المجلس الوطني الكوردي في سوريا

العلم الكُردي وَحَّدَ الكُرد.. الحاجة إلى موقف وهدف ومشروع مستقبلي واحد لضمان تمسك الدول بالكُرد

170

العلم الكُردي وَحَّدَ الكُرد.. الحاجة إلى موقف وهدف ومشروع مستقبلي واحد لضمان تمسك الدول بالكُرد

إعداد : عزالدين ملا

قبل أيام احتفل الشعب الكُردي في أجزائه الأربعة بيوم العلم الكُردي والذي يصادف في 17 كانون الأول من كل عام، في وقت تعصف الفوضى بجميع مناطق الشرق الأوسط والعالم.

الشعب الكُردي التواق إلى الحرية والعيش الكريم ضمن كيان له كـسائر الشعوب والقوميات، شعب نال خلال المئة السنة الماضية من الأنظمة المتحكمة بمصيره كل أنواع وأساليب القهر والذل والاضطهاد، محاولة لصهره في بوتقة الجهل والعبودية.

يحتفل الشعب الكُردي بيوم علمه والمنطقة على أعتاب نهاية مئوية معاهدات مآسيهم وحرمانهم من حق تقرير مصيرهم. الدول المتصارعة في المنطقة هي نفسها التي صارعت في ذلك الوقت، أمّا الآن فهم يخططون ويرسمون وفق مصالحهم وأجنداتهم.

1– كيف تحلل ما هو حاصل من أحداث على الساحة الشرق الأوسطية والعالم؟

2- هل يبدو من ما يجري أن المنطقة يسير وفق ما كانت قبل مئة عام؟ لماذا؟ وكيف؟

3- أين الكُرد من كل ما يجري الآن في المنطقة والعالم؟

4- كيف يمكن للكُرد استغلال الظروف لعدم استمرار مآسيهم مئة سنة أخرى؟ وما المطلوب من الشعب الكُردي وحركته السياسية؟

القضية الكُردية مفتاح ومدخل حيوي لحل جميع القضايا العالقة في الدول التي تغتصب إرادتها

تحدث المنسق العام لحركة الإصلاح الكُردي في سوريا وعضو هيئة الرئاسة للمجلس الوطني الكُردي، فيصل يوسف لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «أغلب الدول القائمة في الشرق الاوسط هي نتاج اتفاقيات سياسية استراتيجية حصلت في القرن الماضي بين الدول العظمى المتصارعة بسبب مصالحها، وتوسيع نطاق نفوذها في منطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع، أفضت بنتائجها إلى انهيار امبراطوريات وظهور دول حديثة بحدودها الجغرافية الحالية. وبموجب هذه الاتفاقيات، وجد الشعب الكُردي نفسه مقسماً بين حدود أربع دول هي (تركيا – إيران – العراق – سوريا)، واعتبر قضيته وحقوقه مسألة داخلية تخص أنظمة تلك الدول، لكن كل ذلك لم يحد من إرادة الشعب الكُردي الذي عمل دون هوادة كي يتبوأ موقعه على خارطة منطقة الشرق الاوسط مثل باقي الشعوب بسبب الظلم والاضطهاد الذي مورس بحقه من قبل أنظمة هذه الدول، ولن تنعم هذه المنطقة بالاستقرار السياسي، وتبلغ دولها حدوداً محترمة في تطبيق الديمقراطية والحريات واحترام حقوق الإنسان وخصوصية القوميات والاعراق ما لم يتم إيجاد حل عادل للقضية الكُردية، ويرفع الظلم والاضطهاد على الشعب الكُردي. وذلك لأن القضية الكُردية أصبحت في هذه الدول مفتاحاً ومدخلاً حيوياً لحل جميع القضايا الوطنية، وأصبحت من مرتكزات الأمن والاستقرار لهذه المنطقة بدل الصراعات والحروب، وسينعكس ذلك على العالم أجمع نظراً لتمتع هذه المنطقة بأهمية استراتيجية وجغرافية وسياسية».

يتابع يوسف: «محركات الصراع لم تتغير وهي المصالح بكل أبعادها، لكن تحقيقها لم يعد بنفس الآليات والأساليب القديمة بسبب التطورات التي حصلت في العالم سواء التكنولوجية والمعرفية، أو السياسية وانتهاء الحرب الباردة، وقيام أحلاف ومحاور جديدة تسعى لتحقيق أهدافها وفقاً للمستجدات والمعطيات الجديدة في العالم، وفي هذه الفسحة، فلابدّ من الشعوب التي لم تنل حقها، أن تناضل بكافة السبل الديمقراطية السلمية، وتبحث عن مكامن القوة أو تؤسس لها من أجل أن تلعب دوراً مؤثراً وفعالاً في المعادلات والصراعات التي تجري في منطقته».

يضيف يوسف: «يعاني الشعب الكُردي من تعقيدات الاتفاقيات التي ألحقته بأربع دول في منطقة الشرق الاوسط، وفرض على كل جزء خصوصية نضالية ضمن حدود البلد الذي يعيش فيه، وكان لهذا السلوك النضالي نتائجه الإيجابية في تحقيق مكاسب قومية مهمة للشعب الكُردي وتقدم قضيته في بعض من هذه الدول، كما حصل في إقليم كُردستان العراق، وبالموازاة لم تهدأ بعد نضالات الكُرد في تركيا وإيران وسوريا، ووفقا لذلك، فإن الدول التي تقتسم كُردستان تتفق في مواقفها للحد من تحقيق المطالب المشروعة للشعب الكُردي في كل منها لكنها لم تتمكن حتى الآن من إيقاف نضاله على الرغم من الهجمات العسكرية على مناطقه واعتقال مناضليه وتطبيق العشرات من المشاريع التي تستهدف وجوده».

