منذ أن بدأت الثوة السورية، تحمل الشعب السوري مسؤوليات وأعباء مختلفة لتحقيق ما ثار من أجله، فمنهم من حمل السلاح، ومنهم من سلك طريق العلم، ومنهم من اتخذ من أروقة السياسة طريقاً لنيل الحقوق، فيما ضحى والكثير من السوريين، بمستقبلهم العلمي في سبيل العمل لإعالة أسرهم.
العمالة السورية بتركيا
المدرس مصطفى رشيد من كوباني، واللاجئ حالياً في تركيا، قال في تصريح بهذا السياق لمكتب إعلام ENKS: “قبل أن ندخل في الحديث عن الوضع المعيشي للسوريين في تركيا, يجب أن ﻻ ننسى أن تركيا استضافت ما يقارب ثلاثة ملايين من السوريين بالإضافة إلى العراقيين والأفغانيين وغيرهم، حيث تعد تركيا من أكثر الدولة المستقبلة للاجئين السوريين من بين الدول العالم, وهذا ما أدى إلى تحمل تركيا ﻷعباء إضافية، إضافة إلى مشاكلها الداخلية”.
مضيفاً “وهذا ما انعكس سلباً على أوضاع السوريين في تركيا وخاصة الوضع المعيشي, كما أنعكس سلباً أيضاً على حياة المواطن التركي, حيث أدى مجيء السوريين بهذا الكم الهائل إلى ارتفاع أسعار المواد والآجار، وبالمقابل انخفضت أجرة العمل واستحوذ السوريون على فرص العمل للمواطنيين الأتراك, ولكون السوريين يعملون بأجرة أقل من أجرة العامل التركي فإن أصحاب العمل يفضلون الأيدي العاملة الرخيصة، لذلك أنخفض أجرة العمل بشكل عام مقابل أرتفاع الأسعار, وهذا ما أدى إلى امتعاض واستياء المواطن التركي من السوريين, لذلك يتم استحكامه والاحتيال عليه بدلاً من العطف والرفق به” .
تابع رشيد قائلاً: “بشكل العام الوضع المعيشي للسوريين في تركيا ليس بالمستوى المطلوب، أو دعونا نقول أنه سيء؛ ﻷن المساعدات المالية المقدمة للسوريين لا تكفي لمعيشتهم، إذ أنها لا تغطي سوى تأمين المواد الغذائية بمستوى متدني, ولتأمين ما تبقى من ضرورات الحياة من المسكن والملبس والمياه والكهرباء وغيرها من الاحتياجات اليومية، يضطرون للجوء إلى العمل بأجور منخفضة, وفي كثير من الأحيان فإن رب الأسرة ﻻ يستطيع تغطية جميع النفقات لذلك يضطر لإرسال زوجته وأطفاله الذين دون سن 18 للعمل, ولكونهم الحلقة الأضعف وفي ظل غياب قوانين تحميهم فإنهم يتعرضون لكثير من المشاكل، مثل عدم إعطائهم أجورهم، كما يتعرضون للعنف بأشكاله، سواء اللفظي أو التحرش بهم أو حتى اغتصابهم, أما بالنسبة للأطفال فإنهم يحرمون من الكثير من الحقوق وأهمها التعلم, وهذا الكلام نسبي يختلف من أسرة ﻷسرة ومن مكان ﻵخر” .
أصحاب الشهادات باتوا عمالاً
وعن مهنته الحالية، تابع رشيد “أما بالنسبة لتغيير مهنتي، وهل تغيير المهنة له تأثير, أقول طبعاً ﻻشك في ذلك، وسأعطيك عدة أمثلة على ذلك، وسأبدأها من نفسي, أنا خريج كلية آداب قسم الجغرافيا، وقد عملت في التدريس في المدارس السورية لمدة ﻻ تقل عن عشر سنوات, وعندما أتيت إلى تركيا كان وضعنا سيئاً وكنت مضطراً ﻷبحث عن عمل مهما كان نوعه, فمرة عملت لدى مطعم أجلي الصحون، وعملت في قطاف البرتقال، وأيضاً عملت كأجير لدى معلمي السراميك, وفي كل مرة كانت نفسيتي تتحطم واستنزفت كل طاقتي, إلى أن فتحت مدارس التعليم المؤقتة للطلاب السوريين وتقدمت عليها وتعينت فيها كمعلم متطوع مقابل أجر زهيد”.
وتابع “وهناك كثيرون من أمثالي يعملون في غير مهنتم، ومثال آخر سأقوله, هناك صديق لي وهو خريج هندسة ميكانيك، حاول جاهداً كي يتم تعيينه كمدرس في المدارس المؤقتة أو يجد لنفسه عملاً يليق بشهادته، لكن دون جدوى، وهو الآن في كل صباح يذهب ويشتري قدرين من الحليب ويتجول به بين خيم الكامب كي يؤمن مصروفه, والأمثلة كثر ﻻتنتهي” .
حقوق السوريين
أما فيما يتعلق بحقوق العمال السوريين المهدورة، وعدم وجود أية جهة رسمية تضمن لهم ذلك، ما يجعلهم عرضة للوقوع في شباك المحتالين.
وأشار المحامي (ح. ن) من كوباني لمكتب إعلام ENKS، أن “حقوق العمال مهدورة ليس لعدم وجود جهة رسمية تضمن لهم حقوقهم إنما هناك سببين رئيسيين، وهو أن أغلب العمال ﻻ يعرفون اللغة التركية وهو العائق الأهم لذلك عندما ينصب عليه صاحب العمل ﻻ يستطيع التوجه للجهات الرسمية التي تتحدث باللغة التركية للمطالبة بحقوقه لذلك لا يستطيع فعل شيء, والسبب الثاني هو عدم معرفتهم بالقوانين فهناك كثير من القوانين المحلية والدولية وضعت لحماية اللاجئين وحقوقهم, لكن عدم معرفة العمال بها يجعلهم عرضة للوقوع في فخ المحتالين “.
موضحاً “فمثلاً لو تعرض أحد العمال لحادث ما أدى إلى إعاقه ما لديه فإنه يحق له المطالبة بتعويض مالي يتراوح بين 50-300 ألف ليرة التركية وهناك كثير من القوانين الأخرى”، وأشار أنه “في العام الماضي كان هناك قانون على وشك الصدور، وهو قانون عمل السوريين, يسمح للسوريين بدخول سوق العمل التركية مع ضمان جميع حقوقهم, لكن يمكن أنه تأخر لأسباب معينة, وهذا يدل على أن الحكومة التركية تعمل جاهدة لحل هذه المشكلة”.
وبين المشاكل القانونية وصعوبة الغربة وظروفها، يبقى مئات الآلاف من السوريين يعانون من ظروف عمل سيئة، وسط حقوق مهضومة، بانتظار اليوم الذي يعودون فيه إلى وطنهم.
مكتب إعلام ENKS أورفا – تركيا
تقرير: ديلان رشو
التعليقات مغلقة.