المجلس الوطني الكوردي في سوريا

بشير أسحق سعدي: نجاح الحوار الكردي سيُمهّد الطريق نحو بناء شراكة حقيقية في إدارة المنطقة

177

قال بشير اسحق سعدي عضو قيادة المنظمة الاثورية الديمقراطية، والمعارض السوري البارز في حوار خاص إن أهمية الجبهة تكمن في أهمية القوى المنضوية في إطارها، وهي قوى معارضة لها حضور متميز في الساحة السورية عموما وفي شرق الفرات خصوصا، عملت سوية وتكونت فيما بينها ثقة راسخة في الميدان العملي، مستمدة أحد أركان شرعيتها من حضورها على الأرض.

وعن أهمية نجاح الحوار الكردي قال المعارض السوري سعدي:

اعتقد أن الحوار الكردي الكردي وفقاً لمبادئ ومخرجات اتفاقية دهوك 2014، والمعطل للأسف الآن، سيكون إذا قُيّض له النجاح في خدمة الاستقرار بالمنطقة، لأنه خطوة أولية سيتبعها انتقال الحوار نحو بقية المكونات العربية والآشورية السريانية وغيرها، مما يمهد الطريق نحو بناء شراكة حقيقية في إدارة المنطقة تشمل مشاركة  مختلف القوى السياسية  والإجتماعية، أساسها إعادة هيكلة الإدارة الذاتية القائمة حاليا.

عن هذه المحاور، وغيرها، كان الحوار التالي مع السيد سعدي:

*وقفت المنظمة الآثورية الديمقراطية إلى جانب الشعب السوري وهي الآن ضمن الائتلاف السوري لقوى المعارضة الوطنية. كيف تقرؤون تواجد منظمتكم ضمن المعارضة السورية؟

المنظمة الآثورية الديمقراطية التي صادف تأسيسها في 15 تموز 1957، بعد شهر من تأسيس أول حزب كردي بسوريا،تبنت الديمقراطية نهجاً وممارسة، وربطت في خطابها تلازماً بين النضال القومي من أجل حقوق شعبها بالنضال الوطني الديمقراطي، من أجل بناء نظام ديمقراطي يقوم على أسس العدل والمساواة ومبدأ المواطنة والعلمانية وشرعة حقوق الانسان، نظام يعترف، ويضمن الحقوق القومية المشروعة لكلّ مكوّنات الشعب السوري وفقاً للعهود والمواثيق الدولية، في ظل هوية وطنية سورية جامعة تعكس حقيقة تعدّده القومي والثقافي والديني. في سوريا جديدة وطناً نهائياً لكل السوريين، وبالتالي من الطبيعي أن تكون المنظمة في صف واحد مع القوى السياسية التي تحمل معها نفس النهج السياسي، وتسعى معها من أجل تغيير النظام الاستبدادي القائم لبناء نظام جديد يلبّي طموح جميع السوريين، وبالتالي كان موقعها الطبيعي بالانضمام إلى مختلف الأطر السياسية المعارضة، بدءاً من إعلان دمشق وصولاً إلى الائتلاف، والهيئة العليا للتفاوض واللجنة الدستورية، وشريكاً تالياً في تأسيس جبهة السلام والحرية.

*هل من الممكن أن تحدثنا عن كواليس تأسيس جبهة السلام والحرية؟ وكيف بدأت الفكرة؟ ومن طرحها؟ ولماذا في هذا التوقيت بالذات؟ وما الجهة الداعمة لها؟