يختم يوسف: «لابدّ للحركة الكُردية في كل جزء العمل على احترام خصوصية النضال في الأجزاء الأخرى، وتناضل من أجل حماية المكتسبات التي تحققت عبر التنسيق والتعاون ووضع الخطط والاستراتيجيات الكفيلة بتحقيق ذلك، وبلورة خطاب قومي موحد عبر تشكيل مؤسسة مشتركة، وإحداث مركز دراسات وإعلام في مواجهة الاتفاقيات التي حرمته من حقوقه القومية في القرن الماضي، وفي هذا السياق، فإن المبادرة التي أطلقها الرئيس مسعود البارزاني ودعوته لكونفرانس قومي في تموز عام ٢٠١٣ للتحضير لمؤتمر قومي عام لازال يحظى بأهمية قصوى للعمل به في هذا الظرف، علاوة على ذلك، فإن وحدة القوى الكُردية في كل بلد في سياق النضال الديمقراطي العام، يعتبر مدخلاً مهماً لتحقيق تطلعات الشعب الكُردي، ورفع المعاناة عنه والدفع لإقامة النظام الديمقراطي، لأنه يعتبر البنيان الاساسي لإشاعة الحياة الديمقراطية في كل المنطقة. وفي هذه المنحى، فإن وحدة الاحزاب الكُردستانية في كُردستان إيران يعتبر إنجازاً تاريخياً مهماً لمواجهة استبداد النظام الإيراني، وتحقيق حقوق الشعب الكُردي في كُردستان إيران».

القضية الكُردية قضية وطنية بامتياز، حلها حسب مصالح القوى الكبرى

تحدث عضو اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، محمد سعدون لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «ينتظر الشعب الكُردي في كل مكان يوم العلم الكُردستاني 17 / 12، والذي أقره برلمان إقليم كُردستان ليرفع علم وطنه كُردستان عالياً، ومفتخراً بهذا العلم الذي ساريته من جماجم الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم من خلال مسيرته النضالية. ذاك العلم الذي ترمز ألوانه إلى نضال الكُرد من خلال ثوراتهم عبر التاريخ وطبيعة كُردستان الخلابة، وصفاء قلوب الكُرد ومعتقداتهم الدينية. علماً أننا نرى الحروب تعصف في كل مكان، والتي قد تؤدي إلى ترتيبات وخرائط جديدة. وإني أرى أن هذه الحروب هي أجزاء من الحرب العالمية الثالثة والتي بدأت منذ انهيار الاتحاد السوفييتي السابق، ولكن القوى الكبرى هي من تتحكم بأماكن اشتعالها وتلك حسب مصالحها، علماً أن هذه الحروب ستؤثر على جميع شعوب العالم، وسيتم فك وتركيب الكثير من الدول، ومنها منطقتنا والتي تمسنا مباشرة لإيجاد شرق أوسط جديد، ولأن هذه الخرائط تم رسمها منذ مئة عام من قِبَل أقطاب ذلك الوقت (فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، والاتحاد السوفييتي السابق..). أما الآن تغير الأقطاب (روسيا، أمريكا والصين) وستتغير الخرائط حسب قوة كل قطب. والحرب الروسية الأوكرانية التي يخسر الكل فيها، والرابح الوحيد في هذا الحرب هو أمريكا والتي ستؤثر على التغييرات التي ستحصل في الشرق الأوسط وستكون حصة أمريكا هي الأكبر».

يتابع سعدون: «ما يهمُّنا هنا هي الدول التي تقتسم كُردستان والتي لها مصلحة مشتركة في ضرب الكُرد بالرغم من التناقض فيما بينها، للحؤول دون حصولهم على حقوقهم وتفويتهم هذه الفرصة أيضاً كما حصل في نهاية الحرب العالمية الأولى. فالروس يحمون نظامي سوريا وإيران، وأمريكا مصلحتها مع النظام التركي، وبالرغم من مساهمة أمريكا في انشاء إقليم كُردستان لم تحمِها من هجمات الحشد الشيعي واستيلائه على كركوك والمناطق المتنازع عليها، وكذلك هجمات الصواريخ الإيرانية والحشد الشيعي وتركيا وب ك ك ووقفت بالضد من الاستفتاء الذي أجراه الرئيس مسعود البارزاني عام 2017».

يضيف سعدون: «مع كل هذا فالكُرد في جميع أجزاء كُردستان مطالبون بوحدتهم والنضال معاً جنباً إلى جنب، مستنيرين بفكر البارزاني الخالد، والإيعاز إلى الجالية الكُردستانية في أصقاع العالم بتشكيل الضغط على مراكز القرار العالمي للتضامن مع الكُرد، ولأن الدول الكبرى مهما كانت قوية فهي بحاجة إلى الشعوب بالأرض. لكن مع الأسف الشديد هناك قسم من الكُرد يخدم أجندات مغتصبي كُردستان متمثلاً بـ ب ك ك والذي يتصرف وكأنه “شركة مساهمات، فلكل من يعادي الكُرد له سهم فيها”. والذي قدم لتركيا في هذه المرحلة ما لم يقدمه (عصمت اينونو الكُردي الذي أثبت معاهدة لوزان وألغى معاهدة سيفر)، وب ك ك بقراراته الخاطئة حصر قضية عشرين مليون كُردي في المطالبة بالديمقراطية لتركيا بعد أن كانت مهد الثورات الكُردستانية، والتي كانت تطالب بدولة كُردستان المستقلة.

ولم يترك كوردستان الشرقية لينشئ حزباً تابعاً له، وفي ثورة الشعوب الإيرانية الحالية أصدر بياناً ليبدي استعداده لخدمة نظام الملالي كما في سوريا.

