أكثم نعيسة : إفلاس المشروع الإسلامي “العروبي” ستضع سوريا أمام أبواب وتغيرات جديدة..!!
المحامي أكثم نعيسة دكتور في القانون الدولي , ومدير مركز الشام للدراسات الديمقراطية وحقوق الإنسان , معارض قديم سُجنَ لفترات متعددة تجاوزت عشر سنوات , مؤسس لجان الدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان في سوريا حاصل على العديد من الجوائز الدولية الخاصة بالدفاع عن حقوق الإنسان . كان في حوار خاص مع مراسل موقعنا.
بداية نرحب بحضرتكم ولكم جزيل الشكر على هذا اللقاء:
دكتور نعيسة كونك دكتور في القانون الدولي, كيف تنظر إلى الاستفتاء في إقليم كوردستان ورفض بغداد لذلك؟
من وجهة نظر قناعاتي أنا اؤمن بحق تقرير جميع الشعوب بتقرير مصيرها واختيار شكل واليات حكمها وطريقة إدارة حياتها هذا موقف مبدئي شخصي لاحياد فيه , وأرى أن الشعب الكوردي قد ذاق كثيراً من العسف والاقصاء وانتهاك لحقوقه وناضل كثيراً , ومنذ عشرات السنوات وربما أكثر من أجل نيل حقوقه , وما يطالب به الأن هو حق طبيعي لايمكن لضمير حي أن يواجهه أو يناقضه .
أما من الزاوية القانونية الاستفتاء قانونياً شأن خاص بالشعوب التي تقطن في كوردستان وحق لها يؤكده ميثاق الأمم المتحدة ومجموعة كبيرة من القرارات الدولية , ومنها قرارات الجمعية العمومية للأمم المتحدة ، ومن وجهة نظر القانون الدولي يفترض عدم تدخل أي عامل خارجي ، على المستوى السياسي ، لا أعتقد أن الاستفتاء مقصده المرحلي هو إعلان دولة كوردستان ، بقدر ما هو ورقة سياسية ، ربما تكون قوية ، في مستقبل الأيام وفي وجه أي توجه مضر مستقبلاً بالقضية السياسية ، في كل الأحوال أنا أميل في الظروف السياسية التي تمر بها المنطقة ، أن لا يضع الكورد دولة العراق والمنطقة في الزاوية الصعبة وأرى أن الطريق الدبلوماسي مهم جداً لتجاوز بعض العقبات التي قد تعرقل مسار الاستفتاء ، ولايخفيك أننا نخشى أن يقود أي موقف استفزازي أو غير محسوب بهذا الاتجاه إلى تغيير سلبي في مواقف الدول الإقليمية والدولية، وربما تضع المنطقة على شفا حروب جديدة ، وأنا على عكس كثير من الطروحات ، لا أعتقد أن هناك دول ستدعم بصورة حقيقية وصادقة توجه إقليم كوردستان بقيامها كدولة مستقلة لأسباب عديدة, ربما بعضها يتعلق بالمصالح العميقة لتلك الدول .
