في القرن السابع عشر جاءت سفينة الى لبنان تحمل البعثة اليسوعية وجلبت معها لميناء جونيا الحياة ونورالعلم ، لأن العلم هو النور و الحياة ، وهذا هو الفرق بين من يجلبون الحياة ومن يجلبون الموت
فجونيه اللبنانية، مدينة النور، وأرض الليمون، ومن أجمل مدن لبنان الساحلية، وهي عروس الشاطئ اللبناني ، حيث تبعد جونيه عن شمال العاصمة بيروت حوالي 20 كم فقط، وتقع في كسروان محافظة جبل لبنان .
هذه المدينة الساحرة في عام 1656، هاج بحرها فقذف بسفنية مجهولة الى رمالها ،وألقي القبض على ركابها وسيقوا الى الشيخ أبي نوفل كسروان الخازن حاكم المدينة .
وكان الشيخ أبو نوفل مدبر للأمير ملحم ابن شقيق الأمير فخر الدين ومستشار له ،وعندما أحضر الحراس ركاب السفينة لابي نوفل ، وكان بينها راهبان يسوعيان أحدهما الأب فرنسيس لامبر ، فاستبقاهما الشيخ أبو نوفل ، ووهبهما أرضا في عينطورة ،وساندهما بمبلغ من المال لبناء مدرسة .
علما بأنه عندما حل الباب كليمان الرابع عشر جمعية اليسوعيين في أوروبا عام 1773 ، تسلم ادرة مدرسة عينطورة وسلمها الى الاباء اللعازرييين ولا يزالون موجدين حتى يومنا هذا.
كان الشيخ ابو نوفل الخازن محبا للعلم وحاكما ذكيا فمنحه لويس الرابع عشر لقب شرف رفيع فرنسي عام 1658 وكأنه مولود في فرنسا ،كما سماه ـ بموجب براءة ـ منصف قنصل بيروت عام 1662 ، على ان يخلفه ابنه في هذا المنصب بعد وفاته مدى الحياة ، علما بأن اصل هذه البراءة محفوظ عند الشيخين أمين وغسان كسروان الخازن .
وما يعنينا في هذا القصة الخاصة بتاريخ لبنان ، هو أن هذه السفينة التي احتضتنتها رمال جونيه بعد قذف البحر لها ، كانت سببا في اقامة مدرسة للعلم والنور والحياة ، بينما السفينة الروسية التي أصابها عطلا فنيا عام 2013 وكانت في طريقها الى موزنبيق ، ورست بمرفأ بيروت لاصلاح هذا الخلل وكانت تحمل 2750 طنا من مادة نترات الأمونيوم حولت مدينة الجمال والسحر بيروت الى مدينة منكوبة .
فسفينة القرن السابع عشر كانت تحمل العلم والنورمن خلال الاباء اليسوعيين الذين كانوا على متنها ، بينما السفينة الروسية التي تسببت في دمار بيروت وحولت البشر الى جثامين في دقائق والى مصابين باصابات خطيرة كانت تحمل مادة الموت والدمار .
ورغم مرور أكثر من اسبوع على كارثة انفجار نترات الامنيوم التي كانت محمولة على السفينة وتم نقلها الى عنبر 12 بالمرفأ ،فان الشعب اللبناني لا يزال يحاول استيعاب هذه الكارثة وهضم خسائرها التي تزيد بحسب مسئوليين لبنانين عن عشرة مليارات من الدولارات ، خاصة وان أحياءا بكاملها قد دمرت في لبنان تاهيك عن مقتل 163 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من ستة آلاف بجروح ،وتدمير قطاعات اقتصادية مهمة بهذه المدينة الساحلية .
هذه الكوراث التي تسببت بها سفينة الموت الروسية لا يستطيع اللبنانون دفع فاتورتها خاصة وانهم يعيشون في أزمنة اقتصادية خانقة قبل وقوع كارثة الانفجار وعجزت الحكومة عن سداد ديون سيادية تتجاوز 150 % من الناتج الاقتصادي.
هناك من يحمل الحياة و هناك من يحمل الموت
لك الله يا لبنان
التعليقات مغلقة.