المجلس الوطني الكوردي في سوريا

البارزاني: ما ارتكبه المالكي ضد الإقليم يفوق أنفال صدام ولم نسمع احتجاجاً..!!

120


تحدث رئيس إقليم كوردستان، مسعود البارزاني، خلال مقابلة خاصة بصحيفة “الشرق الأوسط” السعودية، عن أبرز التطورات على الساحتين الكوردستانية والعراقية، لا سيما مسألة إجراء استفتاء الاستقلال في يوم 25 سبتمبر القادم.

وأكد البارزاني أن عقدة عدم الاعتراف بالآخر تتحكم بمن يحكم بغداد، وأن العرب السنة باتوا الخاسر الكبير، وأنه نصحهم باكراً بإقامة إقليم لهم، مشيراً إلى أن فترة حكم نوري المالكي في بغداد عمّقت رغبة أهل الإقليم في الاستقلال، مؤكداً أن المالكي نفّذ بحق الإقليم جريمة تفوق ما فعله صدام حسين في عملية الأنفال التي أدت إلى مقتل أكثر من 182 ألف كوردي.

وأردف رئيس إقليم كوردستان أن العراقيين من العرب السنة أخطأوا في إدارة شؤونهم وعدم التحدث بصوت واحد، ما جعلهم بعد تحصّن تنظيم داعش في مناطقهم الخاسر الكبير، لأن مدنهم مدمرة الآن وقسم كبير من سكانها مهجّر، وأضاف أنه نصح العرب السنة غداة إسقاط صدام حسين بإنشاء إقليم كان الشيعة يومها على استعداد للقبول به، لكن المزايدات والحنين إلى الماضي وغياب الموقف الموحد منعهم من المحافظة على حقوقهم، لافتاً إلى أن الكورد اختاروا الشراكة في دولة مدنية بعد إسقاط صدام حسين ليكتشفوا لاحقاً جنوحاً نحو دولة طائفية دينية، وفيما يلي نص المقابلة التي أجرتها صحيفة “الشرق الأوسط” مع رئيس إقليم كوردستان، مسعود البارزاني:

– هل دخلنا مرحلة الأيام والأسابيع التاريخية بالنسبة لإقليم كوردستان؟

مسعود البارزاني: بالتأكيد دخلناها ومن باب واسع.

– هل هناك احتمال ولو بسيط لتأجيل الاستفتاء حول الاستقلال في 25 سبتمبر/أيلول؟

البارزاني: الاستفتاء قرار حاسم وهو قرار الشعب، وقرار معظم القوى السياسية في كوردستان هو أنه يجب أن يجري الاستفتاء في 25 سبتمبر، اللهم إلا إذا كان هناك بديل أفضل.

– ماذا تقصدون بالبديل الأفضل؟

البارزاني: هو مجرد رأي وإنما لست أنا الذي يقرر، فهناك مجلس أعلى للاستفتاء يتمثّل بالقيادة السياسية في كوردستان، وهي التي تقرر بالإجماع وليس قرار شخص واحد، لكن إذا كان هناك، كما نسمع من كثير من الأطراف، أن التوقيت غير مناسب، وتأجيله لمدة ستة أشهر أو سنة، فهل هناك استعداد للتوقيع على وثيقة أنه في 25 سبتمبر 2018، مثلاً، سيُعترف بنتائج الاستفتاء وتُقبل النتائج، وكانت هذه النتائج لمصلحة الاستقلال؟، ربما يمكن دراسة مثل هذا البديل إذا كان مطروحاً.

– هذا البديل تريده ممن؟، من أميركا؟

البارزاني: أولاً من الحكومة العراقية ومن البرلمان العراقي ومن ثم بضمانة أمريكية والتحالف الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.

– الظروف لا توحي بتوفر هذا البديل حتى الآن؟

البارزاني: هذا يعني أن الاستفتاء سيجري في موعده.

– سأسألكم سؤالاً افتراضياً، وهو ماذا ستفعل لو ذهب الكورد إلى الاستفتاء وقالوا: لا نريد الاستقلال؟

البارزاني: سأخضع لرأي الشعب ولن تبقى علي أي مسؤولية، أنا أديت واجبي تجاه شعبي، وإذا قرر الشعب رفض الاستقلال، فسوف أحترم إرادة شعبي وأتفرغ لحياتي الخاصة.

– هل ستستقيل؟

البارزاني: بدون شك، إذا الشعب قال لا، لا أرى أنه يبقى لي أي مجال في العمل.

– هل هناك إمكانية بأن تأتي النتائج ضعيفة؟ وكيف تشعر بالمزاج الشعبي؟

البارزاني: المزاج الشعبي الذي نراه اليوم فرح وحماسي ومتهيئ للتصويت، وقد رأيتم التجمع الكبير الذي حدث في مدينة كولن في ألمانيا حيث اجتمع الآلاف من أبناء شعب كوردستان هناك وقالوا بصوت واحد: «نعم للاستفتاء»، وهذا تعبير عن بقية المناطق وعن إرادة شعب كوردستان، ربما هناك أناس يخافون من النتيجة، يتحسسون منها أو غير مقتنعين بها، وطبعاً هذه هي الديمقراطية، وأصلاً السؤال في الاستفتاء هو: هل أنت مع استقلال كوردستان أم لا؟، والجواب يكون بنعم أو لا، إذاً السؤال ديمقراطي، لذلك لننتظر ونرى النتيجة، وأتوقع أن تكون نسبة التصويت بنعم عالية جداً، لكن الاحتمالات كلها واردة أيضاً.

