عبدالرحمن قاسملو /1930-1989/ من أبرز السياسيين و المثقفين الكورد في كوردستان إيران .
ولد عبد الرحمن قاسملو عام 1930 في وادي قاسملو المجاور لمدينة أورمية لعائلة متواضعة حسنة السيرة والسلوك .
تنعم ببوادر الفكرالسياسي في مرحلة مبكرة من حياته لقضية شعبه والذي برز كإسم لامع شق طريقه في غمرة النضال وقيادة الثورة متأثراً ومتابعا لسيرة سلفه الشهيد _القاضي محمد _مؤسس جمهورية كوردستان الديمقراطية1946(جمهورية مهاباد )
قاسملو الذي بدأ أول نشاط سياسي له عام 1945 وذلك عندما لعب دورا هاما في تشكيل أتحاد الشباب الديمقراطيين الذي كان أحد مؤسسات الحزب الديمقراطي في أيران حتى وصوله الى درجة الأمين العام في الحزب عندما وافق الحزب على طروحاته وأفكاره النيرة وذلك في المؤتمر العام الثالث للحزب .
ودرس المرحلة الإبتدائية والإعدادية والثانوية فيهاوفي العراق. ومن ثم انتقل إلى مدينة اسطنبول في عام 1948 من أجل إتمام دراسته الجامعية واقتنع فيما بعد بأنه سيتلقى تعليماً أفضل في أوربا . تعرف خلال وجوده في اسطنبول على الكاتب والصحفي موسى عنتر الذي كان عامل نجاح كبير لإكمال قاسملو المشوارين الثقافي والسياسي في اوروبا و بعض الطلاب الكورد الوطنيين وانتقل قاسملو فيما بعد إلى أوربا بمساعدة موسى عنتر لإكمال مشروعه .
درس في فرنسا ومن ثم في تشيكوسلوڤاكيا العلوم السياسية والأجتماعية لكنه لم يبتعد أبدا عن هموم ومشاكل وطنه وعن مسؤوليته تجاه هذا الوطن، قرر قاسملو كمثقف كوردي الأنضمام الى المعارضة الديمقراطية التي تطورت ضد الأمبريالية في مرحلة حكومة محمد مصدق في إيران ورجع الى البلاد عام 1952 للمشاركة بالنضال الديمقراطي وعمل قاسملو في المجال السياسي العلني والسري لمدة خمس سنوات وبدأيظهر كشخصية سياسية مؤثرة ليست ضمن الشعب الكوردي فحسب بل ضمن اليسار الايراني أيضا .
قام د.عبد الرحمن قاسملو بتدريس مادة رأس المال والاقتصاد الاشتراكي في جامعة پراگ ودرس اللغة والثقافة الكوردية في جامعة السوربون في باريس حتى عام1961.
ان العقلانية والديمقراطية كانتا من أهم صفتين تمتع بهما الدكتور عبد الرحمن قاسملو، درس مع رفاقه الحزبيين الوضع السياسي والأقتصادي لأيران ووضع اليسار الايراني والحركة الوطنية الكوردية وعلاقاته كأمين عام مع الأتحاد السوڤيتي وأنطلق من استراتيجية الديمقراطية لايران والحكم الذاتي لكوردستان ذات الشعار المرفوع من قبل قيادة الثورة الكوردية في العراق بقيادة زعيمه الخالد المرحوم ملا مصطفى البارزاني ، وقد وافق الحزب في مؤتمره الثالث على مقترحات الدكتور عبد الرحمن قاسملو وأصبحت استراتيجية الحزب الرسمية وانتخب في مؤتمر الحزب أمينا عاما له وأصبح من الشخصيات السياسية المهمة في جميع أنحاء كوردستان .
