العفلقية المتجدّدة.. ردّ على د . خالد المسالمة “القسم الأخير”..
بدايةً لابدّ من التنويه ١ بأنه وفي العودة إلى التأريخ والجغرافيا البشرية لأية مجموعةٍ وخارطة تموضعها هي ليست بوسيلة احتكارٍ، أو كغايةّ لنفيٍ أو إقرارٍ وجوديٍ لتلك المجموعة ووجودها أصلاً في نطاق تلك الجغرافيا ، بقدر ما هو تصحيحٌ عملي للاستهداف التشويهي الممنهَج الذي مورس ، هذه من جهةٍ ، ومن جهةٍ أخرى : لابدّ من التنويه أيضاً على أنني لست بصدد الدفاع عن أمرٍ لا يحتاجه بقدر ما هو توصيفٌ لواقعٍ موجودٍ فعلاً ، وعليه ولتغييبٍ جبري لأية وسيلةٍ توثيقية فيما يخصُّ كوردستان ، ولهيمنة أنماطٍ من النظم استساغت عملية التطويب المترافق بنزعات استبدادٍ نفيوية لم توفّر في سبيلها أيّ مسلكٍ قمعي تطوّرت عند بعضٍ منها إلى حملات إبادةٍ منظّمةٍ ، وباختصارّ فإنّ هذه الأسطر لا تستهدف سوى التوثيق التاريخي من جهةٍ و – كردٍّ علمي – وثائقي لحقائق لاتزال قائمة في الواقع ، وهي بالتالي وكهدفّ مشروع وفق كلّ النظريات لأية قوميةّ – شعب يعيش على أرضه التاريخية ويتوفّر فيه كلّ الشروط التي تؤهّله لأن يرتقي بمطالبته في حقّ تقرير المصير ، وهذا المطلب قد لا يؤدّي بالضرورة إلى إعادة إنتاج خرائط جديدة على الرغم من فظاعات الموجودة حالياً ، هذه المهمة التي – أرى – أنها متروكة لشعوب المنطقة ومخاض المتغيّرات التي يُفترَض بها التلاقي حول خيار إعادة إنتاج عقدٍ اجتماعي جديدٍ يتوافق مع الحقائق من جهةٍ وتأطير الممكنات الأولية ارتقاءاً إلى صيغ أفضل . وعليه وفي العودة إلى موضوعنا الأساس ، والذي أسعى فيه للوصول إلى سنة ١٩٣٢ ومذكّرة الشخصيات الكوردية المائة للفرنسيين وما قابلها في العراق وكوردستانها أو ما سُمِي بأزمة الموصل ، وستليها مستقبلاً تتبع لهذه المرحلة حتى مخاضات الثورة السورية ووجهات النظر من القضية القومية الكوردية للجزأين اللذين – أرى أنهما – أُلحٍقا بسوريا والعراق –
وفي العودة الى متواليات سايكس بيكو ووعد بلفور وسيفر ولوزان ، هذه الاتّفاقات التي أنتجت أشرس جينة لاتزال تتحكّم بالصراعات في منطقتنا ، خاصةً أنّ جميعنا قرأ اتّفاق سايكس بيكو وما آلت إليها لاحقاً ، وبالتالي جرجرتها إلى تفسيراتٍ ليتواءم بها قناعات صانعيها والتي هي – سايكس بيكو – في الأساس كانت كعكة تقسيم تركة الامبراطورية الآيلة للسقوط ، هذه الاتّفاقية التي وقِّعَت بين الدول الثلاث بريطانيا وفرنسا وروسيا وكانت قد نصّت في بعضٍ من بنودها على :
– استيلاء فرنسا على غرب سوريا ولبنان وولاية أضنة .
– استيلاء بريطانيا على منطقة جنوب و أواسط العراق بما فيها مدينة بغداد، وكذلك ميناء عكا وحيفا في فلسطين.
– استيلاء روسيا على الولايات الأرمنية في تركيا وشمال كوردستان.
– حق روسيا في الدفاع عن مصالح الأرثوذكس بالأماكن المقدّسة في فلسطين.
