قام بالاستطلاع : مهاباد خليل
منذ ظهور الربيع العربي و داعش واهالي كوردستان سوريا يعانون كغيرهم من السوريين ، و لم تكن معاناتهم كباقي المناطق السورية من حرب و قذائف و ابادات فحسب ولكن زاد على ذلك ، حرب الاعصاب و الحصار الاقتصادي اللذين ازداد تأثيرهم يوم بعد يوم ، ومع دخول عام 2020 بات ذلك لا يطاق فسعر صرف الدولار في تزايد مستمر و ارتفاع اسعار السلع والمواد يضاهي سعر الدولار.
ناهيك عن الاحتكار من قبل تجار الازمة الذين يتحكمون في كل شي دون التفكير بحال عامة الشعب الذين ينازعون الموت جوعاً جراء جشع بعض التجار و طمعهم هذا هو ما يقوله أهالي الحسكة ويأكدونه لدى قيامنا باستطلاع اراء من الشارع عن الوضع المعيشي و كيفية استعدادهم لاستقبال عيد الفطر في ظل هذا الارتفاع المفزع في سعر صرف الدولار وفي المقابل ارتفاع اسعار المواد :
*نسرين أم لاربعة اولاد من حي الصالحية تتحدث عن معاناتهم في العيش وتدبير امورهم وليس لهم مورد سوى راتب زوجها الموظف في دائرة الصحة لدى الحكومة السورية فتقول:
” راتب زوجي 60 الف ليرة سورية فقط لن اقول لكم كيف نتدبر امورنا بامكانكم أن تتصوروا كيف لستة اشخاص انأن يعيشوا طوال شهر كامل بهذا المبلغ فقط،
بالكاد نستطيع تأمين جزء بسيط من المواد الاساسية كالسكر و الشاي والرز والخبز اليومي والكهرباء والغاز بالطبع القسم الاكبر نقوم بالاستدانة من الدكان إلى أن يفرجها الله علينا .
لم تدخل الفاكهة بيتنا منذ أشهر أو لربما سنة ايضاً لم نعد نفكر أن كان هناك شيء اسمه فاكهة بالرغم من أن الاطفال كانوا يتحدثون عنها مرارا غير انهم بعد قطعهم الأمل من قدرتنا على جلبها للبيت لم يعودوا إلى ذكرها ايضاً ؛ اتوقع انهم نسوها مثلنا او تناسوها .
الحمد لله بيتنا ملك وليس آجار والا كنا قد متنا جوعاً في الشوارع دون ان يتبرع احد لدفننا حتى” .
تابعت نسرين قولها : أبني الأكبر كان سيكون طالب بكلوريا في هذه السنة لم نستطع ان نفتح له دورات ليكمل دراسته ولسوء وضعنا ترك الدراسة والمدرسة ومنذ ان انتهى حظر التجوال التحق بشغل كأجير في الصناعة لعله يستطيع مساعدة ابيه في تحسين وضعنا المعيشي قليلاً ” .
ولدى الاستفسار عن تحضيرات العيد تنهدت نسرين وقالت :” الاسعار نار اشتريت لطفلاي الصغيران قطعتان لكل واحد قطعة بعشرون الفا طبعاً لم اشتري شيء للكبار فبالكاد نستطيع تدبير امورنا بما تبقى من الراتب و لن نشتري اية ضيافة للعيد بالرغم من ان الاطفال يلحون على شراء شيء من الضيافة حتى ولو كان قليلا من الحلوة لهم ولكن ما باليد حيلة “.
و ختمت السيدة نسرين حديثها : ” فليشبعوا هؤلاء التجار وليناموا مرتاحين ويطعموا أولادهم نحن لنا الله وننتظر الفرج منه أن شاء الله ” .
*أبو محمد : ” العيد الذي لا تستطيع احضار حبة سكر لاطفالك ليتحلوا به ليس عيداً” .
أبو محمد شاب من العزيزية متزوج وله طفلان يعمل على المطور لكسب رزقه ورزق اولاده لدى سؤالنا له عن كيفية تدبير امور معيشته في ظل ارتفاع الاسعار وكيفة تحضيراتهم للعيد قال :
كما ترون انا اعمل على الدراجة النارية (المطور) وهذا هو باب رزقي في بعض الايام ، دخلي اليومي يكاد يكفي لمصروف البيت ليوم واحد فقط ، وفي أيام أخرى لا يكفي لشيء سوى ثمن الوقود ( البنزين) كنا ناخذ أجرة التوصيلة الواحدة قبل هذا الغلاء 200 ليرة وهو بالنسبة لعامة الناس شيء مقبول فكانوا يركبون المطور بدل التكاسي ام الآن لم تعد تفيدنا ال200 ليرة في شيء في بعض المرات نطلب اربعمائة على التوصيلة فيمتنع الناس عن الركوب ايضاً .
لم نعد نعلم ماذا علينا ان نفعل ولا كيف سنأمن مصروف اولادنا ، وسطياً بامكاني أن اقول تصل غلتي الشهرية (المردود الشهري) إلى خمس وسبعون الف ولكن هل يكفي هذا لتأمين شيء …!!
