عزالدين ملا
بهذه المقولة نستهل الحديث عما يجري الآن في منطقة الشرق الأوسط من مناورات مصالحية بين الدول الكبرى وخاصة أمريكا وروسيا، ومحاولة الدول الإقليمية دفع هذه المناورات باتجاه الحفاظ على أنظمتها، لذلك نجد بين فترة وأخرى اتفاقيات التطبيع بين هذه الدول الشرق الأوسطية مع إسرائيل، أما فيما يتعلق بالدول الأربع المحتلة لكوردستان فتتحرك من اتجاه إلى آخر من خلال أساليب ملتوية للحفاظ على حكوماتها ووحدة أراضيها خوفاً من أن تجري رياح هذا التغيير باتجاه مصلحة الكورد، فتحاول كل دولة من هذه الدول استخدام مختلف الأعمال التخريبية لمنع حدوث أي بريق امل نحو الحق الكوردي.
الوضع الكوردي الآن في ظروف صعبة رغم الظروف الدولية الملائمة لتحقيق حلم الكوردي بالعيش ضمن كيان كوردي مستقل، كلّما ازدادت حظوظ الكورد في المحافل الدولية من التقدم باتجاه حلمهم المنشود تكثر المعوقات أمامهم، أي أمام ما يحدث بين الكورد من اتساع فجوة الخلافات، ليست إلا اسلوب من اساليب هذه الدول المحتلة لمنع حصول أي بوادر قوة للكورد من خلال وحدتهم يمكنهم من المطالبة بتقرير مصيرهم، هذه المحاولات ضد الشعب الكوردي ليست وليدة اليوم، فالكورد وقبل مائة عام عندما تهيأت الظروف بعد الحرب العالمية الثانية وخاصة بعد أن نادى الرئيس الأمريكي آنذاك ولسون بإيجاد دول على أساس القوميات من خلال مبادئه الأربع عشرة عن حق تقرير المصير للشعوب المضطهدة، وكان من أشد المناصرين للحقوق الكوردية، وفي عام 1920 عندما توجهت وفود كل قوميات المنطقة إلى مؤتمر الصلح للمطالبة بحق تقرير مصيرهم، ولكن شدة العاطفة الدينية لدى الكورد جعل وفدهم ينقسم إلى قسمين: قسم أراد إلحاق مناطقه بالدولة التركية الحديثة، والقسم الآخر طالب إلحاق مناطقه بالدول العربية وذلك كان من خلال شريف حسين الهاشمي الذي أصبح في ما بعد ملكاً على العراق، هكذا حُرمنا من أول ظرف تهيأ للكورد، وكانت الدولة البريطانية من أشد أعداء قيام دولة كوردية آنذاك إرضاءً لـ الدولة التركية الحديثة وذلك لكسبها إلى جانبها ضد الاتحاد السوفييتي، وقد استُخدِمَ اسم الكورد وكوردستان من قبل الجميع للابتزاز والمساومة والانطلاق منه لتحقيق مصالحهم الخاصة، واستمرّ الوضع هكذا، ولكن لم يشفِ غليلهم، فكانت الخباثة والتآمر الدولي وخاصة بين بريطانيا وتركيا وفرنسا عندما قايضوا ولاية موصل بـ لواء إسكندرونة وذلك لقطع الطريق أمام الكورد في المطالبة بدولة، وذلك من خلال حرمانهم من الوصول إلى البحر، هذه الخيانة الدولية وتآمرهم بالإضافة إلى العاطفة الكوردية الدينية العميقة منعت الكورد من تحقيق أي كيان مستقل.
الآن وبعد مرور أكثر من مائة عام تعود الظروف الدولية والفوضى الخلاقة إلى الواجهة، وبدأت المقايضات والاتفاقيات بين الدول إلى السطح، وبدأت كل دولة تلعب بالأوراق لكسب أكبر قدر من النقاط، وما الاتفاقيات الأخيرة في استانا وسوتشي دليل على ضرب آمال وطموحات الشعب الكوردي عرض الحائط.
حيث أن الظروف التي خلقتها ثورات الربيع العربي انعشت آمال الكورد بالمطالب بما أُخِذ منهم قبل مائة عام، والربيع العربي مخطط دولي لتغيير الخارطة الجغرافية والسياسية في منطقة الشرق الأوسط. ارتفعت معنويات الكورد وارتفعت أياديهم لفتح صفحة جديدة لهم وتحقيق كيان مستقل طالما انتظروه طويلاً، ولكن سرعة اللعب بأوراق السياسة في المنطقة من قبل انظمة الدول الغاصبة لكوردستان والالتفاف حول الخارطة الدولية ومخططاتها، وذلك من خلال اتفاقيات تآمرية وخبيثة من قبل تركيا وإيران وروسيا والنظام السوري ولضرب آمال وطموحات الكورد، ولتغيير بوصلة الكورد من المطالبة بحق تقرير المصير- عمدوا إلى تقطيع أوصال الجزء الكوردستاني الملحق بسوريا من احتلال عفرين وسري كانيية وكري سبي وإفراغها من ساكنيها الكورد – إلى المطالب بإنهاء الاحتلال وعودة المهجرين الكورد إلى ديارهم، كما حصل في السابق يحصل الآن.
ان اتساع الفجوة بين الكورد أنفسهم سببها أعداء الكورد الذين يمارسون مختلف الأساليب لضرب أي موقف وهدف كوردي موحد، لعلمهم أن هذا الموقف والهدف الموحد يحقق قوة المطالب ويدفع الدول الكبرى وخاصة أمريكا وحلفائها الأوروبيين إلى التفكير مليا للاستفادة من هذه القوة لضمان مصالحهم ونفوذهم في منطقة الشرق الأوسط.
أمام الكورد فرصة تاريخية لن تتكرر ثانية إلا بعد أزمنة طويلة، هنا لابد للأطراف الكوردية التفكير ملياً بالقضية المقدسة للشعب الكوردي وترك كل الخلافات التي لن تجني سوى الدمار والخراب للكورد، الحوارات الكوردية برعاية أمريكية الطريق المعبد المستقيم الذي يضمن الهدف الأسمى للكورد.
(المقالة تعبر عن وجهة نظر كاتبها فقط ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع )
التعليقات مغلقة.