لو قلبنا صفحات التاريخ سنجد أن المرأة كانت مضطهدة و مسلوبة الحقوق وكانت تعامل كجارية بسبب عادات وتقاليد المجتمع الذكوري البالية و العقلية الهمجية النتنة .
وحُرمت من أبسط حقوقها كالتعليم و اكتساب المعرفة و هُمشت في كافة مجالات الحياة ولحق بها الغبن الاجتماعي فقط لأن الرجل هو الآمر الناهي و لأسباب دينية أيضاً و خصوصاً في المجتمع الكوردي العشائري الذي جعل منها فلاحة و مربية مواشي إلى جانب عملها في بيتها و الاعتناء بأولادها حيث كانت تتحمل مصاعب الحياة وقسوتها .
وبعد التقدم الفكري و الاجتماعي وتطور العلوم الإنسانية بدأت المرأة تشق طريقها بين الوحوش الهاشمة و ترفع عن نفسها الظلم و العنف و القمع و تخوض غمار العمل في مجالات الحياة و خصوصاً على الصعيد الاجتماعي و السياسي و الثقافي وتقف بجانب الرجل وتلهمه الأفكار وتنهيه عن افتعال المشاكل فهي العقل النير وسط ظلمة البشر.
المرأة الكوردية سجلت حضورها في الحياة السياسية و الثقافية لرفع الظلم و الاضطهاد عن وطنها ومشاركة المقاتلين و مقارعة الأعداء في ساحات القتال بروح عالية .
وكُثر النساء الكورديات اللواتي كانوا في مراكز القيادة حيث كانت تتمتع بقوة الشخصية و الصلابة و الشجاعة ولعل أصدق مثل يعبر عن هذا هو المثل الكوردي şêr şêra çi jin be çi mêr be الأسد أسد أنثى كانت أم ذكر.
ويؤكد بعض المستشرقين و الرحالة على إن سلوك الرجل الكوردي سلوك إنساني أزاء المرأة في المجتمع الشرقي حيث يقول المستشرق الروسي فلاديمير مينوركسي في كتابه الأكراد ملاحظات و انطباعات:
( أن الكورد يعتبرون من بين الشعوب الإسلامية أكثرها تفتحاً في الموقف من المرأة ).
و بالرغم من تطور المرأة الكوردية إرتباطاً بالحداثة و التقدم و عدم نظرة الرجل الكوردي اليها نظرة دونية لأن المجتمع الكوردي بطبيعته يحب الحرية و الكرامة إلا أنها ما زالت تعاني من بقايا العادات والتقاليد البالية و تفضيل الذكر عليها و الزواج المبكر ..
ولتسليط الضوء على معاناة المرأة الكوردية تقول السيدة دلشا أم هوار لموقع ال ENKS وهي من أهالي الحسكة المقيمة حالياً في بريطانيا :
أن المرأة الكوردية تعاني من صعوبة في ممارسة الحياة السياسية والحصول على حقوقها الثقافية والإجتماعية بالرغم من المحاولات الحثيثة لفك طلاسم تلك التعقيدات وذلك بسبب قيود المجتمع
و العادات والتقاليد التي تتحكم بحال المرأة الكوردية في سوريا وهي تراث متجذر لا نستطيع الخروج عليه .
فهي جزء من الثقافة ملاصقة لحياة المرأة ولكن العادات والتقاليد تقمع التحرر.
و تضيف السيدة أم هوار المرأة الكوردية السورية في المدة القصيرة حضت بكثير من الاهتمام العالمي و خاصة مع بروز دور المقاتلات الكورديات اللواتي يشاركن الرجال في قتال تنظيم داعش في المناطق الخاضعة لسيطرة الكورد و انضمامهم الى قوات بيشمركة روج افا و فرضت المرأة وجودها من خلال الإنخراط في الحياة السياسية والمدنية والثقافية والعسكرية شريكةٌ مساهمةٌ في بناء المجتمع الجديد .
و اضافت: و هنا في الغربة علينا أن نمثل مجتمعنا الكوردي وليس كما كنا في الوطن وتحت رحمة الرجل وطلب الإذن منه في كل شيء يجب علينا إبراز القضية الكوردية و مشكلتها و ايصال صوت شعبنا و المناداة بحقوقنا و أيضا إبراز معالم ثقافة المرأة الكوردية و ارتباطها بقضيتها و دعمها لها ولاسيما أن المرأة متحررة في الغرب.
و حول سؤالنا عن الفرق بين المرأة في المجتمع الشرقي و الغربي من وجهة نظرها :
أوضحت أم هوار بإن المرأة الكوردية في مجتمعنا الشرقي تمت تربيتها على طاعة الرجل وتنفيذ أوامره و متطلباته وعدم السماح لها بالتفكير بحريتها و حقوقها و المطالبة بمساواتها مع الرجل و تفرض على نفسها مقاييس خاصة ترضي الرجل.
اما المرأة الغربية فأنها تفرض على الرجل مقاييسها الخاصة بها وأيضاً تهتم لتحقيق ذاتها دون أن تنتظر موافقة الرجل، وترى ايضا أن حياتها هي الرجل وتحقيق ذاتها من خلالها وتتمتع بحرية التفكير و الإرادة و المساواة مع الرجل في جميع مجالات الحياة.
و اختتمت السيدة دلشا حديثها : كامرأة كوردية نتطلع إلى استفتاء إقليم كوردستان بقلوب متلهفة و عيون مرتقبة لأن الاستفتاء يعني الاستقلال واستقلال كوردستان هو حريتنا و حرية شعبنا و اكتسابه حقوقه و سيكون للمرأة دور بارز فيها لأننا نتطلع إلى بناء مجتمع يكون للعالم أجمع نموذجاً في الإنسانية و الحرية و الديمقراطية.
فمشكلة المرأة من ابرز المشاكل التي يعانيها مجتمعنا الكوردي لذلك ما زالت المرأة الكوردية تعمل جاهدة لإزالة هذا الستار عن نفسها و مشاركة الرجال يد بيد لإنارة هذه العالم المظلم و بناء كوردستان مشرقة.
تقرير: فرهاد شيخو
اعلام ENKS
التعليقات مغلقة.