المجلس الوطني الكوردي في سوريا

الأطراف الكوردستانية كلها أمام امتحانٍ عسيرٍ …

110

الكاتب : يوسف حمك

يقال : ( إن من يعيش على مائدة السلطان ، سيقاتل بسيفه ) .
حكمةٌ تنطبق على كل من يستنفع من غيره ، و يتسلق عالياً لتحقيق مآرب يبتغيها على حساب الآخر .
الائتلاف السوري المعارض للنظام ، و من أجود صناعة أردوغان ، و أكثرها فاعليةً ، و أعظمها خدمةً لجنونه الجامح ،
بالقياس إلى هذه الحكمة يسير طبقاً لإملاءات مموله السلطان الجديد ، و أفكاره المكللة برؤيةٍ سلفيةٍ ( قومياً و دينياً ) .

أردوغان بات ثوراً هائجاً من جراء مايجري في سوريا ، و من خلال تدخله السافر في المسألة السورية لعومه في أعماق مستنقعاتها الآسنة ، فأمسى غائصاً في طينها إلى شحمة أذنيه ,
بات على يقينٍ إن كل مصائبه التي داهمته ، لأمريكا اليد الطولى فيها ، تنفيذاً لمشروعها الشرق أوسطي .
فتحولت إلى لعنةٍ ترامبيةٍ تلاحقه أينما ولى وجهه ، و استنجد بهذا ، أو انحنى أمام ذاك .

كل الأبواب أقفلت في وجهه ، بعد إفلاسه من خططه المعطبة ، و تكتيكاته العاقرة بشطريها ( الاستراتيجية و المؤقتة ) .

غروره دفعه ليتصرف كزعيمٍ أوحدٍ لا ند له . و أن الآخرين يستظلون بظله ، أو لا يملكون الجرأة على إحباط مشاريعه .
فكانت النتيجة أنه حصد ندامةً أشد و أعظم من ندامة الكُسَعِيِّ ذاته .
لم يكتفي بأكل أصابع يديه لتكاثر الندم في دمه ، و تعطيب مخيلته ، فتناول أصابع رجليه أيضاً .

يرمي الناس بما يكتنز في أعماقه من حقدٍ و غلٍ بالتهديد و الوعيد .
يتكلم عن الديموقراطية كثيراً ، و يصنف العباد إلى إرهابيين ، و يضفي الشرعية على الآخرين حسب هواه .
مثلما لايجوز للعاهرة أن تتكلم عن الشرف ، كذلك لا يجوز له أن يتكلم عن الشرعية ، و المبادئ الأصيلة ، و حقوق الإنسان و العدالة و الإنصاف .
ما يفعله في داخل بلاده و الخارج ، لا يخوله أن يأتي بذكر الديموقراطية و الشرعية ……
من يعتعقد أن كل من يخرج عن رغباته و طموحاته ، أو يحبط مشاريعه التعسفية ، وجب عليه إضفاء صفة الإرهاب ، و قصقصة جناحيه . هو آخر من يحق له تقييم الآخرين .
و لا يصلح أن يكون رجل دينٍ ، و إنما هو تاجر دينٍ .
فتثبيت صفة الإرهاب على معارضيه حفظٌ لوجوده ، و أمانٌ لمراميه ، و صونٌ لأهدافه .

حاول دائماً – و بشق النفس – إقناع أمريكا و العالم بأن القوات الكردية في روج آفا إرهابيةٌ يجب سحقها .
لكنه فشل و لم يفلح في ذلك .
بل على عكس ذلك دعمتها أمريكا ، و أمدتها بالعتاد و السلاح الثقيل ، مما زادتها قوةً و توهجاً .

لم يترك باباً إلا طرقه ، و لا طريقاً إلا سلكه ، لكنه لم يقطف سوى الشوك و الإحباط .
فها هو يستخدم آخر ورقةٍ يملكها ، ألا و هي تحريض أعضاء الائتلاف السوري بتقديم طلبٍ للهيئات الدولية لوضع القوات الكردية على لائحة الإرهاب .
و هو بذلك لا ينتقم من الكرد فحسب ، بل من الإدارة الأمريكية أيضاً .
تلك الإدارة التي حرضته ، و معه المعارضة السورية ضد النظام السوري في بداية الأزمة السورية التي افتعلتها أمريكا .
ثم سحبت البساط تحت أقدامهما ، و تخلت عنهما ، مع تخفيف الضغط على النظام و إبقائه حتى إشعارٍ آخر ( بالاتفاق مع الروس ) .

مسألتان في غاية الأهمية تضعان الأطراف الكردية أمام امتحانٍ عسيرٍ .
الأولى مسألة الاستفتاء التي تفرض على ( البيده ) و الذين يدورون في فلكه بتقديم المساندة لحكومة الإقليم و الوقوف بجانبها حتى النهاية .
كما أن المجلس الوطني الكردي مطالبٌ منه مع حكومة الإقليم الوقوف بحزمٍ ضد طلب الائتلاف ، و التنديد بشدةٍ لهذا الموقف الشوفيني العدواني .
و الأيام القليلة القادمة كفيلةٌ باستبيان مَنْ مِنَ الطرفين سينجح ، و ينال المرتبة الأولى باستحسان الشعب ، و يحظى برضا الوطن ؟

………………

المقالة تعبر عن رأي الكاتب ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع ..

التعليقات مغلقة.