عزالدين ملا :الشعب السوري والدخول إلى العام 2022 وفي عيونهم حسرات وآمال وانفراج قريب
دخلنا العام 2022 بخفي حنين دون أن يشعرنا 2021 بأن العادم القادم أكثر جمالاً وإشراقاً، مضت سنة على ولاية رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن دون أن تتضح سياستها الخارجية، اشتدت الأزمات خلال العام المنصرم وازدادت الاضطرابات والمعاناة في العالم وخاصة في الشرق الأوسط. الانسحاب الأمريكي المفاجئ من أفغانستان ودورها السياسي السلبي من خلال إدارة الأزمات في العالم، سياستها أدخل الخوف والحيرة إلى مضاجع الدول والشعوب على حدٍ سواء.
أما روسيا فتتحرك بحذر لعدم وضوح السياسة الأمريكية، ولكنها أدخلت كامل ثقلها لوضع سوريا تحت هيمنتها، والخلافات التركية الروسية حول بعض المواضيع في الشرق الأوسط، هذا كله خلق أجواء سياسية غير مستقرة. الشعب السوري فقد الأمل بالمستقبل ولا رؤية سياسية للحلول القريبة، فقط الإنتظار هو سيد الموقف. كورديا، ليسوا أحسن حالا، بل الوضع السياسي والاقتصادي في أسوأ حالاته.
1- ما تحليلك للعام 2021، سياسيا واقتصاديا؟
2- لماذا لم تتوضح السياسة الأمريكية حتى الآن في الشرق الأوسط وخاصة في سوريا والعراق؟
3- كيف تحدثنا عن الوضع الكوردي في العام المنصرم؟ وهل هناك بوادر في حلحلة المشكلة الكوردية في العام الجديد؟
4- هل ستكون سنة 2022، عام المفاجآت في سوريا والشرق الأوسط؟ ولماذا؟
عام ٢٠٢٢ عام التحولات الإيجابية سورياً
تحدث عضو اللجنة السياسية لحزب يكيتي الكوردستاني- سوريا، فؤاد عليكو، بالقول: «بقراءة متواضعة للواقع السياسي والاقتصادي لعام 2021م، نلاحظ بكل وضوح أنها من أسوأ الأعوام على الصعيد السياسي، حيث لم تلاحظ الساحة السياسية السورية أي تحرك جدي في اتجاه تغيير الحالة القائمة سوى دعوة يتيمة في عقد اجتماع اللجنة الدستورية في جنيف في شهر تشرين٢، دون أن يسفر ذلك عن أي تقدم ،لا بل أعلن المبعوث الدولي غير بيدرسون صراحة عن أسفه على فشل الجولة، وكذلك كوردياً لم يحصل أي لقاء بين الطرفين (المجلس الوطني الكردي وأحزاب الوحدة الوطنية) في عام ٢٠٢١، نتيجة فتور الإهتمام الأمريكي بالموضوع وإنشغالهم في تغيير القيادة الأمريكية السابقة، بعكس عام ٢٠٢٠ التي شهدت نشاطاً أمريكياً مميزاً في التقارب بين وجهات النظر بين الطرفين، أسفرت عن إنجاز الوثيقة السياسية، وأسس تشكيل المرجعية المشتركة. أما على الصعيد الاقتصادي فحدث ولا حرج، فقد ازدادت الأوضاع الاقتصادية سوءاً وتدنى بشكل كبير مستوى المعيشة لدرجة أضحت تأمين الحاجات الأساسية اليومية من خبز وغاز وماء وكهرباء ووقود الشغل الشاغل لرب الأسرة والذي بات يفكر يومياً عن طريقة هروب من هذا الواقع الأليم إلى خارج سوريا، إضافة إلى تفشي وباء كورونا بشكل كبير دون وجود القدرة الكافية على مواجهته. لذلك استطيع القول أن عام ٢٠٢١ يعتبر عام الركود السياسي والكوارث الإقتصادية والصحية للشعب السوري ناهيك عن فقدان الأمن والاستقرار في جميع المناطق السورية دون استثناء».