وأما في كوردستان الجنوبية فقد تحصنوا في جبالها ليشكلوا جمهوريتهم الفاضلة مشكلاً المبررات للدولة التركية في التدخل في الإقليم. ناهيك عن اتفاقهم مع YNK في بيع كركوك… ويهاجم البيشمركة بين الفينة والأخرى، وينضم إلى الحشد الشيعي في شنكال، ويعمل ليل نهار لعرقلة قرارات حكومة الإقليم. وأما في كوردستان الغربية فحدّث ولا حرج. أنه جاء بناءً على طلب نظام البعث ليسد الفراغ ويحارب الحركة الكُردية التي تضامنت مع الثورة السوريا منذ انطلاقتها، وبهذا قدم للنظام أكثر مما كان يحلم به محمد طلب هلال والعقلية العروبية الشوفينية. حيث قتل الكُرد، وارتكب المجازر بحقهم، وهجَّر نسبة كبيرة من الكُرد وباع عفرين وسري كانية وكري سبي، وبذلك تم التغيير الديمغرافي في المنطقة الكُردية، ومع هذا هو مستعد أن يتفق مع الكل ماعدا الحركة الكُردية. لأنه لا يؤمن بالقضية الكُردية لشعب كُردستان سوريا، بل يطالب بالأمة الديمقراطية، لذلك لا ثقة للكُرد بأية اتفاقية معهم بعد أن نقضوا كل الاتفاقيات التي وقعت معهم، وكذلك لا أرى الجدوى من الحوار الكُردي ( الكُردي ) والذي ترعاه أمريكا والتي لا تثق بدورها من ب ي د الذي لا يستطيع قطع علاقته مع ب ك ك».

يرى سعدون: «إن الحل في سوريا عموماً ومن ضمنها القضية الكُردية والتي تعد قضية وطنية بامتياز سوف تحل حسب مصالح القوى الكبرى، وعلى ضوء نتائج الحرب الروسية الأوكرانية. وسوريا لن تعود إلى ما قبل 2011.

وعلى المجلس الوطني الكُردي والذي يعد بشكل أو بآخر ممثلاً عن الكُرد في الكثير من المحافل الدولية، والذي يعد عضواً في الائتلاف الوطني، والذي لم يلتزم بدوره بالكثير من بنود اتفاقه مع المجلس الكُردي نتيجة عقليتهم الشوفينية، ومصالح الكثير من فصائله المسلحة والتي تعمل ضمن أجندات الدولة التركية. وفي نهاية المطاف لا مجال للكُرد وحركته السياسية إلا الاتفاق، والعمل معاً أو ستفوت هذه الفرصة أيضاً كما فاتتهم الكثير من الفرص في تاريخ الكُرد منتظرين مئة عام آخر».

الحالة الفوضوية الحالية المستفيدون كُثر والحل الرئيسي بيد القوى الكبرى

تحدث الكاتب والباحث، حواس محمود لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «ما يجري فوضى عارمة ربما لأجندات دولية وإلى حدٍّ ما إقليمية غير معلنة بشكل واضح، بدأت مع إدخال داعش في المشهد السوري وتحويله إلى مستنقع انجذبت إليه الكثير من القوى والدول والأطراف، وعوضاً عن ترسيخ قيم سوريا بحتة، وإسقاط النظام ونيل الكُرد وغيرهم من الأقليات حقوقهم بما يتناسب والوضع السوري الجديد، وجدنا بالعكس حالة تمزق سوريا شديدة التعقيد ومديدة التأثير، فيما يتعلق بالوضع الكُردي هناك قوة مسيطرة هي الـ ب ي د وهو الفرع السوري لحزب العمال الكُردستاني، وهذا الحزب لا يفسح المجال لأي قوة كُردية أخرى منافسة أو قد تنافسه مستقبلًا، وهذا الحزب بعد احتلال عفرين وتل أبيض وسري كانييه دعا إلى حوار كُردي كُردي، وسعى الأمريكيون إلى إنجاح هذا الحوار إلا أن هذا الحوار تم إفشاله لأن الـ ب ي د لا يملك زمام أموره بسبب هيمنة قنديل على قراره، وهكذا الموقف السياسي الكُردي عامة ضعيف بسبب هيمنة قوة واحدة على المشهد السياسي الكُردي في روج آفايي كوردستاني، علماً أن الطرف الآخر الأنكسي هو الآخر مقصر رغم أن منهجه السياسي متوافق مع ما تريده الأغلبية الكُردية في روج آفايي كوردستاني، وتقصيره يكمن في جموده وعدم استقطابه للمستقلين وللشارع الكُردي عامة، وقد يكون في داخله غير منسجم لوجود أكثر من موقف ورأي داخله. والتهديدات التركية المستمرّة لكُرد روج افايي كوردستاني بسبب سياسات الـ ب ي د، رغم ان تركيا تبحث عن حجة للقضاء على السعي الكُردي لنيل حقوقه، والـ ب ي د يقدم له الحجة مجانياً برفع صور أوجلان، والخروج بمسيرات مضادة لأردوغان والنظام التركي. ويجري هذا لدفع الـ ب ي د لتسليم النظام المناطق المسيطر عليها من قبله من خلال قوته العسكرية قسد، وبرفض مجيء بيشمركة روج إلى روج آفايي كوردستاني من كُردستان العراق لحل الاشكال الحاصل بين تركيا والـ ب ي د ، وبالتالي بين تركيا والـ ب ك ك أي بتسيير دوريات على الحدود السوريا التركية».

يتابع محمود: «كما قلت المسؤول الأول والأخير هو حزب العمال الكُردستاني، لأسباب تتعلق بتبعيته لإيران ورغم تحالفه مع الأمريكان، لكن هذا التحالف دون مقابل سياسي مثلاً الطلب من الأمريكان حين الخطر من النظام أو تركيا، أن تقوم أمريكا بحماية كُرد روج آفايي كوردستاني في هذه الحالة، بالعكس التحالف فقط من أجل محاربة داعش، وليس هناك من مصلحة كُردية قومية لكُرد روج آفا رغم تقديم أكثر من 12 ألف شهيد أثناء محاربة تنظيم داعش الإرهابي، المطلوب هو نقد هذه السياسة ومحاولة تشكيل رأي عام ضاغط لفك العلاقة مع قنديل وبالتالي إيران، ورسم معالم القرار الوطني الكُردي المستقل في سوريا، ونسج علاقات قوية مع المكونات السوريا الأخرى من آشور وسريان وعرب ودروز ووو إلخ».

