المجلس الوطني الكوردي في سوريا

” الكورد بين بوتين وترامب ” مقال للدكتور محمود عباس,,,

125

الكورد بين بوتين وترمب,,,,,,,,

سيجتمع الرئيسان الأسبوع القادم، على هامش قمة العشرين، المنعقد في مدينة هامبورغ-ألمانيا في يومي 7-8/7/2017م، والمتوقع أن تكون بدبلوماسية كاملة، والقضية السورية ستتصدر المواضيع المدرجة على طاولة المباحثات، حسب وكالات الأنباء الأمريكية، والمعتمدة على تسريب الأخبار من البيت الأبيض، والكورد من القوى الفاعلة الرئيسة ضمن هذه القضية بل وعلى مستوى الدولتين، سوريا والعراق، اللتين لروسيا وأمريكا وجود استراتيجي فيهما، وعلى الأرجح سيفرض الحضور الكوردي ذاته في الحوار، بشكل مباشر أو مبطن، ولعدة جوانب: منها محاربة الإرهاب (داعش حصريا)، إلى مواجهة محاولات التدخل التركي في المنطقة الفاصلة بين الجزيرة وعفرين، وفي الفترة الأخيرة الخلافات المتصاعدة بين قوات سوريا الديمقراطية والنظام السوري، والخلافات بين القوة الكوردية والمعارضة السورية الإسلامية العروبية على مستقبل سوريا والقضية الكوردية.

 

الكورد أصبحوا معادلة تلتفت إليها أمريكا وروسيا، ومكتسباتهم تقلق القوى الإقليمية، رغم أن نضوجهم السياسي دون سوية مكتسباتهم المتصاعدة على خلفية الديمغرافية الكوردية والجغرافية المترامية، والقوى العسكرية المدعومة خارجياً، وبالتالي رغم عمليات التهميش التي فرضتها تركيا وبعض الدول العربية المساندة للمعارضة السورية الإسلامية التكفيرية والعروبية، على الأطراف الكوردية، في المؤتمرات والحوارات الجارية حول سوريا، ومنها الأستانات، والجنيفات الأخيرة، إلا أنه أصبح من القضايا المفرغة منها بأنه لا يمكن الحديث على الصراع السوري دون أن يكون للكورد حضورا إما عسكريا أو سياسيا، أو مطالب واقتراحات، في الحيزين الوطني، أو حول إقامة نظام فيدرالي في عموم سوريا أو للمنطقة الكوردية، رغم الخلافات الساذجة بين الأطراف الكوردية السياسية، والتي تجر أغلبية المجتمع ورائه، وتهد من قواه وأهميته، وتنخر في مسيرة نضوجه السياسي الثقافي.

 

وهنا تكمن أسس المعادلة التي تضع مسألة النقاش على القضية الكوردية بين ترمب وبوتين في خانة الاحتمالات، أو ربما تم الحوار مسبقاً بين مستشاريهما، وهما سيلمحان إليها، فيما إذا كان هناك أتفاق أو خلاف، وأحد أبرز الخلافات بين لجانهم سينحصر في النموذج الروسي أو الأمريكي حول مستقبل سوريا ومن بينها القضية الكوردية، إما كمنطقة واحدة تحت سيادة القوتين، إلى جانب نقاط أخرى، على الأغلب تتعلق بالجغرافية والاعتراف السياسي، ولا يستبعد أن يتطرق الرئيسان حتى ولو كتلميح إلى مستقبل الكورد بعد الأنتهاء من داعش أو في سوريا القادمة، حتى ولو كانوا سيكتفون بأن تكون هذه نقطة للحوار بين لجانهم المستقبلية، وعلى الأغلب أن اجتماع بوتين ب كيسنجر (عراب تدمير الثورة الكوردية) ومن بعده أجتماعه بترمب، أن يكون قد عرض رؤيته حول مستقبل سوريا والكورد، وهو أحد أفضل الخبراء فيها رغم تقادم العمر (95 عاما)، الدبلوماسي المحنك والمسبب بتأخير حصول الكورد على حقوقهم قرابة أكثر من نصف قرن، وبالتالي أضعاف إسرائيل أمام الدول الإقليمية.

