انتفاضة الشعوب الإيرانية ضد نظام الملالي.. والمرأة عنوانها الناصع
إعداد : عزالدين ملا
أقدمت إيران في الآونة الأخيرة على قصف مناطق عدة من كُردستان عن طريق طائرات مسيّرة، تحت ذرائع وحجج مختلفة، جاء ذلك نتيجة الاحتجاجات التي عمّت مختلف المدن والقصبات الإيرانية على خلفية جريمة قتل الشابة الكُردية جينا أميني على يد الشرطة الإيرانية بحجة أنها لم ترتدِ الحجاب بشكل لائق.
حكومة نظام الملالي تحكم إيران بقبضة من حديد، وتكمُّ الأفواه وعند رفض الشارع الإيراني لممارساتها، تُسرع إلى ربطها بمؤامرات خارجية، ومن تلك الجهات الخارجية إقليم كُردستان الذي أصبح شماعة لأي هجوم تقوم بها إيران على مناطق كُردستان.
في وقت حكومة إقليم كُردستان تسير خطوات واعدة ومشرقة نحو بناء وازدهار مدنها وبلداتها، هذا التقدم والتطور يقلق مضاجع الدول والحكومات المستبدة والدكتاتورية.
1– كيف تحلل الأوضاع السياسية الدولية والإقليمية الراهنة؟
2- ما رأيك بالأوضاع الراهنة في إيران على خلفية انتهاكات حقوق الإنسان بحق الشعوب الإيرانية؟ وهل ستكون هذه المرّة غير سابقاتها أم ستتعرض للقمع، وتنتهي بانتصار الملالي على الشعوب الايرانية؟
3- كيف تفسر هجمات الملالي بطائرات مسيرة على مناطق إقليم كُردستان؟
4- هل من الممكن أن تشرح لنا مستقبل الكُرد في المرحلة القادمة بشكل عام؟
5- هل التعاطف الدولي مع مقتل الناشطة الكُردية أميني كافٍ ليغير النظام سلوكه الاستبدادي، أو حتى يسقط هذا النظام؟
حاجز الخوف تم اسقاطه في إيران واتهامه لكُردستان لن يفيد
تحدث عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني- سوريا، بشار أمين، بالقول: «الوضع الدولي، يتسم سياسياً بالصراع على المصالح الاقتصادية، منها ما تنسجم مصالحها مع مصالح الشعوب وتطوّرها وتقدّمها، وتسعى لمؤازرتها نحو تحقيق الحريات العامة وبناء أنظمة ديمقراطية على أنقاض الأنظمة الاستبدادية والشمولية، ومنها ما تكون مصالحها على حساب تلك الشعوب ومعاناتها سواءً أكانت تلك المصالح على المدى القريب أو الاستراتيجي على المدى البعيد، وتسعى للتفرد بالقرار السياسي ولو خارج نطاق التوافق الدولي، وهي العائق أمام حريات الشعوب وتطلعاتها نحو التحرر من الاستبداد وتحقيق التوافق الديمقراطي، بل تدعم الأنظمة الشمولية والاستبدادية، وتعرقل ثورات الشعوب، وهناك العديد من الأمثلة الحية في العالم، تجلّى الدور الروسي مثلا في الوقوف مع الانظمة الاستبدادية ضد ثورات الربيع العربي، (ليبيا، مصر، سوريا ..الخ) واستخدامها لمرات عدة حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن “هيئة الأمم المتحدة” بهذا المجال مع الأنظمة وضد إرادة الشعوب وتطلُّعاتها نحو التغيير الديمقراطي، فضلاً عن دعمها لتلك الأنظمة بالمال والعتاد والسلاح أو بالأحرى تدخّلها المباشر عسكرياً في ذلك، وكذلك اليوم اعتداءاتها المباشرة على اوكرانيا وبعض الدول التي كانت تابعة للسوفييت، بل تسعى روسيا “ولو انها دولة ذات علاقات انتاج رأسمالي” نحو استعادة سيطرتها على تلك الدول متأثرة برواسب العقلية الاستبدادية المتوارثة عن النظام السابق. والصين، هي الأخرى تتحسس من تطورات دور الغرب بعد التغيير الكوني الذي حصل في العالم منذ أواخر الثمانينيات القرن الماضي وحتى الآن، وتسعى لفرض ذاتها كقطب اقتصادي سياسي دولي إلى جانب الغرب، ولئن استخدمت هي الأخرى حق النقض “الفيتو” في هيئة الأمم المتحدة ضد تلك الثورات والانتفاضات، إلا أنها تختلف نسبيًا عن روسيا، وتركّز على الجانب الاقتصادي أكثر منه في الجانب السياسي والصراعات الحادة فيها.
