“العفلقية المتجدّدة ” ردّ على د . خالد المسالمة ومدرسته
القسم ٢ من ٣ إذن !
ومن جديدٍ وكما ذكرت في القسم الاول وقبل الانتقال إلى وضع الإمارات الكوردستانية والمتغيّرات التي واكبت بنيوية الدولة العثمانية وصولاً إلى مرحلة الهيمنة المركزية للسلطنة وما رافقتها أيضاً من قلاقل في عموم جغرافية السلطنة وبداية ضعفها وخسارتها للأطراف وصولاً إلى أزمة القرم والصراع في البحر الأسود والتي صُنّفت تحت عنوانّ شاملٍ بمسمّى المسألة – الأزمة الشرقية- ، وتحت سقفها تمّت كلّ الممهّدات التي أطاحت بالسلطنة ولكنها في ذات الوقت تركت جينات أزماتٍ مستدامةٍ في بنيان حلولها المتموضعة حينذاك ، تلك الجينات بإفرازاتها التي لاتزال تفرض سطوتها وبالتالي خطورتها على السلم العالمي ، والتي لم تستطع حربان عالميتان ومعها حروبٌ مدمّرةٌ بينيةٌ و أقاليميةٌ في وضع أزماتها على سكة حلولٍ صحيحةٍ تمهّد – أقلّها – في نزع فتيل حروبٍ وصراعاتٍ دمويةٍ و أزماتٍ أقاليميةٍ شاسعةٍ ، والتي لربّما ستمهّد لإيجاد أرضيةٍ قد تؤدّي إلى حلولٍ جذريةٍ . وفي العودة إلى بدايات الوجود العثماني ، وكما ورد في القسم الأول ، لم تحافظ السلطنة على اتّفاقها الذي تمّ عبر البدليسي ، حيث لم يترك السلاطين أيّةَ فرصةٍ دون التدخّل في شؤون الإمارات الكوردية و تأليب بعضها على بعضٍ ، وطبيعيٌ ان تكون هناك ردّات فعلٍ رافقتها انتفاضاتٌ وثوراتٌ عديدةٌ ابتدأت من(عام 1574 م بثورة عفدال خان البدليسي ضدّ السلطان العثماني مراد الأول، وعام 1607م انتفاضة مير علي الملقّب جان بولاط في حلب، وعام 1765 م ثورة عشائر جيهان بك في ملاطيا، وعام 1789 م ثورة عشائر رشكوتا وخرزان بقيادة فرحو آغا وقاسم خرزي بين آمد وسيرت، وعام 1794 م ثورة عشائر زركا وتيركان في الشمال من آمد / ديار بكر، وعام 1806 م ثورة عبدالرحمن بابان في السليمانية، وعام 1811 م ثورة أحمد باشا بابان في السليمانية، وعام 1819 م ثورة سيواس ضدّ الدولة العثمانية، وعام 1834 – 1837 م ثورة مير محمد باشا الرواندوزي الملقّب بالأمير الكبير، وعام 1843 ثورة شنكال للكورد الإيزيديين ، وعام 1842 – 1848م ثورة بدرخان أمير بوطان، وعام 1853- ـ1864 م انتفاضة يزدان شير في هكاري، وعام 1877- 1878 م انتفاضة بدينان وبوطان وهكاري، وعام 1879 ثورة عثمان بك وحسين بك، وعام 1880 – 1881م انتفاضة شيخ عبيدالله النهري في مدينة شمدينان، وعام 1889م ثورة البدرخانيين الأحفاد، وعام 1906 م انتفاضة بشارى جتو في بدليس، وعام 1906 م ثورة الملّليين بزعامة إبراهيم باشا المللي، وعام 1913م انتفاضة بدليس بقيادة الشيخ سليم وشهاب الدين االعثمانية في ولاية سيرت، وعام 1914 م انتفاضة بهدينان بقيادة الشيخ عبدالسلام بارزاني، وعام 1918- 