يضيف محمود: «التعامل مع هكذا سياسة يحتاج إلى أن يتم تكثيف الجهود من قبل النخب الكُردية وجموع الوطنيين الكُرد لعمل لجان مدنية وإعلامية وسياسية، غايتها إخراج المجتمع الكُردي من أزمته الراهنة في ظل التهديدات التركية المستمرة ضده من خلال ذريعة الـ ب ي د ورفع صور أوجلان وغيرها من الحجج والمبررات التركية تجاه كُرد روج آفايي كوردستاني، إضافة إلى ضرورة أن يخرج الأنكسي من جموده المزمن، وأن يتقدم بمقترحات، ويطوّر هيكليته وبرنامجه السياسي، ويستقطب الشارع الكُردي، لإمكان عمل كتلة وازنة تستطيع التأثير في أصحاب القرار الأمريكيين، لكن للأسف بات الوقت متأخراً جداً، ولكي لا ننسى فإن الشعب الكُردي في روج آفايي كوردستاني يعاني ظروفاً معيشية صعبة جداً، بسبب عدم اهتمام من يسيطر على المنطقة بالشعب، ولا بهمومه ولا بمعاناته».

يختم محمود: «لا توجد أي بوادر لحل الأزمة السوريا سوى أن الحرب تقريباً قد وضعت أوزارها، إذ أن كل القوى متواجدة، ولم ترحل أي قوة من الأرض السوريا حتى الآن، هناك احتمال تمخُّض الوضع الإيراني إلى تغييرات سياسية في إيران، وهذا سينعكس إيجاباً على الوضع في سوريا، وهناك أيضاً الحرب الروسية الأوكرانية واحتمال خسارة روسيا هناك، وبالتالي انسحاب مباشر روسي من سوريا، ناهيك عن أزمة داخلية سوريا بسبب الإنهيار الاقتصادي المفاجئ للنظام السوري واحتمال تغييرات سياسية داخل النظام، أو اتفاق أمريكي روسي على تغييرات سياسية في سوريا، وكلها احتمالات تنتظر الأيام والشهور القادمة.

بالنسبة للمناطق الكُردية أي تغيير سياسي وعسكري في سوريا سينعكس سلباً أو إيجاباً على الكُرد في روج آفايي كوردستاني، لذلك الحالة الفوضوية الراهنة المستفيدون منها كُثر، والحل الرئيسي بيد القوتين الكبيرتين هما روسيا والولايات المتحدة الامريكية».

إنصاف القضية الكُردية العادلة وإيجاد وسيلة للحل دون الإخلال بالتوازن القائم

تحدث نائب سكرتير الحزب الديمقراطي الكُردي في سوريا وعضو الأمانة العامة للمجلس الوطني الكُردي في سوريا، أمين حسام لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «تعدُّ منطقة الشرق الأوسط من أكثر مناطق العالم التي أنهكتها النزاعات منذ عقود وأشدها توتراً، حيث شهدت أكثر من عشر حروب خلال العقود الماضية، نتيجة تخلي أمريكا عن أهدافها المتمثلة بإحداث تحولات ديمقراطية فيها واستبدالها بضمان الاستقرار الإقليمي، ومنع إيران من حيازة أسلحة نووية ومكافحة الإرهاب الذي يهدّد المصالح الأمريكية، وهو ما أدى إلى إفساح المجال أمام القوى الإقليمية لتعزيز نفوذها بما فيها روسيا والصين لملء الفراغ الأمريكي.

تظهر خريطة الأحداث والوقائع التي تجري على الصعيد العالمي إلى انهيار محتمل للنظام العالمي الراهن، وهو ما يثير الكثير من الأسئلة الصعبة التي تتطلب إرادة دولية واعية لتلافيها، أو تشكيل بداية لعالم متعدد الأقطاب تحميه أمريكا، فقد تواجه محاولات أمريكا بتشجيع وتسريع الانتقال إلى الطاقات المستدامة لمواجهة الابتزاز الروسي وكسر حاجتها إلى الطاقة الإحفورية إلى المزيد من الفزع الأوروبي والرد بالمثل، مما قد يسرّع الانزلاق نحو كارثة عالمية، ويقوض أسس التجارة العالمية، لكن تطغى حالياً قضية اللاجئين ودعم الشعب الأوكراني وتأمين المساعدات الانسانية له بعد الغزو الروسي، على الوضع ليس في سوريا فقط، بل على العالم أجمع، لانشغاله في احتواء انعكاسات الحرب ومعالجة تداعياتها. هناك رغبة أمريكية وبريطانية لجعل الحرب الأوكرانية مكانًا لإنهاك روسيا وإعادتها إلى حالة من الضعف والوهن يبعدها عن المنافسة القطبية، رغم انعكاسات آثارها على المواطن الغربي عمومًا والأوروبي خصوصًا، كما أن الاحتجاجات التي اندلعت في إيران على إثر استشهاد الكُردية جينا أميني على يد شرطة (اللاأخلاق) في 14 أيلول 2022، قد خلقت واقعاً جديداً سواء من حيث اتساعها واستمراريتها وامتدادها إلى مناطق وشرائح اجتماعية واسعة، الأمر الذي سوف يثقل كاهل النظام الإيراني».

يتابع حسام: «يبدو بأن هناك تغيرات حقيقية تحدث في النظام العالمي، ومحاولات جادة لكسر نمط القطبية الواحدة، بغية تشكيل عالم متعدد الأقطاب، وهناك مجموعة من الأفكار الجديدة التي تستدعي منَّا الدراسة الجادة والتحليل المعمق، وخاصة فيما يخص معرفة شكل السياسات الأمريكية التي تطرحها الولايات المتحدة، بتقليل اعتمادها على “السياسات المواجهة العسكرية” رغم فشل الجهود الدبلوماسية في منع إيران من حيازة السلاح النووي، الأمر الذي دفع دول المنطقة إلى شق مسارها الخاص بمعزل عن واشنطن، وهو ما بدأته تركيا وقطر وعُمَان منذ فترة وسارت على خطاها كل من السعودية والامارات ومصر، دون أن ننسى هنا أن لدى إسرائيل أجندتها الخاصة بغض النظر عن علاقاتها الوثيقة بأمريكا. فقد جاءت زيارة الرئيس الصيني شي جنبينغ بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية كرسالة سيئة، فقد استقبل بحفاوة لافتة من السعودية مقارنة مع الاستقبال الفاتر الذي حظي به الرئيس الأمريكي جو بايدن في تموز 2022 اثناء زيارته».