بالكاد نستطيع تأمين الخبز اليومي لن اتحدث عن الفواكه و اللحم فهذه الاشياء لا تليق بنا يكفينا أن نأمن الخبز والزيت والسكر حتى لا تموت عائلتي جوعاً ” .
وعن تحضيرات العيد قال أبو محمد :
عن أي عيد نتحدث العيد الذي لا تستطيع احضار حبة سكر لاطفالك ليتحلوا به ليس عيداً ”
* حمدية أم سليمان من اهالي العزيزية ايضا تقول : ” نحن ستة اشخاص في البيت انا و زوجي و ابنتي و ابني مع زوجته وطفله الصغير ، زوجي و ابني وابنتي الثلاثة موظفين احدهم عند الدولة والاخران مع الادارة الذاتية استطيع ان اقول نحن من اصحاب الدخل المتوسط نوعاً ما ، أي اننا نستيطع أن نتدبر امورنا اذا صرفنا بشكل معتدل يعني بالاسبوع مرة نجيب نوع من الفواكه ارخص نوع ، لأن التفاح بالف وسبعمائة ليرة لن يكفي ، ولن أتكلم عن بقية انواع الفواكه .
الحمدلله نحن بالف خير مقارنة مع اغلب الناس فالاسعار شيء لم تعد تتحمل اصحاب الدكاكين والمحلات يبيعوننا بالدولار ونحن رواتبنا بالليرة السورية “.
وعن تحضيرات العيد قالت :
لم نقم باية تحضيرات سوى شراء ملابس العيد لولدنا الصغير والتي كلفتنا 40 الف , الحمدلله انه لدينا فقط ولد واحد اتسال ماذا عساهم ان يفعلوا الناس الذين لديهم اربعة اطفال في البيت شيء لم يعد يحتمل الله يفرجها يارب” .
أبو ديار من حي الصالحية يقول بخصوص الأزمة المعيشية الحالية :
” كنا نعتمد في معيشتنا على الزراعة بالاضافة إلى عملي كعامل مع معلمي البناء ، حتى اتمكن من تأمين رزق اولادي ، في السنة الماضية احترق المحصول ولم نحصد شيء وفي هذه السنة الزرع ليس بتلك الجودة التي تغطي خسارتنا كمان ان التسعيرات التي وضعتها الادارة الذاتية تجعلنا نقول ليتها احترقت فما نحصده لن يغطي الا جزء بسيط من خسارتنا فيه ، ولكي يزداد الطين بلة ظهرت جائحة الكورونا وتوقف عملنا ايضاً لم اعد اعلم كيف سأعيش اولادي ولا كيف سنتدبر امورنا كيلو البندورة بستمائة ليرة و ثمن لتر من الزيت بالف وسبعمائة يالله وكأنهم يدفنوننا بالحياة ” .
يسرد ابو ديار ماحدث معه في الدكان فيقول :
” اليوم ذهبت الى الدكان بالرغم من اننا لم نخاف التوجه اليه ، وبينما كنت ازن بعض الاغراض دخل رجل خمسيني الى الدكان يسأل عن الاسعار من هيأته كان يبدوا عليه انه ممن لا يستطيعون تأمين قوت يومهم بسهولة بعد ان عرف اسعار الاغراض ولم يستطع شراء اي شيء خرج وهو يقول يالله هل تسمعني والله سوف اسرق ، كيف سأعيش اولادي اقسم بالله سوف اسرق ولن اقول حرام ” .
هذا هو حال اغلب الناس ولدى تساؤلنا عن تحضيرات العيد اجاب ابو ديار : ” لم استطع أن اشتري شيء لاولادي ولن يكون هناك عيد،
بالنسبة لنا العيد هو أن يمضي اليوم وأكون قد أمنت لاولادي طعام يومهم ، العيد هو أن استطيع تأمين الخبز لهم فهذا الاحتفال يكفينا لن يحتاج اولادي الى ملابس جديدة كباقي الاطفال ولن يسألوا عن سكار العيد فقد باتوا على يقين بأنها اشياء مستحيلة لأناس مثلنا في هذا الغلاء الفاحش والجشع الذي لن ينتهي ” .
هذه الحالات عبارة عن امثلة عما يعانيه اهلنا في كوردستان سوريا وهناك اناس يعيشون تحت خط الفقر عاجزين عن تأمين ابسط احتياجاتهم فالى أين يمضي بنا هذا الغلاء و ارتفاع الاسعار ؟
هل هي خطة لاجلاء من تبقى من السكان وافراغ كوردستان سوريا من سكانها واهلها الاصليين؟
ومن المسؤول عن كل ما يحصل؟
لماذا لا يحاسب تجار الازمة ومن المستفيد من ورائهم؟ كل هذه الاسئلة وغيرها الكثير تجول في عقل كل شخص يعيش في كوردستان سوريا صغيرهم قبل كبيرهم ولكن للاسف اسئلة عقيمة لا يجدون الاجابة عليها ولا حياة لمن تنادي .
إعلام المجلس الوطني الكوردي
الحسكة
التعليقات مغلقة.