المجلس الوطني الكوردي في سوريا

التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني -سوريا ،عن شهر آب 2020

131

التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا، عن شهر آب 2020

تشهد الساحة السياسية السورية ومنذ انطلاقة الثورة السلمية في آذار 2011 تطورات دائمة وصراعات مستمرة، بما هي الصراع على سوريا أو الصراع في سوريا، ومن خلال التدخُّلات العسكرية الدولية والإقليمية، بحسب أجنداتها ومصالحها السياسية والاقتصادية، ما أدّى إلى توزيع مناطق النفوذ، وحتى الصراع والمنافسة في منطقة النفوذ الواحدة كما هي في إدلب بين روسيا وتركيا، ومناطق أخرى بين إيران، وكذلك روسيا، رغم ما يجمع كل من هذه الأخيرة وتركيا وإيران مساعي خفض التوتر عبر أستانا- سوتشي، وهكذا في شرقي نهر الفرات ذات النفوذ الأمريكي والمساعي الروسية أيضاً للصراع أو المنافسة معها نظراً للطبيعة الاستراتيجية وغناها بالموارد الاقتصادية، وبذلها (روسيا) الجهود من أجل ضمّ عموم المناطق أو إعادة سيطرة النظام عليها بدعوى وحدة الأراضي السورية، وعليه فالاتفاق الأخير بين مجلس سوريا الديمقراطي وحزب الارادة الشعبية برعاية روسيا يأتي في ذاك السياق، وبهدف مشاركة ذاك المجلس في المفاوضات وفي اللجنة الدستورية تلك التي تلقى القبول من الجانب الأمريكي، ما يعني أن روسيا تلعب دوراً رئيسياً في شأن الأزمة السورية، وفي دعم ومساندة النظام السوري مع ما يحقّق مصالحها وأهدافها الاستراتيجية عبر تعزيز نفوذها على الساحل السوري ومطار حميميم القريب من مدينة اللاذقية لتجعل منهما جسراً لامتداداتها وتدخُّلاتها سواء في الشأن الليبي أو في المناطق الأخرى.
وأمريكا، تسعى من جانبها لتوسيع دائرة نفوذها في عموم المنطقة وخصوصاً في كل من العراق وسوريا بهدف محاربة الإرهاب (داعش ومثيلاتها) وبما يخدم استراتيجيتها الواسعة والعمل بتأن، تارة بالتنسيق الممكن مع روسيا وأخرى مع تركيا وثالثة مع المعارضة السورية، وترتكز في مساعيها وجهودها على التحالف الدولي وقرارات مجلس الأمن ولاسيما القرار 2254 ومرجعية مؤتمر جنيف1 وكلّ المساعي والجهود الدولية في الحل السياسي السلمي للأزمة السورية، ولم تتوانَ في مساعي تقليص الدور الإيراني أو إنهائه في سوريا، الأمر الذي تطلبه إسرائيل، ويحلو لروسيا في عين الوقت، يأتي ذلك في سياق الصراع الدولي الذي تقوده أمريكا ضد إيران، ومنها في العراق ولبنان واليمن وغيرها، وفي هذا السياق تزداد اهتماماً بالعراق، سواءً لجهة تقليص أو إنهاء الدور الإيراني أو في شأن الوضع الداخلي للعراق بما يعني إعادة ترتيب الأوضاع الداخلية وحل المشاكل الداخلية وكذلك قضايا الخلاف مع إقليم كوردستان استعداداً للتطوّرات والتحوّلات المرتقبة في العراق.
في شأن الصراع في سوريا بين أطياف المعارضة والنظام السوري الذي لم يدخر حتى الآن وسعاً لمساعي وجهود الحسم العسكري، وبدعم ومؤازرة حلفائه، رغم أنّ الحلفاءَ مشاركون في عملية الحلّ السياسي وفق جنيف والمساعي الدولية في هذا الشأن، إلا أنهم يسعون ان تكون النتائج لصالح النظام وتوجُّهاته، أما المعارضة السورية بأطيافها، وبما فيها الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية رغم انسجامها مع المجتمع الدولي ومرجعية جنيف، إلا أنّها هي الأخرى تميل نحو الصراع على السلطة أكثر من ميلها إلى عملية التغيير والتحول الديمقراطي، وبما يضمن مصالح عموم المكونات السورية القومية منها والدينية، على قاعدة (سوريا لكل السوريين)، كما تثير في ذات الوقت المخاوف من مساعي تعزيز الوضع الكردي خصوصاً بعد بدء جلسات التفاوض بين المجلس الوطني الكردي في سوريا وأحزاب الوحدة الوطنية الكردية (أكبرها ب ي د) بشأن وحدة الصف والموقف الكردي المشترك، وتميل في توجهاتها نحو خدمة أجندات إقليمية مع بروز وهيمنة دور الإسلام السياسي عليها، بدلاً من المهام المنوط بها، ما يعني ضرورة الوقوف أمام تلك المواقف، عبر تضافُر الجهود من أجل ترميم المعارضة وإعادة هيكلتها بغية تصويب مسارها السياسي كما حصل في مرات سابقة، حيث التطوُّر من إعلان دمشق إلى تأسيس المجلس الوطني وحتى تأسيس الائتلاف الوطني وصولا إلى إيجاد منصات أخرى (القاهرة ، موسكو ..الخ) ..