القضية الكوردية في سوريا هل تشبه القضية الكوردية في العراق ؟وما أوجه الخلاف ؟
المسار العام للقضية الكوردية هو مسار صاعد وهذا يخلق دينامية عالية المستوى ويوفر شروط جديدة للعمل من أجل القضية الكوردية في سوريا، التوجه السياسي الكوردي لايزال غير واضح الملامح بصورة نهائية , وهذا ناجم عن عدم توحد الجهود والقوى الكوردية على رؤية توافقية استراتيجية تجاه قضيتهم ، رغم أن أطراف القضية الكوردية السورية يبذلان كل على حده جهوداً صادقة لتكريس وضع كوردي قوي “رغم خلافاتهم البينية “المتمثل بصورة أساسية في الخلاف بين المجلس الوطني الكوردي من جهة ومجلس سوريا الديمقراطية وpyd.من جهة أخرى وغيرها, أرى أن الطرفين يسعيان بجدبة واضحة ، كأمتلاك الخبرة السياسية والرؤية البعيدة لمصالح الشعب الكوردي , وأمل أن يستطيعا النجاح في ذلك مع الوقت ، لكني أرى في ذات الوقت أن في الإسراع باتخاذ خطوات عملية سريعة وغير محسوبة ، مبنية على وقائع مرحلية قابلة للتغيير في أي وقت أمر ربما لا يصب في مصلحة الكورد مستقبلاً ، على سبيل المثال أن عقد تحالفات بين قوى كوردية مع قوى إقليمية أو دولية يفترض دراسته على أكثر من صعيد وعلى المدى البعيد والمدى المنظور ، من زاوية ميزان رؤية استراتيجية بعيدة المدى ، فالانعطافات العميقة الجارية في سوريا لا تسمح بحدوث أخطاء جسيمة متكررة ، يجب أن نضع نصب أعيننا اتفاقيات ما بعد الحرب الأولى وتداعياتها “سايكس-بيكو وغيرها والتي نجمت عن غياب رؤى متماسكة لشعوب المنطقة, رغم الفوارق الهائلة في الوعي السياسي البعيد المدى والتجربة العميقة الحاصلة الأن .
كيف تجد مستقبل سوريا ؟ وهل الفيدرالية من الحلول التي تجدها لإنهاء النزاع ؟
الوضع الراهن ، يبدو أن ثمة توافقات إقليمية حول بضعة مواضيع ، أهمها : الإرهاب الإسلامي في المنطقة وضرورة القضاء عليه وبالتالي تحشيد الجهود باتجاهه ، أيضاً قضية السعودية ومأزقها في اليمن كيفية الخروج منه ، والخلافات الخليجية وغير ذلك…
تبقى مسألة إنهاء الإرهاب وتداعياتها هي الأهم ، وبهذا الإطار أعتقد أن المنطقة على اعتاب إنهاء هذه المسألة , فداعش على أبواب الإنهيار ، وقضية إدلب وجبهة النصرة قيد المعالجة ، والأهم أن المشروع الإسلامي -العروبي قد أعلن إفلاسه بالمستوى التاريخي ، هذه المتغيرات سيضع سوريا على أبواب مرحلة جديدة مختلفة كلياً على المستوى السياسي والجغرافي ، هذه المرحلة الجديدة ، ستطرح حكماً تحديات جديدة أيضاً ، منها المرحلة الانتقالية والتي ربما تستمر لسنوات ، حيث سيجد النظام السوري نفسه بعد فترة لاحقة في وضع سياسي محرج وربما مصيري في حال لم يستطع مواكبة أو التكيف مع استحقاقات المرحلة الانتقالية ، أيضاً بروز القضية الكوردية وتصدرها المشهد السياسي القادم في سوريا ، وأيضاً تقاسم النفوذ والحصص في سوريا ، كل هذه التحديات ، ستشكل القضية الكوردية مفتاحها الأساسي ، وفيما إذا نظرنا إلى المباحثات والتحالفات الجديدة ، التي تفرضها مرحلة ما بعد داعش ، سنرى بوضوح أن القضية الكوردية ،هي مفتاحها المركزي ، كيف ؟.
القوى الكوردية وعلى أرضية الانتصارات العسكرية ، ربما تندفع بحماس نحو الأمام سياسياً ، وهذا الأمر لن يوافق كل من تركيا وإيران ، لأسباب استراتيجية نعرفها جميعاً ، وكذلك النظام السوري الذي سيكون بدأ بالانكفاء والتراجع السياسي والمهددة بضياع السلطة منه ، وفي الغالب. سيكون هناك تخالف ثلاثي بين تركيا وإيران والنظام السوري والغراف والعرب في سوريا ، لوقف التقدم الكوردي ، ووقف أي مشروع ذو بعد استقلالي ، حتى لو أدى الأمر إلى دخول حرب جديدة .