 

القضية الكوردية ستتصاعد دوليا فيما بعد الرقة، فحتى وبعد انكماش داعش عن المنطقة، فهناك قوى إقليمية (تركيا على رأس القائمة) تحاول جاهدة  أخذ حصة من الأراضي السورية بطريقة أو أخرى، تحت غطاء مراقبة المنطقة الكوردية، مثلما تفعل إيران في المناطق الأخرى، إلى جانب  ذرائع مختلفة، وعلى رأسها احتمالية تشكل كيان كوردي فيدرالي في شمال سوريا ممتدة حتى البحر، قد تغير من معادلات الدول الإقليمية، لهذا فالصراع السوري يدخل مرحلة جديدة، ولربما مؤتمر أستانة الخامس ستكون بدايتها، علماً أن تمهيد طويل سبقه، مهدت لها أمريكا وروسيا بالرسائل التحذيرية المتعددة الأشكال. بدأت من توجيه التهمة إلى روسيا بأنها لا تحارب داعش مثلما تحارب المعارضة السورية المسلحة، كما وألحقت بها عملية تسليم واستلام قاعدتها العسكرية، لمجموعة داعش التابعة للنظام السوري (بكل ذخيرتها وأسلحتها الثقيلة) المتواجدة على أطراف تدمر وبدون أن يتم تدمير أية آلية فيها، وذلك بعد أن بدأت تخسر أمام قوات سوريا الديمقراطية في منطقة منبج. ردت روسيا على هذه التهمة على لسان وزير خارجيتها، بأن قوات سوريا الديمقراطية تعقد اتفاقيات مع داعش، وتسمح لهم بالخروج من الرقة ليهاجموا القوات الروسية في تدمر، وفي الحقيقة هذه الرسائل موجهة إلى أمريكا، مثلما هي موجهة إلى روسيا، ولم يكتفوا بهذه، بل تصاعدت، وانتقلت من مرحلة الإعلام والاتهامات إلى المواجهات العسكرية، وعليه تم قصف قوات نظام الأسد على أطراف التنف، وتهديد الحشد الشعبي العراقي، المدعوم إيرانيا أي روسيا، وتلتها مباشرة، إسقاط طائرتي استطلاع إيرانيتين بدون طيار، ومن ثم  طائرة السوخوي لنظام بشار الأسد، وجميعها تحذيرات لروسيا، علما أنها غلفت بأن أمريكا ليس لها طموح بالتدخل في الحرب الأهلية السورية، مهمتها الرئيسة والاستراتيجية هي محاربة داعش عن طريق القوى المحلية التي تعتمد عليهم، وعلى طيران التحالف، وبالتالي فهي مضطرة على حماية القوات الحليفة لها والتي تحارب داعش، وهي مشابهة للرسائل التي وجهتها لتركيا عندما قصفت قره تشوخ. ولا شك روسيا هنا لم تقف، فقد ردت بأنه على أمريكا أن تحارب هيئة تحرير الشام (النصرة سابقاً)، وهي منظمة إرهابية، أي بما معناه أن أمريكا لا تحارب كل المنظمات الإرهابية. كما وسمحت لتركيا بتحشيد قواتها على حدود عفرين ولا تردعها عندما تقصف القرى الكوردية، علما أن عفرين تعتبر محميتها لوجستيا، وحرضت عن طريق تركيا الائتلاف الوطني السوري على عقد مؤتمر بحثوا فيه مصير الرقة بعد تحريرها، وطالبوا بأن تكون في حمايتهم، والغريب أن روسيا وعن طريق تركيا الأن تتحكم بمصير المعارضتين السياسية والعسكرية السورية، وعليه سكتت الإئتلاف  وعلى مدى الشهور الماضية حول ما تقوم به روسيا و

وهاجمت عملية تحرير الرقة تحت غطاء انتهاك حقوق المدنيين، إلى أن كادت تفضل بقاء داعش فيها على تحريرها من قبل القوة الكوردية وقوات سوريا الديمقراطية .

وفي هذا الحيز، وعلى خلفية استخدم داعش ضمن رسائل الاتهامات، بين كل الأطراف، كثيرا ما يتساءل البعض، ويدخل في دوامة الحيرة والشكوك، حول علاقات داعش المتناقضة مع جميع الأطراف، بدءاً من غرابة علاقتها بروسيا، أو بالأحرى استخدامها روسيا كأداة عند الضرورة، وعلاقتها مع إيران الشيعية وتركيا والسعودية وقطر السنية، وسلطة بشار الأسد كنظام علوي، والسنة التكفيريين العروبيين، كالبعث، وأمريكا التي تحاربها منذ سنوات، وهذا ما سنجاوب عليه بمقال مستقل.

فعلى عتبات مؤتمر أستانة الخامس، تشم رائحة اتفاقية بين روسيا وتركيا مشابهة لما تم بينهما في المؤتمرين الثالث والرابع، والتي تم على أثرهما تدمير حلب وتهميش المعارضة السياسية وعلى رأسها الائتلاف والهيئة العليا للمفاوضات، وإخراج العسكرية من مناطق عديدة وحصرهم في منطقة إدلب، وأدخلت بعد الرابع معظمها تحت رحمة القصف الروسي والنظام والحصار الإيراني وحزب الله، أي بما معناه إمكانية القضاء عليهم في أية لحظة، وفي الواقع لا يتم ذلك لتبقى هناك معارضة شكلية يتم الاتفاق معها، وتدرج الحوارات ضمن الشرعية الدولية، إلى جانب احتمالية ظهور معارضة وطنية حقيقة تعكس مطالب الشعب، قد تصبح بديلا عن هذه المخترقة من قبل البعث وسلطة الأسد، ومعها الشريحة الانتهازية والعميلة لتركيا والقوى الإقليمية الأخرى.

