لا يوجد اتفاق في المجتمع الكردي حول ظاهرة زواج القاصرات، إلا أن الكثيرين يصفونها بالكارثية لما لها من نتائج سلبية على الفتيات وغالبا ما ينتهي هذا الزواج بالفشل مع وجود طفل أو أكثر وأم لا تعرف كيفية تربيتهم، كان ينتشر هذا الزواج في المجتمعات الريفية إلا أنه بدأ في الانتشار في المدن بسبب الأوضاع الاقتصادية الصعبة وارتفاع تكاليف المعيشة.
- ضيق الحال
يدفع الفقر الأهالي إلى تزويج بناتهم القاصرات بمقابل مادي سخي، ضاربين عرض الحائط الأثار السلبية اللاحقة للزواج، ويرى الباحثون الاجتماعيون أن الفقر من أهم الأسباب المؤدية إلى زواج القاصرات، والذي ينتشر بشكل كبير في المناطق الفقيرة، والتي يكثر فيها عدد أفراد العائلة الواحدة، مما يؤدي إلى إجبار الأهالي لتزويج بناتهم في عمرٍ صغير، من أجل التخلص من مصروفهن، ونفقاتهنّ.
- العادات والتقاليد
تشكل العادات والتقاليد في الأرياف سبباً مؤثراً ومباشراً في زواج القاصرات، إذ أن المجتمعات التي تعتمد على الموروث الاجتماعيّ تعيش حالة تنافس في تطبيق هذه الأعراف خاصة مع عدم توفر بنى ثقافية أو مؤسسات ارشادية اجتماعية تسلط الضوء على المشاكل الصحية والنفسية وحتى الخلافات بن الزوجين وانعكاس ذلك على تربية الأولاد، فيما يتوجه تركيز الأهالي على توفير دخل جيد للعائلة التي عادة لا يتابع أبناؤها تعليمهم ويتسربون من المدارس باكراً،
- آثار النفسية والاجتماعية
تواجه القاصر حين تزويجها من صدمة الانتقال من مرحلة المراهقة إلى النضوج والمسؤولية التامة، لأنها غير مستعدة لهذا التغير المفاجئ في الانتقال بشكل مباشر، ودون المرور في المراحل العمرية العادية، لذلك تصاب أغلب الفتيات القاصرات بالعديد من الأمراض النفسية، مثل: الاكتئاب الشديد، والقلق، وغيرها.
فيما تفقد الفتاة هويتها الاجتماعيّة، وتشعر بأنها لا تمتلك شخصيةً خاصةً بها، وذلك لشعورها بالحرمان من أبسط حقوقها في الحياة، وفي الحصول على التعليم المناسب، كما أنها لا تمتلك الثقافة الكافية للتعامل مع الأطفال كأم، لأنها ما زالت في مرحلة الطفولة او المراهقة، لذلك لا تكون مستعدةً لتقبل التعامل مع الأطفال، وهي في مرحلة عمريّة غير مناسبة، فالزواج المبكر هو اعتداء على حقوق الطفل الذي من حقه التعليم وممارسة حياته المناسبة لعمره.
- مشاكل الجسد
حيث تكون أعضاء الفتاة في هذه الفترة العمرية غير مكتملة وغير مستعدة لتحمل مشاق الحمل مما يعرضها إلى الكثير من المخاطر كاضطرابات الحمل مثل السكري والضغط.
قد أشارت الدراسات إلى وجود نسبة كبيرة من الأطفال ذوي التشوهات الخلقية بسبب صغر سن الأم، هذا عدا عن ولادة الأطفال الذين يموتون قبل الولادة، كما أن هناك نسبة وفيات بين الأمهات الصغيرات خلال الولادة نظراً لعدم تحمل أجسامهن للحمل والولادة، وفي الغالب تضطر لفتاة الحامل إلى إجراء العملية القيصرية للولادة وذلك لان طبيعة جسمها غير مستعدة للولادة الطبيعة.
- تأثيرات هذا الزواج على الزوج
الزوج نفسه يشعر بأنه غير متواصل مع زوجته وتكون هناك فجوة في التفكير بينهما، وبمقارنه شخصياتهم واهتماماتهم نجد فروق كبيرة بينهم ما يجعلها عاجزة عن التواصل الجيد معه من الناحية المعنوية والعاطفية والوجدانية، وهو ما قد يهدد الزواج.
- طرق محاربة هذه الظاهرة
رغم حساسية الموضوع يجب العمل على تغيير المنظور الثقافي للمجتمع نحو ظاهرة زواج القاصرة إلى جانب التوعية الواسعة لتغيير هذا المنظور الثقافي والاجتماعي لكي نلمس التغيير الفعلي، والحل يكمن في
1- ضرورة تطبيق القوانين الرادعة التي تمنع تزويج الصغيرات وتحت أي ذريعة كانت واعتبارها جريمة من الجرائم الكبرى لها حكمها الخاص، وإلزام الزواج في المحاكم ومنعه خارجها وتحديد صلاحيات مكاتب الزواج الشرعي واختصار إجازة العمل على بعض المكاتب التي لها سمعة جيدة بالعمل وتكون تابعة لمحاكم الأحوال الشخصية.
2- اتخاذ إجراءات وقائية عبر برامج توعوية تقوم بها الدولة للآباء والأسر في المجتمع وتحث فيها رجال الدين لمناهضة زواج الطفلات المبكر والقسري. والتوعية والتثقيف بأضرار زواج القاصرات والاهتمام بتعليم الفتيات بكافة مراحله والحد من التسرب من المدارس ومعالجة أسبابه التي من بينها قلة المدارس في الريف والمدينة التي تتسبب بالدوام المختلط الذي يؤدي بالتالي إلى منع الفتيات من ارتياد المدارس، أو بعد المدارس عن مناطق السكن.
3- حث الدولة لوضع برامج داعمة للفتيات ضمن خطة اقتصادية من خلال تخصيص صندوق نقدي لدعم الفتيات اللواتي ينتمين لأسر فقيرة والترويج إلى إن تعليم الفتيات له مردود اقتصادي للأسرة والمجتمع وفق خطة التنمية للحد من المفاهيم الخاطئة والموروثة عن دور المرأة في المجتمع الذي ينحسر فقط في البيت والإنجاب وخدمة العائلة، في حين هذا يعتبر جزءاً من واجبها الطبيعي الذي لن يمنعها من مواصلة تعليمها والمشاركة في كافة المجالات الثقافية والاجتماعية والسياسية.
4- على منظمات المجتمع المدني التي من أهدافها حماية حقوق الإنسان بشكل عام والطفل بشكل خاص إن تلعب دورا كبيرا في التوعية والتثقيف بالتنسيق مع المؤسسات التربوية ومديريات حماية الأسرة والعمل على رصد الانتهاكات والمدافعة عن الحقوق المغتصبة للقاصرات والصغيرات
——-
إعداد مكتب إعلام ENKS في تركيا
روجين بكر – أورفا
التعليقات مغلقة.