الفيدرالية بصورة عامة هي الحل الأمثل للوضع السوري ، وهو أيضاً الوضع السياسي الأرقى لشكل الحكم ، وأعتقد أن تكريس الفيدرالية گشكل للحكم سيبعد سوريا حاضراً ومستقبلاً عن حروب وويلات وتقسيم المجتمع السوري في غنى عنها ، لكني في ذات الوقت أرى أن مشروع الفيدرالية سيواجه بعداء هو أكبر بكثير مما نتوقعه الأن ،حيث لايزال يختزن العقل الجمعي العربي ولاشعوره السياسي حالة من العداء الأعمى للفيدرالية ، وعلى أنها ستؤدي إلى إسرائيل أخرى . ؟؟؟!!!.
أنا أعتقد أن فتح حوارات على المستوى الوطني ، معمقة ومستمرة هو أمر في غاية الأهمية ، لإزالة هذا الوعي الزائف لمفهوم الفيدرالية ، أيضاً للتخفيف من حدة المواجهات القادمة .
ماهي الأسباب التي أدت إلى بقاء الأسد حتى الأن؟ وهل تتوقع أن بقاءه بات أمراً محتوماً ؟
بصراحة وشفافية , من المؤسف القول أن غالبية المعارضات السورية من المجلس الوطني السوري إلى الائتلاف الوطني إلى هيئة التفاوض إلى منصة موسكو والقاهرة الخ … لم تعكس سوى اجندات إقليمية أو دولية بعيدة عن طموحات الشعب السوري وما يصبوا بجميع مكوناته , وبهذا المعنى يمكن اعتبار هذه المعارضات ” كحالة سياسية بعيداً عن الشخصنة ” ماهي إلا أجهزة تلعب دوراً وظيفياً وتنتهي كحالة بإنتهاء وظيفتها , وأعتقد أن وظيفتها السياسية قد قاربت على الانتهاء وربما بعد التغييرات الجارية في المنطقة وسوريا تحديداً سيتم البحث عن حالات وحوامل سياسية أخرى تحمل آليات ومضامين جديدة , وهنا يأتي دور القوى الديمقراطية والعلمانية في مدى قدرتها على ملئ الفراغ السياسي الحاصل بتشكيل حالة سياسية جديدة مؤثرة وفاعلة .
ففي حين تبنت المعارضات القائمة بتوجهاتها العامة ودعمت العنف والسلاح والخطاب الأسلامي المتطرف والعروبي القومجي , الأمر الذي أدى وبمساندة النظام ذاته على ذلك , أدى إلى تدعيم موقف النظام ومساندته من قبل أغلب القوى الدولية وحتى الإقليمية . وكانت الموقف تجاه النظام يتراجع طرداً مع تصاعد العنف الأسلامي وانتشاره وانتشار الفوضى في مناطق الأسلاميين والصراعات إضافة إلى وجود داعش والنصرة وتزايد الإرهاب على المستوى العالمي والذي شكل هاجساً حقيقياً للغرب , لقد انتصر النظام جزئياً بفعل تخلف خطاب المعارضة وانجرارها نحو مشروع إسلامي عروبي عفا عليه الزمن وصل حد التعفن التاريخي والسياسي محمول على العنف والطائفية والتعصب القومي , وفي كل الأحوال فأن الأسد بات ضرورة مرحلية فهو على الاقل قد حافظ على تماسك مقبول نسبياً في مناطقه لايزال تمتلك حد أدنى من البنية الدولانية , وأعتقد أن القوى الدولية تحتاجه في هذه المرحلة لإخماد حالة الحرب الفوضوية السائدة ولتمرير مرحلة انتقالية صعبة ومعقدة , لكن في مرحلة مقبلة لا أعتقد أن النظام أو الأسد يستطيع التكيف أو الانعطاف بنظامه الصدئ أن يواكب الانعاطفة الديمقراطية القادمة , بدليل الخطاب الأخير لبشار الأسد والذي يعكس غطرسة ومفاهيم استبدادية مغلقة وغير قابلة للحوار , حينئذ ستطرح قضية الانتهاء منه باعتباره عقبة كأداء في طريق الحل السوري .