– لو كان والدكم ملا مصطفى البارزاني في مكانكم حالياً وفي هذه الظروف، هل كان سيتخذ قرار الدعوة إلى الاستفتاء على الاستقلال؟

البارزاني: أنا تلميذ في المدرسة التي أسسها وأستلهم دائماً من فكره وسلوكه.

– هل تشعر برغبة في الثأر لأنك ولدت في جمهورية مهاباد التي أعلنت على الأراضي الإيرانية واختفت، وهل تريد أن ترى ولادة جمهورية كوردية جديدة في كوردستان؟

البارزاني: لم تكن جمهورية مهاباد بل كانت جمهورية كوردستان في مهاباد، مؤلف الكتاب ويليام إيغلتون كان القنصل الأميركي في طهران أو في تبريز، وكان سفيراً لدى بعض الدول العربية، وكان أيضاً ممثل الأمم المتحدة في “أونروا”، عندما ألّف هذا الكتاب حذفت الرقابة في الخارجية الأميركية الكثير من المسائل وغيّرت عنوان الكتاب من “جمهورية كوردستان في مهاباد” إلى “جمهورية مهاباد”.

– كم عاشت “جمهورية كوردستان في مهاباد”، نحو أحد عشر شهراً؟

البارزاني: نعم تقريباً أقل من سنة وكان والدي قائداً للقوات المسلحة فيها، الأمر ليس انتقاماً بل تواصل لتحقيق الهدف.

– وشاءت المصادفة أن تولد أنت في مهاباد؟

البارزاني: أنا ولدت في 16 أغسطس/آب عام 1946 في مهاباد، بعد انهيار جمهورية كوردستان في مهاباد واستعادة الجيش الإيراني السيطرة على المنطقة، صارت هناك هدنة بين البارزانيين ومجموعة من الكورد الذين جاؤوا لمساعدة جمهورية كوردستان وبين الجيش الإيراني استمرت حتى الربيع كي يختاروا إما العودة إلى العراق أو الخروج من إيران إلى أي مكان آخر أو الاستسلام والسكن في مناطق بعيدة، وفي الربيع، اندلع القتال بين البارزانيين والجيش الإيراني وأصيب الجيش الإيراني بهزائم نكراء، وتقررت عودة العوائل والمسنين إلى العراق، أما والدي وبرفقة نحو 500 مقاتل شاب، فقطعوا في مسيرة تاريخية استمرت لمدة 53 يوماً المسافة من الحدود العراقية – الإيرانية إلى مدينة نقجيوان في جمهورية أرمينيا داخل الحدود السوفييتية، وخلال هذه المسيرة كانوا يدخلون أحياناً الأراضي الإيرانية وأحياناً الأراضي التركية واصطدموا مرات عدة خلال مسيرتهم مع القوات الإيرانية والتركية لكنهم واصلوا طريقهم.

– والتقيت والدك بعد 11 عاماً؟

البارزاني: والدي فارقنا في يوم 14 أبريل/نيسان عام 1947 حيث ودّع العائلة وانطلق، وعاد في يوم 6 أكتوبر/تشرين الأول عام 1958، بعد ثورة تموز.

– قبل نحو شهر استقبلت وفداً إيرانياً، فماذا طلب منكم؟

البارزاني: اللقاء كان ودياً جداً، وكان حسن دانائي فر، السفير الإيراني السابق في بغداد، يرأس هذا الوفد الذي حمل رسالة من طهران تدعو إلى التعاون والتنسيق، وأبدى الوفد الإيراني تحفظه على الاستفتاء، قائلاً إن توقيته غير مناسب ومن الأفضل أن تُحل المشاكل بين أربيل وبغداد والعودة إلى الدستور وحل المشاكل بالاستفادة من التجارب السابقة، وإن الأخطاء وقعت من قبل كل الأطراف، وقلنا لهم إن هذه المرحلة تجاوزناها وشرحنا لهم وجهة نظرنا.

– هل حملوا أي نوع من التحذير؟

البارزاني: أبداً، وتكلموا معي في اللقاء بلغة ودية جداً.

– فيما بعد هل تلقيتم تحذيراً من إيران؟

البارزاني: في الإعلام أحياناً، هذا المسؤول أو ذاك يصرّح مهدداً.

– استقبلتم أيضاً وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، فماذا قال لكم وماذا قلتم له؟

البارزاني: اللقاء أيضاً كان ودياً وصريحاً، ونقل وجهة نظر تركيا، وقال إن التوقيت غير مناسب، ونخشى أن تحدث مشاكل داخلية وأعرب عن تخوفه من أنه قد تقع حرب أهلية بيننا وبين المكوّنات الأخرى في العراق، وأن حرب «داعش» لم تنته بعد وربما يؤثر الاستفتاء على الوضع الأمني والاستقرار في المنطقة. وقال إنهم يعلمون أن الظلم وقع علينا في الإقليم وإن الدستور لم يطبق بشكل جيد، وإن من حق الإقليم أن يطالب بهذه الحقوق ولكن نرجو أن يكون ضمن العراق. أيضاً شرحنا لهم وجهة نظرنا وحالة الإحباط التي حصلت بعد أن فشلت كل المحاولات التي بذلناها لتأسيس شراكة حقيقية، واتفقنا على التواصل.

– هل شعرت بالقلق حين استقبل الرئيس التركي رجب طيب إردوغان رئيس أركان الجيش الإيراني؟

البارزاني أبداً، لم أشعر بأي قلق.

– هل من الممكن أن تعود الجغرافيا إلى معاقبة الأكراد؟

البارزاني: لا أعتقد، لأن الظروف تغيّرت والعالم تغيّر، الآن ليس زمن حلف السنتو (أي حلف بغداد) ولا الستينات ولا زمن حلف سعد آباد (معاهدة عدم اعتداء وقعتها تركيا، إيران، العراق وأفغانستان). الدنيا الآن غير تلك الدنيا.

