المجلس الوطني الكوردي في سوريا

التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا عن شهر آذار 2020

126

تشغل جائحة فايروس كورونا (covid-19) العالم برمّته في هذه الظروف الهامة، ولا يزال الجدال يحتدم بين الجانب الطبي (الصحي) والجانب السياسي، حيث يرى الجانب الطبي أن الفايروس ظهر بشكل طبيعي، وعمَّ كوكبنا دون تمييز، ويرى البعض من هذا الفريق أن جائحة كهذه ربما تتجدّدُ كلَّ مائة عام وخصوصاً في العشرين من كل قرن، ويشير في ذلك لأمثلة تاريخية شتى، فيما يذهب الجانب السياسي على أن الفيروس يأتي في سياق الحروب البيولوجية بين القوى المتنافسة أو المتصارعة في سباق التطوّر الاقتصادي أو الهيمنة على العالم في جانبيه السياسي والاقتصادي على حدٍّ سواء، ولكل من الجانبين حججُه ورؤاه، وعموماً يتم التأكيد بل التشديد على الجانب الوقائي من هذا الفايروس الخطير قبل العلاجي، كما يمكن القول إن انتشار الفايروس قد أدّى إلى شلل ولو نسبي للحركة وللنشاط الاقتصادي والاجتماعي وحتى السياسي، ومن بينها مناطقنا وشعوبنا أيضاً، وحري بالقول أن إقليم كوردستان يندرجُ بالمراتب الأولى في اتّخاذ إجراءات الوقاية والحماية من هذه الجائحة الفتاكة.
عموماً، ورغم ما ذُكر أعلاه، إلا أن هناك قضايا ساخنة وملحة تقتضي الاهتمام ولو ببعض جوانبها، ومنها الأزمة السورية وجوانب من أزمات المنطقة الأخرى، ولعل موضوع محافظة إدلب السورية كإحدى أهم بُؤر التوتُّر في الأزمة السورية والتي شهدت معاركَ طاحنةً فيما مضى بين تركيا والنظام السوري، وبدعم من حليفيه الروسي والإيراني، إلى أن حصل اللقاء بين الرئيسين فلاديمير بوتين الروسي ورجب أردوغان التركي، وتم بموجبه اتّخاذ قرار وقف إطلاق النار بين الجانبين، على أمل الوصول فيما بعد إلى اتفاق متكامل بخصوص إدلب، وأكّد الجانبُ الروسيُّ على النظام السوري بضرورة التقيد، ربما جاء ذلك بعد التدخل الأمريكي المباشر بين الجانبين، ومن المرتقب حصول قمة ثلاثية بين الرؤساء (ترامب، بوتين، اردوغان) بمدينة اسطنبول التركية في منتصف شهر نيسان من هذا العام بخصوص وضع إدلب وربما عموم الأزمة السورية.
من جانب آخر، يبدو أن أمريكا تسعى لتعزيز تواجدها في المنطقة وخصوصاً في العراق وسوريا، لتزيد من هيمنة دورها في إدارة الأزمات أو المساهمة في تقديم الحلول السياسية في الوقت المناسب، ومنها الأزمة السورية، حيث تلوح بقرب تنفيذ قانون سيزر (قيصر) في شهر حزيران القادم، كما تؤكّد على عدم تخلّيها عن تركيا كحليف استراتيجي لها، أي أنها ماتزال إلى جانب تركيا في العديد من سياساتها وخصوصاً المتعلقة منها بالأزمة السورية، وفي ذلك إشارة واضحة على التوافق والتنسيق معها (تركيا) في معظم الشأن السوري.
وتعرّضت تركيا بدورها مؤخّراً لمضايقات من الجانب الروسي رغم العلاقات المتميزة بين الجانبين ما يعني أن روسيا تفاضلُ في علاقاتها مع النظام السوري، ما جعل تركيا تلجأ لحلفائها وفي المقدّمة أمريكا حيث حاجة هذه الأخيرة إليها لترتيبات أخرى في الشأن السوري وخصوصاً مناطق ادلب وشرقي نهر الفرات، ومن ثم الضغط على النظام وحلفائه باتّجاه الحل السياسي وفق مرجعية جنيف1 والقرارات الدولية في هذا الشأن، وذلك عبر تفعيل اللجنة الدستورية والتهيئة والترتيب من أجل استئناف المفاوضات بين الجانبين (النظام والمعارضة) وبرعاية دولية ممثلاً بهيئة الأمم المتحدة.