باتت سوريا أرضاً للصراعات الدولية والطائفية هل سوف نستطيع التعايش بشكل سلمي في سوريا ديمقراطية تعددية؟
لا أعتقد أن سوريا ستعود كما كانت قبل عام 2011 لا على المستوى السياسي ولا الاجتماعي ولا الجغرافي . ما جرى في سوريا مجموعة هائلة من التفجيرات الاجتماعية خلقت أيضاً ديناميات عديدة ومعقدة في مختلف المناطق السورية وعلى جميع الصعد .
وأرى أن سوريا قادمة أما على التقسيم وربما تكون مناطق خفض الصراع أساساً أولياً لها , أو الخيار الثاني أن تستطيع الحوامل السياسية الجديدة إضافة إلى جهود القوى الكوردية أن تفرض الفيدرالية التوافقية كحل مثالي للوضع السوري , وفي كل الأحوال فأن أي خطوة بكلا الاتجاهين يتطلب إرساء وتفعيل قواعد العدالة الانتقالية والمصالحة , تحقيقا للعدالة وتعويضاً للمتضررين , واستبعاداً لانفجارات قادمة مبنية على أحقاد ثأرية .
بعد انعقاد عدة مؤتمرات في رياض وجنيف بشأن الأزمة السورية ولكن لم يتم التوصل إلى حل مطلوب ما هي الأسباب برأيك ؟
ما يخص مؤتمرات جنيف واستأنه وغيرها فلا أعتقد أنها تتعدى كونها محاولات لاستمزاج رأي المعارضات السورية في قضايا يتم تداولها على المستوى الدولي , لاستكمال تصورات الدول الكبرى حول تلك المسائل , إضافة إلى تخفيق بعض التوازنات السياسية التي تخص نفوذ الدول الكبرى في اليات عملها على المسالة السورية وتحقيق واثبات حضور سياسي .
الميليشيات هي التي تقاتل إلى جانب النظام هل تستطيع بشكل ملخص أن تشرح لنا أسباب لجوء النظام؟
كلا الطرفين استخدما مليشيات غريبة وأجنبية , طائفية , أعتقد أن موازين القوى العسكرية , فرضت على الطرفين ذلك , إضافة إلى التدخلات الإقليمية والخارجية , التي أرادت حسم الصراع لصالح اجنداتها الخاصة .
كلمة أخيرة : في هذه المرحلة الحساسة في تاريخ الوطن السوري ، تقع على عاتق الديمقراطيين وقواهم مسؤولية تاريخية ، تتمثل في ضرورة توحيد صفوفهم وتضافر جهودهم ، من أجل تشكيل أكبر تحالف واسع يشكل بديلاً لما هو قائم ومؤثر يمتلك الرؤية والإرادة للمساهمة في إعادة بناء سورية ديمقراطية ومتعددة ، وباعتبار أن القوى الكوردية ، تشكل بطبيعتها السياسية القوة الديمقراطية الأكثر صلابة ووضوحاً ، فأن المرشحة الوحيدة لتكون الأساس الصلب الذي يبني صرح الديمقراطية السورية ، وبهذا تكبر المسؤولية الأكبر معها القوى الكوردية ، لتبحث عن جميع الوسائل الممكنة للتوحد والانطلاق نحو المهام الوطنية والكوردية الأكثر تاريخية وأهمية في تاريخ المنطقة
حاوره :زيوار الأحمد
إعلام enks اورفا
التعليقات مغلقة.