المجلس الوطني الكوردي في سوريا

هل يعيش الاتحاد الديمقراطي تجربة كيسنجر من جديد…!!!

109

عانى الكورد على الدوام من المساومات الإقليمية والدولية ضدهم، لظروف وعوامل شتى منها الذاتية لعدم عقدهم صلات وعلاقات دبلوماسية وربط مصيرهم بمصالح الدول العظمى، ومنها الموضوعية وتفضيل الدول العظمى لمصالحها مع الدول المقسمة لكوردستان على دعم ملفات كحقوق الإنسان وحقوق الأقليات التي ارتكزت عليها اغلب الأحزاب الكوردية وخاصة في سوريا. كما أن الكورد كانوا دوما ورقة للتقارب أوالتفرقة الإقليمية خاصة تركيا وإيران.

الغريب في القضية الكوردية في سوريا وتعقيداتها الإقليمية ومع عدم تبوئها الأولويات الدولية، إلا أن الكورد يظلون الحاضر الغائب في كل حدث أو حوار أو نقاش سوري-تركي/إيراني/محلي/عربي/دولي.  سواء في البحث عن الحل أو التفتيش عن التقاطعات أو التفكير بالمخرجات، والأغرب أنه ما من بصيص أمل أو مُنقذ فذّ بين كورد سوريا بإمكانه حمل مفاتيح الحل الكوردي.

ولا تزال العلاقة بين الماضي والحاضر والمستقبل كوردياً تفتقد للتوازن، وتتحرك على نقطة شبه ميتة لجهة الاستفادة من الدروس والتجارب. وتعيش مخاض الإشكاليات وإعادة التجارب المؤلمة وهي تميل إلى الماضي والغدر الحاصل على الكورد تاريخياً. لكن دون أدنى استفادة أو اتعاظ من تجارب التاريخ الكوردي المليء بمواقف الغدر الدولي من الثورات الكوردية.

النمطية الكوردية في سوريا اليوم تتقاطع مع البؤس الكوردي في الماضي. والمخاوف ذاتها تعاد فلا اتفاقيات سياسية لا توافقات ولا ضمانات لقاء جميع المعارك التي خاضها الاتحاد الديمقراطي في الرقة ومنبج وغيرها، نمطية تُعيد بالذاكرة الكوردية إلى حقبة السبعينات وما أقدم عليه كيسنجر ضد الثورة الكوردية. يعيش الكورد في سوريا حالة  انفصام بين قراءة التاريخ الكوردي وتجاربه وبين عادة تكرار المعطيات والنتائج  ذاتها.

لم تنضب الجراح الكوردية من مؤامرة كيسنجر حتى اليوم. لكن المؤسف أن تُعاد المؤامرة من جديد. ففي عام1972 أجتمع الرئيس الأمريكي نيكسون برفقة مستشاره للأمن القومي هنري كيسنجر في طهران مع شاه إيران لدعم حقوق الكورد في نزاعهم ضد الحكومة العراقية، ما لبث كيسنجر أن غدر بالكورد سنة 1975 حين أراد النظام العراقي آنذاك الاستئثار بالساحة العراقية من خلال إلغاء الآخر بكل أركانه وأشكاله من أحزاب وتيارات وحركات وشخصيات سياسية. ووجد النظام العراقي نفسه على وفاق مع التوجهات السوفياتية والتواطؤ مع النظام الإيراني برعاية وزير الخارجية الأمريكي هنري كيسنجر لإسقاط الثورة. كلهم اجتمعوا في اتفاقية الجزائر في1975 بين صدام وشاه إيران لتفكيك الحركة الوطنية الكردية المسلحة في كوردستان العراق، وخنق ثورة ظفار في عمان، وتدمير الحركة الوطنية العراقية وتطلعات عرب إيران الإنسانية، ونقل العراق تدريجياً إلى المعسكر الغربي عبر بوابة شاه إيران.