وتركيا، لا تتوانى عن خدمة أجنداتها ومصالحها السياسية والاقتصادية وهي مشروعة بما يتفق مع الأعراف والقوانين الدولية، لكنها تتجاوز تلك الحدود في ممارساتها العملية سواءً في سوريا أو في العراق، وخصوصا “الفوبيا” الكردية يؤرقها بذريعة أمنها القومي أو الحدودي، وما يزيد من مخاوفها أيّ تحرُّك أو تعاطف دولي بشأن القضية الكردية أو البحث عن حلول موضوعية لها وخصوصاً من فرنسا وأمريكا، وقد حملت عسكرياً مراراً على قرى ومناطق من إقليم كوردستان بحجّة ملاحقة مقاتلي حزب العمال الكردستاني الذي هو الآخر يعطي ذرائع بذلك بين الحين والآخر وكلما بدا توجُّهٌ إيجابيٌّ بشأن القضية الكردية، في وقت ينبغي أن يحتكم الطرفان الى التفاوض والحوار في حل مثل هذه المعضلات، وقد تميل تركيا الى ذلك مجدداً، من جانب آخر، هذا فضلاً عن مسألة تدخُّلها في الشأن الليبي أو في القضايا الحدود المائية مع اليونان وحتى مصر وحجب المياه عن مدينة الحسكة وريفها، هذا إلى جانب قضايا الوضع الداخلي وظهور أحزاب معارضة أخرى كالذي يقودها كلٌّ من رئيس الوزراء التركي الأسبق أحمد داوود أوغلو وبابا جان، قد يكون تأسيس هذا الحزب على حساب الحزب الحاكم (عدالة وتنمية) وربما يكون المنافس الأقوى لهذا الحزب في الانتخابات البرلمانية القادمة، ما ينبغي أن يعيد النظام التركي حساباته السياسية بدقة.
وإيران، رغم تزايد الضغوط الدولية وفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية عليها وإعادة الملف النووي إلى البحث، فضلاً عن أنها معرّضة للمُساءلة في موضوع الانفجارات التي حصلت في مرفأ بيروت عبر دعمها لحزب الله اللبناني، وكذلك المساعي بخروج قواتها من سوريا، كلّ ذلك ورغم الوضع الداخلي المتفاقم، إلا أنها لاتزال تتعاطى بعنجهية مع كلّ تلك الملفّات، ولا تزال تمارس البطش والتنكيل مع الجماهير الشعبية وقوى المعارضة لها وتزجُّ بالنشطاء في غياهب السجون والمعتقلات، وأغلبهم من نشطاء شعبنا الكردي ناهيك عن التصفيات الجسدية لمعظمهم يكاد يكون بشكل يومي، ما يعني أن إيران أمام أزمات مستعصية ومتزايدة تدفعها باتجاه المزيد من معاناة الشعب الإيراني ما يجعل هذا الشعب ضحية مجازفات حكام إيران، ولاشك أن ذلك ينعكس سلباً على هذه السلطة المستبدة مستقبلاً، وأن النصر أخيراً يبقى للشعب الإيراني ولقواه السياسية المعارضة إن عاجلاً أم آجلاً .
العراق، حكومة السيد مصطفى الكاظمي تمارس نشاطها ودورها المتميز بهمة واقتدار في خدمة العراق والعراقيين، سواءً من جهة تناول ملفات الفساد المالي والإداري أو من جهة الجانب العسكري ما ينبغي بالتالي حصر السلاح بالجيش والقوى العراقية النظامية، وهكذا بالنسبة للشأن السياسي والتعاطي مع الكتل والقوى والأحزاب السياسية وما يقتضي من التنسيق فيما بينها، والاستجابة للمطالب الشعبية وحل مشاكلها ومعاناتها عبر توفير مستلزمات الحياة الضرورية و توفير فرص العمل للعاطلين عن العمل عبر ايجاد الأرضية المناسبة لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، وفي هذا السياق فقد وقعت الحكومة عدداً من العقود مع عدد من الشركات الأمريكية في الزيارة الأخيرة لرئيس الحكومة على رأس وفد رفيع المستوى، إلا أن الادارة الأمريكية عبر الزيارة تلك قد حملت السيد الكاظمي والوفد المرافق أعباء هامة من شأنها الحدّ من الدور الإيراني في العراق وتصفية قضايا الخلاف في العراق ومع إقليم كردستان بما فيها موضوع المادة 140 من الدستور أي المناطق المسماة ( المتنازع عليها ) وجعلها تحت إدارة الإقليم، وهكذا ما يتعلق بموضوع النفط والغاز وموضوع موازنة الإقليم ورواتب العمال والموظفين، وغير ذلك من قضايا الخلاف الأخرى.
