرزها من نتائج. والقضية السورية من هذه القضايا الرئيسية التي تم تدويلها بامتياز لما لها من واقع جيوسياسي مهم، وبوجود فعلي لهذه القوة على الارض، حيث اُقتسمت سوريا إلى مناطق نفوذ فيما بينها. وبدأت تدير الأزمة وتطيل في عمرها بغية حل ملفات أخرى على حساب مأساة الشعب السوري، وقد كانت للحرب الروسية الاوكرانية التأثير الأكبر على الوضع الاقتصادي بشكل أكثر، والذي زاد من معاناة الشعب السوري وعذاباته لما لروسيا من دور ونفوذ كبير في القضية السورية، بالإضافة إلى إيران كلاعبين اساسيين وقفا إلى جانب النظام عسكريا وماديا. ومن الطبيعي ان تنعكس ظروفهما الأمنية والاقتصادية على الوضع السوري بشكل مباشر، بمقابل وجود أمريكي مع القوى المتحالفة معه في شرق الفرات لمحاربة داعش، وفرض الحل السياسي بما يخدم مصالحها في المنطقة عموما، واستيلاء تركية على أجزاء من الأراضي السورية وخاصة المناطق الكردية منها، وتهديداتها المستمرة بالاجتياح لضم مناطق أخرى معتمدة على سياسة خارجية مرنة من حيث الشكل، يُمكّنها من التحرك بكل الاتجاهات بوجودها في حلف الناتو والاستفادة بأكبر قدر ممكن من هذه الصراعات الدولية. وبالرغم من وجود تركيا وإيران وروسيا في مسار استانا، إلا ان مصالح هذه الدول وغاياتها مختلفة ومتضاربة في اغلب الاحيان، مما يزيد في تعقيد الوضع السوري عبر طرح الحلول المجزأة والتي تتضارب حولها مصالح هذه الدول».
يضيف خليفة: «في خضم هذا الصراع يبدو ان اهتمام المجتمع الدولي بالمسألة السورية قد تراجع نتيجة تعنت النظام وعدم قبوله بالحل السياسي، الذي قد وُضعت له خارطة طريق عبر القرار الدولي 2254، بالإضافة إلى ما يحدث اليوم من صراع على جبهات خارج الارض السورية بين القوى الدولية والإقليمية ذات النفوذ في سوريا. وكذلك وجود قوات مسلحة متعددة ومتناحرة على الساحة المحلية. وامام هذا القضية المدولة بامتياز وتعقيداتها التي يكتوي بها الشعب السوري عموما نتيجة تدهور قيمة الليرة السورية والوضع المعيشي السيئ، ليس أمام السوريين سوى الاستمرار في ثورتهم التي انطلقت من أجل الحرية ورفع الظلم والاضطهاد، وتحقيق النظام الديمقراطي التعددي وفق دستور يضمن حقوق جميع المكونات السورية، والتمسك بالقرارات الدولية في إيجاد الحل السياسي الذي تنشده كل القوى المتداخلة في الشأن السوري بحسب مصالحها. وبالرغم من ان المأساة قد تجاوزت اثنا عشر عاما حيث القتل والتهجير والتدمير، إلا ان النظام وحلفاؤه لن يستطيعوا إعادة سوريا إلى ما قبل 2011 مهما امتلكوا من قوة أو نجاحات هنا أو هناك، وان حالة المد والجزر هي نتيجة طبيعية في مرحلة التحولات الموسومة بالتناقضات، وعلى أثر صراعات وتجاذبات بين القوى الدولية والإقليمية والمحلية».
