المجلس الوطني الكوردي في سوريا

انْدِلافَات إبراهيم محمود..

126

لعل ما أكتبه الآن عن شخص لو أنه كان من غير أمة الكرد، لكان مشهورا على مستوى العالم. كونه من هذه الأمة المكافحة من أجل الانعتاق، لا بد أن تكون نفائسها لا قيمة لها، ولا اعتبار، إلا الغث منها. فالغث يعلو عنده على النفيس، بل يلغيه تماما.

 

المَعْلم إبراهيم محمود. أعتبره مَعْلما، لما تميز به من غزارة الإنتاج والإبداع، في العديد من المجالات، عدا براعته في مجال النقد؛ الذي يعترف له من اطلع على نتاجه هذا من فطاحل العرب والعربية. ولكن الأمة التي تكافح منذ أكثر من قرنين ونيف من الزمن؛ ولم تحرز بفضل جهودها شيئا في مسعاها هذا؛ إلا بما أنعمت مصالح الأطراف عليها، كالإقليم الكردستاني في العراق الفيدرالي (باشوري كردستان) تحديدا، لن يكون جديرا أن يقدر النفيس من الغث. وإقليمنا الذي لم يكن محققا لما هو عليه الآن، لولا مصالح أميركا، لا يقدر من هو أهل له.

 

نراه (الإقليم) يحظى بلجوء هذا المَعْلم إليه، وهو يعاني من ضنك العيش، ويلاحقه الدلف أنّى حلّ لضيق اليد. بدلاً من أن تخصص له مؤسسة؛ يبهر بها العرب والعالم أجمع؛ بسعة معرفته وغزارة إنتاجه؛ رافعا بها من مكانة الكورد، شعبا وأمة، على الأقل بين العلماء من الناطقين بالضاد، ناهيكم في المجال الدولي. وما يؤسف له، وبمرارة، أن يعاني هذا المَعْلم من ضيق مادي حانق؛ بينما ينعم إخوان الجهالة في بحبوحة العيش حتى التخم.

 

لقد زادتني “اندلافاته” آلاما ترافقها كوابيس تحرمني راحة النوم. أعاني كل لحظة أحزانا بما يعانيه هذا الصرح، الذي ولدته الأم الكوردية لتؤكد للعالم عن أصالتنا وعراقتنا. وكيف لمعلم مثل هذا النهر الغزير أن يعاني من ضيق اليد، بينما من لا يقارن بقامته تُغدق عليهم الأموال حتى الغرق.

 

إقليم يقوده أناس عاشوا طيلة حياتهم بين الكهوف؛ لا شك كان نضال مشرف؛ لغاية نبيلة، لكنهم انقطعوا عن البشرية ما يقارب من قرن، ولم يكونوا قبلها أوفر مقدرة على العيش في أجواء المعرفة ونعمة العلم، ليس بمقدوره ومقدورهم تقدير ما يملكونه من أنفس النفائس، وأبرز المعالم في المجال العلم النظري.

 

يقول ملا أحمد الجزري -رحمه الله- في هذا المجال: ” Qedrê gulê çi zanê kerbeş di xwê…”

 

لو كنت ميسور الحال لتشرفت أن يقبل مني بما يفرضه الواجب عليّ تجاهه، لكن العين بصيرة واليد قصيرة، فالاهتمام بهذا المَعْلم، والقيام بما له من حق، واجب كل كوردي، ليس تكرما منا أو منة، بل فرضا، فهو الذي جعل ويجعل من غير الكورد أن يتعجبوا من عطاء الكورد والكوردية، رغم محنتنا المريرة.

 

 

التعليقات مغلقة.