بقلم فهد المصري *
بالتزامن مع ركون البعض ومن المتعبين لفرضية ووهم بقاء الأسد وإعادة تأهيله، تسلمت أجهزة غربية عبر وسيط من الدائرة الضيقة المحيطة بالأسد لائحة بأسماء شخصيات عسكرية وأمنية ومدنية للتضحية بهم كقرابين يتم تحميلهم المسؤولية عن عدد من جرائم الحرب والمجازر ضد الإنسانية مقابل تبرئة وإعادة تأهيل الأسد ونظام حكمه وتحميل أطياف مختلفة من المعارضات المسلحة وزر ومسؤولية باقي الجرائم لتكون النتيجة تعادل بعد مقتل أكثر من مليون مواطن ودمار سورية وتشرد أكثر من نصف الشعب السوري.
إعادة تأهيل الأسد وهم كبير بعد حالة الاهتراء التراكمي الكبيرة التي أصابت تنظيمه وحجم الخسائر الفادحة التي تكبدها أنصاره. الموالاة قبل الصامتين والمعارضين يعلمون أن الأسد لم يعد يمتلك شيئاً على الأرض وأن الميدان يسيطر عليه الإيرانيون وأدواتهم والروس وأن المعتوه مجرد صورة يتم التمسك بها بشكل خاص من الإيرانيين لشرعنة وتبرير وجودهم على الأراضي السورية لكن سرعان ما سيتم تمزيق هذه الصورة ودفنها بالتراب.
ربما ونظراً لسفالة ونذالة ما يسمى المجتمع الدولي يتم تركيب حكومة من بعض الانتهازيين مع تنظيم الأسد لبضعة أشهر قبل أن تسقط لكن أستطيع أن أؤكد وبثقة واقول انهم يحفرون قبورهم بأيديهم وسيكونوا بجوار بشار في مقبرة واحدة أن بقي منهم شيء يدفن لأن السوريين سيلفظونهم كما لفظوا الأسد فالحيوان لا يصبح أسداً إلا إن كان محيطه من الجرابيع ومن يصفق للأسد اليوم سيصفق لمن بعده.
لن تستطيع أي حكومة مع الأسد أو من دونه ان تغير من الواقع شيء فالمشكلة لا تحلها مشاركة. بعض الاراجوزات بالسلطة بل تحتاج لمجلس عسكري انتقالي يمتلك الدعم والإمكانيات تساعده حكومة خبراء مستقلين وبرلمان انتقالي تشارك فيه كل ديوك ودجاجات وصيصان المعارضات في الداخل والخارج.
الحبل بدأ يلتف حول رقبة عبد الله صالح في اليمن والأسد بعد صالح ولا أشك أن هناك ترابطاً في مصير المعتوهين صالح والأسد.
واهم من يظن أن القادم أسوأ لأننا عشناه جميعا كسوريين معارضين وصامتين و(موالين). مهما كان القادم لن يكون أسوأ أو أكثر سوءا مما مضى بل سيتيح قادم الأيام مع ما سموه وقف إطلاق النار والهدن وتخفيف التصعيد ستتيح للجميع البدء باستيعاب ما مضى من الأسوأ والبدء بإدراك حجم وهول الكارثة لأن أغلب السوريين لم يدركوا ولم يستوعبوا بعد بأننا بلغنا أقصى درجات الألم والمعاناة وأن استيعابنا للألم في السنوات الماضية توقف لأننا أصبحنا شبه مخدرين من كثرة المصائب والآلام.
يتشاءم ويحبط البعض أنه تم قطع الدعم عن المعارضة والفصائل المسلحة في حين أنه يجب أن نغتبط ونبتهج فالعسكرة والأسلمة والتي عمل عليها تنظيم الأسد وإيران لم تكن إلا وبالاً على ثورة السوريين ولم يدخل السلاح والمال إلا لأجندات ومصالح وأهداف الداعمين فتقاطعت مصالحهم في التسليح والعسكرة مع مصلحة تنظيم الأسد الذي سعى وبجهد كبير لصناعة وامتلاك منظومة الأسباب في العسكرة والإفساد ثم الأسلمة للقضاء على الحراك الشعبي السلمي.
عندما ثار الشعب السوري في مواجهة أعتى أنظمة القمع لم يكن يحمل سلاحا ولم ينتظر دعم الدول ولم يكن بحاجة إلى تحفيزات العرعور وعراعيره لقرع الطناجر لتصدح الحناجر وأوجعت مظاهرات السوريين تنظيم الأسد وحلفائه وقضت مضاجعهم وتآمروا عليها وصنعوا كل الموبقات للدفع نحو عسكرتها ومن ثم أسلمتها للقضاء عليها وجعلونا في مواقع أخرى ومطالب أخرى بعد عمليات التدمير والتهجير والدعشنة.
يعترف بشار الأسد في خطابه الأخير أن أخطر سنة كانت السنة الاولى اي ان المظاهرات السلمية بشهورها السبعة فعلت فعلها واجزم ان هذه العبارة كانت العبارة الوحيدة الصادقة في خطابه وهذا يعني انه لم يكن قلقا من داعش وأخواتها لأن تنظيمه صنعها بعناية.
لو كنا نحن كسوريين صادقين مع أنفسنا لخرجت كل المحافظات في المظاهرات دفعة واحدة وأفقدت حكم الأسد توازنه وسقط بدلأ من ان تتظاهر هذه المدينة فتتفرج مدن أخرى عليها كيف تدك وتدمر ويقتل ويعتقل المتظاهرون وعلينا ان نعترف ان المشكلة اساساً فينا. وهناك أمثلة كثيرة يعرفها الجميع فلو كنا صادقين لما تفرد تنظيم الأسد بالمدينة تلو الأخرى ولما امتلك الوقت للتفكير بالتفنن بأنواع القتل والتدمير واختلاق وتصنيع عصابات متأسلمة والاستعانة بحلفائه ودواعشه.
إن الهدن ووقف إطلاق النار ليست في مصلحة الأسد ولا إيران وأدواتها لأن الحرب سر بقائهم فلو توقف إطلاق النار ستبدأ مشاكل عميقة من نوع آخر ستواجههم وسيكون تنظيم الأسد أمام استحقاقات هو عاجز عنها أمام السوريين وهو مضطر بقبول أن يقوم أهالي كل منطقة بحماية منطقتهم لأنه لم يعد يمتلك القدرات البشرية والمالية وهذه المناطق التي ستتخلص من هيمنة الجماعات الإسلامية المسلحة ستعود للمظاهرات من جديد.
سيرحل الأسد وستطوى صفحة عهد أسود ولكن ماذا أعددنا جميعاً لنستحق نظاماً جديداً على مستوى حجم التضحيات والمعاناة وعلى مستوى أهمية سورية وتاريخها وحضارتها؟
من الصحيح أن المجتمع الدولي تآمر على السوريين وثورتهم لكن الصحيح أيضاً أننا تآمرنا على أنفسنا لذلك لم ننتصر حتى الآن فلا يغير الله ما بقوم حتى …. أليس كذلك.
* فهد المصري: رئيس المكتب السياسي في جبهة الإنقاذ الوطني في سورية
المقالات المذيلة بأسماء أصحابها لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
خاص لإعلام – ENKS مكتب تركيا
شيرزان علو
التعليقات مغلقة.