أما الغرب بمعظمه، سواء التحالف الدولي بزعامة أمريكا، أو غالبية دول العالم الحر، فقد رفعت منذ بدايات التغيير الكوني شعارات ومبادئ كأسس ينبغي اعتمادها أو دعمها، منها: (محاربة اسلحة الدمار الشامل، مكافحة الارهاب بأشكاله المختلفة، مناهضة الأنظمة الاستبدادية والدكتاتورية، العمل والمساهمة في بناء أنظمة ديمقراطية على أنقاضها، مناصرة حقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها، رفض العدوان أو اعتداء دول على أخرى ومناصرة المظلوم ضد الظالم ..الخ )، ويزداد قلق الغرب واهتمامه اليوم من تنامي الارهاب وخصوصا الاسلامي “داعش، القاعدة، نصرة .. الخ، وكذلك السلاح النووي ولاسيما الملف النووي الإيراني. أما الجانب الإقليمي، فهو الآخر متأثر بالوضع الدولي إن لم نقل في معظمه صنيعه، وعليه هناك دول تخدم مصالحها في صمت، وتساهم بشكل هادئ في هذا أو ذاك، وهناك دول أخرى تسعى لأن تعيد أمجادها الغابرة عبر زعزعة المنطقة وضرب أمنها واستقرارها، مثال تركيا وإيران، حيث لكل منهما أجندتها وأهدافها ومراميها، تركيا تدخلت ولا تزال في الشؤون الداخلية للعديد من الدول “سوريا، مصر، ليبيا، العراق، والدول التي تتحدث التركية التي كانت تابعة للاتحاد السوفيتي السابق، وإيران هي المسؤولة عن زعزعة الوضع الإقليمي وحتى الدولي أحياناً ولاسيما “سوريا والعراق واليمن ولبنان” ذلك بدعوى (تصدير الثورة) ونشر التشيُّع بالرغم من معاناتها من سوء الأوضاع داخلياً وخارجياً، هذا الى جانب تصديرها للإرهاب».
يتابع أمين: «أما الوضع في إيران اليوم، فهو في أسوأ مراحله بالنسبة لنظام الملالي، حيث الاحتقان الجماهيري في أوجه سواء لـ “كم الأفواه أو لسوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية أو للضغوطات الدولية والعقوبات الاقتصادية أو بسبب الملف النووي وتعثُّر مفاوضات فيينا بشأنه ..الخ”، كل ذلك، لتأتي الانتفاضة الجماهيرية السلمية العارمة التي اشعلت فتيلها المناضلة الشهيدة مهسا “زيان اميني” لتهز كيان نظام الملالي، حيث لجأ إلى استخدام السلاح في مواجهتها وقمعها دون رحمة، ومع ذلك استمرت الانتفاضة السلمية وحازت على الدعم دولياً وداخلياً، داخلياً حيث توسعها لتشمل العديد من المناطق والمكونات القومية والدينية والاثنية، ودولياً بشكل قلّ نظيره، وعليه فإن الوضع في إيران لا يمكن ان يستقرَّ مطلقاً حتى ولو تم القمع في أشد أشكاله، لأن حاجز الخوف قد تم إسقاطه، والنتيجة إما بتغيير النظام أو تغيير سلوكه».
يضيف أمين: «هجمات الملالي بالطائرات المسيرة على مناطق اقليم كوردستان العراق، ليست آنية، فهي بذريعة وجود قواعد ومقرات الحزب الديمقراطي الكوردستاني – إيران الشقيق، وإنما تأتي في سياق مخاوفها من تنامي دور الإقليم وقيادته ليكون سنداً قوياً لدعم نضال وكفاح الشعب الكُردي وحركته السياسية في الأجزاء الأخرى من كُردستان، لكن دون جدوى فالإقليم له حماية دولية».
يشير أمين: «إن التعاطف الدولي وتأييده الانتفاضة الجماهيرية العارمة غير كافٍ لتحقيق التغيير اللازم، لكن أعتقد ان الوضع سيكون أكبر وأوسع من التعاطف والتأييد لأن الكثير من الجانب الدولي كان ينتظر مثل هذا الظرف إن لم نقل أن هناك من ساهم في خلق مثل هذا الوضع المتأزم بالنسبة لنظام الملالي، وبانتظار الوقت المناسب».