ولدت الفكرة في سياق ورشة عمل في أربيل، شباط 2020 برعاية المركز الأوروبي للدراسات الكردية ضمّت المنظمة الآثورية الديمقراطية والمجلس الوطني الكردي، بهدف التوصل لرؤية مشتركة عن دستور سوريا القادم، كانت الفكرة حصيلة حوار دام يومين نتج عنه توافق بين المنظمة والمجلس بالحاجة الماسة لنشوء إطار سياسي يجمع مختلف المكونات القومية والسياسية السورية، عكس حقيقة التنوع القومي والسياسي في سوريا، بدءا من المنظمة والمجلس وتيار الغد السوري الذي رحب بالفكرة ومعه المجلس العربي للجزيرة والفرات، بدءا من منطقة شرق الفرات، وصولا لبقية القوى على كامل الجغرافيا السورية، يمكن له أن يكون نواة لمظلة سياسية تعمل سوية بالتوازي مع بقية الأطر السياسية المعارضة، في سبيل تفعيل الحراك السياسي والإجتماعي، بما يساهم في تعزيز السلم الأهليوالإجتماعي وتعميق وشائج وقيم العيش المشترك، والإرتقاء بالرابطة الوطنية السورية، ودعم مشروع الحل السياسي عبر اللجنة الدستورية وفقا للقرار 2254، كانت فكرة الجبهة وليدة توافق ذاتي لقوى المكونات الثلاثة المذكورة، ولاقت ترحيبا بداية من قبل الرئيس مسعود بارزاني، وذلك خلال لقاء وفد المنظمة معه خلال وجود الوفد بمدينة أربيل على هامش ورشة العمل المذكورة.

وقد تم تشكيل لجنة تحضيرية لهذا المشروع لوضع مسودة للرؤية السياسية واللائحة التنظيمية، قامت خلال عدة أشهر بانجازها إضافة لاسم التحالف واللوغو الخاص به، وبعد أن تم التوافق النهائي من قبل قيادات المكونات الثلاثة على الوثائق المذكورة تم الإعلان رسميا على إعلان “جبهة السلام والحرية” في 28 تموز 2020، في مدينة القامشلي في قاعة مكتب الحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا. وتضمن بيان التأسيس رؤية الجبهة وسعيها لبناء نظام ديمقراطي تعددي علماني لا مركزي يضمن الحقوق القومية المتساوية لكل المكونات القومية وفقا للعهود والمواثيق الدولية، في ظل الهوية السورية الجامعة ووحدة سوريا أرضا وشعبا، والإلتزام بالعملية السياسية الجارية للوصول لحل سياسي وفقا لقرارات الشرعية الدولية، وشدد على ان قيام هذا التحالف لا يؤثر على استمرار عضوية أطرافه في الأجسام والمؤسسات السياسية السورية المعارضة، بل يندرج عملها في إطار التكامل مع جهودها، وإنها منفتحة للعمل مع جميع قوى المعارضة الديمقراطية في سوريا من أجل توسيع قاعدة المشتركات بينها للنهوض بمشروع وطني جامع يعبر عن تطلعات السوريين بكل مكوناتهم. ولاحقا استكملت الجبهة هيكليتها وتشكيل مكاتبها ووضع خطة عمل لها، وبدأت بإجراء لقاءات مع مختلف القوى السياسية المحلية والدولية المعنية بالشأن السوري للتعريف برؤيتها وتوسيع دائرة المشاركة بها.

كيف تقيّمون أهمية الجبهة على الساحة السورية عامة والساحة المحلية خاصة؟ وهل من الممكن أن تكون منصة جامعة لكافة مكونات والأطر السياسية ومنظمات المجتمع المدني؟

إن أهمية الجبهة تكمن في أهمية القوى المنضوية في إطارها، وهي قوى معارضة لها حضور متميز في الساحة السورية عموما وفي شرق الفرات خصوصا، عملت سوية وتكونت فيما بينها ثقة راسخة في الميدان العملي، مستمدة أحد أركان شرعيتها من حضورها على الأرض، ولما تتمتع فيه من خبرة ومصداقية سياسية عبر سنوات طويلة من النضال من أجل قضية الحرية والديمقراطية في المجال القومي والوطني، فضلا عن توفر الإرادة السياسية لإستكمال دورها في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد،لذا فإن تأسيسها هو تلبية لحاجة ملحّة مع قرب الاستحقاقات التي تتعلّق بقضايا الحلّ السياسي بعد تراجع الأعمال العسكرية، من أجل تأطير جهود هذه القوى لدفع العملية السياسية نحو الأمام، وقد تبين جليا الترحيب بقيامها بالوسط الشعبي ولدى القوى الإقليمية والدولية ذات الحضور والفاعلية بالمشهد السوري، لما تتمتع به أطرافها من مصداقية سياسية ولما تضمنته وثائقها وبيانها الختامي وخطابها من رؤية سياسية معمقة وممدودة للحوار مع جميع مكونات الشعب السوري وقواهالمؤمنة بالحرية والديمقراطية، أملاً في بناء نواة لمظلة سورية معارضة فاعلة تعبر عن طموح السوريين في مستقبل أفضل يضمن الوجود والحرية والسلام لكل السوريين، ظهر ذلك من خلال التركيز الإعلامي الواسع المرافق لقيامها، وأيضا الترحيب من قبل كل من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وتركيا وإقليم كوردستان، ومعظم دول الإتحاد الأوروبي فضلا عن عدة دول عربية فاعلة، تبين ذلك من خلال عديد من اللقاءات الرفيعة المستوى مع الأطراف المذكورة والتي جاءت بناء على طلبها، عبرت جميعها على تثمينها لرؤيتها السياسية واستعدادها للحوار والتواصل والدعم لاحقا. مما يدفعنا ذلك للأمل بأن قيام الجبهة يمهد الأرضية المناسبة لتكون بالتنسيق والتكامل مع الأطر المعارضة التي تننتمي إليها إحدى المنصات السياسية الهامة المشاركة في تسريع الحل السياسي والدفع نحو بناء سوريا جديدة حرة ديمقراطية.