– المنطقة المحصورة بين الأقاليم التي تحصل عليها فرنسا، وتلك التي تحصل عليها بريطانيا تكون اتحاد دولٍ عربية أو دولاً عربية موحّدة، ومع ذلك فإنّ هذه الدولة تُقسّم إلى مناطق نفوذ بريطانية وفرنسية، ويشمل النفوذ الفرنسي شرق بلاد الشام وولاية الموصل، بينما النفوذ البريطاني يمتدّ إلى شرق الأردن والجزء الشمالي من ولاية بغداد وحتى الحدود الإيرانية.
– يخضع الجزء الباقي من فلسطين لإدارةٍ دولية.
– يصبح ميناء إسكندرون حرّاً.
وكان لإفشاء الروس لبنود هذه الاتّفاقية بعد سقوط الحكم القيصري غضب وردّ فعلٍ قوي في المنطقة أحرج بريطانيا وفرنسا واللتين أعادتا بدورهما صياغة خريطة المنطقة على الشكل التالي :
قُسّمت المنطقة بموجب الاتّفاق فحصلت فرنسا على الجزء الأكبر من بلاد الشام وجزءٍ كبير من جنوب الأناضول ومنطقة الموصل في العراق، أما بريطانيا فامتدّت مناطق سيطرتها من طرف بلاد الشام الجنوبي متوسّعةً بالاتجاه شرقا لتضمّ بغداد والبصرة وجميع المناطق الواقعة بين الخليج العربي والمنطقة الفرنسية . كما تقرر وضع المنطقة التي اقتُطِعت فيما بعد من جنوب سوريا “فلسطين” تحت إدارةٍ دولية يتمّ الاتّفاق عليها بالتشاور بين بريطانيا وفرنسا ( لاحقاً و بموجب وعد بلفور لليهود أعطيت فلسطين لبناء دولة إسرائيل ) . وتضمّنت التفاهمات تفاصيل أخرى مثل منح بريطانيا مينائي حيفا وعكا على أن يكون لفرنسا حرية استخدام ميناء حيفا، ومنحت فرنسا بريطانيا بالمقابل استخدام ميناء إسكندرون الذي كان سيقع في دائرة سيطرتها .
وكانت الخطوة التالية المتوافقة بين بريطانيا وفرنسا ، هي في تطبيق التفاهمات التي تمّت وفق مراسلات الشريف حسين – مكماهون واتّفاقية فيصل – كليمنصو و التي نصّت :
المادة الأولى :
إنّ فرنسا وبريطانيا العظمى مستعدّتان لأن تعترفا وتحميا دولة عربية برئاسة رئيس عربي في المنطقتين :
أ – داخلية سوريا
ب – داخلية العراق المبيّنة في الخريطة الملحقة بهذا الاتّفاق.
المادة الثانية :
يكون لفرنسا في منطقة “أ” ولإنجلترا في منطقة (ب) حق الأولوية في المشروعات والقروض المحلية، وتنفرد فرنسا في منطقة “أ” وإنجلترا في منطقة “ب” بتقديم المستشارين والموظفين الأجانب بناءً على طلب الحكومة العربية أو حلف الحكومات العربية . ومن الضروري التذكير مجدّداً بأنّ المنطقتين أ و ب محدّدتان وفق تفاهمات حسين – مكماهون في الرسائل المتبادَلة بينهما ، وبناءً على ذلك رُتّبت خرائط جغرافية عاجِلة ومن دون الاستناد على أية معطياتٍ ميدانية وهذا الكلام هو بتوصيفٍ مباشر من المس (غيرترود بيل) مستشارة المندوب السامي البريطاني في العراق ، حيث كتبت في رسالةٍ إلى والدها عام 1920 تقول فيها ” كان عملى لهذا اليوم جيداً ، فقد قمت برسم الحدود الغربية ، والجنوبية الغربية للدولة ( العراقية ) المرتقبة “. وفي الواقع أنّ من يدقّق في خارطة العراق الحالية سيلاحظ على الفور، أنّ الحدود العراقية مع كلٍّ من سوريا والأردن و السعودية هي خطوط مستقيمة تماماً رُسِمت بالقلم والمسطرة من قبل المس بيل . ٢
وفي العودة الى مجريات مابعد سقوط الدولة العثمانية ، وقيام بريطانيا وفرنسا برسم خارطة الشرق الأوسط وتشكيل دولٍ جديدة ورسم حدودها ، بما يضمن مصالحهما فى المقام الأول ، دون الأخذ بنظر الأعتبار التمايز الأثني و الديني والتأريخي والثقافي لشعوب المنطقة ، حيث أنّ كلّ الوقائع التاريخية تدلّ على أنه لم تكن لهذه الدول المصطَنعة وجود فى الامبراطورية العثمانية ، حتى على شكل ولاياتٍ أو وحداتٍ أدارية – جغرافية منفصلة .