– ألا يمكن أن نرى الإقليم محاصراً إيرانياً وتركياً وسورياً؟

البارزاني: كن واثقا ربما نحن نتضرر ونتأذى لكن هؤلاء سيتضررون ربما أكثر إذا لجأوا إلى مثل هذه الخطوة.

–  ماذا قال وزير الدفاع الأميركي في اللقاء معكم؟

البارزاني: هذه المرة الثانية التي التقي فيها ماتيس. المرة الأولى التقيته في مؤتمر الأمن في ميونيخ في فبراير (شباط) الماضي، وهذه المرة التقيته في أربيل. كان ضابطاً شاباً في القوات الأميركية التي جاءت إلى المنطقة عام 1991، لتوفير «المنطقة الآمنة»، أي إنه شخص مطلع. وفيما بعد، بين الأعوام 2003 – 2004 كان في الرمادي والفلوجة، وتسلّم مراكز قيادية مرتبطة بالمنطقة. وقد أبدى تقديراً عالياً وإعجاباً بالبيشمركة وقدّم تعازيه لعائلات الشهداء وأكد أنه لولا التنسيق بين الجيش الأميركي وقوات البيشمركة والجيش العراقي لما تحققت هذه الانتصارات في الموصل، وأكد على استمرار التعاون والدعم. وبخصوص الاستفتاء قال: نحن نتفهم حقوق شعب كردستان وطموحه، ونقر بأن لكم هذه الحقوق، ولسنا ضد مبدأ الاستفتاء، لكن في تصورنا الاستفتاء في هذا التوقيت سيخفف التركيز على الحرب ضد «داعش»، لذلك نرغب في إعادة النظر في الموضوع. شرحت له وجهة نظرنا وأن كل المحاولات التي بذلناها مع بغداد فشلت وقلت له نفس الكلام الذي قلته العام الماضي في بغداد للعبادي وللتحالف الوطني، وهو تعالوا لنعترف بفشلنا في بناء شراكة حقيقية ولنكن جريئين، ولنبحث عن صيغة جديدة، والصيغة الجديدة هي أن نكون جيراناً في أفضل حالات حسن الجوار، ونكون امتداداً وعمقاً لبعضنا، ونقيم أفضل العلاقات ونتعاون وأن يكون هناك تسريح بإحسان لا بالعنف بل بالعكس نتعاون على كل المسائل، فهذا أفضل من أن نستمر في ممارسة تجربة فاشلة لم ترتاحوا فيها أنتم ولا نحن ارتحنا. لماذا نستمر في وضع تعذبنا كلنا منه؟ هذا ليس منطقياً. والحقيقة أنهم كانوا منفتحين، لكن ربما تصوروا أنها ورقة ضغط، أو ليست المسألة جدية. الكثيرون كانوا يتصورونها هكذا. التقيت خلال تلك الزيارة كل القيادات العراقية بما فيها كل التنظيمات الشيعية في التحالف الوطني، ولم التق نوري المالكي. الموضوع كان جدياً، فأنا منذ عام 2008 توصلت إلى قناعة أن عقلية التفرد بالحكم والسلطة واحتكارها وعدم قبول الآخر لا تزال هي العقلية السائدة في بغداد أياً كان الحاكم. وأول مرة حذّرت من ذلك عام 2012 وقلت إن العراق يسير إلى الهاوية وإن الوضع خطير جداً ما لم يُتدارك، لكن لم يهتم أحد. قسم تحدث عن وجود خلاف شخصي، أنا ليس لدي خلاف شخصي مع أحد، لكن أنا أرى الصورة.

– قلت هذا الكلام للعبادي والأطراف العراقية في عام 2016؟

البارزاني: نعم في عام 2016، لأنني لم أزر بغداد في عام 2017.

– هل لديك شعور بالخيبة من بغداد ما بعد صدام حسين ومن فكرة الدولة المدنية؟

البارزاني: أنا محبط بشكل كبير بعد عام 2003، في البداية الكل يعرف أننا قمنا بعمل كبير في التهيئة لإسقاط النظام عام 2002 والاشتراك في العمليات العسكرية، ولسنا نادمين، لكننا كنا نتصور أننا سنحصل على فرصة مناسبة أو فرصة العمر في عراق جديد، عراق مبني على المحبة والتآخي عراق ديمقراطي فيدرالي، وبذلنا جهوداً كبيرة في سبيل تحقيق هذا الهدف من مجلس الحكم إلى موضوع الدستور وصياغته ومن ثم التصويت على الدستور، ولولا شعب كردستان ما كان الدستور سينجح. هيأنا الأجواء وقمنا بدور كبير، وعندما فاز الدستور في الاستفتاء قلنا: الحمد لله، الآن أصبح كل طرف يعرف حقوقه وواجباته. ولكن بعد فترة رجعنا مرة أخرى إلى المزاج الشخصي وإلى احتكار السلطة. النقطة الرئيسية أو عمود الاتفاق الذي صار بيننا وبين الأطراف الأخرى هي الشراكة الحقيقية، وطبعا هم أنهوا هذه الشراكة بالكامل. وهناك نقطة مهمة أخرى هي أننا اتفقنا على تشكيل دولة مدنية ديمقراطية، ومن الواضح جداً أنه يوماً بعد يوم اتجهت الدولة نحو أن تكون دولة دينية طائفية في بغداد. هذا هو الواقع لمن يريد أن يرى، ولمن لا يريد أن يرى فذلك شأنه. حرّكوا ضدنا الجيوش وقطعوا ميزانية الإقليم. كيف يمكن فعل ذلك حتى لو كانت هناك خلافات بين الإقليم وبين بغداد؟ لنفرض أن التقصير من الإقليم، ولكن كيف يجوز لرئيس وزراء أن يقطع، بجرة قلم، رزق شعب بكامله، ويقطع حليب الأطفال؟ هذه عملية أنفال بشكل آخر.

