المجلس الوطني الكوردي في سوريا

هل سنشهد إعلان تورط دول إقليمية في محاكمة عناصر داعش

157

جكر سلو

هل سنشهد إعلان تورط دول إقليمية في محاكمة عناصر داعش أم انها ستضاف إلى سجل محاكم الجنائية الدولية التي لا تزال تشكو نقصاً حاداً في العدالة والنزاهة.

بعد إعلان التحالف الدولي هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش) ومقتل زعيمها ( أبو بكر البغدادي) في عملية نوعية نفذتها التحالف الدولي بإدلب والانتصار عليها في آخر معاقلها بسوريا ” الباغوز ” بتاريخ 23 آذار من العام 2019، حيث أُسر على إثر تلك العمليات أكثر من خمسة آلاف عنصر إرهابي ومن جنسيات مختلفة على يد قوات سوريا الديمقراطية التابعة لما تسمى الإدارة الذاتية، ناهيك عن فرار وهروب المئات من القياديين عبر صفقات مالية ضخمة أبرمتها مع بعض الفاسدين الموجودين داخل قوات ” قسد ” ،إلا أن نشاط داعش ازداد في الآونة الأخيرة ،من خلال التفجيرات التي تبنتها وعمليات قتل في بعض القرى آخرها ناحية كولجو، وفي ظل ارتباك حكومات الدول بجائحة كورونا الخطيرة الفايروس الصيني الذي غزا العالم وأصبح واجهة الشاشات والقنوات العالمية ، مما دعت دول التحالف الدولي إلى مراجعة و إعادة حساباتها عبر وسائل وطرق قانونية تنهي وتقضي فيه على المنتمين إليها من خلال إنشاء محكمة دولية خاصة لمحاكمة ومحاسبة عناصر داعش المعتقلين لدى قوات سوريا الديمقراطية، مقرها مدينة قامشلو، أوعزت خلالها دول التحالف الدولي الإدارة الذاتية في إنشاء المبنى الخاص للمحكمة على أن تتم الانتهاء من عمليات البناء في غضون ثلاثة أشهر بحسب ما أشارت إليه المواقع والشبكات الإلكترونية المقربة من الإدارة الذاتية.

فالظروف الصعبة التي تعيشها المنطقة برمتها، تبين لنا بأن واقع القضاء في سوريا أفضل بكثير من الدول الإقليمية المجاورة على الرغم من النسبية في تطبيق القوانين وعدم الفصل بين السلطات ، وفي الطرف الآخر عدم توافر الإمكانيات القانونية لدى الإدارة الذاتية وواقع القضاء المزري التي تشهده محاكمها والكيفية في استخدام القوانين دون وجود سلطة قضائية تذكر، هذا لا يعني عدم وجود الأشخاص القادرين على لعب دورهم القانوني وذلك على غرار المحاكمة التي ستجرى في العراق بمنتصف العام المقبل، والذي سيكون لإقليم كوردستان عبر قضائها دور جدي وممتاز في تقديم المساعدة في إجراءات التحقيق والمحاكمة وبمساندة من قبل الأمم المتحدة عبر تنظيم دورات تدريبية قبل البدء بأي محاكمة.

و بالرجوع إلى تاريخ المحاكم الجنائية الدولية فقد أخذت فكرة ” إنشاء” محكمة جنائية دولية لمحاسبة مجرمي الحرب تتكرر بين اوساط القانونيين في المجتمع، وبالمقابل فأن فكرة ” معاقبة ” مجرمي الحرب ووضع آلية لعقاب منتهكي القانون الدولي الإنساني بدأت بمبادرات فردية اكثر من رؤى حكومات والدول، أيدتها بذات الوقت منظمات غير حكومية لتصبح أبرز إنجازات القرن العشرين لكنه دخل حيز التنفيذ في عام 2002، اي المحاسبة والعاقبة ما بعد 1 يوليو من العام 2002، واعتمدت المحكمة نظام روما الأساسي حيث سوريا من الدول التي وقعت على النظام الأساسي للمحكمة دون أن تصادق عليه بعد.

