كيف يطعننا أصدقاؤنا من المعارضة السورية ؟.. 1/2
نادراً ما كان يظهر موقف سياسي من شخصية عربية سورية مساندة للحقوق الكوردية، والأندر كلمة الاعتراف بنا على أننا القومية الثانية في سوريا، وأن الوطن السوري يجمعنا ولنا حقوق وواجبات مثلما للعرب، ظل منطق المساواة ملغية بمطلقها حتى السنوات الأولى من الثورة السورية، والمؤلم أن الأصدقاء كان صوتهم مكتوم، ولم يملكوا القدرة على التصريح، أو المواجهة، علما أنهم لم يكونوا قلة حتى في ظل أعلى درجات الأنظمة السورية دكتاتورية.
ومسألة على أن الكورد يعيشون على أرضهم التاريخية الضامة إلى جغرافية سوريا الحالية، لم تتجرأ أية شخصية عربية، سياسية أو تاريخية ذكرها على مر العقود الماضية منذ تأسيس سوريا، فما تم عرضه بعد الثورة السورية وبشكل نادر جدا، من قبل شخصيات لا صوت لها، جلبت أنتباه الشارع الكوردي، وأدت إلى خلق نوع من الرضى بين الحراك الكوردي، وعلى اثرها بدأت حركة التنقيب عن الوجوه الممكنة التعامل معها، لإقامة حوارات وطنية، وتبادل الآراء حول العديد من القضايا الخلافية ومن ضمنها مستقبل سوريا، ومن جهتنا كحركة كوردية قمنا بطرح عروض تناسب جميع المكونات السورية، بنيناه على البعد الوطني، ومن جملتها قمنا بطرح مفهوم النظام الفيدرالي، واللامركزية في السلطة، وقد كنا في المجلس الوطني الكوردستاني شرف السبق في هذا الطرح، تبنيناه وقدمناه كمشروع لعدد من الدول الكبرى وعلى رأسهم أمريكا قبيل عام 2006م وكان من أحدد الأسس التي عقد عليه المؤتمرات الثلاث، أثنان ضمن قاعات الكونغرس الأمريكي، والثالث الرئيسي أختتم ضمن قاعة البرلمان الأوروبي، وأعدنا تقديم المشروع بالتفصيل ثانية وعلى مرحلتين الأولى، في عام 2008م والثانية بعد الثورة وقبيل التدخل الأمريكي في عام 2014م.
كما وطالبنا منذ بدايات الثورة السورية بالتدخل الخارجي لوضع حد للمأساة، بعدما لا حظنا أنه سيكون من أنجح الطرق لتغيير النظام، وتطبيق الفيدرالية والنظام اللامركزي، لكن المعارضة السورية والتي انحرفت وشوهت الوجه السوري في المحافل الدولية، عارضت كل هذه المقترحات، خاصة لأنها كانت صادرة من الحراك الكوردي المرسوم صورته في ذهنهم بنمطية مشوهة.
رغم هذه المعارضة، والمواقف السلبية المسبقة عن الكورد وقضيتنا، كنا ولا نزال من جهتنا عندما نتلقى تأييدا من شخصية عربية، ولو بأبسط سوياتها لمطالبنا، حتى ولو كانت على حقوقنا الثقافية دون المطالب الأخرى، نثمنها ونعدها خطوة نحو الديمقراطية، لكننا نادرا ما نبحث عن مصادر تحفيزها، هل جاءت على خلفية نضال الحركة الكوردية، أم هو نتاج التغيير الفكري في ذهنية المكون العربي، وتنم عن الديمقراطية التي ربما سيتحلى بها الصديق العربي، أم أن هناك خدعة تحبك ورائه، وما يتم تقديمه ليس إلا طعم لاصطياد لا يحمد عقباه. وبالتالي كنا نعتبرهم وبدون نقاش من ضمن الأصدقاء ولا زلنا، علما أن بعض هذه المفاهيم صدرت على خلفيات خبيثة لخداع الحراك الكوردي، وكانت لهم منها غايات أخطر من المعارضين جهارا.
نحن في الحراك الكوردي، ربما لسذاجتنا أو لبساطتنا والتي تعكس نوع من الضعف، ننجر إلى ما يريدون الحوار عليه، وهي من الخدع السياسية، وبها يتم أبعادنا عن الأساسيات التي بدأت تفرض ذاتها على الساحة الداخلية والدولية، وهذه إشكالية لا ننتبه إليها، فكما يلاحظ نحن نناقش ما يعرضونه هم، لا ما نحن نعرضه، والتي يجب أن يكون مركز الحوارات هي ما يتم تقديمه الجهة المتأذية على مدى العقود الماضية، وليس الطرف العربي الذي لا يزال حتى اللحظة يتبنى بشكل أو أخر المفاهيم التي رسختها الأنظمة الاستبدادية في ذهنهم.
ففي المراحل الأولى من الظهور الك ردي على الساحة السورية كقوة، وجلبت الاهتمام الدولي، وعندما توضحت للمعارضة العربية والنظام أن سوريا المستقبل لا يقبل بدون الحضور الكوردي، بدأوا بقبول ما كان يطرح الكورد منذ عقود، كمسألة الوطن للجميع، لكنهم حاولوا الخداع والالتفاف على المفهوم، فقاموا بعرضها تحت الخيمة العربية، وبالتالي كل شيء حتى الدستور طالبوا بعرضها على الشعب السوري، ويجب أن يتم الانتخاب عليه، ففي الحيز الديمقراطي مطلب منطقي لكنه يحتضن خداع سياسي، أرادوا على أسسه التلاعب علينا تحت منطق الأكثرية والأغلبية، لان مطلبهم لم يحصر ضمن المناطق الكردية بل كان على مجمل سوريا، أو المحافظات الشرقية، وطبلوا لها على أن السلطات السابقة كانت تجرم المكون الكوردي عندما كان يطالب بالشراكة في الوطن، ونحن الآن نقبلها وبالديمقراطية، وقد كانت هذه من أول الخباثات السياسية، والتلاعب الدبلوماسي لتمرير القضية الكردية ضمن أقذر الأقنية السياسية، كتبنا عنها كثيرا، ونبهنا حراكنا السياسي أن منطق الوطن للجميع يجب أن يتم بعد دارسة خصوصيات الشعب الكردي، وبالمحاصصة وليس على أسس الأكثرية والأقلية في سوريا، والتي أكثر من ثلاثة أرباع الشعب مستعربون لغويا وليس أثنيا…
يتبع…
التعليقات مغلقة.