لكل بذرة ثمرتها الخاصة التي سوف تنمو وتزدهر بعد صبر وعناية واهتمام، فحلم استقلال كوردستان كان تلك البذرة الجميلة النقية الموجودة داخل الشعب الكوردي، الذي طالما كان يسعى لتحقيقها وازدهارها وقدم لها الغالي والنفيس في سبيل أن يرى علم كوردستان يرفرف في كل مكان ومحفل.
تاريخ الكورد مليء بالثورات والانجازات التي حققها هذا الشعب العظيم رغم تلك الظروف القاسية التي عاشوها، والأعداء المحيطون بهم من كافة الجهات، وتعرضهم لاتفاقيات أصبحوا ضحية لها على مر السنوات، إلا أنهم لم يبخلوا بدمائهم وأرواحهم وشبابهم وقاوموا الأعداء بكل ما لديهم من قوة وعزيمة حتى وصلوا اليوم إلى هذه المرحلة ألا وهو مرحلة “الطريق للاستقلال”.
فقد قدم أبناء هذا الأرض أرواحهم ودماءهم منذ مئات السنين قرباناً لها، وكم تمنت هذه الأرواح أن ترى تلك البذرة تنمو وتكبر أمام أعينهم ولكن شاء القدر أن يكونوا شهداء لحرية واستقلال بلادهم.
عند حديثنا عن الشهداء وتضحياتهم لا يخطر في بالنا سوى ضرورة استقلال كوردستان في أجزائها الأربعة وقيام الدولة الكوردية الموحدة، لأنه ليس من العدل أن نقاتل ونضحي بأرواح الآلاف من أبناء شعبنا دون أن نحصد ما نبتغيه، والاستقلال هو حق جميع الشعوب ولا سيما الشعب الكوردي الذي تعرض لأشد أنواع الظلم والقهر على مدى أعوام مرت.
قسموا كوردستان إلى أربعة أجزاء، ولكن بقي الحلم واحد والشعب الكوردي واحد والمقاومة واحدة، فكل شهيد استشهد لم يكن يهمه في أي جزء من أجزاء كوردستان قد استشهد، فكان كل ما يفكر به هو أن يدافع عن أرضه الذي يراه شرفه وواجب عليه حمايته من كل الذين أرادوا أن يغتصبوا حقوق هذا الشعب المقاوم، فقبل مئات السنين الكثير من الشخصيات العظيمة والوطنية حملوا السلاح ووقفوا في وجه المستبد وشقوا الطريق إلى بقية أجزاء كوردستان للانضمام إلى معارك الشرف والكرامة يقاتلون الأعداء جنب إلى جنب مع أشقائهم.
واليوم خلال الثورة السورية الآلاف من أبناء روج آفا توجهوا إلى إقليم كوردستان، والتحقوا بصفوف البيشمركة، وحملوا السلاح، وواجهوا أشد تنظيم إرهابي “داعش” الذي شكل خطر على حدود كوردستان والشعب الكوردي، قوات البيشمركة حققوا انتصارات يشهد لها التاريخ واستشهد عشرات البيشمركة من أبناء “روج آفا” خلال معاركهم مع التنظيم الإرهابي في إقليم كوردستان، وكان لأمهاتهم الفخر والقوة لشجاعتهم ومواقفهم وحبهم لأرضهم وشعبهم، فأم كل شهيد تحمل من الصبر والقوة ما لا يحمله أي كائن أخر، ونرى في أعينهن ليس الحزن على الفقد والفخر في الاستشهاد فقط بل نرى في أعينهن حلم أبنائهن في الاستقلال والحرية وبناء دولة كوردية مستقلة.
أم الشهيد فيصل سيد نوري الذي استشهد في كوردستان تتحدث عن تفاصيل ابنها بحسرة وعيون مليئة بالدموع، بين كلمة وأخرى تتغير نبرة صوتها وكأن شيئاً مغروساً في حنجرتها فتتوقف برهة عن الكلام ثم تتابع بقول “أنا فخورة باستشهاد ابني الذي انتسب إلى صفوف الحركة الكوردية منذ مطلع شبابه، وكان بيشمركة لأربعة عشر عاماً حتى استشهد”، فترفع صوتها وتقول “أبنائي جميعاً فداء ُ للبارزاني وهذه الأرض المقدسة “أرض كوردستان”..!!
وأم الشهيد أحمد بوزان قجو من قامشلو مواليد ١٩٩٣ تحدثت عن عشق ابنها الشهيد للقضية الكوردية ودولة كوردستان، وعن التحاقه في صفوف البيشمركة حباً لأرضه وشعبه وكان مشاركاً في جميع الجبهات ضد الإرهاب “داعش”.
وأضافت أن: « الشهيد أحمد كان في إجازة عندما سمع بحملة تحرير شنكال حينها لم يكمل إجازته وأصر الالتحاق برفاقه رغم أوامر ضابطه بعدم المشاركة في الحملة لعدم وجود اسمه في تلك الحملة ولكنه شارك وشاء القدر أن يكون شهيداً في تلك الحملة».
تابعت أم الشهيد قولها: «أنا كأم لشهيد مثل باقي أمهات شهداء الشرف والكرامة نؤيد استقلال كوردستان ولنا الشرف بهذه الشهادة، وكان حلم الشهيد أحمد أن يرى كوردستان سوريا محررة ولكن شاء القدر أن يستشهد في شنكال، ولكن لا يوجد فرق بين أجزاء كوردستان الأربعة فالوطن والأرض والعلم واحد، وإن الشهادة وسام نضعه على رؤوسنا، وكوردستان ستتحرر بدماء ابنائنا الشرفاء».
إذاً تقديراً لدماء الشهداء ودموع أمهاتهم لابد أن نبقى أوفياء لقضيتنا ونستمر في نضالنا ونهجنا حتى نحقق أحلام الشهداء التي نراها اليوم في أعين أمهاتهم، ولابد أن نؤيد اليوم استقلال كوردستان، فالاستفتاء هو حق تقرير مصير شعبنا وهو بداية آمال قوية لبقية الأجزاء.
التعليقات مغلقة.