المجلس الوطني الكوردي في سوريا

جدلية المثقف الكردي الملتزم و الحيادي …

168

لم يختلف العلماء كثيراً في تعريف الثقافة ،

و يمكن القول أن كل المفاهيم و المعارف الذهنية أو المكتسبة للشخص المثقف يصب لصالح تطوير أنماط الحياة المجتمعية ،

و قد يقع عليه الدور الأهم في أن يساهم انطلاقاً من خلفيته الثقافية ، كل الادوار المصيرية أو التاريخية في حياة شعبه او حتى للشعوب الاخرى .
و إذا ما تعرضنا إليها في واقعنا الكردي فلا بد من القول ان الثقافة فيها تعاني أزمة حقيقية لأن الشعب الكردي يعاني من الاضطهاد القومي و الانساني و لم يستطع أبناءه بناء تلك الثقافة الخاصة بهم و إنما كانت المعرفة على الأغلب مستوردة من ثقافة الأنظمة الغاصبة على امتداد مراحل عدة مضت .
و لكن و مع بداية القرن الحادي و العشرين و إعلان ثورات عن تطور أنظمة التقانة العالمية أصبحت المعلومة او المعرفة بمتناول أي شخص و بكل سهولة و زالت حواجز الخوف من تلك الانظمة المستبدة و اسقطت عنها مقولة احتكار او رهن الثقافة .
و اذا ما تم الخوض في مسيرة المثقف الكردي السوري فلا بد من أنه عانى السياسة القمعية للانظمة السورية المتتالية على الحكم و تعرض للقمع الثنائي ( كونه كورديا و الاخر ديمقراطيا ) و لكن مع قدوم الربيع العربي و الثورة السورية نشأت نواة لثقافة جديدة اتخذت لنفسها مسميات مختلفة منها مستقلة و حيادية و شفافة … الخ .
و هنا يتبادر للذهن السؤال ما هو الفرق بين المثقف الملتزم و المثقف الحيادي ؟
في أحسن الاحوال لا توجد هناك ثقافة محايدة كما لا يوجد مثقف محايد بشكل مطلق و انما يسعى كل مثقف على طريقته الخاصة ليكون مشروعا لحصيلة التفاعل المجتمعي اليومي او المرحلي .
فالمثقف المحايد يحاول بمفهومه المتغير ان ينتهز الفرص و ان يلعب على كافة الحبال لأيجاد مكان مناسب له متى ما شاء و بالتالي سينحاز في يوماً ما إلى جانب جهات ما أو حكومات قد تكون مستغلة على الصعيد السياسي أو الإقتصادي أو الإجتماعي … الخ .
و أيضا قد يستطيع تضليل لما يحدث على أرض الواقع و هذا ما يثبت دحض وجود ثقافة حيادية .
ومن المؤكد في هذه المرحلة المصيرية للشعب الكردي إن الثقافة المضادة للقضية الكوردية ستسفيد من ثقافة الحياد و سكوتها و ستلحق الضرر بالثقافة الملتزمة التي تلتزم بقضية الشعب الكردي و عموم كوردستان و قد تعرقل طموحات هذه الامة في حقوقها المشروعة .
فثقافة الحياد في الحالات المصيرية للشعوب هي هروب من الواقع و عالة بوجه الثقافة الملتزمة لأنها لا تنخرط في ألم و واقع شعبها بل أحياناً تسعى لنخر الثقافة السائدة بحجة التخلف او الميول لجهة سياسية معينة .
و أخيراٍ المثقف الكردي عموما مطلوب منه الانخراط في الواقع السياسي الجماهيري المناهض لقوى الاستبداد و لا ينظر فقط من برجه العالي الذي يتقوقع فيه و قد يكون إلى الأبد .

– الكاتبة مكرمة العيسى
إقليم كوردستان  .. دهوك .

(المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها فقط ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع )

 

التعليقات مغلقة.