من الأمور القلائل الواضحة في السياسة الأمريكية أنها كانت ولا تزال تعتمد في علاقاتها مع الكورد بحسب نوعية وطبيعة مصالحها مع الدول المقتسمة لكوردستان. فلم يحظى الكورد في العراق بمنطقة حظر طيران للطائرات العراقية إلا سنة1991 وتوفير ملاذ آمن للكورد إلا بعد انتهاء علاقات صدام وأمريكا.

لو شاء الأمريكان لأنهوا النظام السوري خلال الأسابيع الأولى من عمر الحدث السوري. لكن ومع اقتراب بوادر الحل السياسي في سوريا فإن ما صرح به السفير الأمريكي الأخير في سوريا يستعجل من المقاربات الحتمية بين التجارب الكوردية الماضية واليوم

حيث أعتبر أن الرئيس “الأسد ربح، وأنه منتصر”، مضيفاً أن الأكراد سيدفعون غالياً ثمن ثقتهم بالأمريكيين

وأضاف فورد: أن المسؤولين الأمريكيين يستخدمون الكورد بطريقة تكتيكية ومؤقتة، ولن يستخدموا الجيش الأمريكي للدفاع عن غرب كردستان كإقليم مستقل في مستقبل سوريا

وأشار فورد إلى أن “ما تقوم به أمريكا تجاه الكورد غباء سياسي وغير أخلاقي، فالأمريكيون استخدموا الكورد لسنوات طويلة خلال حكم الرئيس العراقي السابق، صدام حسين”، ناقلاً عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن الأكراد السوريين يقومون بأكبر خطأ بثقتهم بالأمريكيين

ولا يزال الساسة الكورد في العراق يُرددون مقولة كيسنجر عن الفارق بين السياسة والأخلاق.

كما أن الغارات العنيفة لسلاح الطيران التركي على قره تشوك في ريف مدينة ديرك، خلق حالة يأس وهواجس عن طبيعة التحالف الكوردي الأمريكي. تلاه ما قدمته الإدارة الأمريكية لتركيا حول عدد ونوعية السلاح المُقدم إلى وحدات حماية الشعب، متعهدين بسحب السلاح عَقب الانتهاء من الحرب ضد داعش.

وكان (جون آلن) المنسق الأميركي للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة (داعش)، قال أن الولايات المتحدة تعارض تشكيل كيان كردي مستقل في شمال سورية. ما سبب نكسة للاتحاد الديمقراطي الذي أعتبر نفسه حليفاً استراتيجياً لأمريكا.
وعلى خلفية الإدعاءات عن عمليات التهجير العرقي التي تقوم بها وحدات الحماية الشعبية في المنطقة، قال آلن في إدانة واضحة  للإدعاءات حول الاعتداءات: “من المهم ألا يتحوّل شريك ساعد في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية إلى قوة احتلال”، وأضاف أنه لا بد من تمكين السكان الذين تحرروا من التنظيم المتطرف من العودة إلى نظام «الإدارة الذاتية» الذي كان قائماً أي أن “التركمان يديرون شؤون التركمان والعرب شؤون العرب والسريان شؤون السريان”

وهو أمر قد تلجأ إليه واشنطن، في أي لحظة ترى فيها ضرورة إرضاء حليفها التركي القوي إقليمياً، والذي شابت علاقتها بها الكثير من الفتور بسبب رفض أردوغان الانضمام للحلف الدولي لقتال (داعش) ما لم يكن الهدف هو محاربة داعش والأسد معاً!

تشهد الساحة السياسية الكوردية في سوريا –بشكل خاص الإتحاد الديمقراطي- حالة قلق وترقب مشوب بمخاوف التضحية بكُل ما قُدم حتى الآن، خاصة وأن الخلاف الكوردي –الكوردي قد أستفحل لدرجة انعدام أي أرضية أو ثقة لبدء حوار جديد فعال وجدي، يصنع من الكورد قبة الميزان في الصراع السوري.

شفان إبراهيم ….

التعليقات مغلقة.