فعلى سبيل المثال ، كانت المساحة التى تشغلها سوريا حالياً مقسّمة إلى أربع وحدات إدارية منفصلة تأخذ بعين الأعتبار الاختلافات الواضحة بين مكوناتها . وبعد الاحتلال الفرنسي في العام 1919 ، تمّ توحيدها كمحميةٍ فرنسية واستقلّت فى عام 1946 ، رغم وجود تناقضاتٍ كثيرة فيها .. أما لبنان ،فإنه ، خليط صاخب من المسلمين الشيعة والسنة والمسيحيين المارونيين و الدروز والأرمن والكورد وغيرهم ، ويعيشون فى جيبٍ لا تتجاوز مساحته 10 آلاف كيلومترٍ مربع ، و يحاولون حلّ ما لا يمكن حلّه وهو تقاسم السلطة في ما بينهم … … ووصلت الغطرسة الاستعمارية البريطانية إلى أوجها مع غزوتها للعراق ونمط إعادة تشكيلها لهذه الدولة وفق آلية القطع والوصل ، وفي تحدٍّ صريحٍ لطموح الشعب الكوردستاني ، ولعلّنا نتذكّر في الأساس التفاهمات الرئيسة للمنطقة الجنوبية للسلطنة وكحدٍّ فاصلٍ بينها وبين المجموعة الثانية غير الناطقة بالتركية واعني بها الكوردية والتي حُدّدت بصراحةٍ وفق بنود سيفر والمجريات التطبيقية على الأرض إلى ما قبل لوزان ، وفي العودة إلى التفاصيل ، سنرى بأنه في 12 آذار سنة 1921 ، عُقِد مؤتمر في القاهرة واستمرّ لأسبوعين برئاسة وزير المستعمرات البريطاني ونستون تشرشل حضره كبار الضباط والإداريين الإنكليز العاملين في مناطق الانتداب.
وناقش المؤتمر ( تحديد مستقبل الولايات الثلاث في ما كان يُعرَف بـ” ما بين النهرين ” وهى البصرة وبغداد والموصل، واختيار شكل النظام السياسي ورئيسه ، وبتعبيرٍ آخر، كان على بريطانيا إعادة تنظيم علاقاتها السياسية والمالية والعسكرية مع العراق العربي وكوردستان الجنوبية الواقعين ضمن انتداب “ما بين النهرين ” ) .. ولم يخفِ وزير المستعمرات ونستون تشرشل ظنونه من تجاهل مشاعر الكورد ، واضطهادهم على يد حاكمٍ مدعومٍ بجيشٍ عربي ، ونادى بفكرة كوردستان جنوبية منفصلة سياسياً عن الدولة العربية في بغداد, وعليه جاء قرار مؤتمر القاهرة في عدم إلحاق كوردستان الجنوبية بالدولة العربية، وأن يدار الإقليم كحزام أستراتيجي من قبل المندوب السامي ، عبر موظفين ميدانيين حتى الوقت الذي يستطيع فيه الكورد ، تحديد مصيرهم السياسي في المستقبل . وقد صادق رئيس الوزراء البريطاني لويد جورج على قرارات مؤتمر القاهرة بخصوص كوردستان الجنوبية ، وعليه لم يكن مستغرباً ولا مفاجئاً أن يصدر كتاب تعيين الأمير