المجلس الوطني الكوردي في سوريا

التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا، عن شهر كانون الثاني 2021..

130

وأخيراً، تم تنصيب السيد جو بايدن الرئيس الـ 46 للولايات المتحدة الأمريكية، بعد صراعات حادّة ومظاهر عنف غريبة عن السياسة الأمريكية استهدفت الحياة الديمقراطية والتقاليد الأمريكية المعروفة، ولتبدأ مرحلة جديدة قد تكون مُحمّلة بتطوّرات هامة على مختلف الصعد والمجالات، السياسية منها والاقتصادية،

ومن اللافت للانتباه أن ملف ترتيب الوضع الداخلي الأمريكي قد يتصدّر لائحة اهتمامات الادارة الجديدة رغم التوقيع السريع والمباشر على العديد من المراسيم والقضايا المُلحّة في هذه المرحلة، لأن المائة يوم الأولى للإدارة الجديدة حسب المتبع هي لترتيب الشؤون الداخلية، ومن المعلوم أن السياسة الأمريكية ثابتة في القضايا الاستراتيجية والأساسية، كمحاربة التطرُّف والإرهاب ومكافحة أسلحة الدمار الشامل ومناهضة الاستبداد.. الخ.
وليس بالضرورة التغيير أو التبدُّل في عموم السياسات الأخرى، وهكذا فإن موقف الإدارة الجديدة قد لا يتغيّر بقضايا البؤر الساخنة، ومن بينها أزمات المنطقة بما هي العراق واليمن وليبيا ولبنان، وحتى الأزمة السورية ربما لا تكون من أولوياتها في هذه المرحلة سوى ما يتعلّق بمساندتها للحل السياسي وفق القرار الأممي 2254 ومرجعية جنيف1 والقرارات ذات الصلة، إلا أن تواجدَها في سوريا سيستمرُّ بحسب معلوماتها، ذلك ابتغاء تحقيق أهداف عديدة أبرزها الاستمرار في محاربة داعش ومثيلاتها، أما ترتيب العلاقات الدولية وملفات إيران المختلفة فقد تكون بصدارة اهتمامات سياستها الخارجية.

في سياق الأزمة السورية، فإن اللجنة الدستورية المُصغّرة التي عقدت اجتماع دورتها الخامسة في جنيف ” سويسرا ” 25 الشهر الجاري ولغاية 29 منه قد أنهت أعمالها دون التوصُّل إلى أية نتائج إيجابية بشأن الدستور السوري، عدا عن مناقشات طفيفة هنا وهناك، علماً أنها (اللجنة) قد توافقت على جدول أعمال هذه الدورة مع نهاية الدورة السابقة، ما يعني أن النظام السوري مازال يلعب على عامل الزمن، ومازال متمسكاً بطرحه تعديل دستوره لعام 2012 وليس مناقشة أو صياغة مبادئ لدستور جديد للبلاد،

