المجلس الوطني الكوردي في سوريا

التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني– سوريا، عن شهر تشرين الثاني 2021

178

التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني– سوريا، عن شهر تشرين الثاني 2021 

لاتزال الأزمة السورية تتأرجح بين النظام والمعارضة تارة وأخرى بين القوى الدولية والإقليمية ذات الفاعلية والدور المؤثر، فالمعارضة تشير إلى التفاعل الدائم مع المتغيرات المستمرة على أنها تعمل على الأرض – رغم خمود بريقها السياسي والعسكري دولياً إلى حد ما- وتحقق تقدمًا على مختلف الصعد العسكرية والسياسية والادارية والاجتماعية وحتى الأمنية، وعلى أن الجماهير في مناطقها تعيش حياتها بشكل اعتيادي، والنظام هو الآخر وبالاعتماد على حلفائه يسعى لتهيئة المناخات اللازمة داخلياً وعربياً وحتى جوانب دولية، لإعادة ترتيب وضعه والاستعداد لمرحلة أخرى قد يعيد من خلالها بعض ارتياحه ..

روسيا، تسعى للاستفراد بالساحة السورية، وهي تعمل بتنسيق كامل مع النظام من أجل التوافق مع المكوّنات المتبقية وخصوصًا مناطق شرقي نهر الفرات على غرار ما حصل في العديد من المناطق الأخرى مثل الغوطة ودرعا وحمص..الخ، وتبدأ بالترتيب مع ب ي د في ذراعيها العسكري والسياسي «قسد» و«مسد» بغية استعادة مناطق تواجدها إلى سيطرة النظام، وما يُشاع عن حوار أو تفاوض بين هذه الأخيرة والنظام، فهو ليس سوى عملية «جرد حساب» فيما بينهما بعيداً عن قضايا الحقوق وحل المعضلات الأساسية التي تساهم ولو جزئياً في الحل السياسي للأزمة السورية وفق التّوجُّه الدولي ..

أمريكا، عازمة على بقاء قواتها في مناطق شرقي الفرات حتى عامين على أقل تقدير – حسب مصادرها- وهي ترى أن مهامها لم تنتهِ بعد، وفي المقدّمة منها مسألة الإرهاب «داعش» وما يقتضي المتابعة حتى النهاية، ولربما لرعاية مصالحها أيضاً، حيث (مناطق نفوذها) غنية بالموارد الاقتصادية من نفط وغاز وزراعة والثروة الحيوانية..الخ، ما يعني أنها لن تتركها بالسهولة.

 من جانب آخر ماتزال تعبر عن عزمها متابعة الجهود من أجل التوافق الكردي عبر استئناف المفاوضات المتوقفة بين المجلس الوطني الكردي في سوريا وأحزاب الوحدة الوطنية أكبرها « ب ي د » منذ ما يزيد عن عام كامل بسبب الانتهاكات المتواصلة لمسلحي ب ي د وخروقاتهم لاتفاقية المبادئ الموقعة من قيادة «قسد» والجانب الأمريكي، وعموماً يبدو أن اهتمام أمريكا بالشأن السوري يتراجع نسبياً أو قلّ حماسه ..

إيران، قضايا عديدة تؤرقها، أو تثقل كاهلها، مفاوضات «فيينا» بشأن ملفها النووي تتعثر، وأمريكا عازمة على المضي في بقاء العقوبات الاقتصادية عليها، وإسرائيل تهددها في مفاعلها النووية، وتسعى بالتعاون مع أمريكا وحتى روسيا للحد من دورها أو إخراجها من سوريا وكذلك حزب الله اللبناني، هذا فضلاً عن قضايا الوضع الداخلي والأزمات المستعصية «سياسياً واقتصادياً» وحركة الاحتجاج المتواصلة في العديد من مناطقها بسبب تفشي البطالة وارتفاع الخط البياني للفقر المدقع وتدنّي القدرة الشرائية لدى شرائح واسعة من المجتمع الإيراني بمجمل مكوّناته القومية والمذهبية، هذا فضلاً عن توسيع قضايا الخلاف مع العديد من الدول الإقليمية بسبب تدخُّلات إيران في شؤونها الداخلية، ما يعني أنها  «إيران» أمام مواجهات عديدة دولياً وإقليميًا ..

تركيا، الحزب الحاكم  «التنمية والعدالة» ينتمي الى الاسلام السياسي، بل يحتضن الأحزاب والتنظيمات السياسية المماثلة (إخوان المسلمين نموذجاً) كما دعم وساند تلك الأحزاب خارج حدود تركيا، «مصر، ليبيا، سوريا .. الخ “ فكان ذلك بداية تراجع علاقاتها مع الغرب الحليف، وكذلك مع تلك الدول العربية، ولاسيما مصر، وما زاد في ذلك مساعيها نسج العلاقات مع روسيا ودول أخرى على حساب علاقاتها مع الغرب، واليوم يبدو أنها بصدد مراجعة حساباتها في هذا الاتجاه حيث مساعي المصالحة مع مصر والإعلان عن إمكانية انسحاب مرتزقتها من ليبيا، ما يعني التوجُّه نحو تعديل مسار هذه العلاقات، وبالتالي العمل من أجل تصحيح علاقاتها مع حلفائها الغربيين ..

