للكاتب : صالح المُلا
تشكل المجلس الوطني الكوردي في بدايات الازمة السورية كضرورة لوجود جسم كوردي يمتلك مشروعية جماهيرية ولمواكبة التطورات التي حصلت في المنطقة ، وليكون هذا الجسم واجهة تمثل القضية الكوردية في سوريا بالمحافل الدولية ، قام المجلس منذ بدايته بتحديد أهداف بقيت ثابتة الى يومنا هذا بعد مرور عشر سنوات من الازمة السورية.
وكانت من أهم ما تبناه هو أن تكون كل الوسائل التي سنتبعها لنيل حقوق شعبنا هي الوسائل السلمية فقام المجلس بتقديم نفسه للمعارضة السورية و للمجتمع الدولي على أنه صاحب مشروعية جماهيرية كبيرة في سوريا ودخل الائتلاف السوري المعارض ككيان مستقل له خصوصية تختلف عن باقي المعارضات التي كانت ضمن هذا الائتلاف ، وبدأ في طرق أبواب كل الدول المعنية بالشأن السوري بدءاً من الولايات المتحدة وروسيا وصولا الى دول المنطقة الاقليمية.
بالتوازي مع هذه الجهود التي بذلها المجلس ليحافظ على نفسه كطرف سلمي ينتهج الدبلوماسية للحصول على مطالب شعبه وبعد كل هذه الأحداث التي عصفت بالمنطقة سنعتبر أنفسنا مراقبين من الصين أو اليابان مطلعين على الوضع ولنخض في تفاصيل ما مرت به هذه الواجهة السياسية اي المجلس الوطني الكوردي ولنقم بتقييم عمله.
بعد كل هذه السنوات من النضال كانت هناك حملة شعواء أستهدفت الحركة الكوردية من الداخل والخارج أستهدفت قيادات المجلس بشكل مباشر أما بالأعتقال أو بالنفي او الأغتيال وحرقت مقراته تارة وأغلقت تارة أخرى وتم تضييق الخناق على أنصاره ومنعهم من ممارسة عملهم بشكل ديمقراطي وعند كل حدث كانت تقوم به المعارضة العربية كانت السهام توجه الى المجلس قبل أصحاب الممارسات أنفسهم وأصبح وجود المجلس داخل الكيان المعارض ( الائتلاف ) حجة وتبرير للنيل منه . وبالرغم من وجودهم داخل الكيان المعارض لكنهم كانوا من أوائل الاطراف التي كانت تدين سياسة ضرب وتهميش الحقوق الكوردية عرض الحائط بقي المجلس ورغم ما مورس بحقه محافظاً على التوازن في علاقاته مع الجميع وبنفس الوقت حافظ على مبادئه ولم يحد يوما عن طريق الدبلوماسية الهادئة.
بنى المجلس علاقات مع جميع الاطراف المعنية بالأزمة السورية وبقيت جماهيره في صف واحد خلفه رغم ما تشوب هذه الاصطفافات من شوائب ولكنها حالة طبيعية وسليمة لأية مؤسسة سياسية تعتمد الأساليب الديمقراطية في مبادئها وعملها.
على الصعيد الداخلي كان المجلس الوطني الكوردي سباقًا في بناء علاقات متينة وتبني سياسة الحوار الهادئ مع مكونات المجتمع السوري ومن أهم نتائجها الإعلان عن تاسيس جبهة السلام والحرية التي تضم المجلس الوطني الكوردي وتيار الغد والمنظمة الأثورية الديمقراطية و المجلس العربي في الجزيرة والفرات.
في خضم الأحداث برزت فئة من المتطوعين الذين يعتبرون من الطبقة المثقفة برزوا وتطوعوا من تلقاء أنفسهم وبدأو بتوجيه النصائح يمنة ويسرة ومع كل حدث كانت تمر به منطقتنا كان يظهر بيننا متطوعون لرسم الخط الفاصل بين ما هو صائب وما هو غير صائب وأصبح المجلس من أولوياتهم وبدأوا بتوجيه سهامهم المسمومة والمشبوهة إليه وقد أعتمد المتطوع المقولة التي تقول بأن جهل الناس أرض خصبة للزراعة وفرص الأستثمار والربح بها مضمونة مئة بالمئة ولكنه كان غافلًا عن إن المجتمعات قد تقدمت وأصبحت قلة قليلة جدأ لا تعلم بما يحصل فأغلبية شرائح المجتمع أصبحت على دراية كافية بواقع المنطقة .
فشلت جهود المتطوع في كسر عزيمة المجلس وأنصاره لا بل على العكس لم يقدم هذا المتطوع حلول بديلة أو برنامج عمل شامل لمواكبة الازمات التي تعصف بالمنطقة وبقي تائها بين مفردات اللغة واختيار أكثرها تحريضاً واشدها عنفاً للوصول الى غايته التي هي في الاساس كسر أي خطوة إيجابية تقوم به الحركة الكوردية وبموازاة هذه الضغوط عليه من جميع الجهات كان المجلس يثبت موقعه في الخطوط الامامية كواجهة شرعية لشعبه ويفاجئ الشريحة المتطوعة برصانة سياسية وواقعية في العمل.
بالتوازي مع هذا الاستهداف المباشر فتحت لهم أبواب كبرى الدول وجلس معهم من يمتلك القرار وأستمع الى مطالبهم من بيده الحل والمفتاح للأزمة السورية فالدول المعنية تعلم يقينًا بإن المجلس الوطني الكوردي صاحب مشروعية جماهيرية يستطيع أنصاره أن يقلبوا الموازين في أية انتخابات مستقبلية في كوردستان سوريا على وجه الخصوص أو سوريا عامة فالوقائع على الارض اثبتت بان ال ENKS هو رقم مهم في أي حل مستقبلي للشأن السوري والأهم من كل هذا وبعد كل هذه الحملات عليه وعلى أنصاره نرى اليوم بأن المجلس الوطني الكوردي يجلس على طاولة المفاوضات كطرف اساسي وفعال رغم ما يواجهه هذا التقارب من حملات مضادة لكن السنوات التي خلت والمراحل الى قطعت أثبتت بأنهم قادرون على تبني سياسة هادئة رصينة تستطيع الخروج من أية مواجهة سياسية متوازنين.
من أهم أسباب وصول المجلس الكوردي إلى طاولة المفاوضات جنبا إلى جنب مع الأمريكان والأطراف الاخرى بأنه لم يدخل في متاهة سياسة ردة الفعل على كل ما واجهه ولم تتغير مطالبه وأيضا والأهم من هذا كله آنهم لم يكونوا طرفاً في المذبحة السورية بل على العكس اثبتت السياسات التي اعتمدوها في ادائهم بأنهم على قدر كافي من المسؤولية لتحمل ما اوكل إليهم من جماهيرهم من مهام ومطالب تمس مصير شعب بأكمله
تبني القضايا القومية وعدم الإنجرار وراء سياسة المحاور والمحافظة على العلاقة مع جميع الاطراف والوقوف على مسافة واحدة من الجميع هي من اهم أسباب نجاح إي كيان سياسي.
بعد كل هذا السرد الا تستحق منا هذه الحركة السياسية الكوردية نحن كالشعب الكوردي في سوريا أن ندعمها بكل ما أتيح لنا من إمكانيات وأن نكون لهم عوناً في مهامهم الصعبة.
(المقالة تعبر عن رأي كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع)
التعليقات مغلقة.