1919م انتفاضة الشيخ محمود البرزنجي الأولى .. ) ١ . وباختصارٍ وفي تجاوزٍ لمفردات الثورات إيّاها ولكن بإيجازٍ عن إمارة جان بولات وثورته ضدّ العثمانيين عام ١٦٠٧ م حيث أدّى تراكم معاناة الكورد تاريخياً ليؤسّس ( حافزاً قوياً أثار المشاعر القومية ضدّ كل ما هو مجحِفٌ بحقِّهم كأمّةٍ لها كيانها خاصةً بعد ظهور المجتمع الصناعي في أوروبا في القرون الوسطى وتنامي الروح القومية بين الشعوب فكان أن حدث انعطافٌ تاريخي كوردي .. الأمر الذي أدّى مجدّدا إلى بروز إماراتٍ كورديةٍ حديثةٍ … – مثل إمارة جان بولات – .. و .. أولى هذه الثورات كانت في إمارة جان بولات -جنبلاط-1607 م ، وكان مركزها في كلس التي كانت تشمل جبال الكورد إلى الغرب منها وكذلك منطقة حلب إلى الجنوب الشرقي منها (بل مافيها قضاء اعزاز وقضاء الباب ) . وقد قامت هذه الثورة ( .. وبعد أن قتل العثمانيون أميرها الأمير حسين الذي كان يتولّى شؤون الإمارة من حلب لأنه لم يلتحق ورجاله بالسلطان العثماني في إحدى حروبه فما كان من أخيه الأمير علي إلّا أن أعلن الثورة من حلب لكنّ العثمانبين قضوا عليها ، وتمّ على أثرها تشتّت القبائل الكوردية فمنهم مَنْ فرّ إلى لبنان واستقرّ بها ومنهم مَنْ ذهب باتّجاه جبال اللاذقية وحارم واستقرّ هناك ويُذكر أنّ مركز إدارة الولاية كان في قلعة بارسيا أو قلعة جان بولات (جبل برصايا حالياً) بجوار كلس ، هذه القلعة التي يؤكّد الدكتور (محمد عبدو علي) الباحث في تاريخ وتراث عفرين ( .. تقع قلعة جان بولات على قمة جبل بارسي على ارتفاع 850 م وهي تشرف من جنوبها الشرقي على مدينة أعزاز ومن الجهتين الشمالية والغربية فتطلّ على حوض “نهر عفرين” ومرتفعات “جبل الكورد وأخيراً فإنّ المسافة بينها وبين مدينة عفرين 15 كم شرقا ) ٢ وفي دراسةٍ منشورةٍ للكاتب محمد علي أحمد ٣ استند فيه الكاتب على أرشيف الدولة العثمانية في الجانب الكوردي متتبّعاً ليس فقط المعني بالكورد كشعبٍ .. ( .. أو جماعةٍ, بل شملت أيضاً إشاراتٍ إلى أسماء علمٍ لأشخاصٍ أو أماكن، مثل كورداغ أو كورد مصطفى أو كورد علي أو ….. إلخ .. والوثائق … ، تغطّي فترةً زمنية طويلة نسبياً, فأوّل وثيقةٍ مؤرّخةٍ منها تعود إلى أواسط القرن العاشر الهجري – القرن السادس عشر الميلادي, إضافةً للعديد من الوثائق غير المؤرّخة ( لا تحمل تاريخاً من المصدر ) ، والتي يمكن الاستدلال على تأريخها من مقارنة الأحداث والأعلام الواردة فيها مع مصادر أخرى. .. ) . ومن خلال الوثائق العثمانية يمكن الاستدلال على مواقع و تجمّعات الكورد خلال العهد العثماني ، وبشكلٍ خاصٍ .. ( … ، من خلال الاطّلاع على المراسلات والفرمانات و الأوامر الإدارية الكثيرة المتعلّقة بهذا الشعب في الأرشيف العثماني .)