يعتقد أمين: «بالنسبة لمستقبل الكرد وقضيته العادلة، إن الظروف وتطورات الوضع الدولي وحتى الإقليمي تأتي لصالحه وأن اكثر من قرن مضى على مآسيه وحرمانه من حقه في تقرير مصيره بنفسه، ويبدو أن الجانب الدولي يشعر بحيده عن الانصاف لهذا الشعب خلال المراحل المنصرمة، لكن يبقى الأمر أولاً وأخيراً مرهوناً بالكُرد أنفسهم ومدى قدرتهم على فهم المرحلة وتطوراتها والتفاعل معها واستثمار علاقاتها، ومدى امكانية الكُرد على تحقيق التوافق فيما بينهم سواء في مواجهة الخصوم أو في العمل والنضال بهذا الاتجاه، وكلنا ثقة وأمل ان قضية شعبنا لن تعود إلى الوراء بل تتقدم باضطراد طالما يؤمن بنهج الكُردايتي “نهج البارزاني الخالد” ويعتمد في نضاله على قوة جماهير شعبنا الكُردي نحو تحقيق المشروع القومي الكُردستاني الذي يقوده الرئيس المناضل مسعود بارزاني بهمة واقتدار».
إدراك الجميع أن معالجة القضية الكُردية يعتبر مدخلاً للسلطة والتنمية
تحدث عضو الهيئة السياسية في الحزب يكيتي الكوردستاني- سوريا، فؤاد عليكو، بالقول: «الأوضاع السياسية الدولية الراهنة لا تبشّر بحصول انفراج في أي ملف من الملفات الدولية العالقة، سواءً الموجودة في منطقة الشرق الأوسط أم في جنوب شرق آسيا أو في أوربا، خاصة بعد التدخُّل الروسي العسكري في أوكرانيا.
ففي الشرق الأوسط لا تزال الأزمة السورية واليمنية والليبية تراوح مكانها بعد صراع مرير منذ أكثر من عشر سنوات، بل أن هناك دولاً مرشحة للتصعيد أيضاً مثل العراق وإيران ولبنان وتونس، عدا عن عدم إيجاد حلول للقضيتين الفلسطينية والكُردية والتي انتهكت حقوق شعبيهما منذ قرن من الزمن بموجب الاتفاقات الدولية الجائرة آنذاك، والتي مازالت الدماء تنزف حتى الآن قرباناً لحريتهم، ويشكّلان عدم استقرار مستدام في المنطقة.
أما في جنوب شرق آسيا وعلى الرغم من الاستقرار النسبي الهش، إلا أن استعراض العضلات العسكرية بين أمريكا وحلفائها وبين الصين وكوريا الشمالية مستمر، وهناك بركان تحت الرماد لا نعلم متى تثور. أما في أوروبا فالبركان قد ثار بعد التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا، وهناك حرب مستعرة بين أمريكا وأوروبا من جهة وروسيا من جهة أخرى، وقد تكبر دائرة الصراع فيما لو أستخدم الروس أسلحة أكثر تدميراً وخطورة كالكيميائي والنووي. وبالنظر إلى هذه اللوحة الدولية الملتهبة في معظم المناطق الحيوية عالمياً نستنتج بأن الأزمات سوف تتصاعد أكثر، وأن العالم أمام تغييرات كبرى قد تطال حتى الخرائط الجغرافية وتختفي أهمية بعض الدول وتكبر دور الأخرى، لكن بعد مخاض عسير واثمان باهظة».
يتابع عليكو: «الحديث عن الوضع السياسي الإيراني معقد ومتشعب، فعلى الرغم من انتقادات الغرب المستمرة لإيران حول ملف حقوق الإنسان والملف النووي وكذلك حول تدخلها المستمر في شؤون الدول الإقليمية، إلا أنها تتفادى العمل بشكل جدي في مواجهتها، لابل تسعى إلى إرضائها وغضّ النظر عن غطرستها داخلياً وخارجياً رغم كل ممارساتها القمعية، لذلك وعلى ضوء ما تقدم نستطيع القول بأنه من المبكر الحديث عن دعم الغرب للانتفاضة الإيرانية الجديدة، خاصة وأن هناك تجارب مماثلة حدثت في إيران ٢٠٠٩ و٢٠١٩ ووقف الغرب متفرجاً أمام القمع الإيراني العاري بحق المنتفضين والتي ادت إلى اجهاضها. اما بالنسبة للانتفاضة الحالية لا نستطيع الحكم حتى الآن حول قدرتها على الاستمرارية، في حال اشتد القمع أكثر، كما أن الانتفاضة تفتقر إلى الرأس القيادي المحرك للانتفاضة، مما يجعلها أقرب للعفوية وتعبيراً عن سخط مزمن على الأوضاع السياسية والاقتصادية، علماً أن انتفاضة ٢٠٠٩ تصدرتها قيادات لها وزنها في الساحة الإيرانية والدولية مثل حسين موسوي رئيس الوزراء الأسبق ومهدي كروبي رئيس البرلمان ومع ذلك فشلت الانتفاضة، ويعود ذلك إلى التركيبة الإيرانية للسلطة والتي تتكون من رجال الدين وتجار البازار والجيش، وما لم يحصل تخلخل في العلاقة بين هذا الثلاثي فلن يحصل أي تغيير في الشأن الداخلي الإيراني، لكن هناك عنصر قوة لهذه الانتفاضة وهو قيام العنصر الشبابي رجالاً ونساءً في إدارتها مما يجعها أكثر حماساً وتمدداً، وإذا ما استطاعت امتصاص القمع لفترة أطول وتشكيل فريق موحد للقيادة، فإنه من الممكن أن تتحول الانتفاضة إلى ثورة حقيقية، وقد يحصل تخلخل في تماسك الثلاثي السلطوي، خاصة وأن الجيش متذمر من ممارسات الحرس الثوري وكذلك تجار البازار متذمر من تسلط الملالي، علماً كان في السابق يحاول رجل الدين إرضاء التاجر أملاً على منحه (الخُمس) من الزكاة حسب العقيدة الشيعية، لكن بعد استلام رجال الدين السلطة أصبح يفرض سلطته على التاجر كما يرغب. واذا ما حصل هذا التخلخل ووقف طرف منهم إلى جانب الانتفاضة، حينها قد يضطر الغرب إلى نفض يده من النظام القائم».