في أواخر عام 1978 عاد إلى كوردستان أيران ليؤسس هناك فروعا لحزبه،
حيث قام الدكتور قاسملو برفقة عشرين ألف مقاتل من البيشمركه بحملة ضد جيش الشاه ايران عام 1978 خلال الاضطرابات التي عمت البلاد خلال الثورة الإيرانية. وكاد الشعب الكوردي يعود الى أمجاده في أيام 1946 حيث سيطرت البيشمركه على ثماني مدن وعشرين بلدة في كوردستان المغتصبة من قبل ايران وبذلك وضع الشعب الكوردي الحجر الأساس لشبه إدارة فيدرالية .
في أعقاب الثورة الإسلامية وإعلان الجمهورية الإسلامية في إيران شعرَ الكورد بسير الأمور ضدهم،ونتيجة لذلك عم المناطق موجات غضب عارمة عند عدم السماح للممثلين الكورد بالمشاركة في صياغة الدستور الإيراني الجديد ،وكان عبد الرحمن قاسملو وقتها من ابرز قيادات الكورد وطلائعها ، إلا أنه لم يلقى الترحيب حينما رفض آية الله خميني مؤسس الجمهورية مشاركة الكورد في كتابة الدستور ،ويعتقد بعض المؤرخين ان رفض خميني مساهمة الاكراد في كتابة الدستور له بعد ديني بالاضافة الى البعد القومي لكون أغلبية الكورد في ايران من المذهب السني ، ولم يحصلوا في ذلك الدستور على ما يعتبرونه حقوقا قومية ، مما أدى بسبب ما ذكر الى أندلاع صراع مسلح كبير من نوعه الى حد ما بين الحكومة الايرانية والشعب الكوردي بقيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني الأيراني بزعامة عبد الرحمن قاسملو والى جانبه الحزب اليسار الكوردي والذي أستمر اكثر من ثلاث سنوات تكبد فيها الطرفان خسائر فادحة في الارواح والممتلكات رغم الإمكانيات التقليدية لثوار الحركة التحررية الكوردية بطبيعة الحال ، ألا أن شراسة القوات الايرانية الناجمة عن الحقد الكامن و الذي نجم عن أعتقال المئات من أبناء القرى والقصبات الكوردية وتعليقهم بلا رحمة على أعواد المشانق ناهيك عن تدميرهم لعشرات القرى ، رغم كل هذا
ظل العنفوان الكوردي وكبرياء البيشمركة أكبر من ذلك وأكثر صبرا على تحمل الأذى المبرمج تجاه قضيتهم القومية العادلة طوال سنين الكفاح .
حصل قاسملو على دعم العراق في مواجهته للحكم الإيراني، لكن ذلك الدعم لم يكن كافيا لمواجهة القوات الإيرانية التي أخمدت الحركة الكوردية بقوة.
لقد قال مهدي زانا رئيس بلدية آمد انذاك ( ان قاسملو انسان ديمقراطي واداري نشيط لانه أستطاع أن يبدع في حل مشاكل شعبه رغم الظروف الصعبة والامكانيات المادية الضئيلة) .
وفي أشارة لزعماء كورد إلى تضحيات ووفاء قاسملو لقضيته ,,,,
لو أخذنا الحرية والنضال كمعيار لتقدم الشعوب لكان الأجدر بها الكورد وقادتها عبر التاريخ – الا ان هذا لا يعني بأن جبال كوردستان قد عجزت عن ولادة شخصيات كوردية مرموقة الذين لعبوا أدوارا كبيرة في سبيل نهضة الكورد فقد كان لرؤساء العشائر والمثقفين والطبقة الكادحة نضالهم المتميز في تاريخ الحركة التحررية الكوردية وفي مقدمة أولئك القادة اللامعين بعد البارزاني الخالد وفي كل صفحات التاريخ والنضال ، لاينكر دور ونضال الدكتور قاسملو ولو بحثنا عن بصمات هذا الشخص في جبال كوردستان لوجدنا آثاره في كل مكان بصمات فكرية ونضالية التي هزت محاولات الكثيرين من المتامرين والغادرين على شعبه ، ولو قلبنا بعضا من تلك الصفحات نجدها مليئة بالنضال والإيمان الحقيقي بالقدر وبالقضية وبمعاني الروح الوطنية ،فمثل أولئك العظام لا يمكن نسيان دورهم ونضالهم من أجل قضية شعبهم أنهم أحياء ولا يطالهم الموت أو النسيان في قاموس الثوار وفي قلوب المظلومين والمحبين ,,,,
