الإدارة الأمريكية بصدد الانتقال الدستوري للسلطة بين الرئيس المنتهية دورته دونالد ترامب والرئيس المنتخب جو بايدن، ذلك في العشرين من شهر كانون الثاني الجاري 2021، حيث تبدأ مرحلة جديدة من العمل السياسي قد تكون أكثر أهمية بل ربما أكثر فاعلية – بحسب المراقبين- والمتابعين للشأن الأمريكي، ما يؤكد متابعة الادارة الجديدة لدعم مسارات الحل السياسي لعموم أزمات المنطقة ومن بينها الأزمة السورية على قاعدة بيان مؤتمر جنيف1 لعام 2012 والقرارات الدولية ذات الصلة ولاسيما القرار 2254 لعام 2015، والعمل بشكل جدي لمواصلة القضايا والمشاكل الإقليمية والدولية.
في سياق متصل، اللجنة الدستورية المصغرة المشكلة بين النظام السوري والمعارضة ستستأنف عمل دورتها الخامسة في شهر كانون الثاني 2021، وعلى أنها متفقة مسبقاً على جدول عملها، وربما تقدم من خلالها أكثر من ورقة تحمل وجهة نظر أصحابها لوضع أسس ومبادئ دستورية قد تكون بعضها عملية من الممكن مناقشتها أو الأخذ ببعض جوانبها، لكن النظام يبقى في سعي للتهرب من مناقشة ما يتصل بوضع دستور جديد للبلاد، وقد يتمسك بما يقتضي من تعديل على دستوره لعام 2012، أو ربما يظل متابعاً لموضوع ” الارهاب ” وما ينبغي عمله لدرء المخاطر وتجنب ويلاته ومآسيه، وعليه يرى البعض أن لا جدوى من عمل هذه اللجنة، وهي ربما مضيعة للوقت أو لعب على أوتار الزمن، ويدعو أو يناشد رئيس وفد المعارضة باتخاذ موقف جريء والانسحاب من هذه اللجنة بشكل علني وصريح.
على أرض الواقع، ومن خلال الصراعات المستمرة داخل سوريا بين الأطراف المعنية، فإن روسيا ما تزال تسعى لاستكمال سيطرة النظام السوري على المتبقية من الأراضي السورية، سواء في شرقي نهر الفرات أو في ادلب، وتظل تراوغ مع تركيا مرة وأخرى مع أمريكا بحجة الحفاظ على وحدة الاراضي السورية كشرط أساسي للوصول إلى أي حل سياسي، في حين لا يرفض أي طرف مبدأ وحدة سوريا أرضاً وشعباً، لكن بعد وضع أسس ومبادئ الحل السياسي، فيما تذهب اليه سوريا وخصوصاً ما يتعلق منها بمسألة أساسية تتلخص بين سوريا المستقبل مركزية أو لامركزية، وإذا كانت لامركزية، فكيف تكون هذه اللامركزية وعلى أية اسس يمكن بناؤها؟ أسئلة تقتضي الاجابة عليها بدقة، ومن ثم الانتقال الى الترتيبات الأخرى.
تركيا، ما تزال تلعب دورها في الشأن السوري، سواء في ادلب وعفرين وكري سبي وسري كانييه، أو عبر تهديداتها باجتياح مناطق أخرى كعين عيسى وغيرها، بذريعة أمنها الحدودي المزعوم، وروسيا تمارس الابتزاز في هذا الصدد بين الاجتياح التركي أو تسليم تلك المناطق إلى النظام السوري، على العموم تركيا بسياستها الخارجية وتدخلها في الشؤون الداخلية للعديد من الدول تثقل كاهلها وتزيد من أعبائها على حساب وضعها الداخلي المتأزم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، حيث التراجع المتواصل لقيمة الليرة التركية أمام العملات الصعبة، مع تدني معدلات النمو الاقتصادي وتوسيع دائرة البطالة ما يزيد من ظاهرة الفقر في المجتمع التركي، الأمر الذي ينعكس سلبا على حزب العدالة والتنمية لدرجة تنشر بعض الصحف الأمريكية أن أيام هذا الحزب ورئيسه باتت محدودة.
وإيران، هي الأخرى متمسكة باستمرار بقاء ميليشياتها في بعض المناطق الهامة من سوريا رغم التهديدات الاسرائيلية والأمريكية لها بالانسحاب، ورغم التصعيد الدائم للصراع بينها وهذه الأخيرة، إلا أنها ما تزال متشبثة بسياستها التوسعية، وبدا أنها تراهن مؤخراً على الادارة الأمريكية الجديدة خصوصاً بعد إعلان فوز السيد جو بايدن في الرئاسة، لتخفيف الضغوط عنها أو رفع بعض العقوبات الاقتصادية عن كاهلها، إلا أن الواقع قد يوحي خلاف ذلك، حيث أن هناك شبه اجماع بين الدول الغربية، أن إيران معنية بأكثر من ملف منها تدخلها المباشر في شؤون العديد من دول المنطقة، وتطويرها لبرنامج منظومتها للصواريخ البالستية، وازدياد نسبة تخصيب اليورانيوم، هذا فضلاً عن تصديرها للإرهاب وتهديدها لأمن اسرائيل بحسب الغرب، ما يعني ان المصالحة الغربية مع النظام الإيراني أمر غير ممكن في الآفاق المنظورة، بل ربما تتزايد الضغوط إلى أن تتراجع إيران عن سياساتها تلك.
