الوطن هو الأرض والثمرة المزهرة الي تنمو وتعيش بداخل كل إنسان وبدورها يعيش عليها هو نفسه، وخُلق وكبر على تلك الثمرة التي في نفسه، يأكل من خيراته يشرب من ينابيعه، له فيه من الماضي والحاضر والمستقبل، هو محط ذكريات يوجد فيه كافة تفاصيل حياته منذ إن كان طفلاً إلى أن يصبح كهلاً يموت ويدفن فيه .
يدافع عنه ويحميه بكل الوسائل المتاحة من كل الذين يحاولون العبث فيه واحتلاله، وتعريض شعبه إلى تشريد واعتقال وتهجير، لكن في المقابل على الوطن نفسه واجبات, فمن واجبات الوطن أن يقوم نظام الحاكم فيه بحفظ كرامته واحترام رأي شعبه مهما كان , سواء كان هذا الشعب معارضاً أو مؤيداً لذاك النظام، الواجب عليه أن يسمع ما بداخل مواطنيه وأن يرضخ لمطالبه وتطبيق شعار “الشعب هو مصدر السلطة” كما هو .
ربما يغرد الشخص بعيداً عندما يذكر مثل هذا الشعارات، ويعطيه درجة عالية، باعتبار الأنظمة الشرقية مغتصبة للسلطة وجبانة تخاف من صوت واحد يعارضها، أنظمة تابعة للغير، أي تكون “زيلاً للأخر” حتى ولو رفعت شعارات كافة، وباعتبار البيئة التي تربى فيها ذاك النظام هو بيئة الفساد لا تصلح لا “للخل ولا للخردل”، لكن بالمقابل هناك وجع آخر، هو رضوخ وخنوع الشعوب لأنظمتها إلى أن تقوى شوكتها وسلطتها وجبروتها على رقابهم بعدها ينتفضون ضده ويعرضون أنفسهم ووطنهم للمحتل ولقمة سائغة لتنظيمات وتشكيلات ومافيات التدمير .
لنعد مرة أخرى إلى شرقنا المشبع بالديمقراطية والحرية والسلام والتطور والمقاومة، وطني المقسم إلى أربع أجزاء مترامي الأطراف، بسبب خباثة عالمية واتفاقات قد وقِعت على حساب حريتنا، فضلاً عن ضعفنا وضعف حنكتنا وسياستنا .
اليوم كوردستان بأجزائها الأربعة أمام منعطف تاريخي فاصل بين الوجود واللاوجود، بغض النظر عن الظروف الدولية، فالتاريخ يعيد نفسه، تماماً قبل مئة عام أيضاً كان الكورد يمرون بمرحلة كهذه التي نعيشها الآن، لكن الشعارات المزيفة والوعود الكاذبة التي صدقها الكورد قيادة وشعباً جعلتهم يدفعون ثمنها أضطهاد عمره مئة عام، قسمتهم بين أجشع وأبشع ثلاث قوميات متطرفة عنصرية لذاتها ومتقوقعة على نفسها على أنها يجب عليها أن تكون في مقدمة الشعوب التي يحق لها البقاء، وجعلتهم تحت سياط جلاديها ورفاقاً للحرية المفقودة .
نعم ..الشعارات التي يرفعها الكورد اليوم هي نفسها التي رفعها قبل مئة سنة وقبل ألف سنة، الأخوة والأخوة الإسلامية وحسن الجوار والعيش المشترك , أن الغرب الكافر يريد تمزيق الأمة والمنطقة، وغيرها من المزيفات التي رفعها المعتدي والمتسلط على رقاب الكورد بحجة رتبطة الدين والجوار، مكسباً بذلك صوت الكورد وتأييدهم، ليكون تابعاً ذليلاً لا يرفع صوته أثناء وجوده، وكأنه لا يحق له العيش ولا يستحقها، ولا يستحق أن يكون صاحب وطنه بدلاً من أن يكون صاحباً لشعارات .
التعليقات مغلقة.