في الحادي والعشرين من آذار كل عام يحتفل أبناء الشعب الكردي في كوردستان، وكافة مناطق تواجده بعيد نوروز المجيد، كعيد قومي له، تمتدُّ جذوره التاريخية إلى أسطورة كاوا الحداد الذي تحدّى الظلم والاستبداد، وأوقد (شعلة الحرية) على قمم جبال كوردستان ليعلن انتهاء حقبة من الظلام بعد أن قتل الحاكم المستبد ضحاك أو «زوهاك» وأصبح نوروز يوماً للحرية والسلام.
ومنذ ذلك التاريخ تحتفل العديد من الشعوب، وأبناء الشعب الكردي بعيد نوروز الذين يجدّدون فيه رفضهم للظلم وعزمهم على الاستمرار في النضال للظفر بحريتهم ونيل حقوقهم القومية في كافة أجزاء كوردستان.
يا جماهير شعبنا الكردي :
لا تزال الذاكرة الكردية تختزن الكثير من الآلام والمآسي التي ارتكبها الأعداء للنيل من إرادة الشعب الكردي عبر سياسات التمييز والتهجير والتطهير العرقي والإبادة الجماعية حتى وصلت بهم إلى استخدام الأسلحة المحرّمة دولياً كما حدث في حلبجة الشهيدة عام 1988 وبالرغم من كل هذه السياسات الممنهجة تجاهه إلا أن الأنظمة التي تقتسم كوردستان فشلت دوماً في منع إحياء عيده القومي والاحتفال به.
لم يسلم الشعب الكردي في كوردستان سوريا من السياسات الرامية إلى طمس وجوده القومي وتغيير ديموغرافية مناطقه (الحزام العربي – الإحصاء الاستثنائي- سياسات التغيير الديموغرافي خلال السنوات الماضية…) إلا أنه لم يرضخ لهذه السياسات والمشاريع الشوفينية، ودافع عن وجوده القومي كشعب أصيل يعيش على أرضه التاريخية، وأكّد أن حل القضية الكردية في سوريا يكمن في كونها قضية وطنية وقضية كل السوريين.
وجاءت انتفاضة ١٢ آذار ٢٠٠٤ تعبيراً صادقاً لإرادة الشعب الكردي التواق للحرية حين انتفض في وجه آلة قمع النظام في كافة المدن والبلدات الكردية، ومناطق التواجد الكردي في دمشق وغيرها من المدن السورية، مما هزّ أركان النظام، وأوصل صوت الشعب الكردي، وقضيته لكلّ العالم، مؤكداً أن السياسات الشوفينية والمشاريع العنصرية ليس بإمكانها طمس وجوده القومي وهويته.
وجاءت المشاركة الفعالة للشعب الكردي في الثورة السورية السلمية منذ بداية انطلاقتها، تعبيراً صادقاً لموقف الحركة الكردية أن حلّ القضية الكردية في سوريا يتلازم بتحقيق الديمقراطية وإنهاء الاستبداد الذي يمارسه النظام بحق السوريين، ولم يتردد بالوقوف إلى جانب الثورة، ورفض عسكرتها منذ بدايتها، كما أكد شبابه على وحدة السوريين في شعارهم ( الشعب السوري واحد) وترجم المجلس الوطني الكردي هذه السياسة بانضمامه إلى ائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية عام ٢٠١٣ بموجب وثيقة سياسية واضحة المعالم.
إن وجود المجلس ضمن صفوف المعارضة لم يمنعه من إبداء رفضه للاجتياح التركي والفصائل المسلحة لمناطق عفرين وسري كانية وگـري سپــي، وحذّر مراراً من الانعكاسات والنتائج الكارثية للعمليات العسكرية، وأدان الانتهاكات التي قامت، وتقوم بها بعض الفصائل المسلحة بحق أبناء الشعب الكردي ومناطقه هناك.
كما أكّد المجلس أن لا بديلَ عن الحل السياسي وفق القرارات الدولية الخاصة بالأزمة السورية ولا سيما القرار ٢٢٥٤، وضرورة خروج جميع الجيوش والميليشيات الأجنبية من سوريا، وفي هذا المجال أكد على أن محاولات التطبيع والحلول المنفردة مع النظام لن تؤدي إلى حل عادل للأزمة السورية، وإنما تزيد من تعنت النظام، وخلق المزيد من العراقيل أمام أي جهود لدفع العملية السياسية إلى الأمام .
يا جماهير شعبنا الكردي :
لقد جاء تأسيس المجلس الوطني الكردي بهدف توحيد الموقف والصف الكردي لنيل حقوقه القومية في سوريا المستقبل. ولم يدخر المجلس جهداً في هذا المسعى، وعقد اتفاقيات هولير ١-٢ واتفاقية دهوك ٢٠١٤ مع حزب الاتحاد الديمقراطي (pyd) ولم ترَ هذه الاتفاقيات النور بسبب عدم التزام الطرف الآخر بها، واستجاب المجلس للمبادرة الأمريكية برعاية المفاوضات بين المجلس و pyd في العام ٢٠٢٠ وبضمانة قيادة قسد بتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه، وتم إنجاز رؤية سياسية مشتركة والمرجعية الكردية وجزء كبير من الشراكة الإدارية، إلا أن ممارسات مسلحي pyd وتدخلات حزب العمال الكردستاني pkk قضت على جهود الوصول للاتفاق واستمرار التفاوض.
إن المجلس يلتزم بما تم إنجازه وبوثيقة الضمانات التي وقعها الجانب الأمريكي، وقائد قسد، ويرى أن تفاهم الكرد في كوردستان سوريا وفق اتفاق واضح المعالم هو الضمانة الوحيدة لحماية المناطق الكردية من التدخلات الخارجية والخيار الأنسب لخلق الأرضية المناسبة للتفاهمات مع جميع أطياف المعارضة والمكونات السورية.
إنّ سعي المجلس إلى توحيد الموقف الكردي لا يعني غض النظر، وتجاهل الانتهاكات التي يقوم بها حزب الاتحاد الديمقراطي ومسلحوه، بدءاً من اختطاف الاطفال وفرض التجنيد الإجباري والاعتقالات التعسفية للمواطنين وفرض مناهج تعليمية وانتهاج سياسة اقتصادية أدت إلى تجويع المواطنين وترهيبهم، ودفع بنسبة كبيرة من شعبنا إلى الهجرة بحثاً عن الأمان والاستقرار ..
أيتها الأخوات والأخوة :
إنّ المجلس الوطني الكردي في سوريا، يؤكد على تمسكُّه بالمشروع القومي الكردي بقيادة الرئيس مسعود بارزاني، ويعاهد أنه سيبقى وفياً في الدفاع عن قضيته العادلة في كافة المحافل الدولية، ويؤكد أنه لا يمكن إيجاد حلّ سياسيّ للأزمة السورية بدون حلّ عادلٍ للقضية الكردية كقضية وطنية لكل السوريين.
الرحمة لشهداء نوروز
الرحمة لشهداء كارثة الزلزال المدمّر في جنديرس وعفرين وعموم سوريا.
النصر لقضية شعبنا العادلة
الأمانة العامة للمجلس الوطني الكردي في سوريا
قامشلو ٢٠ آذار ٢٠٢٣م
التعليقات مغلقة.