يضيف حسام: «يبذل الكُرد جهودهم الخاصة للتخلص من الظلم والاضطهاد الذي لحق بهم على مر التاريخ، وتعرّضت أماكنهم إلى التدمير والخراب، واستشهد في سبيل كُردستان عشرات الآلاف، لكن هذا الجهد والنضال لم يكن كافياً، ولم يستطع أن يُغيّر من وجهة شعوب المنطقة، ولا وجهة نظر المجتمع الدولي تجاههم، رغم تغير الصورة النمطية مؤخراً تجاههم، وسيبقى الكُرد من دون وطن ولن تثمر جهودهم ما داموا منقسمين، فلا توجد مصلحة أو أي شيء بالنسبة للدول العظمى يمكن أن يشدهم نحو الكُرد رغم الأصوات الداعية إلى مناصرتهم وإنصافهم عبر حل قضيتهم وإيجاد وطن قومي لهم. هناك شيء غريب وفريد في قضية الكُرد وصعوبات حقيقية في إيجاد حلول لهم، وهو انقسام جغرافية كُردستان بين أربع دول هي سوريا والعراق وتركيا وإيران، هذه الدول تختلف في كل شيء لكنها تتفق على معاداة الكُرد وعدم منحهم لحقوقهم كمواطنين متساوين القيمة مع المكونات الأخرى، وهو ما يحثهم على العمل سوية على إعاقة وإضعاف الحركة التحررية الكُردية، ودق اسافين وجدران صلبة بين قاداتها ومنعهم من التلاقي والتوحد، فمثلا أردوغان يبدو واضحا في نيته تجاه الكُرد السوريين عبر تهجيرهم واحتلال مناطقهم، وهذا ما يدفعه إلى المطالبة بمنطقة نفوذ في سوريا، وإبقاء القواعد التركية في كُردستان العراق، واجتياح أراضيها بحجة ملاحقة عناصر حزب العمال الكُردستاني».

يشير حسام: «أنه كان مفروضاً الانتهاء من عملية الوحدة بين الكُرد في كُردستان سوريا، ولكن مع الأسف ثلاث جولات تفاوضية مضنية اشرف عليها السيد الرئيس مسعود البارزاني. هولير ١. وهولير٢ ودهوك. وآخرها الحوار الذى أشرف عليها بشكل مباشر ممثلو أمريكا. لأكثر من سنتين. باءت بالفشل والسبب ب. ي. د ببراهين وأدلة. ينبغي أن تتغير المصالح الدولية وأن تلتقي على إنصاف قضية الكُرد العادلة، وإيجاد وسيلة لحل القضية الكُردية دون الإخلال بالتوازن القائم بين تركيا وإيران والدول العربية».

المطلوب سعي الكُرد إلى رص الصفوف وتوحيد الخطاب السياسي

تحدث الكاتب وعضو اتحاد كتاب كوردستان سوريا، بهجت أوصمان لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «بداية أُهنىء الشعب الكُردي والأمة الكُردية بيوم العلم الكُردي رمز العزة والكرامة متمنياً ان يجد مكانه وهو يرفرف شامِخاً بين أعلام دول العالم.

إذا أمعنَّا النظر في الأحداث التي تعصف في المنطقة سنجد اقتراب مرحلة جديدة تحوم بمظلتها على المنطقة، مرحلة لا تقل أهمية عن سابِقاتها، بل هي وليدة لتلك المراحل المسيَّسة تجاه ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد، مرحلة تلعب فيها النفط دوراً بارزاً في تغير كافة المجالات (الثقافية والاجتماعية والسياسية)، مرحلة بدأت بالربيع العربي وانفجار الكبت والضغط الأنظمة القمعية والمستبدة على رِقاب شعوبها».

يتابع أوصمان: «هذه المرحلة حتى هذه اللحظة محدودة الملامح كـ كتاب يُكتب له المقدمة دون التطرق إلى محتواه، كما انه مفتوح النهاية، وذلك بسبب تزايد دور وفاعلية الدول من غير المنطقة، مع تنامي دور الحركات الإرهابية وتطور قدرتها، واستخدامها كورقة ضغط من قبل لاعبين على المستوى الدولي والإقليمي، مع نمو النزاعات والصراعات الداخلية وتزايدها، والتي بدورها ساهمت بشكل كبير في راحة القوى العظمى لتصفية حساباتهم القديمة -الجديدة بالسلاح لا بالسياسة. وهذا كله جعل المعادلة في المنطقة صعبة الحل (هذا إذا لم نقل مستحيلة الحل على الأقل في الوقت الراهن ) وتوجيه المنطقة نحو الهاوية، وهذا كله أدى إلى غياب دور القادة المحليين الغير قادرين على القيادة، إما بسبب الزعامات العجوزة أو الوارثة للحكم».

يضيف أوصمان: «مع الاسف في ظل هذه الظروف والمرحلة الهامة نجد الكُرد منشغلين بمحاربة التنظيمات الإرهابية بالوكالة عن العالم، وتقديم القرابين في معارك لا يملكون فيها لا ناقة ولا جمل، فيما تحاول بعض الدول بسط هيمنتها وتزايد نفوذها في المنطقة. فتركيا الطورانية تحاول جاهدة إعادة بعث امبراطوريتها العثمانية، وإيران من جهتها تبحث عن حلول لِكسر الطوق العربي والغربي عليها، والسعودية تعمل على ترميم بيتها الداخلي لِمواجهة التمدد الإيراني هذا من جهة، ومن جهة أخرى الكُرد يعيشون في صراعات وانقسامات داخلية في ظل غياب آليات التقبل، فطرف متمثلاً بحزب الاتحاد الديمقراطي يرتدي طابعاً عسكرياً، ويسعى للسيطرة والهيمنة والإمساك بزمام الأمور في كُردستان سوريا، بينما الطرف الآخر متمثلاً بالمجلس الوطني الكُردي يُحاول ان يحصل على منافع سياسية، ولا تبدو المصالحة والالتقاء بين الطرفين ممكنة في المستقبل القريب، رغم المحاولات المضنية من قبل الرئيس مسعود البارزاني في اتفاقيتي هولير 1 و2 ودهوك».

