بيان من “ماف ” بمناسبة اليوم العالمي للحق في معرفة الحقيقة فيما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ولاحترام كرامته..
في الرابع والعشرين من مارس/ آذار من كل عام يحتفل العالم باليوم العالمي للحق في معرفة الحقيقة فيما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ولاحترام كرامته تمكيناً لمبدأ معرفة الحقائق مجرّدة دون تدليس أو تزوير.
فالاحتفال بهذا اليوم ينشد غايات سامية ومبادئ أخلاقية عالية تحفظ التوازن بين بني البشر في التعامل دون تمييز أو تعالٍ، أو ظلم حاكم لمحكوم أو سيّد لمسود، وهذا فيه ترسيخ لعدالة الكون المنشودة؛ يتمتع بها الغني والفقير والقويّ والضعيف، والشريف والوضيع بمعادلة قانونية تحفظ هذه العلاقات المتباينة.
وإذ يحتفل العالم بهذا اليوم لابد من إلقاء نظرة فاحصة في العالم وما يحدث من انتهاكات في حقوق الإنسان وما يعتري ذلك من غموض وما يكتنفه من تدليس للحقائق، والشواهد على ذلك لا تغيب عن أحد، فضلاً عن أن هنالك سلطات تقهر شعوبها بآلة عنف الدولة من أجهزة أمنية وعسكرية تُسلّط ضد المواطنين لمجرد مطالب مشروعة، ففي الاحتفال باليوم العالمي للحق في معرفة الحقيقة تأكيد على ضرورة معرفة الحقيقة كما هي دون تزييف أو تزيين، وتشديد على ثبوت شرعيتها كحق أصيل من حقوق الإنسان التي كفلها القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، علماً بأن هنالك ضحايا ما زالت المعلومات عنهم في رحم الغيب، ومشرّدين لم تعرف أماكنهم وهلم جرا.
إنّ ما يحدث من اضطرابات في العالم اليوم معظم أسبابها التعدّي والانتهاكات للحقوق الإنسانية والحرمان من الحق بالمطالب المشروعة سياسية كانت أم اقتصادية أو اجتماعية أو ما إلى ذلك؛ مما يدفع بالمظلومين لأخذ حقوقهم المشروعة بأي تكلفة دون مراعاة لخطورة ما يحدث، ففي حق معرفة الحقيقة إشارة جليّة للانتهاكات الواضحة لحقوق الإنسان والتجاوزات الجسيمة للقانون الإنساني، خذ مثلاً؛ هنالك ضحايا يعدمون دون محاكمة، وأطفال مختطفون، وضحايا تعذيب، فمن حق هؤلاء أو ذويهم معرفة ما حدث لهم أو لذويهم وأسباب ذلك ومعرفة القائمين بهذه الانتهاكات، والظروف التي أحاطت بها، ردّاً لحقوقهم واعترافاً بكرامة الضحايا منعا للافلات من العقاب وتعزيزا لسيادة حكم القانون.
إن الاحتفال بهذا اليوم يحمل معنى الاحتفاء بذكرى ضحايا الانتهاكات الجسيمة والمنهجية لحقوق الإنسان وأهمية الحق في معرفة الحقيقة وإقامة العدالة، ففي 21 كانون الأول/ديسمبر 2010، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 24 آذار/مارس يوماً دولياً للحق في معرفة الحقيقة فيما يتعلق بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ولاحترام كرامة الضحايا. تم اختيار هذا التاريخ لأنه في 24 آذار/مارس 1980، اغتيل رئيس الأساقفة أوسكار أرنولفو روميرو من السلفادور، بعد إدانته انتهاكات حقوق الإنسان، وما كتبه من رسائل استنكر فيها انتهاك حقوق الإنسان الذي تتعرّض له أشدّ الفئات ضعفاً.
الحق في معرفة الحقيقة بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والانتهاكات الخطيرة لقانون حقوق الإنسان حق غير قابل للتصرّف ومستقل، ويرتبط بواجب الدولة لحماية وضمان حقوق الإنسان وإجراء تحقيقات فعّالة وضمان الانتصاف والتعويض الفعّالين، كما أكّدت أن الحق في معرفة الحقيقة ـ ضمناً ـ يعني معرفة الحقيقة كاملة ودون نقصان. وأن أفضل ممارسة كفيلة بإعمال الحق هي معرفة الحقيقة، لا سيما الممارسات المتعلّقة بالمحفوظات والسجلات التي تخصّ الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان، وبرامج حماية الشهود وغيرهم من الأشخاص المعنيين بالمحاكمات المرتبطة بهذه الانتهاكات .
إن معهد جنيف لحقوق الانسان يحتفي بهذه المناسبة باعتبار أن معرفة الحقيقة إحدى الركائز الأساسية لحقوق الانسان التي من شأنها تعزيز قيم ومبادئ وكرامة الانسان. وإذ يجئ احتفال هذا العام في خضم تحديات عديدة، فإن معهد جنيف لحقوق الانسان يشيد بكل الانتصارات والانجازات التي تحققت في مجال إبراز الحقيقة بوضوح وشفافية، كما يثمن التحولات السياسية التي غيرت مجرى الحقوق من تجريم طالبي معرفتها إلى إظهارها مجردة قبل أن تطلب، كما هو الحال في السودان الذي انتصر شعبه سلميا وانتزع حقوقه القانونية والدستورية وانتصر لتفعيل العدالة. ولا يفوت المعهد أن يحتفي بهذه المناسبة تمجيدا للشهداء الذين سقطوا ظلما بسبب مناداتهم برد الحقوق إلى اهلها.
وإذ يحتفي معهد جنيف لحقوق الإنسان بهذه المناسبة يناشد جميع المنظمات الرسمية والشعبية أن تجعل من هذه المناسبة فرصة تنويرية للتعريف بقيمة الحق في معرفة الحقيقة، كما يناشد معهد جنيف لحقوق الإنسان الدول التي لم تنضم لإتفاقية الأمم المتحدة لحماية جميع الأشخاص من الإختفاء القسري بالإنضمام حتي يكون للضحايا الحق في معرفة الحقيقة فيما يتعلق بظروف الإختفاء القسري وسير التحقيق ونتائجه ومصير الشخص المختفي، كما يناشد شعوب وحكام العالم أن يُرسوا نهجاً يسود فيه علوّ الحق ومعرفته، ويتواضع فيه أسلوب تغييب الحقائق وممارساته الجائرة. كما يطالب المعهد الدّول وأصحاب الشأن والمصلحة، بالعمل على سنّ قوانين تحفظ هذه الحقوق دون التعرّض لأذى للمستضعفين من الجبابرة، وبهذا تعيش الإنسانية بمختلف فئاتها حياة مزدانة بالأمن والطمأنينة والاستقرار والسلام.
وماجرى قديماً وحديثاً من جرائم حرب وجرائم إبادة جماعية في الأجزاء الأربعة من كوردستان المغتصبة يعتبر حقيقة دامغة يجب الوقوف عندها من قبل الأمم المتحدة لإنصاف هذه الأمة المنكوبة وإعادة تجديدوتنفيذ معاهد سيفر الدولية .
مكتب أعلام لجنة حقوق الآنسان في سوريا (ماف)
سوريا قامشلو ٢٤مارس ٢٠٢١
التعليقات مغلقة.