يضيف عليكو: «أن الهجمات الإيرانية على مناطق في اقليم كوردستان يعود إلى عاملين أساسيين: 1- ان إيران متذمرة من موقف الإقليم وخاصة من الحزب الديمقراطي الكوردستاني منذ بداية تشكيل تحالف مع القوى العراقية غير المؤيّدة للنظام الإيراني في مواجهة القوى الحليفة لإيران، ورغم زيارة المبعوث الايراني اسماعيل قاآني لهولير أملاً في تغيير موقف الديمقراطي لكنه فشل، إضافة لذلك استخدمت حلفاءها المحليين لضرب الإقليم بالقذائف، كرسائل تهديد مباشرة من أجل ثني الإقليم عن موقفه لكن ذلك لم يحصل ايضاً. ٢- يأتي ضرب مناطق الإقليم من قبل إيران مباشرة تحت ذريعة وجود مقرات لمقاتلين من كُردستان إيران في تلك المناطق وتحت هذه الذريعة يحاول النظام تصدير الأزمة الداخلية واشغال الشعب الإيراني بقضايا العامل الخارجي والمؤامرات الدولية على إيران، لكن هذه الذريعة لم تعد تنطلي على الشعب الإيراني، كما لم تعد كُردستان العراق مسرحاً لإيران تجول فيها كما يشاء».
يشير عليكو: «على الرغم من كل الظروف السيّئة التي يمر به الشعب الكُردي في الأجزاء الأربعة، إلا أن القضية الكُردية خرجت من قمقم الدول الإقليمية وتعتيمها إلى الفضاء الدولي، لابل اضحت قضية محلية في كل دولة، حيث بدأت القوى السياسية المحلية في التقرب من القضية الكُردية أملاً في كسب ودها وأصواتها، وبات الجميع يدرك بأن معالجة القضية الكُردية يعتبر مدخلاً للسلطة والتنمية، لذلك ينتابني التفاؤل بأن الشعب الكُردي سوف ينتقل إلى مرحلة إحقاق الحقوق في كل دولة وأن عصر التجاهل والانكار قد ولّى إلى غير رجعة، وهذا ما يتطلب من جميع القوى الكُردستانية رص صفوفها وتوحيد موقفها وذلك بالعودة إلى إعادة إحياء مشروع الرئيس مسعود البارزاني حول تشكيل مرجعية كُردستانية الذي أطلقه في هولير عام ٢٠١٣ فقد بات الظرف أكثر ضرورة والحاحاً».
التقدم والتطور العمراني في إقليم كُردستان لا يمكن لإيران وغيرها هضمها
تحدث عضو المجلس الوطني الكردي والقيادي في تيار المستقبل الكردي، علي تمي، بالقول: «حقيقة الوضع في إيران شائِك ومعقد، فالدول الغربية تستخدم هذه المظاهرات بغض النظر عن أسبابها، للضغط على طهران بغرض فرض أجنداتها حول الملف النووي، في فترات سابقة حصلت الكثير من المظاهرات في المدن الإيرانية لكن تمت قمعها والقضاء عليها من قبل الأجهزة الأمنية الإيرانية وتحت صمت الدولي، باعتقادي بعد انفجار أزمة اوكرانيا وتمدُّد الروسي في شبه جزيرة القرم وارتداداتها على الشرق الاوسط فواشنطن لن تعمل على إثارة وتحريك ملفات أخرى وخاصة اوروبا تعاني اليوم من أزمة اللاجئين والطاقة ولهذا السبب اعتقد ان الغرب سيعمل على تهدئة الاوضاع في إيران، وسيحاول إرضاء طهران بشتى الوسائل بهدف تهدئة الاوضاع في الشرق الاوسط لـ التفرُغ لملفات أخرى وخاصة موسكو وبكين تقرعان طبول الحرب في شبه الجزيرة الكورية وعلى حدود التايوان لهذا السبب من المحتمل ان يتم قمع هذه المظاهرات في المدن الإيرانية لان التوجه الدولي السياسي غير مساعد لاستمرارية هذه المظاهرات ومطالبهم المحقة في إيران».