يتابع عليكو: «من طبيعة السياسة الأمريكية عندما تؤول القيادة السياسية لأمريكا من حزب إلى آخر، يعكف الفريق الجديد على إجراء مراجعة شاملة للسياسة السابقة، ومن ثم رسم سياسة جديدة للفريق الجديد قد تتوافق أو تختلف عن الفريق السابق، وهذا ما لاحظنا بقوة في الموقف من الاتفاق النووي ال إيران ي وكيف وقعها أوباما ونسفها ترامب ثم يحاول بايدن العودة لها، وهكذا يحصل في مختلف الاستراتيجيات السياسية الأمريكية، ومن الواضح أن الملف السوري أمريكياً أقل أهمية من بين العديد من الملفات كالصين والنووي ال إيران ي وأوكرانيا والخليج، لكن ومع ذلك دعنا نتفاءل قليلا فقد تم اخيراً تشكيل فريق أمريكي جديد معني بالملف السوري، نأمل أن نلمس من هذا الفريق المزيد من الاهتمام والتفاعل الإيجابي لإيجاد حل للازمة السورية، إذ لولا التوافق الأمريكي / الروسي فلن يكون هناك حل في سوريا لا بل استمرار اللأزمة والمأساة».
يضيف عليكو: «شئنا أم أبينا القضية الكوردية جزء من القضية السورية، وحلها مرتبط بالحل السياسي السوري العام، لذلك لم يحصل أي تطور جديد على الوضع الكوردي أسوة بالوضع السوري العام».
يعتقد عليكو: « أنه بعد تشكيل الفريق الأمريكي المعني بالملف السوري سوف نشهد تحركاً ملموساً باتجاه البحث عن الحلول للأزمة السورية، ولاسيما أن جميع الأطراف المعنية بالأزمة بدأت تتحرك في هذا الإتجاه بعد أن وصلوا إلى قناعة باستحالة الحل العسكري للأزمة السورية، وهذا ما نلمسه من خلال اللقاءات المتكررة بين الفريق الروسي والأمريكي، وكذلك ما شهده مؤتمر آستانة مؤخراً من تأكيدهم على العمل معاً من أجل التقدم في السلة الدستورية ومساعدة المبعوث الدولي في مسعاه، وكذلك توجه تركيا إلى إعادة العلاقات مع دول الخليج ومصر إلى وضعها الطبيعي، وهذا ما يجعل من هذه الأطراف العودة للعمل معا كفريق موحد حيال الأزمة السورية ودعم المعارضة، إضافة إلى ما نشهده من تحرك لقوى المعارضة أيضاً من تحرك لِـ لملمة أوضاعها، وتوحيد صفوفها في مواجهة المرحلة القادمة، وإعادة إحياء وتفعيل الهيئة العليا للمفاوضات، وما دعا إليه الدكتور رياض حجاب إلى عقد ندوة بحثية حول الأزمة في شباط ٢٠٢٢، بعد لقائه ببوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي، وكذلك مع جاويش أوغلو وزير الخارجية التركي لم يأت من فراغ، كل ذلك مؤشرات منطقية على أن العام القادم عام التحرك الدولي والإقليمي والمحلي بإتجاه التحضير من أجل حل سياسي في سوريا من خلال مؤتمر جنيف وفق القرار الدولي ٢٢٥٤. كوردياً فقد تم تعيين مبعوث أمريكي جديد لرعاية الحوار بين الطرفين وهو الآن يقوم بمشاوراته لإيجاد صيغة مقبولة بين الطرفين تمهيداً لإنطلاق المرحلة الثانية، وهو إيجاد تفاهم مع القوى العربية في شرق الفرات وحتى غرب الفرات بغية تشكيل كتلة موحدة للمعارضة وموقف موحد في مواجهة استحقاقات المرحلة القادمة، وعلى الرغم من رفع سقف هذه التوقعات، إلا أننا أمام دولة كأمريكا لن يكون هناك مهام صعبة أمامها إذا ما مارست الجدية في تحقيق ذلك. وعليه أعتقد القول أن عام ٢٠٢٢ عام التحولات الإيجابية سورياً».