يردف أوصمان: «لكن رغم كل الظروف التي يواجهها الكُرد سواء على الصعيد الداخلي من نزاعات وصراعات أو من على الصعيد الخارجي استغلالهم القوى العظمى في تحقيق مصالحها واثبات وجودها في المنطقة، فإن الفرصة سانحة للأطراف والقوى السياسية الكُردية بان يستفيدوا من التناقضات بين الدول العظمى وصراعات دول المنطقة، واستغلال الفوضى الدولي والإقليمي بأن يتفقوا ويتحدوا لنيل حقوقهم».

يشير أوصمان: «أن لربما من الصعب في هذه الظروف والمرحلة الحساسة تأسيس جسم سياسي موحد عن طريق الاندماج، ولكن يمكن ان يأسسوا ائتلاف من القوى السياسية الكُردية، وفتح قنوات لبِناء علاقات جيدة مع دول الجوار، وكذلك الاستفادة من الوجود الأمريكي في المناطق الكُردية، والتي باستطاعتها أن تلعب دوراً كبيراً بتوحيدهم في مشروع الحوار الكُردي –الكُردي، لتأسيس تلك الهيئة الكُردية، وصناعة القرار الكُردي المستقل، يجب على الكُرد ان يسعوا إلى رص صفوفهم وتوحيد خطابهم السياسي، خاصة القوى الفاعلة الحزب الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكُردي ليرتقوا إلى مستوى قيادة الشعب الكُردي وتمثيلهم في المحافل الدولية».

الاثبات للعالم بان الكُرد يستحقون العيش ولهم الحق في تقرير مصيرهم

تحدث الكاتب، عيسى ميراني لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «منذ سقوط الإمبراطورية العثمانية لم يشهد الشرق الأوسط صراعاً كهذا الصراع العنيف الذي يجري الآن، والذي يشمل كل البلاد العربية وتركيا وإيران وأفغانستان ليمتد إلى مناطق القرم (أوكرانيا)، وفي أغلبها مجبولة بالعنف والقتل، وأغلب ضحاياه من المدنيين العُزّل، وجميع هذه الصراعات مصنعة في مطابخ الدوائر الرأسمالية للدول صاحبة القرار العالمي (روسيا – أمريكا – الاتحاد الأوروبي وبريطانيا)، وهي في جوهرها صراع على الاستحواذ والسيطرة على منابع الطاقة (البترول والغاز) والأسواق لا سيما أسواق تصريف بضائع ومنتجات المعامل الرأسمالية وخاصة الأسلحة. وخلقوا هذا الصراع لتبقى هذه الشعوب والحكومات متصارعة ومشغولة بخلافاتها، وتبقى ضعيفة، وزرع هاجس الخوف بينهم، ليسهّل السيطرة عليهم، وبما أن الكُرد وجغرافية مناطق تواجدهم مقسمة في مناطق هذا الصراع (تركيا – سوريا – العراق – إيران) فنالوا الجزء الأكبر من هذه المعاناة، وذاقوا الأمرّين، وأصبحوا ضحية لكل هذه الصراعات، وبالرغم من كل ذلك مازال الاعتراف والدعم الدولي للكُرد كـ شعب وقضية خجول بإمتياز، وأقصى ما يقولونه هو الكُرد حلفاؤنا في محاربة الإرهاب، وهناك ازدواجية واضحة في السياسات الحالية للدول صاحبة القرار، ففي الإعلام شيء وعلى الواقع شيء آخر، وبدا ذلك جلياً عندما وقفت مكتوفة الأيدي ساعة دخول القوات العراقية والحشود الطائفية المدعومة من إيران إلى كركوك، وسيبقى هذا الصراع قائماً مادامت المصالح الاقتصادية موجودة لا سيما النفط وأسواق التصريف».

يتابع ميراني: «نعم، هو الصراع نفسه وان اختلفت الأدوات والأدوار، قبل مائة عام كانت بريطانيا وفرنسا هما اللاعبان الأساسيان في رسم وتنفيذ السياسات في الشرق الأوسط، وكانت النتيجة تأسيس كيانات ودول واتفاقيات، وبسبب ميل كفة مصالحهم نحو الدول الحالية المحتلة لكُردستان لم يساهموا في دعم وإقامة دولة كُردية، علماً إن كل مقومات قيامها كانت موجودة بشكل أفضل من بعض الإمارات والدول مثل (الإمارات العربية – إسرائيل- الكويت – البحرين – قطر)، والتي تأسست بدعم من تلك الدول صاحبة القرار، واللاعبون الأساسيون الحاليون لا سيما روسيا وأمريكا ينتهجون السلوك نفسه والسياسة ذاتها، ويتعاملون مع الكُرد كأدوات فقط وليس كشعب يستحق العيش، ويقرر مصيره في دولة مستقلة».

