المجلس الوطني الكوردي في سوريا

التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا عن شهر أيلول 2020..

139

التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا عن شهر أيلول 2020..
—————
معلوم أن روسيا تبذل ما في وسعها من جهود للتفرُّد بالدور الأساسي في الأزمة السورية، فهي تتودد مع إيران تارة، وتقف معها في مواجهة العقوبات الأمريكية الاقتصادية عليها، وأخرى ترغب في تقليص دورها في سوريا، وذلك على قدر تنافسها مع أمريكا وحلفائها في سوريا، وتمارس سياسة ” العصا والجزرة” مع الآخرين، حيث تهدّد بانسحاب قواتها من المناطق الشرقية من سوريا في ضغط على النظام بتركها للأمريكان، وكذلك الضغط على “قسد” فيما تلوح به تركيا من اجتياح آخر للمنطقة، ذلك في سعي منها لإرغام النظام على المفاوضات بجدية خصوصاً ما يتعلق منها باللجنة الدستورية، وإرغام قسد للانصياع لدورها، وبالتالي التوافق مع النظام لوضع الترتيبات اللازمة من جانبها لسوريا المستقبل، تجلى بعض ملامح هذا التوجُّه من خلال الوفد الروسي الأخير إلى سوريا، وهكذا العلاقة الروسية التركية، حيث الاختلاف في الموقف والتعاطي بشأن العديد من القضايا والصراعات الإقليمية، لكن هناك تناغم بين الجانبين بشأن الأزمة السورية، وبما يخدم مصلحة الطرفين ولو بشكل مرحلي.
وأمريكا من جانبها، تعمل بدأب في خدمة مصالحها واستراتيجيتها السياسية سواءً في سوريا أو على مستوى عموم المنطقة، فهي تعلن رغبتها للتوافق مع الجانبين الدولي والإقليمي بشأن الحل السياسي للأزمة السورية عبر قرارات المجتمع الدولي (2254 و2118 ) ومرجعية جنيف1 والعمل وفق الخطط والبرامج الدولية في هذا الشأن، سواء المتعلق منها باللجنة الدستورية أو هيئة التفاوض، أو بشأن الترتيبات اللازمة على الأرض لسوريا المستقبل وفق نظرتها وسياساتها، كما تتودد لتركيا رغم تباين المواقف في بعض القضايا الإقليمية، لكن تبقى بنظرها تركيا دولة حليفة تاريخياً لها، وتستفيد من دورها بشأن الأزمة السورية والقضايا الإقليمية الأخرى، لكنها (أمريكا) لا تتردد في تصعيد صراعها مع إيران كدولة مصدرة للإرهاب ولها امتداداتها السافرة في الشأن الداخلي للعديد من دول المنطقة، وبالتالي تمارس الضغط عبر فرض المزيد من العقوبات الاقتصادية عليها.
وإيران، هي الأخرى تمارس سياسة تصعيد الصراع مع العديد من القوى الدولية والإقليمية، وفي المقدمة منها أمريكا وحلفائها، وتزيد من تدخُّلاتها في الشأن الداخلي لعدد من الدول في المنطقة سواء بشكل مباشر كما في سوريا، أو عبر أذرعها السياسية والمذهبية كما في اليمن ولبنان والعراق، ما يعني أن إيران بسياستها تلك تدفع باتجاه المزيد من التأزم مع المجتمع الدولي، وتمارس العداء لشعوب تلك الدول وتستهدف أمنها واستقرارها وسيادتها، ويحملها المجتمع الدولي وشعوب تلك الدول جانب أساسي من مسؤولية استمرار أزماتها دون حل، أي أن نظام إيران أمام صراع دائم مع هذه الشعوب والدول، وأمام صراعات داخلية حادة ومن مختلف المكونات والانتماءات السياسية والدينية والمذهبية، وكذلك الصراع المباشر مع المعارضة السياسية، هذا ناهيك عن الخلافات الداخلية بين أجنحة النظام، لذلك يمكن القول أن النظام الإيراني أمام تحديات شتى وفي المقدمة منها التحديات الخارجية والأعباء والمتاعب الداخلية مجتمعة تلك التي لا تخدم مصالح ومستقبل إيران كدولة أو مجتمع وحتى كنظام سياسي أيضاً.