.. وعلى سبيل المثال، تقدّم وثائق الأرشيف العثماني، أدلّةً قطعيةً، على الوجود الكوردي في الجغرافيا السورية الحالية، ومنذ عدة قرونٍ، على الأقلّ …. ) ونظراً للطبيعة العشائرية الطاغية على الكورد والعرب خلال الحكم العثماني في الجغرافيا السورية الحالية ( .. فأغلب التجمّعات السكّانية – الكوردية والعربية – كانت عشائرية، تعتمد الانتجاع الفصلي، الأمر الذي تقتضيه تربية المواشي، وهي المهنة التي كانت سائدة بين العشائر آنذاك، إلى جانب المدن والبلدات والقرى، بطبيعة الحال ) . وحسب وثائق أرشيف الدولة العثمانية حول كورد سوريا : ( .. كانت أراضي الجزيرة العليا، على طول الحدود الشمالية السورية التركية – والتي تشكّل منطقة انتقال من الصحراء العربية إلى منطقة جبال طوروس – وما زالت حتى اليوم، ذات كثافةٍ سكّانيةّ كورديةٍ، ويذكر أبو عبيد البكري، في كتابه المسالك والممالك، أنّ الكورد ينتشرون في “أرض دينور وهمدان وبلاد أذربيجان وبلاد الشام وبأرض الموصل إلى جبل جودي ويعتبر ابن عربشاه، أنّ أرض الجزيرة (السورية) هي جزء من “بلاد الأكراد كما تؤكّد حوليةٌ عثمانية تعود لأواسط القرن التاسع عشر الميلادي،أنّ إيالة كوردستان العثمانية، كانت تشمل أجزاء واسعة من شمال شرقي سوريا الحالية ( المصدر السابق ) . وهناك ًإمارات ( .. أخرى لم يتمّ التعرّض لها كإمارة بدرخان باشا (1812- 1848) م، والتي كان مركزها بوطان وشملت ما يُعرف اليوم بمنقار البطة وكامل الجزيرة السورية حالياً، وإمارة إبراهيم باشا المللي ، والتي امتدّت لمسافة 50 كم جنوب مدينة سري كانيه “رأس العين” التابعة للحسكة حالياً، وحتى نهر الفرات غرباً ) … ( .. توثّق المصادر العثمانية، إلى جانب تلك التي كانت في إيالة كوردستان أو في الجزيرة السورية، مدناً و تجمعاتٍ سكّانية كوردية أخرى، لم تنل حقّها من البحث والدراسة .. مثل سروج وأرصلان طاش والرقة إلى جانب البلدات والتجمْعات السكّانية الكوردية الأخرى في حلب وعفرين ووسط سوريا والساحل … ) – المصدر السابق – … وحتى لا نُتّهم بالإرتكاز على مراجع محدّدة لا بدّ من التذكير بدراساتٍ أخرى ومنها دراسة للأستاذ إحسان العقلة بعنوان تاريخ كوردستان في موقع موضوع كوم وفي آخر تحديث له ١٠ نوفمبر ٢٠١٩ حيث ذكر : .. ( ..في العصور الوسطى خلال القرنين العاشر و الحادي عشر ظهرت عدّةُ إماراتٍ كورديةٍ في المنطقة؛ إذ كانت عبارةً عن مجموعةٍ من الدول شبه المستقلّة و المستقلّة، وكانت كلُّ إمارةٍ تنتمي إلى نفوذٍ سياسيٍ أو دينيٍ، أو غير مباشرٍ من خلفاء الشاه، ومن أشهر هذه الإمارات البابانية، و السورانية، والبادينانية، و الكرميانية في العراق الآن، وفي تركيا كلّ من (بوهتان، وباكران، وبادليس)، وفي إيران كلٌّ من (موكريان ، وأردلان). العصور الحديثة بعد سلسلةٍ من الحروب الطويلة خلال القرن السادس عشر تمّّ تقسيم المناطق الكورديّة المقطونة بين الإمبراطوريات الصفوية والعثمانية، وفي أعقاب ذلك حدث انقسام كبير ونتجت عنه معركة جالديران عام 1514م، وفي عام 1639 حدثت معاهدة شيرين التي نصّت على سيطرة العثمانيين على بلاد ما بين النهرين، والأناضول الشرقية، وشمال شرق سوريا، واستمرّت هذه السيطرة حتى قيام الحرب العالمية الأولى، وسيطر الإيرانيون خلال القرن الثامن عشر على المنطقة بقيادة نادر شاه بعد انهيار الإمبراطوريّة العثمانية .. ٤ وفي تكثيفٍ شديدٍ وكخلاصةٍ توثيقيةٍ نرى بأنّ كوردستان لم تكن موحّدة ، بل مقسّمة بين العثمانيين والصفويين ، خاصةً بعد اتفاقية عام ١٥١٤ عقب معركة جالديران وانتصار العثمانيين على الفرس وانحياز الكورد للعثمانيين تلتها اتفاقات بينية عديدة – اماسيا ١٥٥٥ واتفاقية زهاو – قصر شيرين – ١٦٣٩ وصولاً إلى نهاية الدولة العثمانية ، إلى أن دخلت السلطنة العثمانية في دوّامة المسألة الشرقية التي ( لاتزال في أوجها ، هذه المسألة التي كانت في الأصل نتاج صراع الدول الاوروبية فيما بينها على أملاك الدولة العثمانيه التي أنهكتها الصراعات في أواخر عهدها ، فكان لابدّ من الحوار منذ القرن ال ١٨ وال ١٩ ومطلع القرن ال ٢٠ حول مصير ومستقبل تلك المناطق ، وبدا الملمح الجغرافي يتحدّد بدءا من اليونان وثورتها ضدّ العثمانيين ولتغطْي شبه جزيرة القرم ( المتأزّمة بقوةٍ حتى اليوم بين أوكرانيا وروسيا ) وكانت صربيا العنوان الأضخم للصراع في المسألة الشرقية ، والتي عدّت – ربْما – ايضاً حروب وتفكيك دولة يوغسلافيا ، بداية التنشيط لتفكيكٍ تجريبيٍ أنموذجي ، والتي حتى زمنياً ، كانت اقتربت من مئوية سايكس بيكو .. ورافق ذلك ملاحظة النشاط الواسع في التمدّد الجغرافي لتنشيط الأزمة ، ولتغطّي مساحاتٍ من آسيا وشمال أفريقيا والسودان مروراً بالصومال حتى جنوبي جيبوتي ومضيق باب المندب ، ومعها بالتأكيد كامل ساحلي البحر الأحمر والمتوسط ومحيطي الهندي والأطلسي في بعضٍ من أجزائه …. ) ( .. وبإيجازٍ .. فقد انجزت المسألة الشرقية وتفاعلاتها قبل وما بعد الحرب العالمية الأولى مهمّة تفكيك السلطنة العثمانية وأظهرت خرائطَ جغرافيةً جديدة ومحمّلةً بجينات تشظٍّ عديدة ، وتراكمت لعقودٍ تبحث عن محفّزاتها وفرصها … وأصبحت بروفا التجربة اليوغسلافية العنيفة والتفكيك الذي حصل على أنقاض مجازر وفظائع كبيرة ، واحدة من النماذج الهامة ، هذا الملمح الذي لربّما أصبح – الحافز – الرئيس في محاولة استنساخ تجربةٍ وإنْ اختلفت عن النسخة الأصلية ، والتي يمكن تطويقها في بندٍ وبعنوانٍ صريحٍ لها ب – الاستدراج الممنهَج – وأيضاً كحالةٍ مطابقةٍ لما تمّ عليه في استدراج محمد علي باشا وحملته المشهورة على بلاد الشام في استهدافٍ سكتت عليها أوروبا حتى باتت اسطنبول مهدّدة بالسقوط فعلاً ، وكذلك مناوشات و استقطاعات روسيا المتتالية في الشمال وأوروبا ، كلّ هذه المقدّمات التاريخية ، تذكّرنا ووفق خصوصية كلّ مرحلةٍ تاريخيةٍ ، بما يجري على خارطة المنطقة منذ عقودٍ ، من ثوراتٍ لقومياتٍ ظلمتها الاتفاقات والتقسيمات الخرائطية ، أو دول لاتزال تعيش أوهامها التوسّعية الإمبراطورية والتي لاتزال خرائطها القديمة منهجاً رئيسياً في تربيتها القومية لأجيالها ، وكأنموذجٍ لذلك ايران وتركيا .. ) ٥ …
يتبع في القسم الأخير هوامش : ١ – مجلة قلمون للدراسات والأبحاث العدد الثاني آب ٢٠1٧ الكورد والعشائر الكزردية في أرشيف الدولة العثمانية ٢ – من كتاب الكورد في منطقة الباب وأطرافها – تأليف وإعداد : علي مسلم – ٣ – الدراسة نشرت في مجلة قلمون للدراسات والأبحاث ، العدد الثاني – آب ٢٠١٧ ونشرت ايضاً في موقع المركز الكوردي السويدي للدراسات ، بعنوان – الكورد والعشائر الكوردية في الأرشيف العثماني – ٤ – ( إقرأ المزيد على موضوع.كوم ) . ٥ – مقال لي بعنوان : إعادة انتاج المسألة الشرقية منشورة بمواقع عديدة 25/1/ 2020
التعليقات مغلقة.