التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا ، عن شهر آب 2017….
ما تزال الأوساط السياسية والدبلوماسية الدولية منها والإقليمية تواصل دأبها بشأن الحل السياسي للأزمة السورية التي تقترب من نهاية عامها السابع ، عبر مآسي الشعب السوري وويلاته جراء الحروب والمعارك المدمرة التي تدور رحاها طوال تلك السنين ، ولئن حصلت بعض التوافقات سواء عبر لقاءات أستانا بين الدول الضامنة ( روسيا إيران تركيا ) أو من خلال التنسيق والتعاون بين كل من أمريكا وروسيا بشأن وقف إطلاق النار في مناطق ( أسموها خفض التوتر ) حيث تحقق التنفيذ النسبي ، وعلى أمل التواصل في هذا الجانب لو لا الخروقات المستمرة للنظام السوري من خلال استخدام صنوف الأسلحة الفتاكة ضد قوى المعارضة وحتى المواطنين العزل في هذا الاتجاه ، وبالتزامن مع المساعي والجهود السياسية والدبلوماسية الهادفة للتحضير لجنيف8 المرتقب والمزمع عقده خلال شهر تشرين الأول القادم من هذا العام ، بعد دعوة الأطراف المعنية لتوحيد وفد المعارضة السورية من خلال ضم منصتي القاهرة وموسكو إليها بعد الحوارات والنقاشات بغية توحيد الرؤى والمواقف على سوريا المستقبل ، تجلى ذلك في مؤتمر رياض الأخير ، والذي سيستأنف من جديد خلال شهر أيلول ، حيث لم تكتمل النقاشات ولم يتم التوصل إلى صيغة سياسية مشتركة بسبب تعنت منصة موسكو وعدم انسجامها مع قوى المعارضة الأخرى ، كونها نشأت كحصيلة توافق بين النظام وروسيا ، وقد ظهر الخلاف حادا حول المرحلة الانتقالية باعتماد المعارضة لدستور جديد وغياب كامل لدور رئيس النظام عنها ، بينما أصرت منصة موسكو على اعتماد الدستور السوري لعام 2012 والتأكيد على بقاء الأسد في المرحلة الانتقالية كجزء من الحل وليس طرف أساسي في الأزمة السورية ، وفي السياق ذاته ، من الملاحظ أن النظام لا يقف عند حد تلك المرحلة بل يلملم شمله ويجمع قواه ليتمدد من جديد بغية فرض سيطرته على البلاد عبر تعاونه مع التحالف الدولي ومع روسيا في محاربة داعش وخصوصا في الرقة ودير الزور مستغلا أولوية الطرفين في مواجهة الإرهاب والتطرف ، إلا أن المجتمع الدولي وعبر هيئة الأمم المتحدة ومبعوثه الخاص ستيفان دي مستورا مستمر في اتخاذ الإجراءات اللازمة لعقد جنيف8 بغية وضع الترتيبات الأساسية على طريق إنجاز المرحلة الانتقالية نحو تحقيق الحل السياسي المنشود شريطة خروج القوات الإقليمية والميليشيات الأجنبية كافة من الأراضي السورية ، وعلى العموم فإن المشهد السياسي يفرض أن لا يمكن القبول بعودة سوريا إلى ما كانت عليه قبل 15 آذار 2011 ، كما لا يمكن القبول بأي حل سياسي ما لم يضمن بناء سوريا دولة اتحادية برلمانية ذات نظام ديمقراطي يقر دستوريا بالتعددية القومية والدينية ، ويكون الشعب الكردي شريكا حقيقيا في صنع القرار السياسي وله دوره الأساسي في سوريا المستقبل وفق العهود والمواثيق الدولية في هذا الشأن .
وفي الجانب الإقليمي ، لا زال الصراع مستمرا بين كل من السعودية وإيران بحكم المحاور عبر الاصطفاف الدولي أو بسبب المنافسة على زعامة العالم الإسلامي أو للمصالح السياسية والاقتصادية المختلفة أو لتدخلات إيران المريبة في الشؤون الداخلية لدول المنطقة ، هذا الصراع قائم وفق انساق واضحة ومنذ عقود ولا يزال ، بخلاف تركيا المتأرجحة في سياستها من غير ثبات يذكر ، جل قلقها وهاجسها يأتي من الشأن الكردي ، فهي اليوم تتراجع في سياستها حيال الأزمة السورية حيث قطعت المساعدات المالية عن المعارضة ، وتسعى للتفاهم مع النظام السوري بعد أن كان موقفها أكثر حزما حيال الأزمة السورية وأكثر انسجاما مع قوى المعارضة ، كما تنسج علاقات مع إيران بغية إحياء الاتفاقات الأمنية السابقة أو تجديدها مع الدول التي تتقاسم كردستان خصوصا بعد إعلان الاستفتاء ( refrandom ) على استقلال كردستان الجنوبية ، الأمر الذي أثار مخاوف تلك الدول وخصوصا إيران وتركيا في خشية من نقل التجربة إليهما ، لكن عبثا فالوضع الدولي قد تغير وقواعد اللعبة السياسية قد تبدلت ، ومشروع التغيير العالمي مستمر ولا بد من ترتيب وضع المنطقة من جديد ، فحري بهذه الدول أن تعيد النظر في حساباتها وأن تسعى للتوليف مع ذاك التغيير القادم ، وأن تعود إلى معالجة قضايا شعوبها ، قبل فوات الأوان ..
وعلى صعيد إقليم كردستان العراق ، فإن العمل والنشاط مستمر بشأن الاستفتاء ( refrandom ) على استقلال كردستان الجنوبية المعلن عنه في 25 / 9 / 2017 ، و يبدو أن لا تراجع عنه سواء لسبب الظروف المناسبة ذاتيا وموضوعيا ، أو كونه ( أي الاستفتاء ) خطوة عملية وصحيحة باتجاه تحقيق المشروع القومي الكردستاني المبني على نهج الكردايتي ( نهج البارزاني الخالد ) والذي يقوده الرئيس المناضل مسعود بارزاني بثبات قوي وعزيمة صادقة لا تلين ، ولئن كان مبدأ حق الأمم والشعوب في تقرير مصيرها عصي الفهم والممارسة لدى الأنظمة المتخلفة والتي لاتزال تعيش حالة السطوة والاستبداد التي من طبيعتها إنكار هذا الحق على الشعوب الساعية نحو التحرر والاستقلال من نير العبودية والاستغلال ، إلا أن هذا المبدأ هو موضع التفهم والاحترام لدى كافة الدول والشعوب الحضارية المتقدمة وتراه حقا طبيعيا ينبغي ممارسته بالضرورة في حال عدم إمكانية التعايش مع الأوساط والقوميات السائدة كما هو الحال مع حكومة العراق ، كما أن هذا المبدأ لا يتعارض مع ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ حقوق الإنسان والشرائع الدولية بل ينسجم معها تمام الانسجام ، ومن الجدير ذكره أن الاستفتاء وبما تشمل المناطق المتنازع عليها لا تتعارض حتى مع دستور العراق ( كما أوضحه الخبراء الحقوقيون ) بما فيها مدينة كركوك الكردستانية ، ولئن كان هناك ذرائع بدعوا أن هذه المدينة لا تستحوذ على غالبية كردية فلماذا إذا تخشى هذه الأوساط من شمولها بالاستفتاء ؟ ، وعليه يبقى الواجب يفرض على شعب كردستان ليس في الجنوب فحسب بل في عموم أجزائها المساهمة بكل همة واقتدار في دفع مشروع الاستقلال إلى الأمام لأنه شأن الجميع من غير شك أو التباس .
أما بشأن حزب الاتحاد الديمقراطي ( p.y.d ) فإنه مازال مستمر في سياسته الهوجاء الطائشة حيال شعبنا الكردي ومجلسه الوطني وأحزابه بالتشديد على التجنيد الإجباري عبر ملاحقة الشباب في الشوارع والأزقة أو مداهمة بيوتهم ومنازلهم ليلا ، كما زاد من وتيرة الاعتقالات لقيادات وكوادر المجلس الوطني الكردي والأحزاب المنضوية فيه ، فضلا عن أعداد منهم مازالوا قابعين في سجونهم وزنازينهم ناهيك عن سوء المعاملة معهم ، مع استمرار إغلاق مكاتب ومقرات المجلس وأحزابه بذريعة الرخص ، في حين أن أحزاب السلطة في المنطقة مكاتبها مفتوحة وتمارس نشاطاتها بكل حرية ودون رخص ، كما لم يدخر هذا الحزب وسعا في فرض المزيد من الإتاوات على الأهالي والمواطنين ، والاستمرار في فرض المناهج الدراسية التي تسبب عزوف الأعداد الهائلة من الطلبة عن الدراسة خصوصا وأن الكادر التعليمي لا يحمل المؤهلات والكفاءات اللازمة ، فضلا عن أن ملاحقة الشباب وفرض المناهج هي من الأسباب الأساسية والمباشرة لهجرة أعداد هائلة من الشباب ، كل ذلك ودون أن يبالي بما يدور حوله في الجانب السياسي وخصوصا في الآونة الأخيرة ، لا سيما بعد ظهور بوادر توافقات سياسية جديدة بين النظام وتركيا وربما بتوجيه ورعاية كل من روسيا وإيران ، تتسم بنتائج سلبية على هذا الحزب ودوره السياسي في مستقبل سوريا .
وعن المجلس الوطني الكردي في سوريا ، مازال يواصل أعماله ونشاطاته في الداخل والخارج ، ويستمر في مشاوراته ولقاءاته عبر لجنة المتابعة ولجنة العلاقات الخارجية ومن خلال ممثليه في المعارضة ، وتزداد وتيرة هذه النشاطات مع اقتراب موعد جنيف8 حيث الجهود والمساعي مستمرة باتجاه تمثيل الكرد في المفاوضات بشكل أقوى وبورقة كردية مستقلة تأكيدا لطرح القضية الكردية في سوريا على طاولة المفاوضات أو عدم إغفالها على أقل تقدير ، كما يولي المجلس في نشاطاته الأخيرة أهمية خاصة لعملية الاستفتاء ( refrandom ) على استقلال كردستان الجنوبية كردستان ويضع برنامجا خاصا في هذا الصدد للمساهمة في تعزيز المشروع القومي الكردستاني ودفعه إلى الأمام نحو المزيد من النجاح والتقدم ..
المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا 7/9/2017
التعليقات مغلقة.