وتركيا، حزب ” العدالة والتنمية ” الحاكم يتبع في هذه المرحلة سياسة خارجية هي أقرب الى الارتجالية منها أن تكون واقعية، ربما لتراكمات الوضع الداخلي ومخاوف تفاقم الصراع مع المعارضة الداخلية، والعجز عن معالجة خفض وتيرة النمو الاقتصادي المتراجع، وعليه يتّجه نحو الخارج والتدخل في الشؤون الداخلية للعديد من الدول سياسياً وعسكرياً كما في سوريا والعراق وليبيا، وآخرها إرسال مرتزقة سوريين للقتال إلى جانب اذربيجان ضد أرمينيا، إضافة الى النزاع مع اليونان حول الحدود البحرية في شرق المتوسط ، ما أثار حفيظة الاتحاد الأوربي الذي يطمح النظام التركي الانضمام اليه، وهكذا موقفها العدائي من مصر منذ التغييرات التي حصلت بعد تسلم السيسي لمقاليد السلطة في البلاد، أي أن مشاكل الحزب الحاكم في تركيا تتفاقم مع تلك الدول بدل بذل الجهود والمساعي لحلها، ومن الملاحظ أن النظام يميل إلى التّراجُع مع بعضها وخصوصاً مصر ودول الاتحاد الأوربي، ما يؤكّد اختلال السياسة التركية حيال تلك الدول، وعليه ترى قوى المعارضة الداخلية ضرورة مراجعة نقدية لعموم المواقف التركية حيال أزمات دول المنطقة والعدول عنها على طريق تحقيق مبدأ “صفر المشاكل” المنشود مع تلك الدول، والاهتمام بحل قضايا الوضع الداخلي للبلاد.
العراق اليوم أمام خيارات صعبة، حيث الأزمات تتفاقم، والملفات العائقة ماتزال ماثلة من غير حل، بماهي ملفات الفساد وخصوصاً المالي والإداري، الى جانب اشتداد الصراعات الداخلية بين مختلف القوى والكتل السياسية سواء بشأن الانتخابات المبكرة وتعديل قانون الانتخابات أو بخصوص الميليشيا غير القانونية كأذرع لإيران في بث القلاقل وتهديد أمن واستقرار البلد، وهجماتها الصاروخية المتواصلة على مقرات ومكاتب السلك الدبلوماسي وآخرها السفارة الأمريكية مما حدى بها النقل إلى مقر قنصليتها في هولير عاصمة اقليم كوردستان، التي تعرّضت هي الأخرى الى قذائف صاروخية من تلك الجهات، الأمر الذي يهدّد سيادة وحتى كيان الدولة العراقية بالتشتت والانقسام، ذلك ما يجعل العراق حكومة وشعباً أمام مخاطر جمّة، لأن لا حل إلا بحل هذه الميليشيات أو ضمّها الى القوات النظامية، وهذا قد يؤدّي إلى المواجهة المباشرة مع هذه الميليشيات، ومن يدعمها من الداخل وحتى مع إيران، وقد تكون النتائج كارثية تؤدّي إلى حروب أهلية وتهديد بالانقسام الطائفي أو أن يكون العراق ساحة صراع لتصفية الحسابات، وبالتالي على حساب الشعب العراقي ووحدة أراضيه، لكن يبدو أن حكومة السيّد مصطفى الكاظمي تتصرّف بحكمة حيال هذه القضايا بحثاً عن مخارج أقل ضرراً للعراق وشعبه، ويبقى أسلوب العنف والمواجهة مع هذه الجهات هو أحد الخيارات ربما يكون الأخير بالنسبة لحكومته.