فتركيا حينها حصلت بالمقابل من روسيا وسلطة بشار الأسد على جزء من الأراضي السورية، وسمحت لها بالتغلغل في المنطقة الكوردية، لتقسم ما بين الجزيرة وعفرين، تحت غطاء الجيش السوري الحر، والذي تم تشكيله كجناح عسكري لجماعة الإخوان المسلمين بعد أن تم التصعيد الدولي ضد تركيا وقطر كأحد أهم داعمي المنظمات المعارضة

الإسلامية الأخرى بصفة الإرهاب، تمويلا ودعما لوجستيا، سياسيا وعسكريا. وفي هذه المرة، وحيث يومي 4-5/7/2017م في أستانة الكازاخستانية، يتم تبادل الصفقات، وآخرها تم اليوم أي 3 من هذا الشهر بين أردوغان ووزير الدفاع الروسي( سيرغي شويغو) في استانبول، ويعتقد بأن الحوار يجري حول حماية عسكرية مشتركة لمنطقة إدلب المدرجة بين المناطق الأربع التي قيل بأنها ستكون تحت حماية دولية، والوحيدة التي تكاد أن تنفذ هي هذه، لكن في المنظور البعيد، ولدراية أو لربما دراسة استباقية لخبراء أردوغان الاستراتيجيين، فإن غايته تتجاوز مجرد الحماية، فهو يرجح احتمالية أن يتمدد الكورد بعد الرقة إلى جهة البحر، ويظن بأن روسيا قد لا تمانع، لذلك فطلب أردوغان مقابل ما سيقدمه في مؤتمر أستانة الخامس، حيث تقليص دور المعارضة المتبقية، بأن يشترك مع روسيا عسكريا في هذه المنطقة الفاصلة بين الكورد والبحر، وفي الواقع هذا الطلب إن تمت الموافقة الروسية عليه، ستضع منطقة عفرين وجبل الكورد والبحر الأبيض المتوسط، بين أيدي أردوغان، علما أن نظام الأمة الديمقراطية والواقع الجاري في جنوب غربي كوردستان لن يتمكن لوحده الوقوف في وجه هذا المخطط.

مع ذلك لا يستبعد أن تحجم الاتفاقية في مهدها بعد الانتهاء من مقررات أستانة، مثلما حصل في نهايات المؤتمر الثالث والرابع، واضطرت تركيا على سحب جنوده، خاصة وأن الاتفاقيات ليست رسمية، وهي صفقات بيع وشراء للمعارضة السورية العسكرية بعد أن قطعت أجنحة السياسية منها، عن طريق تقليص المساعدات المادية من السعودية وقطر، وهي الأن تعيش كالمرتزقة في حضن أردوغان، وتنفذ ما يقال لها، وآخرها الاجتماع، الذي نظمه منصة أردوغان(استانبول) والذي ترأسه بعض الشخصيات من المجلس الوطني الكوردي تحت تسمية ورشة عمل لـ( حقوق الأقليات في سوريا) والتي أجبرتهم الاستخبارات التركية عليها، والصدور بالبيان المهزوز الركيك، الساذج.

كلمة من ترمب أو بوتين بإمكانها أن تغير جغرافيات، وتقضي على تنظيمات سياسية وتخلق غيرها، وهنا القضية الكوردية في سوريا والعراق كثيرا ما تتعلق بمثل هذه المواقف من الدول الكبرى، والتي لها صداها عند أي تلميح، ولنا تاريخ يتحدث في هذا المجال، فتطرقهم إليها، محفوفة بالكثير من المخاطر، قد تلحقها خسارة قوى حليفة في المنطقة، أو ستكون على حساب التخلي عن مصالح، وتغيير أجندات، والتعديل في استراتيجيات، وبالتالي فعلينا أن لا نتوقع الكثير من القول، مقابل الفعل على الأرض، والتي تعكس الكثير من الآمال، علماً أن احتماليات صعودها المضطرد ترتبط بمدى تسارع نضوجنا الثقافي والسياسي ونقل القوة العسكرية من الحيز الحزبي إلى الكوردستاني، وبالتالي إبراز الذات بحيث نتمكن من وضع قضيتنا بعنوان مستقل على طاولة محاورات ترمب وبوتين.

د. محمود عباس

الولايات المتحدة الأمريكية

mamokurda@gmail.com

التعليقات مغلقة.