فيصل ملكاً على العراق الذي حدّد بولايتي البصرة وبغداد العربيتين وحدودها حتى جنوبي ولاية الموصل ، إلا أنّ صعود حكومةٍ جديدة من المحافظين ، بعد فترةٍ وجيزة من انتهاء مؤتمر القاهرة ، والتي تخلّت عن قرارات مؤتمر القاهرة ، وسعت بحلول سنة 1923 على إلحاق ولاية الموصل ( كوردستان الجنوبية ) بالدولة العراقية ، بعد زيادة عدد مواقع آبار النفط وبشكلٍ خاص في منطقة – بابا كركر – وتدفّق نفطها بشكلٍ سلس وطبيعي ، وهنا لا بدّ من التذكير بأنّ ولاية الموصل كانت تضمّ بالإضافة إلى مدينة الموصل كلّاً من كركوك والسليمانية وأربيل منذ عام ١٨٧٩ إلى ١٩١٨ وبعد خروج العثمانيين خضعت إلى مدّ وجزر ، وبعد مباشرة بريطانيا بحفر أقنيةٍ جنوبي كركوك في الحويجة وتكريت وجلب أفخاذٍ من عشيرة العبيدات حدثت اشتباكات بينهم وبين الآشوريين وعلى ضوء ذلك تمّ نقل عوائل آشورية إلى حوض الخابور باتّفاقٍ بريطاني مع سلطة الانتداب الفرنسي وبموافقة عصبة الأمم وتقديمها تكاليف النقل .
وبعد هذه الترتيبات التي تلت انهيار الدولة العثمانية وإحكام بريطانيا سيطرتها على العراق وفلسطين ، تخلّت عن مخطط سايكس بيكو ، وذلك في مؤتمر عُقِد بمدينة سان ريمو في ٢٦ – ٤- ١٩٢٠ ، واستبدلته بنظام الإنتداب وذلك لهدف تحديد مصير ولايات المشرق العربي . حيث لم يبقَ من اتّفاق سايكس بيكو عملياً حينها سوى الترسيم المبدئي لحدود لبنان والعراق والأردن وفلسطين . ٣
وعليه ، فإنّ سايكس بيكو” لم تراعِ في ترسيمها التمايزات الموجودة وأسّست لكياناتٍ تحمل في طياتها بذور الشقاق والفتنة من ناحيتَيْن :
الأولى : إنّ هذه الكيانات التي أسّستها سايكس بيكو، تتداخل فيها العديد من المكوّنات العرقية والدينية، المذهبية والطائفية، وبدا ذلك واضحاً جدّاً في حالات العراق وسوريا الكبرى، حيث تضمّان “موزاييك” حقيقي من القوميات الصغرى، والديانات والمذاهب والطوائف، بل تتقاطع فيما بين بعضها البعض . كلّ هذا التنوّع المتداخل تمّ جمعه في كيانَيْن أساسيَّيْن، العراق بحدوده الحالية، وسوريا الكبرى، التي انفصلت وتحوّلت إلى سوريا ولبنان عام 1943م ، ولتظهر أمراً جديداً وهو عقدة الهيمنة وسوريا الكبرى ، وكمثالٍ على ذلك الأوضاع المعقدة بين سوريا ولبنان ، حيث لاتزال سوريا تنظر إلى لبنان على اعتبارها جزء من إقليم سوريا الكبرى، وتابع يجب أن يظلّ خاضعًاً لها بالضرورة .