يرى تمي: «ان إيران لديها خبرة طويلة في الشرق الاوسط للتعامل مع الغرب واجنداتهم في المنطقة، فطهران تمتلك اليوم أكثر من ورقة في اليمن أو العراق وسوريا وحتى لبنان بإمكانها تحريك هذه الأوراق كلما دعت الحاجة وتحرج واشنطن داخل هذه الساحة لهذا السبب باعتقادي ستحاول طهران عدم التصادم مع واشنطن مع إبراز أوراقها الحمراء في وجهها، وبالتالي واشنطن كما اسلفت لن تفتح جبهات أخرى وهي بغنى عنها لان الغزو الروسي لاوكرانيا غيّرَ الكثير من القواعد في التوازنات الدولية وإيران جزء من هذه اللعبة الى جانب روسيا ولهذا السبب اعتقد ان واشنطن لا يمكنها على الأقل في هذه المرحلة فتح جبهة أخرى على نفسها».
يعتقد تمي: «ان الهجمات المتتالية للحرس الثوري الإيراني على إقليم كُردستان تحت حجج ومبررات واهية هي رسائل تحذيرية لواشنطن، فطهران تدرك جيداً ان التحركات الامريكية والناتو بشكل عام نشطت في هذه الساحة وبالتالي تحاول تحذيرها قبل فوات الأوان، اما لماذا الإقليم لأنها الحلقة الاضعف في المعادلة وبالتالي تحاول طهران استغلال هذه الثغرة لاستخدامها ضد واشنطن في المنطقة، وبناءً على كل ذلك فقادة الإقليم يتعاملون مع التطورات بهدوء وحكمة ويتجنبون الدخول في المواجهة مباشرة مع طهران لانهم على علم تماما بما يجري في المنطقة».
يضيف تمي: «مستقبل الكورد سواءً كان في العراق أو سوريا فهما سيدخلان مواجهة حتمية ولو مؤجلة بمعنى ان التقدم والتطور العمراني في إقليم كُردستان لا يمكن هضمها من العديد من الدول، وبالتالي سيحاولون إثارة المشاكل داخل الإقليم سواءً من خلال حزب العمال الكُردستاني أو مليشيات شيعية أخرى لإشغال الإقليم بحروب مفتوحة وإضعافها اقتصادياً، وبالتالي جعل ساحة الإقليم ميدانياً لتصفية الحسابات الاقليمية والدولية».
يشير تمي: «ان استشهاد الناشطة الكوردية اميني هو ردة فعل الذي يمارس ضد حرية الرأي والتعبير والمعتقدات داخل إيران، هو رد فعل طبيعي على سياسة ممنهجة ضد العادات والتقاليد الاجتماعية في المناطق الكُردية في إيران، لهذا السبب كما قلت لعدم وجود العامل الدولي المساعد لمساعدة المتظاهرين لتحقيق أهدافهم السياسية والثقافية والاجتماعية، وبالتالي هناك احتمال كبير بأن يتم قمع هذه المظاهرات لأسباب عديدة ذكرتها آنفاً».
إيران وثورة وعي وفكر نير وتحرر قادتها النساء بالتوازي مع الرجال الشرفاء
تحدث الكاتب والسياسي، محمود مصطفى، بالقول: «قبل خوض اي حديث سياسي يتعلق بالجمهورية الاسلامية الايرانية في ايامنا هذه، لابد لنا العودة قليلا إلى الوراء لدراسة الاسباب التي سعى الغرب إليها لإسقاط حكم الشاه، وتسليم راية الحكم إلى ولاية الفقيه، ولإسقاط الدعاية التي تروّج على مسامع الأمتين العربية والاسلامية المتمثلة في (تحرير الاقصى والموت لأمريكا) أو في كل ما يتعلق محور المقاومة والممانعة. يذكر لنا التاريخ القريب أن الغرب اشار إلى الشاه التخلي عن الحكم لصالح الخميني في أول صدام بين الاثنين، لا بل نصحوا الشاه الذهاب إلى الرئيس السادات واللجوء إلى مصر، واختيارهم لمصر انما تلميحٌ وتذكير وذكر، ففي حرب اكتوبر قام الشاه بإرسال 600 ألف طن من النفط إلى مصر، كما وضع 100 طائرة مدنية ونقل عسكري في خدمة العرب وقيامها بنقل كتيبة سعودية إلى سوريا، ونقل المصابين من هضبة الجولان إلى مشافي طهران، كما سمح بمرور قطار جوي سوفياتي فوق الأجواء الإيرانية لدعم العرب على جبهات القتال، كذلك منع الشاه مرور المتطوعين اليهود من استراليا إلى اسرائيل عبر الأراضي الإيرانية، ولا ننسى مجاهرة الشاه في أكثر من مناسبة ومحفل دولي “على اسرائيل الانسحاب من أراضي 67 والقدس”.
