الكاتبة: غزلان خليل
الكورد شعب أصيل يعيش في الشرق الأوسط فلم يترك جيرانهم العرب عروبتهم والأتراك تركيتهم و أيضاً الفرس لم يتركوا فارسيتهم رغم إسلاميتهم و عباءتهم الدينية .
و من السذاجة بمكان أن يقال بإن المشروع القومي الكوردي قد أنهله التاريخ ووصل الأمر به لحد التخمة ، أو أن يدعي أحدهم بأنه أصبح من الماضي و لم يعاد له مدة الصلاحية المرجوة وقد تجاوزه فلسفة أخوة الشعوب والأمة الديمقراطية .
و للتوضيح اكثر فحتى دول الاتحاد الأوربي ذو الإمكانيات و الطاقات البشرية و الاقتصادية الهائلة لم تتنازل حتى الأن عن أعلامها القومية أو الوطنية و لم تكتفي فقط برفع علم الاتحاد ؟ فما زال للفرنسي العلم الفرنسي و للإيطالي علمه الايطالي و لغيرهم أيضاً من هذا التجمع الطوعي .
فالمشروع القومي الكوردي باختصار هو الإقرار بوجود مساحات جغرافية متناثرة للشعب الكوردي و محتلة بين أربع دول هي تركيا و إيران و العراق و سوريا .
وإن أي هدف سواء أنْ كان سياسياً أو مسلحاً و لا يصب في تحقيق إعادة هذه الجغرافية الكوردية لشعبها فهو في غاية الوهم والخداع ولا يحقق بدون شك مهما كانت نوع الانتصارات حتى لو كانت عظيمة لأنها بالأخير لا تخدم أمة فقدت هويتها و جزأتها المصالح الدولية منذ الحرب العالمية الأولى .
فالمشروع القومي الكوردي يملك إرثاً تاريخياً منذ ما يقارب القرن و شهدت له ذلك ساحات كوردستان المختلفة فأن في ميادين چار چرا بمهاباد أو قلعة آمد وديرسم و مرورا بجبال آزمر بالسليمانية و وصولا لهولير وقامشلو و كل شبر من هذه الجغرافيا لها قائمة بالشهادة التي لا تنتهي .
فالمشروع القومي الكوردي ليس حلماً كما يتخيل له البعض وإنما هو واقعة لا يمكن له أن يموت أو يتناسى بالتقادم ودائماً يستمر بسواعد و التضحيات الجسام لمن هم في المقدمة للذود عنه ، فهؤلاء الأشاوس وممن هم يحملون راية كوردستان ويقصد بهم البيشمركة يكن هنا لهم كل التقدير و الاحترام .
فلمن افدى بروحه فداءً لكوردستان المستقبل لا يمكن تصديق بمن هم غير البيشمركة حاملي لواء الأصول والفروع الكوردية ، بالتأكيد هؤلاء فقط ممن يثقون بهم على أنهم حاملي راية المشروع القومي الكوردي .
أما من يعرض خدماته السخية لخارج دائرة هذا المشروع القومي الكوردي العظيم و مستعدون لأن يتشدقوا بالشعارات الطنانة و يحملون رايات متنوعة عدا راية القومية الكوردية في كل اصقاع العالم و جاهزون لحروب الوكالة ، و جعل أبناء وبنات الشعب الكوردي وقود متى ما يشاؤون ، فلا يحق لهم أن ينتموا أصلاً للأصول الكوردية و سيجرفهم التاريخ عاجلاً ام آجلاً .
أما إذا ما تم الدخول في التفاصيل فالمشروع القومي الكوردي لم يكن يوماً أو أي لحظة ضد لغة الأم وإنما كان هذا الهدف السامي من أبجدية أولوياته ، و لكن كان هو يقف بالضد من فرض أيديولوجيات من جانب واحد وجلب مناهج جاهزة لا ترتقي لأبسط مقومات التعليم .
وعن المشروع الوطني في سوريا فالمشروع القومي الكوردي لم يعارض الدولة السورية بأي لحظة من اللحظات في استقرارها و في وحدة أراضيها و دائماً كان سباقاً في إعادة الأراضي السورية المحتلة وفق قرارات الأمم المتحدة و لكن كان يقابل ذلك من قبل النظام البعثي اتهام السياسيين الكورد و زجهم بالسجون واتهامهم باقتطاع جزء من الدولة السورية وإلحاقها بدولة أخرى ولكن حتى الأن لا يعرف ماهي تلك الدولة التي ستلحق بها الأراضي السورية المقتطعة ؟
والمشروع القومي الكوردي كان دائماً نصيراً وشريكاً حقيقياً في الدفاع عن الديمقراطية في سوريا و كان يعتمد بثوابته النضالية على وجوب بناء دولة المؤسسات وإتاحة الفرص للتنمية و حقوق الإنسان لذا اختار الوقوف إلى جانب الثورة السورية و العمل ضمن صفوف المعارضة السورية و مثل أحد المكونات الاساسية في المحافل الدولية .
لذا يجب السكوت قدر الأمكان و عدم التلاعب بالألفاظ من قبل أصحاب الشعارات ( الرقيقة ) و الدغدغة بعواطف الناس كونهم الحقوا أصلاً الضرر الأكبر بالمشروع القومي الكوردي في سوريا و تجلى ذلك في هجرة الشباب الكوردي و تقتيم التعليم و بناء صراع عربي – كوردي قد يمتد إلى سنوات و نقل القضية الكوردية إلى خارجها محيطها و ما زال الحبل على الجرار .
التعليقات مغلقة.