إذن ؟ الاتّفاقية كما نلاحظ ، اهتمّت فقط برسم الحدود بين بلدان، تشكّلت في مناطق معينة من إرث الدولة العثمانية، خلال وبعد الحرب العالمية الأولى، إلا أنّ المنطق الذي بُنيَتْ عليه كان حاكماً للبلدان المستعمِرة لمناطق أخرى من العالم العربي ٤ . وبالرغم من المحاولات الكوردية الحثيثة التي سعت إلى إعلاء الصوت الكوردي ونجاحهم في انتزاع معاهدة سيفر عام 1920م وجهود الجنرال شريف باشا ٥ في تدويل القضية الكوردية رسمياً ، إلا أنّ اتاتورك لعب بمهارةٍ بارعة مستغلّاً الصراع السياسي واستطاع اقناع الحلفاء في اعتبار القضية الكوردية مشكلة داخلية يمكن حلّها بسهولةّ ، وأفشل على إثرها معاهدة سيفر ومؤتمر لندن وتوقيع معاهدة لوزان، والنتيجة كانت ضربة قاسية للكورد ، حيث قسمت كوردستان بين اربعة دول وهي تركيا وإيران والعراق وسوريا ، وهنا لا بدّ من التذكير وفي العودة إلى معاهدة مودرس بين العثمانيبن والحلفاء في ١٨ / ١٠ / ١٩١٨ والذي نصّ القرار ١٦ منه على استسلام الجيش العثماني في دول المشرق و اليمن والحجاز ، ولكنها تجاهلت تحديد الحدود الجنوبية للدولة العثمانية ، بعد انسحاب السوفييت من اتفاقية سايكس بيكو ، هذا الأمر الذي خلق إشكاليةً جديدة خاصة بعد مطالبة حكومة استانة بالموصل كجزءٍ من أراضيها سيما أنّ الجيش البريطاني لم يكن قد دخلها بعد – دخل الموصل في 15 تشرين الثاني 1918 م – ولتطفو على السطح خاصةً بعد إلغاء اتّفاقية سيفر وتطبيق لوزان حيث ظهرت بوادر أزمةٍ دولية قويةٍ بين بريطانيا وتركيا بمسمّى مشكلة الموصل مالبث أن اتّخذ منحى نزاعٍ إقليميً بين تركيا والمملكة المتحدة (لاحقاً العراق) حول مصير أراضي ولاية الموصل التي أعتبرتها تركيا جزء منها ، وكواحدةٍ من القضايا الرئيسية التي نصّ عليها الميثاق الوطني . وكانت معاهدة لوزان قد نصّت في حال فشل التفاوض المباشرة بين تركيا والعراق في حلّ القضية خلال أسابيع، فستُحال إلى عصبة الأمم للبتّ فيها ، وهذا ما تمّ ، وإضّطرت تركيا للقبول بذلك ، وعقدت جلسة مجلس عصبة الأمم في سبتمبر واقترحت تركيا إجراء استفتاء في سنجقي الموصل و السليمانية. ورفضت بريطانيا الاقتراح. وشكّـَلت عصبة الأمم لجنة للتعامل مع مسألة الموصل ، ونشرت تقريرها قبل سبتمبر 1925. وقد لاحظت اللجنة أنّ سكان الموصل رفضوا الانضمام لأيٍّ من الطرفين وفضّلوا الاستقلال ، ومع ذلك اقترحت لجنة التحقيق بان تحتفظ العراق بالموصل وقبلت تركيا ذلك على مضضٍ ، ووقّعت على معاهدة انقرة مع الحكومة العراقية في 1926. ووافقت تركيا على ذلك بالرغم من أنّ غالبية سكان الموصل هم من الأكراد فقد ضُمّت إلى العراق ، ولن تكون هناك أية موانع من قيام روابط واتّفاقاتٍ اقتصادية للموصل مع تركيا بعد انتهاء فترة الانتداب في سنة 1928 رغم وجود مقترح لتمديدها 25 عاماً آخر ، وقد ضمن هذا الاتفاق شرط حصول الكورد على حكمٍ ذاتي وحقوقهم الثقافية ، وقبلت تركيا قرار عصبة الأمم الذي وقّع عليه وصدر في 5 يونيو 1926 تحت إسم معاهدة أنقرة مع المملكة المتحدة، لترسيم الحدود التركية-العراقية وضمّت البنود التالية :
1. الحدود التركية-العراقية هي “خط بروكسل”، مع تعديلاتٍ طفيفة لصالح تركيا .
2. حسب البند 14 من المعاهدة يتمّ تعويض شركة النفط التركية بقيمة 10% من دخل نفط الموصل طوال الخمس وعشرين عاماً التالية. وقد تنازلت تركيا عن ذلك البند لاحقاً مقابل استلام مبلغ 500,000 جنيه استرليني ذهب، دفعة واحدة .