فإلى جانب محكمة العدل الدولية هناك محكمة جنائية دولية دائمة ضمن إطار محكمة العدل الدولية تختص في محاكمة الأشخاص المتهمين بجرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجرائم العدوان دون أي تمييز بسبب الصفة الرسمية، فدورها بذلك عندما يكون القضاء الوطني غير قادر على المحاسبة والتحرك ضد الشخص او لم تشأ عزيمته بذلك ، فيكون القضاء الدولي هو الأمل في تحقيق العدل الحقيقي على الواقع، مسألة أوغندا ودارفور مثالاً.

وبالعودة إلى موضوع محاكمة عناصر داعش، لم نرى مجلس الأمن إلى حد هذ اللحظة قد اتخذت قراراً بخصوص تبني تلك المحكمة التي أوعزت دول التحالف الدولي بإنشائها باعتبار إنها ستدخل ضمن نطاق المحاكم المؤقتة على غرار يوغسلافيا ورواندا والتي أنشأت بقرار منها.

فاعتقاد البعض بأن الفظائع التي ارتكبتها تنظيم الدولة لم تشهد لها مثيل في تاريخ البشرية بخصوص ما ارتكبت من جرائم الإبادة الجماعية ، لكن بذات الوقت أليس النظام السوري أيضاً مسؤولاً عن آلاف المجازر بحق السوريين فالخراب والدمار الذي لحق بهم جراء استهدافهم من الطيران السوري واستخدام جميع انواع الأسلحة المحرمة الدولية و المذكورة وفق القرارات الدولية ( الكيمياوي) وانتهاك قانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان في آنٍ واحذ، وكان ذلك قبل ظهور تنظيم داعش الإرهابي طالما اتجهت إرادة الاثنين إلى إزهاق أرواح مئات آلاف من البشر فأن كانت هدف المحكمة الجنائية الدولية تكمن في محاسبة ومعاقبة مجرمي الحرب، ولطالما كان من أبرز مهام مجلس الأمن هو حفظ الأمن والسلم الدوليين، فلماذا التستر على هذه الجرائم لا سيما مئات الادانات للنظام من قبل الأمم المتحدة دون أي تحرك يذكر تُردع أفعاله .

فمحكمتا ( يوغسلافيا ورواندا) والتي تبنتهما مجلس الأمن و إن كانت مؤقتة لم ترى في محاكمتهما نور يذكر ولم تحرزا اي تقدم ، وآيضاً لم تكن العقوبات آنذاك مناسبة مع ما جاءت لتعاقب عليه من جرائم، وكذلك الطابع السياسي المسيطر على المحكمة، تعتمد في قراراتها على مصالح الدول المؤثرة في تلك المحكمة، وبالتالي فأن جميع قرارات مجلس الأمن الخاصة بالإرهاب في التعاون المشترك والمتزايد على جميع الصعد من تبادل المعلومات والانضمام إلى الاتفاقيات وامتناع عن تقديم اي شكل من أشكال الدعم للإرهاب، وعدم توفير الملاذ الآمن وتزويد كل منها للأخرى بأقصى قدر من المساعدة، ومنع تحركات الإرهابيين عن طريق فرض ضوابط فعالة على الحدود، وغيرها من القرارات التي تكافح الإرهاب وتمنعه، فهل سنشهد في هذه المحكمة الخاصة بعناصر داعش إعلان تورط دول وحكومات إقليمية وعالمية في دعم ومساندة تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ) ومعاقبة بعض الشخصيات ذات الصفة الرسمية حتى وإن كانت قريبة من دول الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن أم أن هذه المحكمة ستضاف إلى سجل المحاكم الجنائية الدولية المؤقتة والتي لا تزال تشكو نقصاً حاداً في العدالة والنزاهة.

 

التعليقات مغلقة.