– يعني أن المالكي نفّذ الأنفال بطريقة أخرى؟

البارزاني: نعم المالكي نفذ الأنفال بطريقة أخرى وأبشع، ولم نسمع أي صوت لا من قيادة دينية أو من أحزاب سياسية شيعية في العراق، يعترض على هذه الجريمة التي ارتكبها المالكي بحق شعب كردستان. تنفيذ المادة 140 كان من المفروض أن تنفذ هذه المادة في عام 2007 لكنها لم تنفّذ وأهملوها بالكامل، وتبجحوا بأنهم أحبطوا هذه المحاولة الخبيثة من قبل الكرد وأن المادة 140 ماتت. حصة البيشمركة من السلاح ومن الموازنة – باعتبار البيشمركة جزءاً من منظومة الدفاع للقوات العراقية – لم يصلنا طلقة واحدة ولا دينار واحد. حتى حصة البيشمركة من الأسلحة، وبحسب الاتفاق الثلاثي بيننا وبين أميركا والجيش العراقي، لم نحصل عليها، لأن المالكي احتجزها في مخازن قريبة من منطقة التاجي بين سامراء وبغداد، ووقعت بيد «داعش». حاربونا محاربة حقيقية، حتى في الحرب مع «داعش» لم يقدموا لنا المساعدة، نحن الذين قدمنا المساعدة للجيش العراقي، وسمحنا له أن يأتي إلى الموصل، وفتحنا له كل المنافذ (للوصول إلى هناك). دمّرنا الخط الدفاعي الأول لـ«داعش» وقلنا للجيش العراقي: تفضل. والتزمنا بالاتفاق الذي اتفقنا عليه وهو كيف تكون الخطة وكيف تنفذ ودور كل طرف في الخطة (من أجل تحرير الموصل). وحتى في هذه العملية حدثت خروقات، ليس من طرف الجيش بل من قبل أطراف من الحشد الشعبي. لقد تفاجأت من التعاون الوثيق والانسجام الذي تحقق بين الجيش العراقي والبيشمركة خلال فترة أسبوع أو أسبوعين من انطلاقة عملية تحرير الموصل، فالجانبان كانت بينهما حرب لمدة تراوحت ما بين 50 – 60 عاماً. صحيح أن هؤلاء الشباب هم من الجيل الجديد لكنهم من نفس المدرستين (المختلفتين). هناك تنسيق جيد حتى الآن، وسنؤسس على هذا التنسيق في المستقبل. وأياً كانت التطورات، لا نريد أن نصطدم مع الجيش الذي ننسق ونتعاون معه. لكن ذلك لا يلغي حقيقة أن البيشمركة لم تحصل على أي مساعدة (من الحكومة المركزية في بغداد) وتم قطع ميزانيتها. لم تُحل أي مشكلة من المشاكل (بين الإقليم وحكومة بغداد). لقد صفّوا المراكز الحكومية من الكرد. هناك 55 مادة دستورية سجّلنا خرقها من قبل بغداد، وسنعطيهم نسخة من هذه الخروق.

– ألم يغيّر مجيء العبادي هذا الاتجاه؟

البارازاني: أنا متأكد أن العبادي يرغب في حل هذه المشاكل. العبادي يختلف عن غيره، لكن هناك عقبات كثيرة وعوائق أمامه. علاقتي به جيدة وهناك اتصال مستمر بيننا، لكنني توصلت إلى قناعة أن العبادي لا يستطيع أن ينفّذ ما يعدنا به، لأسباب خارجة عن إرادته.

– هل هناك دول تريد أن تبقوا في العراق لعمل القليل من التوازن مع هذا الاتجاه إلى بناء دولة دينية في العراق؟

البارزاني: لا، هذه المحاولات فشلت. أمامنا تجارب الشعوب الأخرى في الاتحاد، نحن كنا دولة مستقلة في عام 2003، نحن الذين ذهبنا إلى بغداد، والآن أقول إننا أخطأنا في ذلك. نحن ذهبنا لتأسيس عراق فدرالي ديمقراطي باتحاد اختياري، لكن بغداد هي التي رفضت وتوصلنا إلى قناعة أننا لسنا مرغوبين في بغداد، إما أن نذهب مواطنين من دون حقوق أو من دون مواقف، لذا فكّرنا أننا أمام ثلاث خيارات: إما أن نستسلم ونتخلى عن كل هذه المكاسب، أو نستمر في تجربة فاشلة لمدة 100 سنة، أو ربما ندخل في قتال، وهذا ما لا نرغب فيه، أو نبحث عن صيغة جديدة. ما هي الصيغة الجديدة؟ نحن جربنا اللامركزية وجربنا الحكم الذاتي وجربنا الفيدرالية، لكن المشكلة في العقلية وفي الثقافة. العقلية الحاكمة مع الأسف الشديد لدى الأكثرية العظمى في بغداد هي أنه يجب أن تتحكم بغداد في كل صغيرة وكبيرة. لا يقبلون بالآخر ولا بالشراكة. يدّعون ذلك، لكن عملياً لا يقبلون بذلك. شعب كردستان توصل إلى قناعة أنه يجب أن نصل إلى صيغة جديدة والصيغة الجديدة هي أن نصبح جيراناً.