هذه المقدمة لابد منها لتوضيح بعض الزوايا المعتمة قبل الولوج إلى أي حديث يتعلق بنظام الحكم القائم اليوم في طهران، فقد وجد لإيجاد التوازن السياسي والعسكري الإقليمي والدولي، ففي أول خطوة إقليمية له بعد ان تسيَّد المشهد الداخلي الإيراني، اشعل الحرب مع العراق، وبهذا أخرج أقوى الدول العربية من المعادلة العربية الاسرائيلية، كما أن الحرب أدى إلى تعميق الخلاف في العالم العربي، ومزّقت الجبهة العربية المشتركة، وأضعفت مكانة العراق بين الدول عدم الانحياز، وسعرت الحرب الإعلامية بين العرب».
يتابع مصطفى: «نظام خُلق لخلق التوازن الاستراتيجي وإسقاطها على مهام إقليمية معقدة، لكن الواضح أن الساحة المحلية تُركت فريسة لثقافة معتقد وشرور فكر، ليضاف بذلك جميع الشعوب الإيرانية إلى قائمة ضحايا هذا الوباء المبتكر في أقبية المخابرات الغربية، لقد أثبت هذا النظام استخفافه بكل القيم الانسانية منذ توليه إدارة البلاد، فقد نستطيع الاستدلال بمدى وحشية العقول المتحكمة بالبلاد ورقاب العباد في قول الخميني: “ان السلام دفنٌ للإسلام”، هذا القول هو النص المعتمد والشرع المقتبس منه لتأسيس مواد الدستور، من هنا فقط تستطيعون تَخيُّل هذه الدولة التي لا تنتمي الى عصرنا. للمتابع ان يتخيل مدى الاجرام الذي يتّصف به هذا النظام، أن يقدم على قتل روح بريئة من أجل فرض سيطرته عنوة على الشعب بتطبيق نص شرعي غير ملزم، كانت نتيجتها استشهاد شابة كُردية تحت التعذيب. التاريخ يعيد نفسه دائما إلا ان الديكتاتوريات ترفض هذا العطاء المجاني (دروس التاريخ) ».
يضيف مصطفى: «خرج الكوردستانيون في وجه الظلم، لبّوا نداء أنين مهسا في سجون الاستبداد وأشعلوها ثورة تحت شعار (المرأة- الحياة- الحرية) لتستوطن كل نساء ايران الشوارع في 120 مدينة بدءاً من العاصمة، ويلتحق بهنَّ الرجال بعد ان ملّوا من الظلم والقهر والعزلة والتقشف والبطالة وحكم الشعب بالحديد والنار، حاكم سخّر أموال الشعب وقدرات البلاد في تصدير كل ما يؤمِّن به إلى الخارج، وما يُملى عليه في المنطقة، بقراءة متواضعة ان تحوّلت هذه الانتفاضة الشعبية إلى ثورة اسقاط حكم الخامنئي، ستطال دولاً أخرى، وهذا ليس في صالح المتظاهرين، والأمور ستتجه إلى الأسوأ بعد تصريح رئيس البرلمان الإيراني: “يجب استخدام القسوة والقوة مع المتظاهرين لأن هدفهم إسقاط ولاية الفقيه”، وقد افتى بعض المرجعيات ان المتظاهر كافر، هكذا بكل بساطة حللوا دماء الشعب تحت راية الجهاد ومحاربة الكفر».
يردف مصطفى: «لابد من التذكير ان هذه الثورة ليست كسابقاتها، فهي الأقوى تصميما والأكثر شعبية والأوسع انتشارا، يشارك فيها أغلب فئات الشعب وحتى ضباط الجيش، غير ما تتلقاها من دعم خارجي والمشاركة الفاعلة من الشعوب والمؤسسات في الدول الديمقراطية، أي هي ثورة عبرت الحدود هذه المرة، وقد صرح بعض المسؤولين الروس ان حكام طهران قد لَمَحُوا لرئيس الكرملين ان أحد الخيارات هو اللجوء إلى روسيا، لكن السيد بوتين رفض واشار إلى قمع المظاهرات وسحق الانتفاضة، والحقيقة الجوهرية هنا ان هذا النظام لن يدعها تنمو أكثر من ذلك سيستخدم جميع المتاح لوأدها مهما كلف الشعب من تضحيات. خاصة وقد تلقّى الاطمئنان من الغرب بالإفراج عن المليارات السبع في هذا التوقيت، والقول صراحة أنهم يريدون من الخامنئي تصحيح سلوكه أي السير ضمن المسارات التي حددت له، ولا نية لديهم في تغيير وقلب نظام الحكم. وهذا أكبر دليل على كذب الإدعاءات الإيرانية الموجهة إلى كوردستان».