وتمّ ترقيع هذا الامر في الجانب العراقي الذي تقاطع بشكلّ مباشر مع سوريا سايكس بيكو وتداخلات الأراضي مع بعضها خاصةً بين ولايتي الموصل وماردين ، هذه المناطق التي ضُمّت إلى سوريا المتشكّلة والتي خضعت لمساوماتٍ ما قلّت مطلقاً عن تلك التي حدثت في الموصل ، وكانت ستبقى على نسقيتها مقابل مقايضات في اسكندرون ومن جديد لعب البترول الذي اكتشف في جبل بروچ – قره جوخ وتمّت التوافقات بين سلطة الانتداب الفرنسية نيابةً عن الشعب السوري والدولة التركية وحُسمت بعد موافقة الفرنسيين على منح لواء اسكندرون إلى تركيا ، وكان قد تمّ قبل ذلك الخطوة الفرنسية في إقامة دويلات الدروز ودمشق والعلويين وحلب وسعت لتشكيل دويلة الجزيرة الذي قوبل بالرفض في عام 1932 حيث قدّم حاجو آغا عريضة باسم الكورد في الجزيرة ورجال دينٍ مسلمين ومسيحيين ومن رؤساء العشائر وشخصيات اجتماعية بارزة والمخاتير والتجار في كلّ المدن والقرى الكوردية وقد بلغ عددهم قرابة / 100 / المائة وقّعوا على العريضة بالاسم والختم وطالبوا فيها السلطات الفرنسية بمنح الكورد حكماً ذاتياً وذلك بسبب الإضطهاد والتمييز العنصري الذي كان يُمارٌس ضدّ الكورد في مناطقهم ومن اهم الشخصيات الذين وقّعوا رافضين تلك المشاريع سواءً في سوريا أو العراق حينها : حاجو آغا رئيس عشائر هفيركان والدقورا والملية وكذلك محمود الحفيد وبعض العشائر التي قاومت الإنكليز في العراق ـ .. ورئيس عشائر ملان إبراهيم باشا .. رئيس عشائر ميران نايف مصطفى باشا .. ملاك أراضي جميل باشا زادة … شيخ طريقة في آشيته .. رئيس عشيرة آليان .. رئيس المجلس الروماني للسريان الكاتوليك .. الرئيس الروماني للسريان القديم .. الرئيس الروماني للكلدان … وغيرهم من الشخصيات والتجار والمخاتير …
وختاماً وكمدخلٍ لبحثٍ مستقلٍ عن هذا السجال التاريخي وإن كان مرتبطاً به في الصميم وأعني به قوانين الجنسية التي اخذت تتأسّس لمعالجة التبعات الجديدة ، هذه القوانين والتي على أرضيتها تمّ سلخ الكورد من كلّ شيءٍ ، هذا الامر الذي توازى مع إلغاء اتّفاقية سيفر ومع اللحظات الأولى لتوقيع معاهدة لوزان واعلان دولة تركيا الحديثة وانفصال البلاد الأخرى عن الدولة العثمانية القديمة بمقتضى معاهدات ما بعد الحرب العالمية الأولى، لم يعد يصدق على رعايا تركيا والبلاد الأخرى اصطلاح الرعايا العثمانيين، وأصبح هناك منذ تاريخ العمل بتلك المعاهدة في تاريخ 31/8/1924 جنسيات مختلفة تتبع الكيانات السياسية الجديدة. وعليه فإن “الرعايا العثمانيين” الذين كانوا يقيمون فيما عُرِف آنذاك بأراضي اتحاد الدول السورية خضعوا لأول قانون للجنسية خاص بالسوريين مؤرّخ في 30/8/1924 حيث أصدر المفوض السامي الفرنسي القرار رقم 2825 المتضمّن إثبات الجنسية السورية بملء الحق وبقوة القانون لكلّ مَنْ يقيم في الأراضي السورية وفق قاعدة حقّ الأرض Jus soli . وقد تبعه بعد أشهر قرار المفوض السامي رقم 16/س في تاريخ 19/1/1925 بشأن التابعية السورية. وكلا القرارين يشكّل قراءةً مقتبسة من المشرع الفرنسي الذي دخل في صلب الدستور السوري لاحقاً واخفي بحبر سري وجبري تسهيلاً لتمرير سلسلة من المشاريع العنصرية والشوفينية بحقّ الشعب الكوردي والذي سنتعرّض لها في مواضيع قادمة .. والآن ؟! ليسمح لي د . خالد المسالمة بالإجابة عن الأسئلة التالية ؟