العراق، لا تزال الخلافات حول نتائج الانتخابات التشريعية قائمة بين الكتل والأحزاب الفائزة بالمراتب الأولى من جهة وبين القوى والأحزاب المتراجعة ولاسيما المجموعات الموالية لإيران من جهة أخرى، وبين دعوات هذه الأخيرة بإلغاء تلك النتائج، وأخرى تدعو إلى النظر بالطعون والاعتراضات بشكل أوسع وبين من يطلب الإسراع في التصديق عليها، كما أن الخلاف مازال قائماً بين مَن يدعو إلى حكومة توافق كما في الحكومات السابقة وبين من يدعو إلى تشكيل حكومة ائتلاف القوى الأكثر تفوقاً بما هي الكتلة الصدرية والحزب الديمقراطي الكوردستاني وكتلة «تقدم» التي يقودها «محمد الحلبوسي»  ومن الجدير ذكره أن الخلاف يكمن بالدرجة الأساس في البيت الشيعي، بمعنى هناك ترقُّبٌ لما تسفر عن نتائج اجتماعات تلك الجهة بغية حسم الأمر باتجاه تشكيل الحكومة المعنية، كما أن مشكلة الميليشيات غير النظامية مؤرقة لمعظم القوى الوطنية بسبب استخدامها في أغراض غير التي تشكلت بسببها «مقاومة داعش» ولاتزال قائمة، وتعد إحدى أهم العراقيل الأساسية التي ينبغي إزالتها من طريق توافق القوى الوطنية العراقية ..

إقليم كوردستان، قيادة الإقليم وبحكمة الرئيس مسعود بارزاني، تمارس دوراً إيجابياً في ترتيب الوضع العراقي بشكل عام، وتسعى لمعالجة  قضايا الخلاف بشكل دستوري سواء في الطعون أو في التسويات المطلوبة، كما أن مساعيها قائمة بصدد ترتيب البيت الكوردستاني بغية الذهاب إلى بغداد بموقف مُوحّد بين مجمل القوى والأحزاب الكوردستانية، هذا إلى جانب مساعيها من أجل حل قضايا الخلاف بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية، وعلى أن يكون هذا الحل أحد أهم مهام الحكومة العراقية المنتظرة، كما أن الجهود مستمرة من أجل تعزيز التوافق الأمني بين الجانبين «هولير وبغداد» وخصوصًا في المناطق الموصوفة بالرخوة والمسماة « المتنازع عليها » بغية درء تلك المناطق من مخاطر هجمات القوى الارهابية ولاسيما داعش، كما حصل غير مرة في الآونة الأخيرة وراح ضحيتها عديد شهداء البيشمركة البواسل ..

كوردستان الغربية، لاتزال الجماهير الشعبية تعاني المزيد من الصعوبات وحتى الأزمات سواء المعيشية بسبب الزيادة المستمرة لأسعار المواد الاستهلاكية الأساسية للحياة أو بسبب المضايقات التي تمارسها مجموعات (ب ي د) المسلحة بحق الأهالي والأحزاب والمجلس الوطني الكردي، من تجنيد للقاصرات والقاصرين، وحرق المكاتب، وتهديد ذوي بيشمركة روج بسبب تطوُّع أبنائهم في حين أن هؤلاء البيشمركة هم رجال يتصرفون بإرادتهم، ويخدمون قناعاتهم وهم غير خاضعين لرغبات غيرهم بما فيهم حتى ذويهم، ثم أن مثل هذه الضغوط لا تمت إلى مصلحة شعبنا بصلة وبالتالي فهي ضغوط ودعوات مدانة بكلّ المعايير والأعراف والقوانين ينبغي الكف عنها.

 من جانب آخر، لاتزال معاناة شعبنا في مناطق « عفرين، سري كانيه، گري سپــي» قائمة ومستمرة سواء للأسباب المعيشية أيضاً أو لانتهاكات الفصائل المسلحة الموالية للدولة التركية، والتي تقتضي الحلول العاجلة.

 ومن الجدير ذكره أن اللقاء الأخير مع الجانب التركي قد تم التركيز فيه على معالجة هذه المشاكل، وكذلك العمل من أجل تذليل عقبات عودة مُهجَّري تلك المناطق إلى ديارهم وممتلكاتهم ومعالجة المظالم التي لحقت بهم نتيجة تلك الانتهاكات والممارسات الجائرة بحقهم.

المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا

قامشلو 7 / 12 / 2021

التعليقات مغلقة.