يشير مصطفى: «إلى ان الحقيقة الواضحة، الغرب غير صادق في الإخلال بالتوازن الإقليمي، وما قصف كوردستان إلا عملية تدوير الزوايا بشكل خاطئ وتصدير إيران لأزماتها الداخلية إلى الخارج، وأضعف الخواصر الإقليمية الدولة الجارة العراق، حتى ان بعض المتابعين للشأن الإيراني قالوا: “ماذا لو خسرت إيران من أمريكا في كأس العالم، هل ستقصف اربيل؟؟، بعد تبيان القليل القليل يمكن القول، ان جميع الظروف الإقليمية والدولية مؤاتية لإسقاط النظام ان كان لدى صناع القرار رغبة فهذا حال الحلفاء: – روسيا تحاول انتشال نفسها من المستنقع الأوكراني ولا تستطيع مساعدة طهران، على العكس تتلقى الدعم من خلال المسيرات الإيرانية الصنع.- الصين أكثر واقعية من روسيا وإيران ولا تريد خسارة الاسواق في مغامرة محسومة النتائج مقابل الحفاظ على العلاقة مع آية الله.- الشعب اللبناني مستاء من النفوذ الإيراني في بيروت، وعيون تراقب الأحداث في إيران.- العراق لها ما لها من أحمال تُغنيها عن التفكير بتقديم أية مساعدة، الاستثناء هنا كان قوات الحشد التي تطوّعت في الاستبسال والدفاع في شوارع إيران بعد تقاعس أغلب أفراد الجيش الإيراني عن قتل المتظاهرين. ربما المؤشر الوحيد الذي يدعو إلى التفاؤل بمعزل عن كل ما ذكر، هو الأجواء الشبابية المصاحبة لانتفاضة النساء، شباب بارعون في استخدام التقنيات الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي، إن نجحوا في إنزال الملايين إلى الشوارع، اسقاط النظام لا يحتاج سوى لـ72 ساعة، فهل يعيد التاريخ نفسه بعد 40 عاما، مطالب هؤلاء الشباب تجاوزت شعارات النساء المنتفض (المرأة، الحياة، الحرية)، هؤلاء رفعوا (الموت للديكتاتور). هل يتحرر الشعب الإيراني ويحرر شعوب المنطقة من فلسفات القرون الوسطى؟ أغلب الظن يكمن في، ماذا في جعبة المعارضة من برامج؟».
ما يحدث في إيران تفوق معنى الاحتجاج وتكاد تقترب من اعلان ثورة حقيقية
تحدث رئيس مجلس محلية تربه سبي للمجلس الوطني الكُردي، عبدالرحيم علي محمود، بالقول: «بالنسبة للأوضاع السياسية الدولية والاقليمية بتصوري باتت تدق ناقوس الخطر، لأنها صراع الاقطاب بدءًا من حرب الروسية – الأوكرانية وانتهاءً بالصراعات في منطقة الشرق الاوسط، فمن الواضح ان الصراع الدائر في اوكرانيا ليس إلا حرب بين روسيا وحلفائها وخاصة الصين وبين حلف ناتو بزعامة امريكا. واعتقد ان هذا الصراع سيطول مداه لأن ما يحدث ليس إلا عملية الوجود أو الفناء عن الساحة الدولية. وبالتالي ليس من السهل الاستسلام، ولهذا نجد في الآونة الاخيرة بعد الانتكاسات عدة في صفوف الجيش الروسي واستياء شعبي داخل روسيا، بات هناك تخوّف من استخدام السلاح النووي أو البيولوجي أو الكيمياوي من قبل قوات روسية. وبالتالي اشعال الحرب العالمية الثالثة وسيصبح العالم بالأجمع تحت رحمة السلاح والتكنولوجية المتطورة القادرة على تدمير المعمورة. ناهيك عن الازمة التي تمر بها العالم وخاصة في مجال الاقتصادي والطاقة والهجرة والتهجير نتيجة هذا الحرب. وحتى في منطقتنا نجد أن الصراع بين نفس الاقطاب، ولكن بآليات واستراتيجيات مختلفة منتهكين سيادة الدول المنطقة».