تكرار تجربة العراق وإقليم كوردستان في سوريا
تحدث الباحث ونائب رئيس اتحاد كتاب كوردستان سوريا، نايف جبيرو، بالقول: «ها نحن نودّع عام 2021 بكلّ مآسيه، والآمال والطموحات المخيّبة لكل صغير وكبير، لنستقبل عام 2022 بآمالٍ في ظروفٍ أكثر ضبابية وتعقيداً، سورياً وكوردياً. عشر سنوات والسنة الحادية عشرة من عمر الأزمة السورية على الأبواب، عام بعد عام والأزمة تتدحرج من نفق مظلم لتسير وتدخل في نفقٍ أكثر ظلاماً. ابتدأت بثورة سلمية وحناجر تصدح للحرية، وبأغصان الزيتون رمزاً للسلام والأمن والعيش المشترك، لتنتهي بفصائل اسلامية متطرّفة تجزّ الرقاب وتحرق أرض الزيتون، ولتبتعد (180) درجة عن أهداف الثورة السلمية، ولتتوعّد بإمحاء وجود مكوّن أساسيّ من مكونات الشعب السوري، المكوّن الكوردي تحت ذريعة وحجة محاربة حزب العمال الكردستانيّ، هذا الحزب العابر للحدود وللأهداف القومية، الذي أخذ القضية الكردية السورية رهينة أجنداته الأيديولوجية المجهولة المصير والهوية، أمام هذا الواقع الذي ما كان من الممكن أن يتم دون معرفة ودراية أمريكية، ودون أن تكون ما تم، ما كانت أمريكا تسعى لترسيخها على أرض الواقع وخاصة فيما يتعلق بتشرذم الحالة الكوردية الحليف الأفضل والمتوقع والحامي للمصالح الأمريكية في سوريا والمنطقة، وأمام تلك الحالة الكوردية المتشرذمة الغير متوافقة مع الإرادة الأمريكية جاءت وبضوء أخضر أمريكي أحداث عفرين ومن ثم كري سبي وسري كانييَ وإحتلالها من قبل الدولة التركية وفصائل المرتزقة، كرسالة إنذارٍ للإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية أن شمال شرق سوريا والمنطقة الكوردية برمتها مهددة بإجتياح تركي إنْ لم تغيّر سلوكها وتُبعد عناصر حزب العمال الكردستاني عن شؤون الإدارة الذاتية، وتقبل بإدارة مشتركة وحقيقية مع الأحزاب الكوردية الأخرى ومع ممثلي بقية مكونات المنطقة».
يتابع جبيرو: «في السنة الأخيرة من ولاية الرئيس الأمريكي ترامب 2019 وبعد خسارة عفرين وكري سبي وسري كانيي استوعب ممثلو الادارة الذاتية وقائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم كوباني فحوى الرسالة الأمريكية، من أن بقاء الرئيس الأمريكي ترامب في منصبه لدورة ثانية- وهذا ما كان متوقعاً- فإن روج آفا بكاملها ستكون مهددة بالإجتياح التركي وبإنتهاء تجربة الإدارة الذاتية، وبناءً على ذلك أطلق قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم كوباني وبالتنسيق مع قيادة إقليم كوردستان والرئيس مسعود البارزاني، مبادرته لبدئ الحوار الكوردي وبضمانة قوات سوريا الديمقراطية بإلزام طرف الإدارة الذاتية بتنفيذ كلّ ما يتوصلون إليها من إتفاقات، وعلى هذا الأساس بدأت جولات الحوار الكوردي الذي قطع أشواطاً كبيرة نحو الإتفاق النهائي وبإشراف أمريكي مباشر الذي كان أصلاً يسعى لهذا الأمر، إلا أنّ إنشغال الإدارة الأمريكية بالإنتخابات الرئاسية بنهاية 2020م، توقفت جولات الحوار الكوردي، على أمل استئناف الحوار من جديد بإشراف الإدارة الأمريكية الجديدة، إلا أن فوز الرئيس الأمريكي جو بايدن المعروف بمواقفه السلبية المتشددة تجاه الرئيس التركي أردوغان وسياساته في المنطقة، الأمر الذي كان من شأنه استبعاد إمكانية السماح لتركيا بإجتياح المناطق الكوردية، الأمر الذي شجّع مسؤولي الإدارة الذاتية وكوادر حزب العمال الكردستاني في هذه الإدارة على خلط أوراق الحوار الكوردي من جديد ليستمر هذا التوقف إلى اللحظة التي نحن فيها، وذلك من خلال إبتداع منظمة تحت مسمى الشبيبة الثورية /جوانين شورشكر/ وتكليفها بممارسة كل الأعمال والتصرفات التي من شأنها عرقلة هذا الحوار سواء بحرق مكاتب أحزاب المجلس الوطني تحت جنح الظلام، أو بإعتقال أعضائها ومناصريها، أو بالتهجم على بعض النشاطات والفعاليات الإجتماعية، ووسائل الإعلام وآخرها كان إقتحام معبر سيمالكا المنفذ الحيوي لمجمل حياة سكان روج آفا والتسبب في إغلاقها».