* ماهو برنامج الجبهة المستقبلية لتوسيع قاعدتها الجماهيرية والتفاعل معها؟

بعد استكمال الهيكلية وتشكيل المكاتب المتخصصة وضعت الهيئة القيادية للجبهة خطة عمل بدأت بتنفيذها منذ أشهر، وذلك بلقاءات عديدة قام بها مكتب العلاقات الخارجية سواء لقاءات فيزيائية أو عبر برنامج الزوم، مع معظم ممثلي الملف السوري في سفارات وخارجيات الدول الأوروبية وأمريكا وكندا واليابان وتركيا، وبالوسط المحلي أيضا قام مكتب العلاقات الوطنية بعقد لقاءات مع عديد من الأحزاب والمؤسسات والفعاليات العشائرية والشخصيات الدينية والإجتماعية، في سياق خطة الجبهة بالتواصل مع معظم القوى السياسية والإجتماعية والعشائرية في سوريا عموما وفي شرق الفرات خصوصا، ودعوتها للانضمام للجبهة أو التنسيق والتعاون معها، والعمل مستقبلا لفتح مكاتب للجبهة في المناطق التي سيكون للجبهة فيها حضور وتواجد، كما أن مكتب الإعلام قام بدوره بتغطية إعلامية لأنشطة الجبهة وإصدار بياناتها وتأسيس موقع إلكتروني للجبهة، ولديه خطة طموحة للتعريف بالجبهة وأهدافها وكسب التأييد لها داخلا وخارجا.

وفي سياق اللقاءات عقدت قيادة الجبهة لقاءات هامة مع كل من وزير الخارجية الروسية، وممثلية الخارجية الأمريكية في سوريا، والخارجية التركية، وقيادة إقليم كوردستان، كما قام مؤخرا رئيس الجبهة الشيخ أحمد الجربا باللقاء مع وزير الخارجية المصري في سياق مبادرة الجبهة في تفعيل دور كل من مصر والسعودية وقطر في تسريع الحل السياسي في سوريا ضمن سياق تفعيل الدور العربي بشكل عام في نفس الإتجاه.

*لو تحدثنا عن العلاقة والتنسيق بين منظمتكم والمجلس الوطني الكردي؟

تجمع المنظمة مع المجلس الوطني الكردي شراكة سياسية متينةنظرا لتقارب الرؤية السياسية والثقة المتبادلة والمصداقية في التعامل التي تكرّست خلال العمل المشترك في الميدان السياسي والاجتماعي، توطّدت هذه العلاقة منذ سنوات مع مختلف الأحزاب والقوى والشخصيات المكونة للمجلس قبل تأسيسه في 26 تشرين الاول 2011، من خلال التواصل والمشاركة في مختلف الأنشطة والمناسبات السياسية، وتحالفاتانتخابية محلية ونقابية وبرلمانية عديدة، ومن خلال عضوية المنظمة من جهة و“التحالف” و”الجبهة” من جهة اخرى في إطار تحالف “إعلان دمشق”، واستمر التعاون والعمل المشترك حتى الآن مع المجلس من خلال عضويتنا المشتركة في “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة”، وفي إطار الهيئة العليا للتفاوض والللجنة الدستورية، وما مساهمة الطرفين في ولادة “جبهة السلام والحرية” مؤخراً سوى تعبير حقيقي عن علاقة متينة تربط المنظمة والمجلس، أملنا أن تستمر راسخة في مسيرة نضال مشتركة مع كل القوى الوطنية الديمقراطية في سبيل تحقيق حلم السوريين جميعاً في التخلُّص من الاستبداد وإقامة نظام العدالة والحرية والمساواة.