إقليم كوردستان، قد يكون أمام مرحلة جديدة من التطوُّرات الهامة سواء على صعيد عموم العراق أو على صعيد الإقليم ذاته، ما يقتضي مضاعفة الجهود والنشاطات على مختلف الأصعدة في داخل الإقليم ومع بغداد ومع دول الجوار وحتى مع الجانب الدولي، وعليه فقد شهد الإقليم مساعي تعزيز التفاهمات بين القوى والأحزاب السياسية الكوردستانية وخصوصاً بين الحزبين الرئيسيين: (الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني) وكذلك العلاقات الإيجابية مع معظم القوى والأحزاب العراقية وخصوصاً تلك التي لها دورها الفاعل والمؤثر، وهكذا مع الدول المجاورة ولاسيما تركيا، حيث العمل من أجل تعزيز علاقات حسن الجوار والعلاقات الاقتصادية، والعمل على انهاء مجمل قضايا الخلاف، وبالتالي السعي باتجاه إمكانية توفير فرص للحوار من أجل الحد من تصعيد الصراع بين تركيا وحزب العمال الكردستاني أو الجنوح نحو حل سلمي لهذا الصراع القائم لسنوات خلت، تجلى ذلك من خلال دعوة الرئيس التركي لرئيس الإقليم السيد نيجيرفان بارزاني والوفد المرافق الى تركيا في الأيام القليلة الماضية والتي تكللت بتفاهمات وصفت بالإيجابية، ما يعني أن الإقليم بفضل قيادتها وحكمة قائدها الفذ الرئيس المناضل مسعود بارزاني تستعد لمرحلة جديدة من التطور والتقدم.
غرب كوردستان، لا تزال معاناة شعبنا الكردي في كل من عفرين وكري سبي وسري كانييه قائمة سواءً في التهجير أو انتهاكات الفصائل المسلحة المؤتمرة من تركيا بما هي أعمال القتل والاعتقال، والسلب والنهب للممتلكات والمباني والمحلات إضافة الى الإتاوات وطلب الودي بالنسبة للمختطفين، هذا الى جانب عمليات التغيير الديموغرافي المستمرة..الخ، ورغم المساعي والجهود المستمرة من أجل إيجاد حل لمعاناة هذا الشعب في المناطق الثلاث المذكورة، والاتفاق مع الائتلاف على صيغة اللجان في هذا الشأن، لكنه (الائتلاف) على ما يبدو يماطل في هذا الاتجاه بذريعة تفشي جائحة الكورونا وفرض حالة الحظر، وعليه ينبغي سعي المجلس الوطني الكردي في سوريا لدى الجهات المعنية من منظمات المجتمع الدولي ولجان حقوق الانسان ومؤسسات المجتمع المدني بغية ايجاد حل عاجل لهذه المعاناة المتفاقمة لشعبنا.
من جانب آخر، لا تزال المفاوضات قائمة ومستمرة “رغم بطئها” بين المجلس الوطني الكردي وأحزاب الوحدة الوطنية الكردية، وبعد إقرار الرؤية السياسية المشتركة، تم الانتقال الى مناقشة المرجعية الكردية وتأجيل مناقشة موضوع العقد الاجتماعي، وسيتم الانتقال الى موضوع الادارة والقضايا الأخرى ذلك في الجولات القادمة، ما نريد تأكيده أن المفاوضات هامة وجدية وخصوصاً برعاية دولة بمستوى أمريكا، وحزبنا (الحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا) ومن خلال المجلس يدعم هذه المفاوضات باتجاه تحقيق وحدة الصف والموقف الكردي كهدف استراتيجي بالنسبة لحزبنا، ورغم مساعي ومحاولات نسفها من بعض الأطراف ورغم إثارة أطراف شوفينية المخاوف من هذه المفاوضات، إلا أن مجلسنا ظل عازماً على المضي فيها دون أن يبالي.
المكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا
قامشلو في 6 / 9 / 2020

التعليقات مغلقة.