يضيف جبيرو: «بظروف إقتصادية وحياة معيشية صعبة مضى عام 2021م، حيث الفقر والغلاء الفاحش للأسعار وتدني وتدهور قيمة العملة السورية وتحكم تجار الحروب والسماسرة والفاسدين بلقمة عيش الناس، ومما زاد في تحطيم معنويات الناس التواقة إلى الهرب والهجرة، كالطيور التي تريد أن تخرج من أقفاصها وتنال حريتها، فقدان الأمل في الأفق المنظور نتيجة العقلية الكوردية القديمة الجديدة في الصراع والتناحر البينيّ دون أن تكون لدى منظريها وسياسييها أدنى إحساسٍ بمسؤولية المرحلة وحساسيتها والسعي لتأمين الحقوق والأمن والاستقرار لأبناء جلدتها.
لكن رغم هذا وذاك، ورغم العقلية الكوردية التي لا تملّ، ولا تأخذ العبرة من التاريخ البعيد والقريب، فإن الرياح قد لا تجري كما تشتهي الذهنية الحزبية والإيديولوجية لهذا الحزب أو ذاك، فأمريكا كدولة عظمى لم تأتِ إلى سوريا أو العراق ومنطقة الشرق الأوسط برمتها لتحقق رغبات هذا الطرف أو ذاك وإنما لتحقيق مصالحها، وربما قد تكون من صدف الأقدار أن تكون تحقيق هذه المصالح مرتبط بضرورة إتمام الحوار الكوردي رغم إرادة من يحاول عرقلتها، ولهذا من المتوقع استئناف الحوار الكوردي مع بداية العام الجديد، لتبدأ المرحلة الثانية والمتممة لهذا الحوار، أي بين الكورد وبقية المكونات في المنطقة تمهيداً لإنشاء معارضة جديدة بديلة لتلك المعارضة المرتهنة إرادتها بإرادة الدولة التركية، معارضة جديدة لن تكون مكان تواجدها إلا في شرق الفرات بناءً على تفاهمات وتوافقات بين جميع المكونات وبإرادة ورغبة أمريكية، ولتكون شرق الفرات تكرار لما يشبه إقليم كوردستان العراق في تسعينيات القرن الماضي، وما مؤتمر استوكهولم بمملكة السويد إلا خطوة من خطوات السير في هذا المنحى».
يؤكد جبيرو: «إلى أن أمريكا لن تغادر العراق وسوريا كما غادرت أفغانستان، كون تلك المغادرة تعتبر مغادرةً من الشرق الأوسط برمتها وهذا مما لا يدخل في المصلحة الاستراتيجية الأمريكية. لا زال البعض بل وأغلب المحللين يرون غموضاً في الاستراتيجية الأمريكية في سوريا والعراق، أو بمعنى آخر يرون بعدم وجود خطة أمريكية واضحة تجاه مسألة حل الأزمة السورية، لكن في واقع الحال فإن دولة مثل أمريكا من الطبيعي أن تكون رؤيتها حول هذه المسألة أو غيرها غير واضحة لدى الآخرين لكن من المؤكد أنها كدولة عظمى لا يمكن أن لا تكون لديها خطة محكمة ومدروسة وواجب التطبيق والتنفيذ ولو استغرق ذلك سنوات وسنوات، ولهذا من المتوقع أن يشهد العام الجديد تطورات دراماتيكية في مسار الأزمة السورية، لكن من الواجب والمفروض على قيادات الأحزاب الكوردية برمتها إعادة النظر في تلك العقلية القديمة وبما يخدم عدم فوات الفرصة لتحقيق آمال وحقوق الشعب الكوردي وتضمينها دستورياً وهي فرصة قد لا تتكرر ولو بعد مئة عام».