وعلى الصعيد الميداني مازال النظام متمسكاً بخيار الحسم العسكري والأمني للأزمة السورية، وبدعم روسي – ايراني مباشر، وليس الانسجام مع مساعي الحل السياسي للأزمة، ومن الجدير ذكره أن ممثل المجلس الوطني الكردي في سوريا قد قدم في الاجتماع المذكور مداخلة قيّمة رداً على العقليات الشوفينية حيث كانت مبعث الارتياح لدى أوساط واسعة من جماهير شعبنا الكردي.
روسيا من جانبها تتودد إلى تركيا تارة، وإلى إيران عبر استانا- سوتشي ، ولا تنفكُّ عن أمريكا وإسرائيل في تفاهمات وترتيبات خاصة بشأن المنطقة عموماً والشأن السوري خصوصاً، وهي على أرض الواقع متواجدة في العديد من المناطق السورية، وليس مناطق الساحل فحسب، بحجّة الحفاظ على وحدة الأراضي السورية بوضعها تحت سيطرة النظام السوري، أي أن روسيا مازالت تلعب الدورَ ذاتَه الذي تمارسه منذ دخولها العسكري للأراضي السورية عام 2015 وحتى الآن، فهي ترعى مصالحها، ولن تتخلّى في الآفاق المنظورة عن مساندة النظام ودعمه سياسياً وعسكرياً وحتى اقتصادياً، رغم ما كان ينبغي ممارسة نوع من الضغط عليه (النظام) للقبول بوضع الأسس الدستورية في اجتماع اللجنة الدستورية المصغرة المذكور أعلاه.
تسعى تركيا بقوة لتصحيح العلاقة في هذه المرحلة مع حلفائها الأوربيين، وتبذل جهوداً حثيثة حتى مع الإدارة الامريكية الجديدة في ذات الشأن، ويبدو أن هذه الأخيرة قد أبدت لها تطمينات حول بعض القضايا المثيرة لقلقها، ومن بينها العلاقة مع الجانب الكردي في سوريا، – في محاولة لتمرير جوانب من سياستها في المنطقة – كما لم تدخر تركيا وسعاً لتعزيز تواجدها في سوريا وخصوصاً في المناطق الكردية، حيث تواصل العمل لتغيير الطبيعة الديمغرافية وإرساء دعائم استمرار هذا التّواجُد بنشر ثقافتها وعزمها على تدريس لغتها حتى على مستوى تأسيس جامعة “كمشروع مستقبلي” في مناطق حلب لهذا الهدف، وسياساتها وأهدافها التوسُّعية غدت مكشوفة للجميع وخصوصاً المجتمع الدولي سواء على مستوى سوريا أو في المناطق الأخرى (أذربيجان، ليبيا، شرق المتوسط..الخ) وبذلك تكون معرّضة لاحتجاجات ومخاصمات واسعة من لدن شعوب تلك الدول وأصدقائها.
وتطمح إيران لاتفاق نووي جديد مع الدول المعنية (أمريكا ودول أوربية) لكن ليس قبل أن ترفع أمريكا العقوبات الاقتصادية عنها، وإذ تفاجأ بأن عليها (ايران) أن تقبل بحل الملفات الأساسية مجتمعة، بما هو ملف تصدير الإرهاب وخصوصاً بعد ما تبين علاقات إيران العميقة مع منظّمة القاعدة وشخص الإرهابي “اسامة بن لادن” ودعمها له، وهكذا ملف برنامج الصواريخ البالستية، وملف تدخُّلات ايران للشؤون الداخلية لعدد من دول المنطقة بخلق أذرع عسكرية لها في كل دولة تحارب عنها، بالإضافة إلى الملف النووي الذي سارعت بتخصيب المزيد من اليورانيوم بنسبة لا تقل عن 20% ما يؤهّلها لأن تصبح دولة نووية خلال فترة وجيزة، الأمر الذي زاد هذا الملف تعقيداً، وما يفرض على الدول المعنية والوكالة الدولية للطاقة الذرية لاتخاذ اجراءات سريعة وأكثر حزماً.

