المجلس الوطني الكوردي في سوريا

التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا، عن شهر آب 2022م..

258

 

يبدو أن محور ” سوتشي- استانا ” يتنشط ويخطو خطوات عملية جادة باتجاه تطورات هامة ولاسيما بعد لقاء القمة الثلاثية ( بوتين، أردوغان، رئيسي ) في طهران شهر تموز المنصرم، ولقاء ” بوتين – اردوغان ” بعدها في سوتشي ما أسفر عن ترتيب باتجاه مقايضات على حساب الشعب السوري، عبر تخلي ايران والنظام عن حزب الاتحاد الديمقراطي ( ب ي د ) وقوات سوريا الديمقراطية ( قسد ) مقابل تخلي تركيا عن المعارضة السورية، والعمل باتجاه مصالحة بين تركيا والنظام السوري من خلال إحياء وتفعيل اتفاقية اضنة الأمنية لعام 1998 بين الجانبين ” السوري والتركي “، وما صرح به وزير خارجية تركيا بعد لقائه مع نظيره السوري على هامش اجتماع حركة دول عدم الانحياز في العاصمة الصربية بلغراد في اكتوبر العام المنصرم، وأسماها مصالحة بين النظام السوري والمعارضة السورية، ومن ثم الترتيب لـ لقاء بين الرئيسين السوري والتركي لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق، أي أن ” الثورة السورية” قد انتهت – بحسب هدف الاتفاق- مقابل انتهاء قسد وادارة ب ي د ضمانا لأمن تركيا وحدودها..
إن المساعي المذكورة قد تؤتي نتائج باتجاه شكل من المصالحة بين النظامين التركي والسوري، أو تحقيق نوع من التفاهم بين بعض الأطراف على غرار درعا والسويداء ممكن إلى حد ما، لكن أن تكون باتجاه الحل السياسي الشامل للأزمة السورية فهذا ربما يكون مستبعداً بسبب العراقيل والعقبات الكثيرة دولياً وإقليمياً وحتى محلياً، فهيئة الأمم المتحدة ومعها التحالف الدولي متمسكة بالحل السياسي وفق مرجعية جنيف1 والقرار الدولي 2254 والقرارات الدولية الأخرى ذات الشأن، ثم لأمريكا دور هام في سوريا، فهي ماتزال متشبثة بمنطقة نفوذها في شرقي الفرات، كما أنها لم تبد تخليها عن قوات سوريا الديمقراطية ” قسد ” ولاسيما أن خطر تنظيم داعش مازال قائماً، ومخيم الهول مازال مكتظاً بتوابعه، وعموماً ليس هناك ما يشير إلى تخلي أمريكا عن سوريا والمنطقة لمصلحة إيران وبعض القوى الإقليمية الأخرى، وفي الجانب المحلي قد تتخلى تركيا عن المعارضة السورية، لكن ترتيب الوضع وضمان العودة الآمنة للمهجرين سواء من تركيا أو مهجري الداخل السوري وخصوصاً في محافظة ادلب أمر في غاية الأهمية والصعوبة في آن، هذا فضلاً عن المشردين في العراء وفي ديار الغربة والذين تكبدوا خسائر جسيمة في الأرواح والممتلكات، أي أن صعوبات وعراقيل الحل السياسي الشامل للأزمة السورية كثيرة ومعقدة ..
تركيا، تسعى لتعزيز دورها في الأزمة السورية من خلال تفعيل اتفاقية أضنة لعام 1998″بين سوريا وتركيا ” وتوسيع نطاق مفعولها بحيث تسمح لتركيا دخول المزيد من الأراضي السورية وبعمق قد يصل إلى 30 كم بدل 5 كم، بدعوى ملاحقة عناصر حزب العمال الكردستاني، الأمر الذي يسيء لكيان الدولة السورية وشعبها، ويجعل لتركيا المجال أوسع في سوريا وبشكل ” قانوني ” ويؤسس لمشروعها فرض المنطقة الآمنة على طول حدودها مع سوريا، تلك هي خدمة جليلة مقدمة لتركيا وبتوافق الأطراف المعنية، كما أنها تحاول الاستفادة من تبعات الدور الروسي في المنطقة بعد تورّط هذه الأخيرة في حربها على أوكرانيا، ولن تتردّد في تعزيز علاقاتها مع دول المنطقة الأخرى ولاسيما العربية وحتى اسرائيل مستغلة الفرصة المناسبة لها ولو على حساب علاقاتها مع حلفائها التقليديين..
إيران، رغم علاقاتها الوطيدة مع حزب العمال الكردستاني ولاسيما قيادة قنديل، إلا أنها تؤثر في علاقاتها جانب النظام السوري على العلاقة مع الحزب المذكور وفروعه، لأسباب وقضايا استراتيجية معروفة تجمعهما، ثم أن سوريا تشكل مجالاً حيوياً لسياستها ما يعزّز دورها في عموم المنطقة، أما في علاقاتها مع روسيا ولو بشكل مرحلي فهي تنسق معها وتبادل المصالح في مواجهة الغرب، وربما تستفيد منها في العديد من المجالات الأخرى مثل موضوع ملف الاتفاق النووي- فيما لو أنجز- ربما يعود إلى إيران بفوائد سنوية تقدر بعشرات المليارات من الدولارات، وقد تستخدمها في المزيد من التدخل بشأن دول المنطقة وفي تهديد أمنها واستقرارها..