*كيف ترى الحوار الكوردي؟ وما أهمية هذا الحوار بالنسبة للجبهة أولاً، وبالنسبة لمكونات المنطقة ثانياً؟

اعتقد أن الحوار الكردي الكردي وفقاً لمبادئ ومخرجات اتفاقية دهوك 2014، والمعطل للأسف الآن، سيكون إذا قُيّض له النجاح في خدمة الاستقرار بالمنطقة، لأنه خطوة أولية سيتبعهاانتقال الحوار نحو بقية المكونات العربية والآشورية السريانية وغيرها، مما يمهد الطريق نحو بناء شراكة حقيقية في إدارة المنطقة تشمل مشاركة  مختلف القوى السياسية  والإجتماعية، أساسها إعادة هيكلة الإدارة الذاتية القائمة حاليا كسلطة أمر واقع، بتحولها نحو الحالة الشرعية بإجراء انتخابات تشمل بقية القوى والمكونات، دون هيمنة لأي حزب أو ايديولوجيا أو تعبيرات عابرة للحدود، مما سيمهّد ذلك الطريق لبناء حوكمة ديمقراطية نموذجية، ستنعكس حتماً إيجاباً على مكوّنات منطقة شرق الفرات، ومنصة فاعلة سيكون لها دور هام في تسريع الحل السياسي المنشود وفقا لقرارات الشرعية الدولية. نأمل أن تتكلل الجهود من طرفي الحوار بالذات لتذليل العقبات القائمة، دون انتظار المبادرات والرعاية لهذا الحوار من أي طرف كان إقليمياًأو دولياً، لأن إنجاز الحوار بإرادة أصحابه هو الضامن لاستمراره وديمومته والتمتع بإيجابياته، وأعتقد إنجازه سيكون له تأثير أوسع من نطاق شرق الفرات حيث سيمتد إلى مفاصل العملية السياسية، ويمهد الطريق لتقارب قوى وأحزاب الإدارة الذاتية الحالية مع قوى المعارضة السورية، وسيُسهّل حصول تفاهمات مشتركة بين القوى المتداخلة بالشأن السوري الداعمة لأطراف الحوار. ولكن للأسف اعتقد وفق رؤيتي الخاصة أن الإرادة السياسية غير متوفرة لدى مختلف الأطراف، بما فيها الجانب الأمريكي الراعي الرسمي لهذا الحوار، إذ لا مبرر منطقي لتأخر إنجاز الحوار لأكثر من عام ونصف، الذي بدأ في نيسان 2020، سوى عدم توفر الإرادة والمصلحة السياسية لإنجازه.

*كيف تقرأ هذا التشتت والشرخ الكبير لقوى المعارضة السورية، ومنصاتها، وتابعية بعضها للأجندات الإقليمية والدولية؟

التشتت كما وصفته صحيح، وعلينا الاعتراف به، وبرأيي هناك عاملان ساهما في هذا التشتت، الأول ذاتي نابع من البنيةالتنظيمية والفكرية لقوى المعارضة نفسها التي يغلب على معظمها الثقافة الايديولوجية النظرية بعيداً عن الروح العملية والبرغماتية والقبول بالحلول الممكنة وفق مبدأ السياسة فن الممكن، بسبب نشاطها السري خلال سنوات الحكم الاستبدادي في سوريا، وأيضاً اعتمادها مبدأ المحاصصة الحزبية في تشكيل هيئاتها، وتنافسها فيما بينها على المواقع القياديةوبالتالي بروز خلافات نتيجة ذلك، وخطابها الإعلامي الذي اتسم بالغلو والتشدد فشل في كسب شرائح هامة من مكوّناتالشعب السوري، فضلاً عن ارتهان قرارات ومواقف بعضها لأجندات الدول الداعمة، وساهمت استطالة الأزمة السورية في خلق مزيد من الخلافات أدت للأسف لتعطيل وفاعلية هيئاتها القيادية خصوصا بهيئة التفاوض، والعامل الثاني يعود إلى تدخل الدول الإقليمية والدولية سواء الداعمة لقوى المعارضة أو الداعمة للنظام، والتي اصبحت عمليا هي صاحبة القرارالفعليبالشأن السوري، تحول المشهد السوري ساحة صراع فيما بينها، حيث أن تدخلها بالأساس لم يكن لمصلحة الشعب السوري بل لتأمين مصالحها وأجنداتها الخاصة.