– كونكم توصلونها لحدود كمالى اعالي لابل الى ما وراء جبال بشتكوه وطوروس وما تنسبونه من – مهجرين ، فارين – بسبب القضاء على ثورة الشيخ سعيد جدلا ؟ او ليس هؤلاء من رعايا الدولة العثمانية ويفترض بانهم من تابعية – سوريا الطبيعية حسب زعمكم ؟ وكمثالٍ عملي : بعد تسوية الحدود بين الانتداب الفرنسي واتاتورك رسم خط حدود وهمي بين قريتين ل – عليكي بطي ؟ خان كلو بقيت في الطرف السوري والقرية الاخرى في الجانب التركي ما القياس بالنسبة للأهالي ؟ . أمر آخر ؟ هل يستطيع د . مسالمة التأشير أو تحديد أي تاريخٍ لاية تعداد – إحصاء تمّ في سوريا وبحقول مثبتة في جداولها تشير الى غير حقل عربي سوري ؟ وهنا سادع المنهجيات الإحصائية كلها جانباً وسأساير تنظيرات خالد مسالمة مستندا على تقارب البيئة الإجتماعية الكوردية وحوران التي ينتمي اليها من حيث زيادة النسل وتعدّد الزوجات ونبذ قضايا تحديد النسل وكحسابٍ عفوي كما في حسابات البيادر كردٍّ على منطقه التسويفي فأذكّره بالتالي : عندما درّسونا في الجغرافيا بأنّ عدد سكان سوريا هو ٦ مليون ذكروا بان هناك أقلية كوردية منها يقدّر – ؟ – ب ٢٥٠ ألف وعلى ما أذكر كانت اسرتنا مؤلّفة من سبعة أشخاص ؟ والآن عددنا كنسق بعد رحيل الأبوين وأخ واحد ايضاً يتجاوز المائة ؟ فأين هي النسب والتناسب في هذه الحالة ؟ وبالتالي ؟ لماذا كلّ تلك الممارسات العنصرية والشوفينية والتغيير الديمغرافي ؟ أسئلة ادرك بأنّ اجوبتها لن تتجاوز نسقية النائب العام لمحكمة أمن دولة النظام – علي زاهر – ورئيس محكمته حينها فايز النوري وواحدة من ابشع الممارسات العنصرية التي طُبْقت على قسمٍ مهم من ابناء شعبنا الكوردي في سوريا وسلبه لا أرضه بل بيادر قريته .. هذه السريالية التي سنتتالى في كشفها وإظهارها لأنها بالفعل مظلومية مكعبة
…..
هوامش :
١ – حاولت قدر الإمكان عدم الإسترسال النظري والإعتماد على مصادر سهلة الوصول اليها ومتوفرة في غوغل وتحاشيت رغم تقاطع كثير من المعلومات الاستناد على دراسات لكتاب او معاهد كوردية .٢ – جودت هشيار : كيف رسمت المس بيل خارطة العراق .. قبل ٣ سنوات .. موقع صوت العراق . كوم .
٣ – موقع نون بوست .. أحمد التلاوي تاريخ ١٦/ ٥ / ٢٠١٦
٤ – المصدر السابق : موقع نون بوست الكاتب محمد وليد ١٨ / ٥ / ٢٠١٦
٥ – الجنرال شريف حسين باشا الذي مثل الاتراك بداية ومالبث ان اعلن بانه يمثل الشعب الكوردي
– عليكي بطي واحد من الفرسان الحقيقيين الذين قاوموا العثماتيين وجيش اتاتورك وهناك اغاني ملحمية عن بطولاته وزميله المسيحي.
التعليقات مغلقة.