العراق، مازال الصراع يزداد حدة بين الكتل السياسية وخصوصاً التيار الصدري والإطار التنسيقي وتجاوز الوضع من الجانب السلمي إلى حد إراقة الدماء بين الجانبين، ويبدو أن التيار الصدري يستمر في عزمه على محاربة الفساد وبؤره، والتركيز على تعزيز الجانب الوطني العراقي وكسبه المزيد من الشارع وأوساطه الشعبية المتضررة من استمرار الفساد وأعوانه، وكلما استمر الوضع رغم تعقيداته فإن الإطار هو الذي يتضرر، وتنكشف مراميه، وينحصر في الزوايا الضيقة، فهو اليوم في حيرة من أمره سواء استمر في الصراع أو لجأ إلى تشكيل الحكومة أو دعا إلى إعادة الانتخابات البرلمانية، أي أنه خاسر في كل الأحوال، بينما التيار وحلفاؤه يتجهون نحو المزيد من التقدم والنجاحات رغم المتاعب والأعباء الثقيلة ورغم مرور الزمن و اشتداد معاناة العراقيين وما يهددهم من حالة الفوضى وتهديد أمن واستقرار البلد، وعلى مبدأ ” الفرج آت وكل آت قريب ” .
إقليم كوردستان، قيادة الإقليم تتصرف باتزان وروية مع الأطراف المعنية سواء على مستوى العراق أو في داخل الإقليم، فرغم تعاونها التام مع حلفائها ولاسيما التيار الصدري والسنة ” حلبوسي ” إلا أنها تتعاطى مع الجانب المخالف أيضاً بموضوعية وحرص على العراق وأمنه واستقراره، وتسير في هذا المنحى بمبادرات وتوجهات مسؤولة، وهكذا مع القوى والأحزاب السياسية في داخل الإقليم وما يتطلب من ترتيب البيت الكردي والتحضير للانتخابات البرلمانية الكوردستانية المزمع إجراؤها قبل نهاية العام الجاري 2022، كما أن قيادة الحزب الديمقراطي الكوردستاني PDK “الشقيق تستعد لعقد مؤتمر الحزب أيضاً في وقت لاحق من هذا العام، أي أن قيادة الإقليم ولا سيما قيادة الحزب الشقيق تتعاطى باعتدال مع مختلف القضايا وعلى المستويات كافة، معتمدة في ذلك على حكمة الرئيس المناضل مسعود بارزاني وتوجيهاته الرشيدة في تلك القضايا أجمعها، ما يعني العمل وفق توجه واضح وبوصلة دقيقة ما يجنبها الوقوع في الأخطاء ما امكن ..
غرب كوردستان، الوضع على العموم ينتابه القلق والحذر نتيجة تداعيات قمة طهران الأخيرة ولقاء سوتشي بين الرئيسين الروسي والتركي وما نجم عنه من تطورات دراماتيكية كما ذكرنا، وما تتعرض لها المنطقة الحدودية من القصف التركي المتفرق المستمر، هذا إلى جانب الغموض الذي يكتنف مستقبل المنطقة جراء ذلك، كل ذلك فضلاً عن ممارسات السلطة القائمة في المنطقة من سياسة تجويع الناس وفرض الإتاوات عليهم وملاحقة الشباب وحتى البنات القاصرات للتجنيد الإجباري، وافتقار الناس الى مستلزمات الحياة الضرورية بسبب غلاء الأسعار وتدنّي القدرة الشرائية نتيجة البطالة والفقر المدقع، وندرة المواد الأخرى مثل الغاز وانقطاع المياه عن مدينة الحسكة وريفها ما يشكّل مناطق شاسعة منها، وارتفاع أسعار الوقود بشكل مستمر، كل ذلك يجعل المواطن في ضائقة خانقة ضاغطة باتجاه النزوح أو الهروب إلى خارج البلاد، وفي هذا السياق نؤكد دائماً أن معاناة المناطق الأخرى ” عفرين، سري كانيه، كري سبي ” أقوى وأشد بسبب الانتهاكات المستمرة من الميليشيات المسيطرة هناك، وإن على اللجان المختصة من المجلس الوطني الكردي التحرك الدائم والمستمر في هذا الاتجاه لرفع المعاناة والأعباء أو تخفيفها عن كاهل المواطنين، والسعي لعودة النازحين والمهجّرين إلى ديارهم وممتلكاتهم وتمكين المواطنين من إدارة مناطقهم بأنفسهم بعد ابعاد المسلحين إلى خارج مراكز المدن والبلدات.
إن حزبنا ” الحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا، إذ يرى أن الوضع العام في المنطقة يتطلب المبادرة باتجاه الحوارات واللقاءات المسؤولة للبحث عن سبل ومخارج لأزمات المنطقة، وما ينبغي من تحرك جاد لدى الحلفاء والأصدقاء ولجان حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني في هذا الصدد..

المكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا
قامشلو 1 / 9 / 2022م

التعليقات مغلقة.