عند احتدام النزاع الإيراني العراقي في النصف الثاني من عام 1980 ، حاولت الحكومة الإيرانية ضمان مؤخرة قوية ، وقررت أن تقترح على الكورد الوقوف إلى جانب إيران ، و بمبادرة من الشيخ حسيني بدأت مفاوضات بين الحكومة المركزية و الكورد حول مسألة منحههم الحكم الذاتي ،ولكن منيت بالفشل بسبب الخلاف بين الطرفين ، وأعلن قاسملو موضحاً موقف الحزب الديمقراطي الكوردستاني في إيران من الحرب العراقية الإيرانية قائلاً : (ليست لنا أية مصلحة في النزاع العراقي الإيراني لكي نقوم بالدفاع عن نظام معادٍ للشعب ، كنظام رجال الدين و مساعدة شوفينية الدول العظمى . أننا نتمسك بحزم بمواقف معادية للإمبريالية ، ولكن ليس كما يفعل الملالي . إن انتهاج سياسة ثابتة و معادية للإمبريالية يعني قبل كل شي الأعتراف بحقوق الشعب الكوردي وليس احتجاز الرهائن . حاول بعد ذلك تحقيق مكاسب لشعبه عن طريق المفاوضات،
وبعد أنتهاء الحرب العراقية الإيرانية في آب 1988
، دعا قاسملو للحوار مع وفد إيراني رسمي في فيينا من أجل الحكم الذاتي لكوردستان إيران ، لكن الدعوة كانت على ما يبدو محاولة لإيقاعه في فخ إيراني.
خلال وجوده في فيينا لغرض التفاوض مع الوفد الإيراني، تم اغتيال قاسملو مع اثنين من مساعديه يوم 13 تموز 1989 من قبل جواسيس “سفاك” ، واتُهمت المخابرات الإيرانية بتنفيذ عملية الاغتيال
ولم تكتف المخابرات الايرانية بقتل قاسملو بل غدو ابعد من ذلك عندما اغتالوا وبنفس الطريقة الجبانة رفيق قاسملو صادق شرف كندي في ايلول 1992 وتعقيبا على هذه الاعمال الاجرامية بحق قادة الكورد في أوروبا علقت هيلين قاسملو في حينها في مجلة دراسات كوردية في عددها المرقم 8 الصادر في باريس سنة 1993 قائلة لا زالت الحكومة النمساوية تماطل في احقاق العدالة فيما يخص هذه القضية ، وهل معنى ذلك ان الشعب الكوردي حتى في بلد ديمقراطي وفي قلب أوروبا لا يمكن أن يطمح في احقاق حقوقه .
وغداة الانتخابات الرئاسية الأخيرة في إيران أعلنت السلطات النمساوية أنها تمتلك وثائق تؤكد ضلوع الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بالمشاركة في اغتيال قاسملو,
ويذكر [مهدي دادستان] و[ديميتري جانيو] في كتابهما ” الملالي ورقصة المذبوح”، الصادر بالفرنسية، أن الجنرال في حرس الثورة، المدعو [جعفر شهرودي]، شارك في عملية الاغتيال
وقد أعلن أحد نواب “الخضر” النمساويين، واسمه [بيتربيلز]، وكذلك صحيفة [ستاندارد] النمساوية، بأن أحمدي نجاد شارك في عملية التنفيذ. وقد أقام النائب دعوى قضائية على حكومة النمسا بتهمة “لفلفة القضية لأسباب تجارية”
علما بأن أحمدي نجاد كان يزور فينا في تلك الأيام باسم “البحث عن مصادر” لأطروحته في الهندسة؟
ودفن د. عبد الرحمن قاسملو في مقبرة العظماء ب _بيرلاشيز_ في مدينة باريس في 20تموز1989
إعلام المجلس الوطني الكوردي
التعليقات مغلقة.