يضيف ميراني: «بالرغم من كل المآسي والويلات التي أصابت الكُرد لم يقف الكُرد مكتوفي الأيدي، قاوموا المحتل والاستبداد، فكانت الثورات تشتعل في أوقات وأماكن متعددة (ثورات البارزانيين – الشيخ سعيد بيران – سمكو شكاكي – عبيد الله النهري– الشيخ محمود الحفيد)، فكانت ثورات البارزانيين أشد قوة وتنظيماً وتأثيراً، وانتزعت بعض المكاسب (اتفاقية آذار1970- حكومة الإقليم 1991)، وعندما بدأ الكُرد يتنفس قليلاً من نسائم الحرية بدأت دوائر مخابرات الانظمة المحتلة لكُردستان في الأجزاء الأربعة (تركيا – إيران – العراق – سوريا)، التنسيق والتعاون لإيجاد وسائل وطرق لإخماد المد الكُردي نحو الحرية والاستقلال، وصنعوا أدوات كُردية مزيفة لمحاربة الكُرد، وأمدوهم بالأسلحة والأموال ولقنوهم بثقافات وشعارات لتمييع المطالب الحقيقية التي ينادي بها الكُرد المخلصون، فظهر على أرض الواقع قوتان كُرديتان واحدة حقيقية وأخرى مزيفة، فكلما اقتربت القوة الحقيقية نحو تحقيق المطالب ترفع القوة المزيفة من وتيرة عراقيلها بكل الطرق المتاحة (الإعلامية والسياسية والعسكرية)، ويبدو ذلك بكلّ وضوح من خلال مجريات الأوضاع على الأرض، وأصبح الكُرد يعانون من صراعين، وهو الصراع الدولي، والصراع الأخوي والذي هو أشد وطأة وألماً، وأصبح سبباً لشتيت الدعم للقضية الكُردية في المحافل الدولية، ونتيجة ذلك أصبح الكُرد مشتتين بين الزيف والحقيقة، ولكن ذلك لم يمنع الدبلوماسية البارزانية من فتح الثغرات في تلك الجدران المرسومة، حيث قاموا بتعريف العالم بعدالة القضية الكُردية، وأسسوا حكومة وبرلماناً ومؤسسات، واثبتوا للعالم بان الكُرد يستحقون العيش وتقرير مصيرهم بكل فخر واعتزاز».

يشير ميراني: «إلى أن معظم الشعوب استفادت من تجاربها إلا الكُرد، وهو يعود إلى عوامل وأسباب متعددة، أهمها التخلف الفكري والثقافي المتغلغل بين الشريحة الكبرى من الشعب الكُردي، وتأثرها بالكثير من الثقافات التي أضرت بالكُرد، كثقافة الإسلام السياسي والمال السياسي وبعض الأفكار الدخيلة (أخوة الشعوب)، ومعظمها وليدة المخابرات الإقليمية. وحتى يستغل الكُرد الظروف الدولية والإقليمية لصالحهم يجب إيلاء الأهمية للعلم والثقافة ودراسة تاريخ الشعوب التي نالت استقلالها، وأوصلت بشعوبها إلى المراتب العليا، والإلتفاف حول النهج الكُردستاني الحقيقي (المدرسة البارزانية وروادها المخلصين)، لا سيما القائد مسعود البارزاني، والابتعاد عن الأفكار والشعارات الدخيلة التي تروجها الإعلام والصحافة الصفراء المأجورة والمدعومة من الاحتلال الرباعي (سوريا – العراق – إيران – تركيا) ».

يوضح ميراني: «ان الشعب الكوردي مجزأ بين أربع جغرافيات، وعشقه للحرية جعله يؤسس الكثير من الأحزاب السياسية، حيث وضع كل جزء برنامجه وأهدافه بما يلائم أوضاعه وظروفه، وكل منهم يناضل بطريقته الخاصة. إلا منظومة سياسية مسلحة واحدة جعلت من نفسها عابرة للحدود تاركة ساحتها الأساسية، وجعلت من التدخل في شؤون الأجزاء الأخرى هدفاً أساسيا لها، وحتى يحقق الكُرد أهدافهم في الحرية والاستقلال يجب الابتعاد عن الشعارات الطوباوية، والنضال وفق الظروف لكل جزء، والاستفادة من تجربة إقليم كُردستان، ودعم المرجعية الكُردية المتمثلة بالرئيس مسعود البارزاني، ونبذ الخلافات، ولا بديل عن الوحدة، ففي وحدة القرار والموقف تتحقق الأماني والأهداف».

الشعب الكُردي وقضيته وحركته السياسية أمام استحقاقات غاية في الأهمية

تحدث عضو الأمانة العامة للمجلس الوطني الكُردي، أكرم عبدالرحمن لصحيفة «كوردستان»، بالقول: «ان الشعب الكُردي الذي يعيش على أرضه التاريخية منذ بداية الخليقة استطاع أن يحافظ على مقوّمات بقائه كـ شعب، ولم ينصهر أو يندمج ضمن الشعوب العديدة، والتي استطاعت ان تحكمه لقرون، والتي حاولت بكل الاساليب ان تقضي عليه، فقد قامت بتقسيم أرض كُردستان لأول مرة بعد معركة جالديران ١٥١٤، بين الدولة الصفوية الشيعية والدولة العثمانية السنية، ولكن الإمارات الكُردية ظلت تحكم مناطقها وأراضيها، حتى أبرمت اتفاقية سايكس بيكو ١٩١٦بين فرنسا وبريطانيا، والتي من خلالها تم تقسيم أرض كُردستان بين أربع دول وكيانات مصطنعة جديدة، وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وخسارة الدولة العثمانية الحرب اجبرت على توقيع معاهدة سيفر١٩٢٠، والتي نصت البنود ٦٢_٦٣_٦٤من الفقرة الثالثة على منح المناطق الكُردية الحكم الذاتي، واحتمال حصول كُردستان على الاستقلال، ولكن توقيع معاهدة لوزان بين الحلفاء وأنقرة في٢٤/٧/١٩٢٣، بدأت مرحلة مريرة ومظلمة في حياة الكُرد، وبدأت الثورات الكُردية ولم تتوقف المطالبة بحقوقهم القومية وحقهم في تقرير مصيرهم ضمن الدول التي الحقوا بها، ولكن وبعد مضي أكثر من عقد على اندلاع ثورات الربيع العربي التي أطاحت ببعض الأنظمة في الشرق الأوسط، وأغرقت بعضها الآخر في مستنقع الفوضى، تُعتبر عودة الأنظمة السلطوية في أرجاء الشرق الأوسط مرتبطة بالانكفاء الأميركي في المنطقة في السنوات الأخيرة، ولا سيما خفض التزاماتها العسكرية في الشرق الأوسط، بدا ذلك في انسحاباتها من أكثر من منطقة، مع الحفاظ على قضية مكافحة الإرهاب، وبذلك تراجع النفوذ الأميركي في الشرق الأوسط، وأصبحت الولايات المتحدة أقل اهتماماً بمشاكل المنطقة بالرغم من وجود شركاء سلطويين لها طالما أنهم يدعمون أولوياتها الأساسية. لكن ذلك أفسح المجال أمام دول كبرى مثل الصين وروسيا، وقوى إقليمية مثل إيران وتركيا لتعزيز نفوذها في المنطقة، انطلاقًا من قناعتها الراسخة بأن مصالحها القومية تمتدّ أبعد من حدودها الوطنية. فبدأت تركيا تفكر بإمبراطوريتها العثمانية وكيفية استرجاع أمجادها، وذلك بنشر جيوشها في الصومال وليبيا وقطر، واحتلال أراضي جارتيها سوريا والعراق بحجة الحفاظ على أمنها القومي، وكذلك إيران التي استغلت الفراغ في المنطقة، وتمددت لتنشر فكر التشييع في اليمن ولبنان وسوريا والعديد من الدول، وكانت الكارثة الأكبر شن روسيا الحرب على أوكرانيا لاحتلالها وضمها إلى أراضيها، فسببت الحرب أزمة غذائية عالمية تأثرت به كل شعوب الارض».