سياسة طحن دون جعجعة
تحدث الكاتب والسياسي، دوران ملكي، بالقول: «من المعروف أن السياسة في الولايات المتحدة الأمريكية هي سياسة مؤسسات التي تضعها المؤسسات البحثية التي ترسم السياسة المستقبلية مع هامش من الحركة لرئيس الجمهورية باستثناء فترة الرئيس ترامب، حيث تميزت فترته بالإرتجالية والفوضوية، وأثرت على موقع الولايات المتحدة الأمريكية كقوة إقتصادية وسياسية سيادية في العالم، وأبعدتها عن حلفائها الحقيقيين عن طريق التفكير في المصالح الآنية والمكاسب الوقتية، والتخلي عن التزامات الولايات المتحدة الدولية. تميز عام 2021 بإصلاح ما أفسدته سياسة ترامب، فتم تصحيح العلاقة الأمريكية الأوروبية، وإعادة تنشيط الحلف الأطلسي، وإعادة الدعم له والرجوع إلى اتفاقية المناخ وإنقاذ الكرة الأرضية من تبعات الإحتباس الحراري. ومن ناحية أخرى بروز دور الصين كقوة عالمية سياسية وإقتصادية جديدة تنافس على زعامة العالم، وتنامي دورها العسكري في المحيطين الهادي والهندي لحماية مصالحها الإقتصادية، فكان عام 2021، في السياسة الأمريكية هي عام الأولويات عام مواجهة التمدد الصيني، والذي يريد أن يربط القارات الثلاث آسيا وأفريقيا وأوروبا بعجلة الإقتصاد الصيني القوي والمتنامي، الذي يعتمد على الطاقة البشرية والتكنولوجيا الهائلة. ومن خلال تغيير المقاييس الربحية خدمة لآليات المنافسة العالمية، لذلك استدعى الأمر أحلاف جديدة لحماية النظام الرأسمالي العالمي، عسكريا واقتصاديا تلزم أعضائها بالتكامل الاقتصادي والعسكري لأجيال قادمة. ومن أهم هذه الأحلاف التحالف الثلاثي ( أوكوس) بين الولايات المتحدة وبريطانيا واستراليا، وسيتبعه تحالف رباعي بين الولايات المتحدة واليابان والهند واستراليا تحت اسم (كواد)، ومهمة هذه الأحلاف السيطرة على الممرات المائية في المحيطين الهادي والهندي، والتحكم في سير القوافل التجارية بين الشرق والغرب، والسيطرة بواسطة القوى العسكرية والنووية، وإعادة العالم إلى مربع الحرب الغير معلنة».
يتابع ملكي: «عام 2021 كان عام إعادة الروح إلى الحلف الأطلسي وتمدده شمالا وشرقا مما يهدد مصالح روسيا وأمنها، وأصبحت مطوقة من الجهات الأربعة، من دول أوروبا الشرقية التي أصبحوا أعضاء في الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي، ومن دول الإتحاد السوفيتي السابق الذين يريدون الإنضمام إلى الحلف، وبذلك يستطيع الحلف تهديد روسيا بالصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، فأصبحت كطائر القفص لا يستطيع التحرك في الإتجاهات الأربعة. عام 2021عام تمدد داعش شرقاً بإتجاه أفغانستان وباكستان والصين و إيران ، وما الانسحاب الأمريكي المفاجئ من أفغانستان إلا لفتح المجال أمام تموضع داعش في المجتمع الأفغاني، ومن ثم تهديد الصين عن طريق مسلمي الإيغور، وفتح المجال أمام الصراع الشيعي السني في إيران ، وبحسب رأي الكثير من الخبراء، إذا تمدد داعش في المجتمع الباكستاني سيتحول الوضع فيها أسوأ من العراق وسوريا ويهدد مئات المليارات من الدولارات التي انفقتها الصين جربت للربط مع ميناء كوادرالباكستاني على المحيط الهندي بطرق المواصلات البرية، بالإضافة إلى تهديد روسيا عبر حديقتها الخلفية (طاجيكستان وأوزبكستان وقرغيزستان)، وخاصة أن داعش أسس لولاية خراسان وعين والياً عليها من البشتون الباكستان، والتي تضم في جغرافيتها دول الحديقة الخلفية لروسيا». يضيف ملكي: «عام 2021، شرق أوسطياً تمركزت السياسة الأمريكية في تحجيم النفوذ الايراني في كل من سوريا والعراق بالسيطرة على الطرق الرئيسية التي تربط إيران وسوريا عبر العراق، مثل طريق بغداد دمشق وطريق الدولي الذي يربط العراق مع