العراق، حكومة السيد مصطفى الكاظمي تمارس مهامها على مختلف الأصعدة وفي مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وفي مكافحة الفساد المالي والاداري، والسعي لتلبية مطالب الجماهير الشعبية وخصوصاً توفير مستلزمات وعوامل الأمن الغذائي والمعيشي للمواطنين، كما تسعى جاهدة من أجل تجنيب العراق أن يكون ساحة صراع أو تصفية الحسابات بين القوى الخارجية ولاسيما أمريكا وإيران أو الاحتدام فيما بينهما بعد التصعيد الأخير في الذكرى السنوية لاغتيال قاسم سليماني ومهدي المهندس وغيرهما وما رافق ذلك من تهديدات ايرانية فظة بالثأر من أمريكا، هذا الى جانب العديد من الملفات الأخرى التي تنهمك بها حكومة الكاظمي، ملف قضايا الخلاف مع إقليم كوردستان، بعد اللقاءات الأخيرة التي كانت مثار يأس بين الجانبين، إلا أن الأصعب أمام الكاظمي هو مهمة حل الميليشيا غير النظامية أو دمجها مع قوات الجيش حيث لاقت الرفض بالتهديد من جانب البعض ممن يستند على الدعم الإيراني، حيث لم ير الكاظمي بداً من العمل للتحضير والاعداد للانتخابات البرلمانية المبكرة التي تجري على قدم وساق كمخرج أو تأجيل لكل القضايا العراقية العالقة.
إقليم كوردستان، رغم ما يعانيه الإقليم من الجانب المالي والاقتصادي ولاسيما ملف الموازنة العامة للإقليم المحجوبة عنه لدورات مالية متتالية، إلا أن الإقليم يعتمد على الجانب الذاتي في هذا الشأن، ومع ذلك تتعاطى قيادة الإقليم بحكمة مع عموم قضايا الخلاف مع بغداد ومنها فضلا عن الموازنة موضوع المادة 140 من الدستور العراقي المسمى ” المناطق المتنازع عليها ” وغيرها من القضايا الأساسية التي تقتضي الحلول العاجلة، إلا أن الرئاسات الثلاث ( إقليم ، حكومة، برلمان ) بالإضافة الى حكمة الرئيس والزعيم مسعود بارزاني تسعى لتعزيز تماسك مختلف قوى الإقليم وأحزابها السياسية في مواجهة كل ما يهدد مصالح الإقليم وأمنه واستقراره وبما يساهم في التعاون الايجابي مع حكومة السيد مصطفى الكاظمي وبما يخدم مصالح العراق وإقليم كوردستان، ومن الجدير ذكره أن الإقليم هو الآخر يأخذ استعداداته للمشاركة في عملية الانتخابات المبكرة إلى جانب حكومة المركز، وعلى العموم فإن الإقليم – يبدو – أنه عازم على المضي قدماً على طريق توفير عوامل تطوره وتقدمه ذاتياً رغم الصعاب والعراقيل في هذا الشأن.
غرب كوردستان، ستظل المساعي والجهود مستمرة سواء عبر المجلس الوطني الكردي ومكاتبه ومؤسساته، أو من خلال حزبنا ” الحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا ” بشكل مباشر، للعمل بغية الحد من معاناة شعبنا في مناطق عفرين، كري سبي، سري كانييه، جراء الانتهاكات المستمرة التي ترتكبها قوى الظلام المسيطرة على تلك المناطق، حيث الوعود باتخاذ اجراءات من شأنها تحقيق إصلاحات في هذا الشأن.
من جانب آخر، يعلن حزبنا على الدوام أن موقفه من تحقيق هدف وحدة الصف الكردي وموقفه السياسي لا يختلف البتة عن موقف المجلس الوطني الكردي في سوريا، بل يتطابق معه تماما، وقد أعلن رفاقنا غير مرة عن عزمهم على مواصلة المفاوضات مع جانب أحزاب الوحدة الوطنية الكردية في هذا الشأن، وآخرهم صرح سكرتير حزبنا ورئيس المجلس الوطني الكردي الأخ سعود الملا و في مناسبة يوم العلم الكردي يوم 17 / 12 / 2020 بأن المجلس جاهز لاستئناف المفاوضات فور عودة وفد الراعي الامريكي، إلا أن المثير للقلق هو موقف الجانب الآخر غير المنسجم مع هذا التوجه، يتجلى ذلك في تصريحات بعض قياداتهم وممارسات بعض أطرافهم في معاداة المجلس وأحزابه بهدف نسف تلك المفاوضات، ومن جانبنا نؤكد مرة أخرى على عزمنا مواصلة المفاوضات، لكن المطلوب من الجانب الآخر وضع حد لهذه الانتهاكات الصارخة من جانبهم، واللوم يقع بالدرجة الأساس على السيد مظلوم عبدي، وندعو الراعي الأمريكي للوقوف جدياً على هذا الأمر المثير للقلق والاشمئزاز ..
ومع حلول عام 2021 كل عام والجميع بألف خير
المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا
قامشلو 8 / 1 / 2021
التعليقات مغلقة.