– هل التعايش العربي – الكردي فشل داخل خريطة العراق؟

البارزاني: نعم وبكل صراحة تجربة فشلت.

– ألم يكن أمام هذا الزواج العربي – الكردي داخل خريطة العراق إلا الطلاق؟

البارزاني: لم يبق حل آخر. بذلنا المستحيل لئلا تصل الأمور إلى هذه النقطة، ولكن مع الأسف وصلت.

– ماذا ستفعلون إذا أعلنت غداً نتائج الاستفتاء وقطعت بغداد علاقاتها الكاملة مع كردستان؟

البارزاني: هم في بيتهم ونحن في بيتنا.

– هل لديكم القدرة الاقتصادية على تحمل إغلاق الحدود من قبل دول أخرى؟

البارزاني: حسبنا حساب كل هذه المسائل، بما في ذلك تهديدنا بغلق الحدود وقطع العلاقات. كل طرف حر في اتخاذ قراراته، لكن أقول مرة أخرى: إذا اتفقت هذه الأطراف على إيذائنا أو على القضاء علينا، فبالتأكيد هم أيضاً سيدفعون ثمناً باهظاً.

– ماذا ستفعل إذا قرر «الحشد الشعبي» استرجاع كركوك؟

البارزاني: أولاً نحن مستعدون للتفاوض مع بغداد حتى بعد الاستفتاء على موضوع الحدود بما فيها كركوك، لكن كركوك مدينة كردستانية، هويتها هوية كردستانية، ومستعدون أن نجعل منها نموذجاً يحتذى به في التعايش القومي والديني والمذهبي. لكن أي قوة تفكر في أن تسترد كركوك بالقوة سيواجهها كل شعب كردستان المستعد للموت إلى آخر شخص للدفاع عنها.

– تقول: سنموت من أجل كركوك إذا حاول أحد استردادها بالقوة؟

البارزاني: طبعاً، لكننا منفتحون، فكركوك ليست مدينة كردية فقط. كركوك هي للكرد وللعرب وللتركمان وللمسيحيين، ويجب أن يتفاهموا ويتفقوا فيما بينهم. حتى بالنسبة إلى كل كردستان، لا نريد أن تكون هناك دولة مركزية وإنما نظام يكون أشبه بنظام فيدرالي داخل كردستان، بحيث تكون لكل محافظة حكومتها المحلية وبرلمانها المحلي والعاصمة تكون في أربيل، وكذلك المسائل السيادية كالجيش والسياسة الخارجية والسياسة المالية. أما في المسائل الأخرى، فهذه المحافظات هي التي تدير نفسها، ولا يجوز أن نفكّر في حكم مركزي متسلط، بالعكس يجب أن نكون منفتحين تماماً.

– في عام 1991 قال لك صدام إنه يعرف أن كركوك كردية؟

البارزاني: نعم، قال أنا لا أقول إن كركوك ليست كردية، بل هي مدينة كردية، ولكن هي قاعدة اقتصادية جاهزة لبناء دولة، لذلك لن نوافق على ضم كركوك لمنطقة الحكم الذاتي.

– هل هذا الحديث جرى عندما استبدل صدام قدح الشاي الذي أمامكم بقدحه؟

البارزاني: نعم في نفس اللقاء.

الشرق الأوسط: هل لديك مرارة من المالكي، كونك اعتبرت أن ذهاب صدام سيحل المشكلة، لكن ظهر أن المشكلة ليست في صدام فقط؟

البارزاني: هذا ما كنا نتصوره، لكن فيما بعد اكتشفنا أنه لا، وأنه بذهاب صدام لا تنتهي المشاكل. بل بالعكس، واجهنا مشاكل أمرّ، ورأينا طعناً من الخلف من أناس كنا نعتبرهم حلفاءنا. نحن حاربنا صدام وحاولنا إسقاطه، وربما سماع كلمة طيبة من صدام كان غريباً بالنسبة لنا.

– هل إسرائيل هي الدولة الوحيدة التي أعلنت تأييدها بصراحة للاستفتاء على استقلال كردستان؟

البارزاني: نعم هذا صحيح، وأنا أشكر مواقف الدول العربية أيضاً، وبالمناسبة مواقف الدول العربية أفضل بكثير من مواقف الدول الأوروبية وأميركا. ليست هناك ردود استفزازية من قبلهم، والكل يعترفون بحق الشعب الكردي، حتى وصلتني رسالة معقولة جداً من الأمين العام للجامعة العربية. مواقف الدول العربية مواقف متوازنة.

– هل سيكون هذا أول تعديل للخرائط في المنطقة منذ قيام إسرائيل؟

البارزاني: صحيح، وحدث ذلك أيضاً في جنوب السودان.

– هناك من يعتقد أن الأكراد إذا أصبحوا دولة وعاشوا لوحدهم سيواجهون ما واجهه جنوب السودان وتفرغوا للمرارات الكردية والاقتتال؟

البارزاني: هذا ليس صحيحاً. الكرد أثبتوا جدارتهم وكفاءتهم منذ عام 1991 عندما أتيحت لهم فرصة بسيطة لإدارة منطقتهم. ورغم المشاكل الداخلية، لا يمكن أن يُقاس الوضع في كردستان بجنوب السودان.

– قلتم إنكم أخطأتم في 2003 عندما ذهبتم مختارين لتجديد الشراكة مع بغداد رغم أن كردستان كانت شبه مستقلة، بفضل مناطق حظر الطيران والمنطقة الآمنة التي أعلنت عام 1991 بحسب قرار مجلس الأمن. الإقليم أُعلن في عام 1992 والدستور العراقي صوّت عليه عام 2005؟

البارزاني: لكن لم يُعمل بهذا الدستور. لو طُبّق هذا الدستور لما واجهنا هذه المشاكل ولا هذه التطورات.

