في تاريخ 26/6/2017 وفي ذكرى أحياء مجزرة عامودا ، رأيت أنور ناسو هنا في ألمانيا ، قرأت في عينيه ألف جرحٍ وصرخة ، رأيتُ في بِثورَ كلماتهِ المختنقة حنينياً وشوقاً ، ألف وألف لعنة ، ولا سيما كان يتكلم بكل ثقة وعنفوان وأمل ، إلا أنني كنتُ قارئ بكاءه وجرحه ، أنور ناسو ربما يستطيع أن يُقنع الكثيرين إلا أنا ، ربما يستطيع أن يُغير الواقع إلى حلمٍ ما ، ربما يستطيع أن يجتاز كُلَ المِحَن والضغوطات ، ربما يستطيع أن ينام في العراء جائعاً لأيام ، وأن يسحبَ الملائكة من سماء إلى أخرى الا انا عيني تبقى لها قراءة اخرى
إنه القروي الغيور الفنان المُشبع بالألم ، السياسي الفذ ، ولا أعلم هل يمكن للحوت أن يعيش خارج مياه المحيط ، وأنا على ثقة تامة أنه سيعود قريباً لأنه لا ولن يحتمل الحياة هنا ، لأن الحياة هنا شبه ميتة وليست مؤنسةً لمن كان يطلق الصراخ بين أزقة عامودا وحاراتها الضيقة ، لِمن كان يتسلق شرمولا كُلما آراد البكاء ، لِمن كان يتسلل إلى مقبرة الشهداء و يقرأ الفاتحة كُلما كان يشتاق لآراس بنكو ورفاقه الشهداء .
أعلم لولا الخِناق وشِداد الحِصار لما ترك شرمولا ، أعلم أين بكى آخر مرة ، أعلم أين خبأ طواحين العزة والشموخ ، ويَعلمُ الجميع أي خناجرٌ ومنصاتِ ستنهالُ عليه ، ولكن هيهات أيها الكون الملوث بالبراغث والبعوض والجراد و الحشرات ، عبثاً ومحال لأن كلَ شيءٍ إلى زوال إلا التاريخ
أكثرَ من عشرة أعوام ونحن رفاق الدرب والمشوار الصعب هذه الكلمات ليست للأستاذ أنور ناسو وحده ، إنما لشباب عامودا المتمرد ، أنس سيخي وإسماعيل شريف والدكتور لقمان حسين والعشرات و العشرات منهم
عامودا حرة حرة شبيحة تطلع برا …
خيمة الإضراب عن الطعام لأيام ، قوة الأعتصامات ، تنظيم الشباب وروح التحدي للخلاص من العبودية والاستعباد ، وعوامل كثيرة كانت ولا زالت مُلحة لدى الجميع ، وقوة الشخصيات القاطنة في تِلكَ المدينة / عامودا/ من سياسيين ومستقلين ، وإنشاء كتيبة الشهيد تحسين ممو وأشياءٌ وأشياء
زلزلت جِبال قنديل الضالعة بِسلب القرار الكُردي والطعن بتضحيات عموم الشرفاء الذين وقفوا أمام طغيان الأسد المقبور و خَلفهُ الراهن بشار ، لا يمكن أن ننسى عشرات الاعتقالات والإهانات ، قرارات الفصل ، والنفي ، والنَقل الممنهج ، وكيف ننسى مشعل التمو ، والشيخ محمد معشوق الخزنوي وجوان القطنة والعشرات من الشهداء ، كيف ننسى أنهم يزجون تلكَ القوات إلى الموت المحتوم و في معارك ليست لنا ، كيف ننسى صراخ الأم وتلكَ الزوجة ، كيف ننسى طعم الأتربة وغبار الطرقات
كلَ هذه العوامل كانت سبب ولادة القَتلة المأجورين بالوكالة ، القاتل لا يُنسى مهما طال الزمن
التعليقات مغلقة.