يؤكد خليفة: «ان القضية الكوردية في سوريا جزء لا يتجزأ من القضية الوطنية السورية عامة، وقد ربط الكورد نضالهم القومي بالنضال الوطني والديمقراطي في البلاد، وان الحل السياسي، وايجاد نظام ديمقراطي تعددي هو الخيار الامثل لحل القضية الكوردية في سوريا. وقد اثبتت التجارب بأن الكورد شعب اصيل يعيش على أرضه التاريخية، ولم يستطع كل الطغاة وبأساليبهم المختلفة من دثر قضيتهم، وانما استغلها الحكام لأجل فرض استبدادهم في ظل شعارات قوموية تحث على التناحر والعداوة بين ابناء الشعب الواحد، كالاتهام بالانفصالية واقتطاع أجزاء من أرض الوطن وغيرها من الادعاءات التي يوهم بها السوريين العرب بان الكورد عدو لهم ولابد من محاربتهم دفاعا عن وطنهم ووحدة أراضيهم. وبالنظر إلى هذه الاسطوانة القديمة الجديدة، ومعرفة اسبابها ليس على شعوب المنطقة إلا التيقن والإدراك بأن القضية الكوردية هي قضيتها الوطنية ولابد من الاعتراف بحقوق الشعب الكوردي».
القضية الكوردية عادلة ووطنية بامتياز تتطلب كسب المناصرين
تحدث عضو اللجنة السياسية لحزب يكيتي الكُردستاني – سوريا، اسماعيل رشيد، بالقول: «الحرب الروسية الأوكرانية ستغير من مسار ومستقبل السياسة الدولية لما لها من تداعيات جيوسياسية واقتصادية على العالم، وبالتالي المزيد من المد والجزر وبناء تحالفات جديدة وتوسيع مناطق النفوذ، فظاهرياً تبدو الحرب بين دولتين روسيا وأوكرانيا، لكنها حقيقة بين معسكر الناتو والعدو التقليدي (روسيا).
فبعد انهيار الاتحاد السوفيتي عام1991 وحصول عدة دول من منظومتها على استقلالهم ومنها أوكرانيا والتي كانت تملك ترسانة نووية موروثة عن الاتحاد السوفيتي وهذا ما كان يزيد من قلق روسيا، فتم توقيع مذكرة تفاهم 1994 والتي تعهدت بموجبها روسيا الاتحادية باحترام قرار استقلال اوكرانيا مقابل تخلي الأخيرة عن ترسانتها النووية لصالح روسيا.
وبعد ذلك حدثت تطورات متسارعة وأصبحت روسيا على مرمى تهديدات الناتو خاصة بعد ضم التشيك والمجر وبولندا عام 1999 وعدة دول لاحقاً، وبالتالي لم يبق سوى أوكرانيا وبيلاروسيا من الدول العازلة بين روسيا والناتو وهذا ما جعلت روسيا تشعر بالخطر والمأزق حيال هذا الملف الصعب والمعقد. ومن هنا كان الهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير 2022 والذي أحدث خللاً وانعكاسات عدة على صعيد ملفات عدة دولية – إقليمية، وباتت تداعياتها تتضح بعد حوالي سنة من الصراع غير المحسوم، وقد نشهد حربا طويلة واستنزاف على كافة الأصعدة خاصة فيما يتعلق بملف الطاقة والاقتصاد العالمي، وتأثيره المباشر على العالم ومنها الشرق الأوسط، ناهيك عن بناء تحالفات جديدة وتمدد الناتو وتهديد الأمن الغذاء العالمي وأزمة اللاجئين الأوكرانيين لأوروبا والتي تعاني أصلا من معضلة هذا الملف نتيجة الحروب والنزاعات في منطقة الشرق الأوسط. وبالرغم من الحرب غير المعلنة بين روسيا وأمريكا، فأنه هناك التزامات وتفاهمات بين الدولتين العظميتين وتتجنبا قواعد الاشتباك المباشر، فالصراع يتمحور حول تكريس هيمنة الناتو وعودة روسيا كقوة عظمى بعقيدة بوتين العسكرية».