– كيف هو الوضع الاقتصادي في كردستان حالياً؟

البارزاني: ليس سهلاً، لكن هناك أملاً بتجاوزه وإصلاحه.

– مع إعلان نتائج الاستفتاء في ليلة 25 سبتمبر أو صباح 26 سبتمبر، ماذا سيفعل مسعود بارزاني؟

البارزاني: لأول مرة سيعبّر شعب كردستان عن رأيه بحرية ويقرر مصيره. هذه رسالة إلى العالم وإلى بغداد وإلى المنطقة. هذا هو قرارنا. تعالوا نبحث على أساس هذا القرار عن العلاقة المستقبلية. إذا رأينا أن هناك استعداداً وتجاوباً فأهلاً وسهلاً، أما إذا لم يكن هناك استعداد وتجاوب فسنعلن عن الدولة. وإذا كان هناك تفاوض فسنتفاوض للوصول إلى تفاهمات، وهذا الذي نرغب فيه. نحن لا نريد أن يكون هناك تحدٍ، لا من قبلنا ولا من قبلهم، لكن لن نتراجع.

– ليس لديك قدرة على التراجع أم لا تمتلك الرغبة في التراجع؟

البارزاني: ليس لدي رغبة ولا يمكن أن أسمح بخسارة تاريخي النضالي كله، كيف أتراجع؟

– هل تعتقد أنك تضع نفسك شخصياً في دائرة الخطر عندما تقود كردستان في هذا المنعطف؟

البارزاني: أنا مستعد في كل لحظة أن أضحي بحياتي في سبيل هذا الهدف، ولا أفكر في مصيري وبحياتي.

– هل حاول «داعش» أن يغتالك؟

البارزاني: حاول «داعش» اغتيالي واغتيال كل شعب كردستان. حقيقة هم ما كان بإمكانهم الوصول إلي. بذلوا محاولات كثيرة، لكنهم كانوا يعلمون أنه ما كان في استطاعتهم الوصول إليّ. لكن حدث الكثير من المحاولات في الجبهة من خلال القصف والمفخخات.

– كم بقيتم في جبهات القتال؟

البارزاني: أكثر من سنة ونصف، إلى أن حررنا كل المناطق وأبعدنا خطر «داعش» عن المدن والمواقع الرئيسية واسترددنا المواقع الأساسية كسنجار وزمار ومخمور وجلولاء ومناطق أخرى، وعدت أنا إلى مقري الرئيسي.

– كم عدد شهداء البيشمركة؟

البارزاني: 1779 شهيداً، أما الجرحى فبلغ عددهم 10158 جريحاً.

– هل أعطت الحرب مع «داعش» المزيد من الشرعية للبيشمركة لإعلان الاستقلال؟

البارزاني: من دون شك.

– ما دور الجيش العراقي في منع «داعش» من اجتياح إقليم كردستان؟

البارزاني: الآن من الممكن أن نتحدث عن الجيش العراقي، لكن قبل الآن كان «جيش المالكي»، وهو الجيش الذي انهار والجيش الذي تعب عليه «الناتو» مدة عشرة أعوام انهار خلال عشر ساعات، بل هو الذي سلّم كل المناطق وترك سلاحه ومعسكراته وسلم كل هذه الإمكانات إلى «داعش». البيشمركة هم الذين قاتلوا «داعش» وبإسناد من قوات التحالف وأميركا بالدرجة الأساسية. قوات البيشمركة هي التي أنقذت المنطقة وهي التي حطمت أسطورة «داعش».

– قلتم لنا في لقاء سابق إن المناطق التي عادت بالدم لن تعيدوها لأحد؟

البارزاني: طبعاً، أقولها الآن أيضاً، فهي مناطقنا الكردستانية، وعندما وافقنا على المادة 140 ليس لأننا كان لدينا شك على هوية هذه المناطق، لكننا قلنا نعم لتحل هذه المشكلة الدستورية، فطالما هم أهملوا الدستور وهناك من ادعى في بغداد أن المادة 140 ماتت، إذن إحياء الموتى أمر صعب.

– هل هناك أسرى لـ«داعش» لدى الإقليم؟

البارزاني: نعم يوجد.

– هل كركوك وكل المناطق المتنازع عليها مشمولة بالاستفتاء؟

البارزاني: هذا يتوقف على المجالس المحلية. إذا هم طلبوا، طبعاً سيشملون بالاستفتاء، أما إذا لم يطلبوا فلن يُشملوا.

– وستظل بوصفها متنازعاً عليها؟

البارزاني: خاضعة للتفاوض.

– ماذا عن كركوك، هل طلبت ذلك؟

البارزاني: هناك اجتماع لمجلس محافظة كركوك اليوم، إذا قدموا طلباً بذلك، فنحن سنلبي طلبهم.

– ما هو وضع المكوّن العربي السني، هل خروج كردستان من الخريطة العراقية سيضاعف تهميشه؟

البارزاني: المكوّن السني ارتكب أخطاء منذ البداية، والآن هم في وضع صعب. نحن مستعدون لمساعدتهم، لكن يجب في الأول أن يساعدوا هم أنفسهم. العرب السنة الموجودون في الإقليم حالهم حال الكرد، ونتعهد أنه لن يكون هناك تمييز بين العربي والكردي. أما العرب الموجودون خارج الإقليم فنحن مستعدون لمساعدتهم، لكن يجب أن يقولوا لنا ما هو نوع المساعدة.