إقليم كوردستان، يسعى من جانبه إلى مؤازرة حكومة بغداد في مساعيها لإيجاد المخارج لهذه الأزمات المستعصية، وقيادة الإقليم رئاسة وحكومة وبرلماناً تتصرف هي الأخرى مسترشدة بحكمة وتوجيهات الزعيم المناضل مسعود البارزاني في التفاعل مع الأوضاع بروية، سواء لجهة حل قضايا الخلاف بين الكتل والأحزاب السياسية في العراق، أو لجهة انهاء الخلافات بين بغداد و هولير بما هي مسألة المناطق المقتطعة من إقليم كوردستان والمسماة (المناطق المتنازع عليها) وكذلك بالنسبة للموازنة العامة وموضوع النفط والغاز ..الخ، وهكذا بالنسبة للمشاكل المتعلقة بالجانبين الدولي والإقليمي، وخصوصاً ما يهدد سيادة العراق وأمنه واستقراره، وبالتالي تجنيب العراق من مغبّة تصعيد الصراع بين التحالف الدولي بقيادة أمريكا من جهة وإيران من جهة أخرى.
والجدير ذكره ثمّة تفاهمات جادّة بين حكومتي بغداد وهولير في مواجهة التحديات والمخاطر المحدقة بالجانبين أو بعموم العراق، وعليه يمكن القول إن مساعي التفاهم مع الجانب الدولي قائمة في هذا الصدد، وكذلك مع الجانب الإقليمي إلى حدّ ما، وفي سياق آخر فإن الإقليم من جانبه يسعى لمعالجة بعض قضايا معاناته، وفي المقدمة منها الاهتمام المتزايد بالجانب الاقتصادي ومساعي توفير ضمانات التنمية المُستدامة، ذلك بتضافر الجهود، ومن خلال تحقيق التفاهمات بين القوى والأحزاب السياسية داخل الإقليم، وعلى مختلف الصعد ولاسيما السياسية والاقتصادية منها.
غرب كوردستان، الحوارات والمفاوضات بين المجلس الوطني الكردي في سوريا( ENKS ) وبين أحزاب الوحدة الوطنية الكردية ( PYNK ) أكبرها (ب ي د ) قائمة على قدم وساق ومستمرة ولو ببطء رغم ما يعترضها من صعوبات تلك المتعلقة بالمختطفين والتجنيد الاجباري والتعليم وفرض الإتاوات على المواطنين وموضوع الأمن والدفاع ..الخ، إلا أن المناقشات جادّة الآن بشأن الشراكة الحقيقية للمجلس في عموم مفاصل الإدارة بعد أن تم انجاز الوثيقة السياسية وموضوع المرجعية الكردية العليا، وهذه المفاوضات قد حازت على تأييد بعض الدول العظمى منها فرنسا وألمانيا وبريطانيا بالإضافة إلى أمريكا كراعية لتلك المفاوضات، وفي هذا السياق فإن حزبنا (الحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا) يؤكّد على دعمه المستمر ومن خلال المجلس لتقدم ونجاح هذه المفاوضات بما يحقق الشراكة الحقيقية بين الجانبين وبما يخدم وحدة الصف الكردي وموقفه السياسي.
في سياق متصل، أن ما يؤرق شعبنا الكردي وحركته السياسية هو ما تعرّض له شعبنا ومازال في مناطق عفرين وكري سبي وسري كانيي من تهجير وانتهاكات فظّة من لدن المجموعات المسلحة التابعة للدولة التركية، ورغم المناشدات والنداءات المتكررة لمنظمات المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الانسان ومؤسسات المجتمع المدني، ورغم عرض هذه المشكلة على العديد من الدول وخصوصاً أمريكا وروسيا عبر اللقاءات معها، لكن لاتزال هذه المعاناة قائمة، وسيظل مجلسنا وعبر وفوده ولجانه المعنية يواصل العمل والمساعي في هذا الشأن إلى أن يتمّ إنهاءُ هذه الحالة بسحب المجموعات المسلحة من تلك المناطق وعودة المهجرين إلى ديارهم وإدارة الأهالي لمناطقهم بأنفسهم.
المكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا
5 / 10 / 2020

التعليقات مغلقة.