دمشق وحلب الساحل السوري، المقاطع الصغيرة التي بقيت من الحدود السورية العراقية بيد الفصائل الموالية لإيران هي تقع بين فكي كماشة شرقا في مناطق تواجد قوات سوريا الديمقراطية والقواعد الأمريكية، وغرب قوات المعارضة السورية والقاعدة الأمريكية في معبر تنف الحدودي إلى جانب دعم التيارات العراقية المناهضك للوجود الإيراني في العراق وإتمام نجاحها في الإنتخابات العراقية بإنتظار تشكيل الحكومة الجديدة، فإذا فشلت إيران في فتح طريق الحرير من إيران إلى البحر الأبيض المتوسط ستقع هي والحكومات الشيعية في العراق تحت كاهل دفعات القروض الصينية، والتي تتجاوز 150،000،000،000 دولار أمريكي. كما تقوم الادارة الأمريكية بتصحيح الخطأ الفادح الذي إرتكبته إدارة ترامب إزاء استفتاء إقليم كوردستان والمساهمة في انسحاب البيسمركة إلى حدود 2003، وبذلك تم إملاء الفراغ من قبل الميليشيات المدعومة من إيران لتنتعش فيها من جديد فلول داعش المتقهقرة أمام ضربات البشمركة لتهدد إقليم كوردستان بدعم من المليشيات المتنوعة وبشكل علني كي تكرر تجربة 2015، ويتمركزالدور الأمريكي في إعادة التعاون بين الجيش العراقي وقوات البيشمركة لتطهير المنطقة من فلول داعش، والمساهمة في تطبيق إتفاقية سنجار بين الجيش العراقي وقوات البشمركة».
يشير ملكي: «إلى أن القيادة الأمريكية أكدت على بقاء القوات الأمريكية في سوريا لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية وتأمين المنطقة من التدخلات الخارجية، والمساهمة في تحسين الوضع الإقتصادي للمواطنين، وإعادة احياء الحوار الكوردي الكوردي عبر وسيط أمريكي لتبديد مخاوف تركيا والضغط على قوات سوريا الديمقراطية من اجل قطع الإتصال مع الحكومة السورية، ومحاولة إيجاد علاقة لها مع المعارضة السورية وإمكانية مصالحتها مع تركيا».
يتطرق ملكي: « إلى أن المناطق المتنازع عليها في العراق وشرق الفرات في سوريا مفصل مهم للتمدد ال إيران ي لإحياء طريق الحرير، لذا يستوجب وجود قوات أمريكية في شرق الفرات وقوات البيشمركة في المناطق المتنازع عليها، وأكدت الإدارة الأمريكية بأن سياساتها في سوريا هي بقاءالقوات الأمريكية والمساعدة في دحر تنظيم داعش ومساعدة أبناء المنطقة سياسياً وإقتصادياً. ترفض الإدارة الأميركية أية حلول تؤدي إلى بقاء نظام الأسد عن طريق حلول ثنائية مع تركيا أو قوات سوريا الديمقراطية بوساطة روسية، وتصر على ان الحل سياسي وعن طريق المنظمة الدولية وفق قانون ٢٢٥٤، لذلك سيبقى الوضع في سوريا في عام 2022 كما هي عليه، منقسم إلى مناطق النفوذ تدير أمورها بنفسها مع مركز ضعيف خاضع لعقوبات الدولية مع الضغط المستمر من قبل إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية على روسيا لطرد الميليشيات ال إيران ية من سوريا».
يردف ملكي: «ان السياسة المؤسساتية الناعمة التي تمارسها الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وباقي دول العالم يبدو للمراقب وكأنه لم يحدث شيء، وبقيّ معلقاً في ذاكرة الناس أن الولايات المتحدة الأمريكية انسحبت من أفغانستان دون سابق إنذار وتصر على الإنسحاب من الشرق الأوسط والعراق، ولكن حدثت تغيرات مهمة جدا على الصعيد العالمي والشرق أوسطي، فالإبقاءعلى العقوبات الأمريكية على إيران وإجبارها على الإنخراط في المفاوضات النووية والصواريخ البلاستيية، وزيادة قوة ومتانة مجموعة
أخيراً:
خرجنا من عام 2021 دون مكاسب، بل مع خسائرة فادحة تحملها ويتحملها الشعب السوري عامة والكوردي خاصة، ونحن بإنتظار ما ستؤول إليه عام 2022 من توازنات وتوافقات، نتمنى أن تكون لصالح إنفراج قريب للشعب السوري والكوردي على حدٍ سواء.
التعليقات مغلقة.