– هل زارك العرب السنة بعد 2003 ونصحتهم بتأسيس إقليم؟

البارزاني: ليس مرة واحدة بل زاروني ثلاث مرات. فبعد سقوط النظام لاحظنا أن هناك إرباكاً في حالة السنة. ولبناء عراق جديد وعلى أساس شراكة حقيقية بين كل المكونات، بادرت إلى توجيه دعوة إلى شيوخ عشائر وشخصيات أكاديمية ووجهاء المناطق السنية للاجتماع في أربيل. وتكرر هذا الاجتماع ثلاث مرات، وقلت لهم إن العراق تغيّر والمنطقة تغيّرت والعالم تغيّر، وعليكم أيضاً أن تغيّروا عقولكم. أولاً، لا يمكن لأي جهة أو أي حزب أو طائفة أن يعمل على الاستفراد بالحكم في العراق، وهذا ما كنا نتوقعه فعلاً، وقلت لهم إنكم إذا كنتم تتوقعون أن الكرد والشيعة سيتحالفون ضدكم، فانا أعطيكم وعد شرف بأننا لا نسمح بذلك. أما إذا كنتم تتصورون أنتم أنه من رئيس الجمهورية إلى الشرطي القرار سيكون بيدكم، فلو قبل الكرد والشيعة بذلك فأنا لا أقبل.

قلت لهم أنتم رفضتم أن نكون شركاء، لكن تعالوا ندعُكم إلى بناء العراق على أساس الشراكة. قسم منهم ممن شعروا بالمسؤولية استوعبوا الوضع الجديد، ولكنهم كانوا يخافون من المزايدات أو ربما من الاغتيال. قسم آخر منهم لم يقبلوا أصلاً أن يفكّروا في الموضوع لأنهم لا يزالون تحت تأثير ثقافة الحزب الواحد والحزب الحاكم. وقسم آخر منهم كانوا في عالم آخر، ولم يستطيعوا خلال المرات الثلاث من تنظيم أنفسهم، ولم تتشكل لهم قيادة تستطيع أن تقودهم، حتى في فترة مناقشة الدستور كانت هناك مواقف متباينة منهم. وحقيقة، هم آذوا أنفسهم أكثر من أي جهة أخرى. أما الآخرون فاستغلوا الفرصة. الشيعة، في البداية بعد سقوط النظام، كانوا شاكرين لو أن السنة يقبلون بالفيدرالية، وحتى فترة التصويت على الدستور عام 2005 (كان الوضع مستمراً على هذا المنوال). ومن ثم رأوا أن السنة بدأوا يفقدون نفوذهم ومناطقهم التي أصبحت حاضنة للإرهابيين، وتعرضت للضرب من قوات التحالف. والحقيقة أن السنة خسروا خسارة كبيرة وفقدوا الفرصة.

– هل نصحتهم بإنشاء إقليمهم؟

البارزاني: نعم، لكنهم قالوا: نحن مع الوحدة العراقية. والحقيقة أن السنة هم الذين دفعوا الثمن. انظر إلى الدمار فكله في المناطق السنية. «داعش» دمّر بيوتهم ومدنهم، وهذه نتيجة السياسة الخاطئة. بعد ذلك فتحنا لهم أبواب الإقليم عندما تعرضوا إلى الظلم والعدوان. وحاليا هناك أكثر من مليون ونصف مليون نازح غالبيتهم من السنة، وهناك شيعة أيضاً موجودون في الإقليم، وقد انسجموا مع المجتمع في كردستان انسجاماً كبيراً. نحن مستعدون لمساعدتهم وإذا قرر السنة إقامة إقليم في العراق فنحن سنؤيدهم.

– وهل ما زال هذا ممكناً؟

البارزاني: لم لا؟ الآن السنة يريدون إقليماً، لكن الآن الشيعة لا يقبلون. لقد اجتمعت مع الكثير من العرب السنة الذين تقع مناطقهم ضمن إقليم كردستان، وكلهم يؤيدون البقاء مع إقليم كردستان.

– هل هناك دولة شيعية تتكون في بغداد؟

البارزاني: هذا هو الواقع.

– هل هذه الدولة الشيعية تقودها إيران؟

البارزاني: نفوذ إيران كبير جداً، لا أستطيع أن أقول إنها تديرها بالكامل أو أصبحت جزءاً من إيران، لكن نفوذ إيران كبير.

– ماذا عن النفوذ الأميركي؟

البارزاني: النفوذ الأميركي في بغداد أقل بكثير من النفوذ الإيراني، بحسب تصوري.

– وكيف تقدّر نفوذ إيران في الإقليم؟

البارزاني: لا أستطيع أن أقول إنه ليس هناك نفوذ إيراني. لكن في الحقيقة، وأنا أبلغت الإيرانيين به بكل صراحة، نحن نريد علاقات طيبة، علاقات حسن الجوار والمحبة والمصالح المشتركة، ولكن قد نتقاطع معكم أو قد نتفق معكم، القرار هو قرارنا وهو لن نسمح لكم بمصادرة قرارنا، ولن نسمح لأي دولة أخرى بأن تصادر القرار الكردي. قرار كردستان العراق موجود في كردستان العراق. الشعب الذي ناضل من أجل حريته وقدم الشهداء كيف يجوز أن يسلم قراره إلى أي دولة؟

– كيف ترى الوضع في سوريا؟

البارزاني: أرى فوضى، لكن حالياً هناك بعض الملامح الجديدة التي اتضحت، لكن الأسد سيبقى، والنظام لم يسقط. يبدو أن هناك اتفاقاً روسياً – أميركياً جزء منه واضح والجزء الآخر سري لا يعلمه أحد. والنفوذ الإيراني موجود في سوريا، وتركيا على الحدود. فمثلاً في العراق على رغم وجود خلافات بيننا وبين بغداد، فإن الجبهة واضحة وهي أننا جميعا في جبهة واحدة ضد الإرهاب. والتحالف الدولي متماسك ومنسجم ويقدم الدعم، لكن في سوريا المعارضة مختلفة مع بعضها، وصحيح أن هناك نظاماً إلا أن قوى أخرى تحرك الساحة وهي روسيا وإيران، وهناك خلاف بين أميركا وروسيا في بعض المناطق واتفاق في مناطق أخرى. وهناك اتفاق إيراني – تركي – روسي، وهناك اتفاق أميركي – روسي. الحقيقة أن هناك فوضى.