*النظام السوري، بدأ منذ أيام لإنهاء المعارضة المسلحة في درعا عبر القصف الإجرامي أولاً، وتدخل الروس وإجبار هذه المعارضة للدخول في محادثات التسوية كيف تقرأ تطورات الأحداث في درعا؟

برأيي لا يختلف الوضع القائم في درعا البلد عن الوضع الذي تم في الغوطة قبل سنوات، في استعادة هيمنة النظام على المدينةبمساعدة وتغطية روسية (المدينة التي بقيت نسبياً خارج السيطرة المباشرة للنظام وفقاً لاتفاق برعاية روسية وموافقة ضمنية أمريكية تم عام 2018، تم التوافق خلاله ان تبقى عناصر المعارضة المسلحة بالمدينة شريطة تسليم أسلحتها الثقيلة، مقابل عدم انتشار كامل لقوات النظام)، ومحاولة النظامالإنتقام من المدينة لرمزيتها نظرا لإنطلاق شرارة الثورة السورية منها، ورفض أهلها لمسرحية الإنتخابات الرئاسية الأخيرة، في حالة صمت شائن وشبه تام من قبل المجتمع الدولي بشكل عام،ومن الدول الداعمة للمعارضة السورية بشكل خاص، على ما يعاني شعبها من حصار وقصف وحشي على أحيائها الآمنة،مما يهدد ذلك للأسف نظرا لاختلال معادلة القوى بين أهلها وقوى النظام وداعمه الروسي والمليشيات الإيرانية، بسقوطها بشكل تام في أيدي النظام قريبا.

*كيف تنظر المنظمة الآثورية الديمقراطية إلى كل ما يحدث في مناطقنا من تجويع الشعب وخلق أزمات من أزمة الخبز والمحروقات؟

ما يحدث في منطقتنا في ظل “الإدارة الذاتية” كسلطة أمر واقع من تردي شبه تام لمستوى المعيشة في ظل أزمة الخبز، وأزمة المحروقات، وغلاء مستمر بالأسعار بات يهدد حياة الطبقة الفقيرة وحتى المتوسطة، في وقت تعتبر فيه منطقتنا مصدرا أساسيا للمحاصيل الزراعية والنفط  على مستوى الجغرافيا السورية، يثير ذلك مخاوف المواطنين على حياتهم ويرسم علامات استفهام كبيرة على مستقبلهم ومستقبل المنطقة عموما، في ظل غياب الشفافية والمشاركة السياسية الحقيقية في الإدارة القائمة، وهيمنة حزب وحيد على مقدرات القرار في منطقة الإدارة.

كيف تنظر المنظمة الآثورية الديمقراطية إلى الأوضاع في عفرين وسري كانييه (رأس العين) و گـري سبي (تل أبيض)؟

نظرة المنظمة تجاه ما يجري من أوضاع مأساوية في المناطق المذكورة، لا تختلف عن رؤية المجلس الوطني الكردي، من ناحية المعاناة التي يعيشها الناس المقيمون بهذه المناطق، تحت وطأة المجموعات المسلحة المتطرفة، وحالات التعدي على الأملاك والمحاصيل الزراعية لعشرات الالوف من الأسر النازحة، فضلا عن المعاناة المعيشية والإنسانية التي يعيشها النازحون بعيداً عن أرضهم وبيوتهم في الشتات سواء داخل سوريا أو خارجها.

