عندما يتكلم الله ينطق ” البيشمركة ”
و تتراقص عَبَاءَة رُوحِي بَيْن القِصاص و سَكَاكِين الْخَوَنَة ، وَا عَجَبِي لِهَذَا التَّارِيخ الْمَوْقُوفِ عَلَى مسالخ تحتويها الأنذال و أَحْفَاد الْمُجْرِمِين و القَتلة .
هَادِئ هُوَ هَذَا الصَّباح، لَا أَسْمَعُ شَيْئًا سِوَى زَقْزَقَة بَعْض الْعَصَافِير الْخَائِفَة و عِظامي و هِي تَتَكَسَّر .
كَيف لِلتَّارِيخ نِسْيَان الأَتْرِبَة الْمُلَطَّخَة بِدِمَاء الْأُولَيَيْن
الشَّهِيد إِدْرِيس البارزاني
و الْكَثِير الْكَثِيرِ مِنْ بذرته التي أَنْجَبَت بيشمركة رَوَّج آفًّا ( كُرْدِسْتان سُورِيا )
كَيْف للعجينة الهشة برتوق وَجَع الخرنوب الَّذِي يَهْتَز تَحْت نِعَالَهُم ، أَن تخبز شَظَايَا مُعَارِك سَدّ الْمُوَصِّل مَقْبَرَة للسذج فِي زَمَنِ الأَحْقَاد ، أَنْ تَنْسَى وَهَج فُوَّهَة الْمَدْفَع عَلَى رُؤُوسِ الملاعين و الْأَنْفُس الْأَمَّارَةِ بِالسُّوءِ ؟
الْكُرْدِيّ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَطْبَعَ صَفْحَة مِعْيَار إنسانيته دَاخِلَ و طنه الْمُغْتَصِب ، الْكُرْدِيّ الَّذِي حَارَب حَتَّى الْهَوَاءِ وَ طَحَن سراديب أحلامه عَلَى صَفِيح سَاخِن و كَتَبَ كُلُّ أحلامه الموجعة و فرحة المستقبل المرتقب عَلَى أَوْرَاقِ مِنْ الشَّجَرِ الْيَابِسَ و أَرْسَلَهَا نَحْو وَجْهَ الشَّمْسِ .
قُوَّات البيشمركة تُوَزَّع الشَّرَف و الْأَمَانَة و الْإِخْلَاص لِمَن يمنتهن مُمَارَسَة تَدْنِيس الْحَقَائِق و التَّارِيخ ، لِمَنْ لَا يُعْرَفُ أَنَّهُم أَحْفَادَ البارزاني وَوَجَع تاريخٌ تَهْتَزّ لَه الْجِبَال
هكذا في الحروب عندما ينطقُ الله يولد البيشمركة مِن ضلع الحقيقة بارودا و سلامًا و بركانًا ينفجر .
يزحفُ على ساق واحدة ، ومن لا برزانية له ، فلا يستطيع قضم القهر مع فنجان قهوته الصباحية ، و لا يستطيع رسم الشمس عبرَ فوهة الحياة ، الحياة التي تتشبثُ بعروقها صخور الجبال المحناة بالدم و دموع الأمهات و طيور الحجل .
البيشمركة الذي يلتهم كراتِ النار مِثل قطع الحلوى دفاعاً انتقاماً عن التاريخ المطرز بلهاث مليء بتراب مهاباد و معارك هولير و صراخ الجثث التي تنبع كُل مساء مِثل حلمٌ مدفون تحت وسادة كابوسٍ أزلي .
البيشمركة الذي يقفُ منخور العظام ، منهار القوى أمام العلم الكردستاني الذي يطبع الفرحة و السلام و السعادة في مدخل المدن ، و على أعالي قمم الجبال مِثل الطيور الحرة ، ذلكَ النورس ، و ذلك الصقر العنيد ، و الشاهين الجميل
الريح هي وحدها تعلم من هو البيشمركة الذي رسم نوافذ الحياة و جعل من تخومِ منفاه سياجًا من دمٍ و نار ، جعل مِن البارود حياةً تقتسمُ الليل ، الليل المُثقلُ بالخزائن و أسرارها الباردة ، و الهاربة عند أول خيوط الفجر الأحمر .
هكذا علمتني الحياة و هكذا أعرف الحقيقة منذ أن تفتحت أذني ، هكذا كانت ولادتي و على جدران غرفتي الترابية كانت صامدة هي صور الثوار الحقيقيين ، أبطال البيشمركة الأحرار ، هكذا كان أبي يَقص علي جلجلة المعاناة ، و صرير الأسنان تحت برد الجبال و شبح البارود و القذائف ، هكذا كنتُ أتخيلُ خوف البندقية و بكاء السماء و هي تنطق هذا الاسم الخانق للغزاة ”البيشمركة ”
و هكذا كنتُ أرتبُ الأحلام عقدا جميلا مطرزا بالأمل و ما زلتُ !!
هكذا علمنا الآباء و الأجداد أن نفقأ عين الحقد و الخيانة و أنا لا أملكُ سوى هذا القلم المليء بالحبر ، الحبر الذي ينزُّ دماً طاهرا يغذي غابات أرواحنا العارية العطشى للحرية .
هكذا تربيتُ في المدرسة الحزبية على مدى عشرين عاما ، هكذا عانيت من تشقق الشمس الوحيدة ، و هكذا خرج علينا بعض المأجورين الذين يريدون تزييف الحقائق
هكذا
و حيداً بين فراغ الهشاشة ، وحيداً أمدُ يديَّ نحو ثقب الفراغ و أسقط مكسورًا
عندما أشرب فنجان قهوتي و حيداً ، تحترق الأشجار زهرةً زهرة
غصنا غصنا
و عندما أشرب سيجارتي ، يُدخل في صدري هواءٌ ساخن يجرح حنجرتي ، يتدحرج ككرة ملتهبة نحو الأسفل ، يحرق جدران الجسد
هكذا هو حب الوطن
التعليقات مغلقة.