– الحدود بين إقليم كردستان وسوريا، من يسيطر عليها في الجانب الآخر؟

البارزاني: هناك القوات الكردية والقوات السورية في هذه المناطق، وهناك تنسيق فيما بينها.

– هل سيكون لديكم مشكلة إذا عاد نظام الأسد ليحكم كل سوريا غداً؟

البارزاني: هذا القرار للسوريين، وليس لنا علاقة بالموضوع، إذا الشعب السوري قرر أن يحكم الأسد فأهلاً وسهلاً.

– كيف هي علاقاتكم مع الروس؟

البارزاني: علاقاتنا جيدة، والموقف الروسي من الاستفتاء متوازن جداً.

– هل لديكم أي اتصال مع نظام الأسد؟

البارزاني: لا أستطيع أن أقول إن هناك اتصالاً. ليس هناك اتصال رسمي ومباشر. حدث لقاء قبل نحو عامين أو ثلاثة، مع شخصية سورية رفيعة المستوى.

هناك ما تسمى بقوات سوريا الديمقراطية وهي مدعومة من قبل أميركا، وتحارب في الرقة، وهم يستفيدون من هذا الوضع واستفادوا سابقاً من دعم النظام، ومن الاتفاق السري بينهم وبين النظام، واضطهدوا الأكراد الآخرين غير المتفقين معهم سياسيا. الآن يستفيدون من الدعم الأميركي لمواصلة هذا الاضطهاد. الشعب الكردي في سوريا مقسم، جزء منه يحارب مع أميركا وسابقاً كان مع النظام، والقسم الآخر يتعرض إلى الظلم، والآخرون يغضون الطرف عن هذه الممارسات الديكتاتورية الظالمة لأنهم يستخدمونهم في القتال ضد «داعش» في الرقة.

– هل تخشى أن تدخل تركيا إلى الأراضي السورية وتوجه ضربة كبيرة للأكراد؟

البارزاني: لا أتوقع ضربة كبيرة ولا تدخل، لكن من الممكن أن تكون هناك مناوشات، وخروقات للحدود.

– هل هناك اتصالات بينكم وبين صالح مسلم؟

البارزاني: منذ فترة طويلة لا توجد اتصالات، بعدما استمروا في سياستهم الخاطئة وفي اضطهادهم للتنظيمات الكردية الأخرى، ونكروا الجميل. انتهت العلاقة معه.

– هل سيلهب إعلان الاستقلال في كردستان مشاعر الأكراد في الدول المجاورة؟

البارزاني: سيكون له تأثير، لكن عملياً أرى أنه سيكون بالعكس، وسيكون هناك تأثير إيجابي مستقبلاً، ونشجعهم على سلك طريق السلام والمفاوضات والأساليب الديمقراطية للتوصل إلى حلول في دولهم. فلكل جزء خصوصياته، لكننا نريد للكرد في كل هذه الدول أن يحصلوا على حقوقهم بطرق سلمية، وسنعمل من أجل ذلك.

– ما طموحاتك؟

البارزاني: في اليوم الذي حملت فيه السلاح في 20 مايو/أيار 1962 لم أكن أتوقع أن أعيش لحد هذا اليوم، لكن عندما حملت السلاح كان هدفي أن أرى كردستان مستقلة، الآن أنا مسرور جداً ومتفائل لأننا قطعنا شوطاً كبيراً، في اللحظة التي سيعلن فيها استقلال كردستان أعتبر أنني أديت رسالتي.

– هل سنكون مدعوين؟

البارزاني: أنتم مدعوون دائماً إلى كردستان.

– أتعتقد أن كردستان ستنعم بالاستقلال في 2017 أم في 2018؟

البارزاني: لنرَ الاستفتاء ونتائجه.

– هذا منعطف كبير العمل بالخرائط في المنطقة؟

البارزاني: أولاً هي خرائط مصطنعة، وليست طبيعية، انظر إلى تجارب الشعوب الأخرى في تشيكوسلوفاكيا، وفي البلقان وفي الاتحاد السوفياتي، لماذا فقط في كردستان نعتبر أننا اقترفنا جريمة لأننا نريد أن نعبّر عن رأينا، وشعبنا يريد أن يقرر مصيره؟

 -هل تعتقد أنك على وشك أن تحقق ما تعذّر على ياسر عرفات تحقيقه؟

البارزاني: أعتقد أن ما تحقق هنا يختلف عما تحقق هناك، أولاً من ناحية الجغرافيا، وليس من الصواب أن نقارن وضع كردستان بفلسطين، فالوضع مختلف. وأنا أدين لعرفات بأنه قدم لي مساعدة في وقت كنت فيه بحاجة إلى تلك المساعدة عندما تعرضت إلى محاولة الاغتيال في النمسا عام 1979، فهو أنقذني.

– ألست متوتراً؟

البارزاني: أنا لست متوتراً أبداً، إذا ظللنا ننتظر القدر، فهذه مجازفة ستكون أخطر مائة مرة من الإقدام على هذه الخطوة (الاستفتاء).

التعليقات مغلقة.