الحدث الأبرز في هذه الفترة قرار الانسحاب الأمريكي من أفغانستان والذي أدى إلى فوضى عارمة وإرباك دولي وإقليمي، ما رأيكم بالوجود الأمريكي في منطقة شرق الفرات؟ وهل هناك احتمال من إنسحاب واشنظن؟ ولماذا؟

برأيي انسحاب القوات الأمريكية كان هزيمة مذلة للمشروع الأمريكي في افغانستان، وخلق كما وصفته حضرتك فوضى وإرباكاً اقليمياً للمنطقة، ويذكرنا ذلك بانسحابها المذل من فيتنام في 15 آب عام 1975، وانسحاب قوات الماريينز من لبنان في 18 نيسان عام 1983 بعد التفجير الانتحاري الذي أودى بعشرات من جنودها، أما عن تواجدها في شرق الفرات، فكما هو معلن ان تواجدها يأتي في سياق قيادتها للتحالف الدولي ضد داعش، ورغم تصريحات مكررة من ممثليها (جيمس جيفري مثالا) بأنها ستبقى لتحقيق ثلاثة أهداف، ضمان حل سياسي وإبعاد الوجود الإيراني والقضاء على داعش، إلا أن كل هذه التصريحات الأمريكية لا يمكن الوثوق بها، فقد أعلن ترامب عن نيته الإنسحاب من سوريا في 17 كانون الاول 2018 ثم تراجع عن قراره بعد أيام، وشهدنا الرئيس الأمريكي نفسه في 7 تشرين الاول عام 2019 رغم كل هذه التطمينات والتصريحاتيعلن فعليا الإنسحاب من شرق الفرات بتبريرات سخيفة، ويسمح للقوات التركية بإجتياح رأس العين وتل ابيض، ورغم تراجعه عن موقفه نظرا لمعارضة وزارة الدفاع وشخصيات مهمة في الدولة العميقة، إلا أن الخسارة كانت قد وقعت ولم يغير تراجعه في الأمر شيء ولم يتمكن من فرض الانسحاب على الجيش التركي، لذلك لا أستبعد أن يتكرر المشهد مرة أخرى بشكل أو بآخر، والحالة مرهونة باحتمال حدوث صفقة مع الروس قد نفاجأ بها يومًا.

*هل تتوقع انفراجاً قريباً للمأساة السورية، وهل ثمة إرادة دولية في هذا الاتجاه؟

للأسف لا أتوقع أي إنفراج بالأزمة السورية قريبا، لأن استمرار الأزمة كما يبدو يلبي مصالح الدول المتدخلة وتحديدا أمريكا وروسيا وتركيا وإيران وإسرائيل أولا وأخيرا، فكل منها حصل على حصته من الكعكة السورية سلفا، ويحاول تثبيتها عبر استطالة الأزمة، لذلك شهدنا قرارات وتوافقات دولية لم تنفذ (بيان جنيف لعام 2012)، وقرارات صادرة عن مجلس الأمن أهمها، 2118 لعام 2013، و2254 لعام 2015، وآخرها عملية التفاوض المعطلة حول الدستور الصادرة عن مؤتمر سوتشي، ما يؤكد بالمطلق أن لا إرادة دولية متوفرة حاليا لحل الأزمة السوريةوالكل يراهن على الزمن عسى أن تجري الرياح لصالح مراكبه ليحصل على مكاسب أكثر، واعتقد أن الحل سيأتي فقط عبر صفقات قد يحين آوانها بين الكبار دون الأخذ بالإعتبار قرار وإرادة السوريين سواء في النظام أو في المعارضة، وقدر السوريين الإنتظار عسى أن تحدث هذه الصفقات قريبا.

كلمة أخيرة للسوريين عامة ولمكونات المنطقة خاصة؟

اعتقد أن الدرس الذي من الواجب نتعلمه من تاريخ منطقتنا القريب والبعيد، هو إن مصلحة شعوب منطقتنا وحاضرها ومستقبلها يكمن في توافقها وتضامنها دون المراهنة على القوى الاجنبية، التي ثبت أنها لم تبحث يوما إلا على مصالحها الذاتية، مضحية بحقوق ومصالح الشعوب، متنكرة لوعودها وعهودها

 

حاوره : عزالدين ملا

التعليقات مغلقة.