ولاتزال الميليشيات الخارجة عن سلطة الدولة العراقية “الحشد الشعبي .. ” هي التي تؤرق الحكومة العراقية، إلى جانب الملفات الأخرى المستعصية كملف الفساد المالي والإداري إلى جانب متطلبات الجماهير ومستلزمات الحياة اللائقة بالإنسان، فضلاً عن الصراعات القائمة بين الكتل والأحزاب السياسية من جهة، وبين الدول ذات المصالح وخصوصا أمريكا واسرائيل من جهة وإيران من جهة أخرى، هذا إلى جانب القضايا الخلافية بين بغداد وهولير، سواء المتعلق منها بالموازنة العامة للإقليم أو بالمناطق ذات الغالبية الكردية “مناطق متنازع عليها” وبذلك تم الاستعجال في الاستعداد للانتخابات البرلمانية المبكرة على أمل وضع الحلول اللازمة، إلا أنها قد تأجلت من 6 حزيران إلى 16 تشرين الأول 2021 بناء على طلب المفوضية العليا للانتخابات، وبسبب تلك الظروف والقضايا، ما يعني أن أزمات العراق تزداد تعقيداً، ولعل العملَ من أجل تجنيب العراق ساحة تصفية الحسابات بين تلك الدول (امريكا اسرائيل.. وإيران) هو من المهام الأساسية لحكومة العراق، وخصوصاً هذه الأخيرة تسعى بكل ثقلها لتستفرد بالعراق والسيطرة الكاملة عليه رغم الجهود والمساعي الحثيثة في الانفتاح والتعاطي مع العديد من الدول الأخرى ومنها العربية “السعودية ومصر” لكن دون جدوى بسبب الأذرع الإيرانية العسكرية في العراق كما أسلفنا.
ويسعى إقليم كوردستان، باهتمام من أجل تعزيز الوضع الداخلي بتحقيق المزيد من التفاهمات بين القوى والأحزاب السياسية لعموم الإقليم دون استثناء أو إقصاء لأحد، سواء لمواجهة التحديّات الخارجية أو لتحقيق مستلزمات التنمية الاقتصادية وعوامل التطور والتقدم، أو الاستعداد للانتخابات البرلمانية المرتقبة، وبتفاهم الرئاسات الثلاث “الإقليم، الحكومة، البرلمان ” وحكمة الرئيس القائد مسعود بارزاني تمكّنت قيادة الإقليم من تحقيق التفاف الجماهير الكوردستانية حول قياداتها السياسية، وتفويت الفرص على المتربّصين للنيل من مكاسب الإقليم وتطلُّعات شعب كوردستان في خدمة المشروع القومي الكوردستاني المبني على نهج البارزاني الخالد من أجل ضمان حق هذا الشعب في العيش بأمن وسلام في ربوع كوردستان.
مازال الوضع المأساوي في غرب كوردستان قائماً في مناطق عفرين، كري سبي ” تل أبيض”، سري كانييه ” رأس العين”، بل ازداد سوءاً حيث التفجيرات الإرهابية المتواصلة التي تنجم عنها خسائر في الأرواح والممتلكات، هذا إلى جانب الممارسات الكيدية بغية السلب والنهب والاعتقالات بطلب الفدية وكذلك عمليات التغيير الديموغرافي مستمرة..الخ، الأمر الذي يقتضي مواصلة التحرُّك العاجل لدى الأوساط الدولية الصديقة، ولجان حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الدولية التابعة لهيئة الأمم المتحدة، بغية وضع حدٍّ لهذه الممارسات الجائرة التي تتعارض وأبسط حقوق الإنسان، هذا فضلاً عن معاناة معظم سكان مناطقنا جرّاء تفاقُم أزمات الوضع المعيشي بسبب ندرة الموارد الاقتصادية أو تصديرها لأغراض الربح وأهداف تجارية، وتدنّي القدرة الشرائية لدى غالبية أبناء شعبنا لدرجة العجز عن تأمين أبسط مستلزمات العيش بما فيها الخبز اليومي وحتى الماء والكهرباء في العديد من المناطق، والمسؤولية أولاً وآخراً تقع على عاتق (الادارة الذاتية) ما يقتضي العمل وبشكل سريع على معالجة تلك الأزمات المتفاقمة.
في جانب المفاوضات المتوقفة منذ بداية الشهر العاشر من عام 2020 بين المجلس الوطني الكردي وأحزاب الوحدة الوطنية حتى الآن بسبب غياب الراعي الأمريكي، والانتهاكات التي مارسها الطرف الآخر ضد المجلس وأحزابه من حرق للمكاتب واعتقالات وتصريحات استفزازية مسيئة بهدف تعطيل المفاوضات.
إننا في الحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا، في الوقت الذي نؤكّد فيه على انسجامنا التام مع موقف مجلسنا الداعم بقوة لكلّ عمل من شأنه توحيد الصف والموقف الكردي طالما هو مطلب جماهيري يخدم مصلحة شعبنا، وطالما الراعي الأمريكي للمفاوضات داعمٌ ومصرّ على تحقيق هذا التوحيد، لكننا في الوقت عينه، نطالب بمعالجة إشكالية الطرف الآخر وتوحيد موقفه إيجاباً في هذا الشأن، ونرى بأنه مدعو إلى الاعتذار لشعبنا ومجلسنا، والاعتذار بشكل صريح للبيشمركة البواسل قاهري الإرهاب ورافعي راية الكوردايتي حتى النصر، وتحقيق آمال وأماني شعبنا في الحرية والحياة الكريمة..
المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني -سوريا
قامشلو 8 / 2 / 2021

التعليقات مغلقة.