يعتقد محمود: «أن ما يحدث في إيران في هذه الايام إبان مقتل الفتاة الكُردية جينا اميني تفوق معنى الاحتجاج، ويكاد يقترب من إعلان ثورة حقيقية، وما يميزها عن سابقاتها هو اتساع رقعة هذه الاحتجاجات حيث باتت تشمل اكثر من 150 مدينة وبلدة، ثم نوعية فئات الشعب المشاركة في هذه الاحتجاجات وخاصة طلاب وأساتذة الجامعات والطبقة الوسطى، ثم بعض الانشقاقات في صفوف الجيش ناهيك عن رفض الجيش بقمع المتظاهرين في عدة المناطق، رغم ان نظام الإيراني القمعي الديكتاتوري يملك خبرة كبيرة في قمع الاحتجاجات، وذلك باللجوء إلى آلة القمع والقتل والاعتقالات ضارب بعرض الحائط جميع القوانين حقوق الانسان والاعراف الدولية، أليس هذا النظام هو الذي اخمد الثورة في سوريا؟ كما اخمد الاحتجاجات في لبنان والعراق مستعيناً بميليشياتها من حزب الله والحشد الشعبي والحرس الثوري هناك. وبالتالي بتصوري سيتم إخماد نار هذه الاحتجاجات وخاصة في غياب وجود إرادة دولية حقيقية في تغير نظام الملالي في إيران، لأن وجود هكذا نظام في المنطقة يعني وجود الصراعات وعدم الاستقرار، وبالتالي تبرير وجود القوى العظمة مثل امريكا في المنطقة وتوسل دول المنطقة منها لأجل حمايتهم من هكذا نظام».
يتابع محمود: «نتيجة تخوُّف النظام الايراني من تأجيج هذه الاحتجاجات وبالتالي تحويلها الى ثورة حقيقية لإسقاط النظام، ولم يتم ذلك الا اذا تم مواجهة آلة القمع في ايران، وإن هذه المواجهة لا يمكن ان تتم الا عن طريق القوة العسكرية المعارضة الوحيدة الموجودة وهي قوات البيشمركة للأحزاب الكُردستانية في إيران، حيث ان النظام الإيراني يعتبر ان هذه القوات تستمد دعمها العسكري واللوجستي من إقليم كوردستان، ومن جهة أخرى هي ليست إلا رسالة للحزب الديمقراطي الكوردستاني للتخلي عن التيار الصدري المعارض، وبالتالي عليها التقرب من اطار التنسيقي الموالي لنظام الملالي. وجميعنا يعلم ان صاحبة الشرارة الأولى لهذه الاحتجاجات هي فتاة كُردية والنظام الملالي يدرك ان اقليم كوردستان وخاصة الحزب الديمقراطي الكوردستاني يعتبر المرجعية العليا للشعب الكوردي».
يرى محمود: «ان القيادة السياسية الكُردستانية استفادة من تجارب نضالها عبر القرون الماضية، واصبحت تدرك جيدا من أين تُأكل الكتف، وخاصة القيادة السياسية في إقليم كوردستان المتمثلة بشخص الرئيس مسعود البارزاني الذي ترعرع في مدرسة النهج البارزاني الخالد، وجميع القوة العالمية العظمة باتت تدرك ان الشعب الكُردي من أكثر شعوب المنطقة تحترم وتلتزم المبادئ الديمقراطية والتعايش السلمي، وتعمل جاهدة في بناء دولة حضارية، ناهيك عن انه شعب اصيل يعيش على أرضه التاريخي، وبالتالي الظروف الموضوعية باتت على أكمل الوجه. ولكن بالنسبة لظروف الذاتية مازال الشعب الكُردي منقسم ومشتت بين عدة أحزاب سياسية وايديولوجيات مختلفة ولدى بعض هذه الاحزاب وصلت إلى حد الخلاف مع الآخرين والاصطفاف مع العدو لأجل الحفاظ على وجوده ومصالحه الحزبية، وبالتالي تحولوا إلى منظومة وظيفية يفعل ما يأمر».
يشير محمود: «إن التعاطف والشفقة.. لا معنى لهما في السياسة، وكما ذكرت سابقا لا يوجد إرادة حقيقية من قبل القوة العظمة في تغيير النظام الايراني. لان وجود هكذا نظام يعني الاستمرار في ابتزاز دول المنطقة وسلب خيراتهم. وهذا لا يعني بان هذه الدول العظمى ستسمح ان يصبح هذا النظام قوة إقليمية كبيرة، وبالتالي سيتم دعم هذه الاحتجاجات لاستنزاف طاقات هذا النظام وإمكانياته العسكرية والاقتصادية والاجتماعية».
أخيراً:
ان ما يجري في إيران من احتجاجات رد فعل طبيعي لسياسة الملالي الاستبدادية والقمعية، لذلك ليس كل مرّ تسلم الجرّة، سياسة القمع أخمدت احتجاجات الماضية ولكن هذه المرّة قد تكون بداية نهاية لنظام استبدادي متغطرس لا يعرف الرحمة ولا إنسانية، اليوم الشعب الإيراني يقول كلمته.
التعليقات مغلقة.