يتابع عبدالرحمن: «تاريخياً عاش العالم حربين عالميتين، وعانى الويلات، وما يجري الآن من توسيع للنفوذ لبعض القوى الدولية والإقليمية، لا أعتقد انها تنحو لنفس الاتجاه بالرغم من التعقيدات المرتبطة بمصالح ونفوذ تلك القوى، ومحاولة إيجاد وخلق عالم متعدد الأقطاب، خاصة بوجود قوى اقتصادية ناهضة كالصين وروسيا التي كانت سلة الغذاء والطاقة لنسبة كبيرة من العالم.

فالولايات المتحدة الأمريكية اقتصادياً وعسكرياً تبقى القوة الكابحة، فهي موجودة في معظم أرجاء العالم سواء اقتصادياً وكذلك عسكرياً، وحتى الآن يبدو أنها قادرة في فرض السياسات والقرارات، فكان لإنهاء تلك الحربين بحاجة اتفاقات ومعاهدات دولية، أما الآن فلا يوجد تلك الأجواء ولا تلك الاسباب لترسيم حدود جغرافية جديدة، وهنا لابد للقيادات الكُردية ان تستغل مرور مئة عام على الاتفاقات والمعاهدات التي وقعت بين الدول بعد الحرب العالمية الأولى، والتي من خلالها قسمت الدولة العثمانية بين الدول المنتصرة في الحرب، وكان للكُرد نصيب فيها لكنهم فشلوا في الحصول عليها».

يرى عبدالرحمن: «هناك تضارب بين مصالح الدول الكبرى، ولكن حتى الآن كما يبدو ليس لصالح الشعب الكُردي كما يعتقد البعض، وقد ينعكس سلباً على الرغم من سلمية القضية الكُردية ومحاربة الاٍرهاب من قبل الكرد وقضائهم على قوى الارهاب ودخولهم ضمن تحالفات دولية للقضاء على التطرف والتشدد والارهاب. إلا أن مصالح الأطراف الدولية والإقليمية تمنع من الاعتراف بقضية الشعب الكُردي مع الاعتراف بمظلومية تاريخية لا تخرج من إطارها الإنساني، وهذا جانب من عدم الاعتراف القانوني بقضية الشعب الكُردي وجغرافية كُردستان، وللأسف تستخدم القضية الكُردية كورقة ضغط على بعض الأطراف للاستفادة منها لصالح هذا الطرف أو ذاك. فأعداء الكُرد استطاعوا خلال المئة سنة الماضية بعقد اتفاقات ومعاهدات أمنية فيما بينهم، وتشكيل لجان أمنية دائمة للحد من خطورة الكُرد ووأد أي فكر قومي بين الكُرد قبل أن يولد».

يوضح عبدالرحمن: «ان الظروف التي يمر بها العالم والمنطقة والفوضى كلها تُظهر بأن الشعب الكُردي وقضيته وحركته السياسية أمام استحقاقات غاية في الأهمية، فهو بحاجة إلى صوت يمثله في المحافل الدولية لشرعنة قضيته، وكذلك بحاجة إلى مراكز دراسات لما يستوجب القيام به، وكذلك إلى مؤسسات إعلامية قادرة على ايصال صوت الشعب الكُردي إلى مراكز القرار الدولي، لتصبح قضيته قضية رأي عام، يمكن التأثير في مراكز القرار الدولي، ليُصار إلى قرارات أممية يخص قضية الشعب الكُردي في إطار الدول المعنية، وجغرافية كُردستان وخصوصية كل جزء منها. كما لابد للأحزاب والقيادات الكُردية التواصل مع الدول والشعوب المسيطرة على أرض كُردستان، والتأكيد لهم ان حصول الكُرد على حقوقهم لن يؤثر سلبا على دولهم، بل على العكس سوف يعم الأمن والأمان والسلم والاستقرار في مناطقهم».

أخيراً:

إذاً، الفوضى العارمة مستمرّة، ومصالح الدول الكبرى ونفوذها أيضاً مستمرّة، الظروف لن تتوقف عند الكُرد، بل ستسمرَّ حسب ما رسمته الدول وخاصة أمريكا وحلفائها وروسيا والصين للحفاظ على مصالحها ونفوذها وكسب أخرى.

وهنا، على الكُرد أن يكونوا مستعدين لأي طارئ قد يُغيّر الخرائط والموازين والحلفاء. ولن يكون الكُرد مستعدين إن لم يكُن لديهم موقف وهدف موحد وأيضاً مشروع مستقبلي واحد يضمن للدول التمسك بالكُرد.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

التعليقات مغلقة.