يتابع رشيد: «واقع الحرب الروسية – الأوكرانية وملفات التفاعل الدولية وخاصة في منطقة الشرق الأوسط تكون لها انعكاسات مباشرة في سياق النزاع الروسي – الأمريكي، حيث تشهد انخراطا عسكريا للطرفين بهدف الحصول على مقايضات جيوسياسية، وسوريا هي إحدى الدول التي تشهد صراعاً منذ12 عاما، وبالرغم من صدور قرارات أممية لحل الأزمة، وانعقاد عدة جولات تفاوضية وتشكيل اللجنة الدستورية برعاية أممية، فأن مأساة السوريين لم تتوقف في ظل عدم جدية المجتمع الدولي لتنفيذ قراراته وخاصة 2254، وعدم توصلهم إلى مسار تفاوضي يضمن مصالحهم، ووجود عدة لاعبين إقليميين ودوليين في الملف السوري والمقاربات والبازارات التي تسيطر على المشهد ناهيك عن عدم التزام النظام وتعنته مستفيدا من الدعم الروسي والإيراني، وبالتالي باتت خريطة الاحتفاظ بالنفوذ الميداني وإدارة الأزمة عنوانا ملازما للوضع السوري. وقد أدت الحرب الروسية- الأوكرانية إلى تراجع الاهتمام الدولي بالملف السوري، حيث بات الملف الإنساني يسيطر على الاهتمام السياسي، وتوقفت أعمال الجلسات التفاوضية، والمبعوث الأممي بيدرسون يعلن في أكثر من مناسبة عن خيبة أمله. فالموقف الأمريكي والأوروبي لم يعد رافضاً للتطبيع مع النظام بشكل حاسم كما في السابق، فهناك تمويل للمشاريع في مناطق النظام من قبل الاتحاد الأوربي بحجة التعافي المبكر، فأغلب الدول الأوربية تروج لمبدأ( خطوة مقابل خطوة) والتي ستكون لصالح النظام. حيث ستكون غالبا بين النظام والدول المعنية بالوضع السوري، وبالتالي تهميش لدور المعارضة ما لم يتغير الموقف الأمريكي نحو الجدية، وهذا مرهون بنتائج ومستقبل الحرب في أوكرانيا. وبالمقابل فأن تركيا ولما لها من تأثير كبير ومباشر في الأزمة السورية، فهي الأخرى تستغل الصراع الروسي – الأوكراني وتتبع سياسة التوازنات مع أطراف عدة، وباتت حاجة الناتو لها يتعزز أكثر من السابق وكذلك روسيا في ظل الحصار الغربي عليها، ومن هنا فإن إدارة ب ي د وقسد ستكون الحلقة الأضعف في المعادلة، وستكون عرضة للمقايضات أمام تقاطع مصالح الدول الكبرى، وقد نشهد سيناريوهات مشابهة لمناطق عفرين وكري سبي وسري كانية في ظل تفردها واستهتارها ورفضها مبدأ الشراكة وارتباطها العضوي مع منظومة العمال الكردستاني. يمكن القول إن الصراع الأوكراني قد تكون له ارتدادات سلبية على الأوضاع في سوريا، إذ إنه قد يحولها إلى ساحة للصدام بين القوى الدولية والإقليمية المتصارعة في الميدان السوري، فضلاً عن إمكانية سعي طهران لاستغلال الانشغال الروسي بأوكرانيا لتعزيز انخراط إيران في سوريا اقتصادياً وعسكرياً».
يضيف رشيد: «للأسف مأساة السوريين مستمرة منذ12 عاما في ظل تشتت المعارضة وتنوع منصاتها ومصادر قرارها وغياب المشروع الوطني الجامع للسوريين، وبوجود نظام دمر شعبه وشرد الغالبية، والأهم من كل ذلك التدخلات الدولية والإقليمية والتي لم تضع حد لنهاية مأساة السوريين، وباتت عرضة للمقايضات والبازارات وإدارة الأزمة عبر أدواتها، وقد فقد السوريين الأمل والخلاص في ظل هذه اللوحة، ونحن الكورد جزء من الحالة الوطنية السورية ومستقبلنا مرتبط بمدى الخلاص من الحالة المزرية والمزيد من الجهود الدبلوماسية، والتفاعل والتنسيق بين أطياف المعارضة السورية التي تؤمن بأن سوريا دولة متعددة القوميات والأثنيات ولابد من التأسيس لدولة مدنية تعددية تصون حقوق جميع المكونات السورية ومنها شعبنا الكوردي في دستور سوريا المستقبل».
يشير رشيد: «ان الحركة السياسية الكوردية وعبر مظلة المجلس الوطني الكردي اتخذت خيارا صحيحا منذ انطلاقة الثورة السورية 2011 للعمل مع المعارضة السورية الديمقراطية، وتدويل القضية الكوردية مع الحالة الوطنية السورية في المحافل الدولية لتكريس ثقافة الشراكة والتنوع والاعتراف وبالرغم من الصعوبات والعراقيل، فأن هناك وثائق مهمة قد انجزت ويمكن الاعتماد عليها كأرضية للتفاهمات الدستورية وشكل الدولة ونظامها السياسي، المجلس الوطني الكردي والأحزاب السياسية والفعاليات الكوردية المجتمعية أمام مرحلة مفصلية لرص الصفوف، وبذل كل الجهود لعدم تفويت الفرصة أمام نضالات وتضحيات شعبنا. فالقضية الكوردية عادلة ووطنية بامتياز تتطلب كسب المناصرين إلى جانبها وليس العكس».
منطقة الشرق الأوسط تعيش صراعا سياسيا واقتصاديا ودينيا واجتماعيا
تحدث رئيس التيار السوري الاصلاحي، شكري شيخاني، بالقول: «بالطبع هناك خطورة أن يؤدي تفاقم الأوضاع بين روسيا من جهة وبين اوكرانيا والغرب من جهة أخرى مما سيؤدي إلى زيادة في استقطاب الدول عبر المصالح والعلاجات الدولية، وهذا يؤدي بطبيعة الحال إلى تعكير صفو أي إمكانية للتعاون، وما قد يتركه هذا الأثر السلبي. وأمر كهذا ستكون نتائجه قاسية بل وكارثية على الوضع في المحيط العربي والموردين على السواء، بسبب انخراط أطراف دولية في الصراع هنا على الساحتين العربية والكوردية إلى جانب أننا لاحظنا نوعا من التعاون والتفاهم الدولي حول بعض القضايا والملفات».
يتابع شيخاني: «منذ زمن بعيد ومنطقتنا اعني هنا منطقة الشرق الأوسط تعيش صراعا سياسيا واقتصاديا ودينيا وحتى اجتماعيا. ونحن مع كل عهد جديد نستقبل حزما جديدة من المشاكل والمصائب والنكبات إضافة إلى حزم المشاكل المتراكمة سابقا سواء الجبهات المحيط أو الإقليمية كافة، فضلا عن تحديات كبيرة ومتعددة في مختلف المستويات وان كانت أمنية أو سياسية وخلافها ولابد من الاعتراف، لأننا نعيش في بيئة شرق أوسطية، صراعية متوسطية، مضطربة متوترة، وكمال يقال على صفيح ساخن بعكس ما نتمنى أن نعيش في بيئة تعاونية مستقرة ومتماسكة، ضمن جوار محترم، والكل يحترم الكل أو هكذا المفروض»
أخيرا:
إذا، ان ما يجري من أحداث على الساحة العالمية وخاصة الحرب الروسية والأوكرانية لها تداعيات كبيرة على السياسة والاقتصاد العالمي، وأكثر الشعوب المتضررة هم شعوب الشرق الأوسطي وخاصة الشعب السوري، نتيجة المنافسة والمقايضة على المصالح والنفوذ التي تجري على أرضه. والكورد في سوريا ضمن هذه السياسات الدولية والإقليمية غير مفعل وتائه لعدم قدرته على فهم دهاليز سياسات الدول الكبرى والإقليمية، ومن الضروري فهم تلك السياسات، ومعرفة ربط السياسة الكوردية السورية مع تلك السياسات.
التعليقات مغلقة.