وإيران، لا يبدو لها دورٌ يُذكر في الصراعات الأخيرة سوى تصريح تدعو فيه تركيا الالتزام بقرارات سوتشي في شأن إدلب، والظاهر أنها تهتمُّ بمعاناتها الداخلية سواء من جهة تفشي كورونا بشكل واسع داخلها، وسرّبت وسائل إعلام إصابة حتى عدد من المسؤولين ومن مستويات رفيعة في الدولة، أو بسبب تفاقم أوضاعها الداخلية اجتماعياً واقتصادياً وحتى سياسياً، حيث فقر شرائح واسعة من المجتمع، إلى جانب تدهور الوضع الاقتصادي والهبوط المستمر لسعر صرف الوحدة النقدية أمام العملات الصعبة، هذا ناهيك عن تزايُد الشَّرخ أو حتى الصِّراع بين الأوساط الحاكمة في إيران، كل ذلك إلى جانب العقوبات الاقتصادية المستمرة والضغوط السياسية من المجتمع الدولي بسبب تدخُّلاتها في شؤون الدول الإقليمية والمسببة لمعظم أزماتها.
العراق، مازالت أزمةُ تشكيل حكومة جديدة قائمة على أشدّها، والأوضاع تسير فيه من سيّئ إلى أسوأ، لأن الوضع بالأساس ناجم عن الصراعات داخل البيت الشيعي، بين مَنْ يسعى الالتفاف على مطالب الجماهير المحتجة ودعواتها بمحاكمة من ارتكبوا جرائم قتل المحتجين ومن وراءهم، ومعالجة ملف الفساد المالي والإداري ..الخ وبين من يدعو الى تلبية تلك المطالب، لكن يظهر أن الجانبين يساهمان بشكل أو بآخر في الاستمالة إلى خدمة الأجندات الإيرانية، تجلى ذلك في الإجماع الشيعي داخل البرلمان في المطالبة بإجلاء القوات الأمريكية بغية فسح المجال واسعاً أمام إيران، وعليه يبدو أنّ الصراعّ في العراق يحمل أوجهاً عديدةً، ولا تظهر آفاقٌ للحل في الوقت المنظور، إلا أن الابقاء على حكومة السيد عادل عبد المهدي أو إعادة تكليفه بحكومة جديدة تبقى الأنسب في هذه المرحلة على الأقل.
إقليم كوردستان، يتّجه في سياسته وتوجُّهاته باعتدال سواء في الموقف من قضايا العراق وصراعاته وأزماته أو في الموقف من الدول ذات الشأن في الوضع العراقي، فالإقليم ليس مع جلاء القوات الأمريكية عن العراق لسبب بسيط وهو احتمالُ ظهور داعش من جديد، وكي لا يكون لإيران اليد الأقوى في العراق، علماً أنه (الإقليم) مازال على علاقة مُتّزنة مع إيران من قبيل حسن الجوار، وهكذا مع تركيا والدول المعنية الأخرى، من جانب آخر يسعى بكلّ اهتمام للمساهمة في حلّ المشاكل العراقية، وكذلك حل خلافه مع المركز، لكنه في نفس الوقت يولي الاهتمام الأكبر لشؤونه الداخلية بغية توفير المزبد من اسباب تطوُّره وتقدُّمه في عموم المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية وغيرها، وحكومة الإقليم تسير باتجاه العمل بالأبجدية اللاتينية في دراسة اللغة الكردية.
كوردستان سوريا، هناك جهودٌ ومساعيَ قائمة على أكثر من صعيد، فالمجلس الوطني الكردي في سوريا وعبر هيئة الرئاسة ولجانه المعنية في سعيٍّ لتشكيل اللجان المقررة في مناطق عفرين وكري سبي وسري كانييه وفق آليات متفق عليها بغية انهاء معاناة الأهالي أو الحدّ منها، ووقف الانتهاكات المُستمرّة من عمليات السلب والنهب وحتى بيع ممتلكات المهجّرين بما فيها العقارات، والسعي لعودة المهجّرين والنازحين الى أماكن سكناهم بغية انهاء أو وقف عمليات التغيير الديمغرافي بتلك المناطق، وإخراج الفصائل من المدن والبلدات والقرى وتشكيل إدارة مدنية من الأهالي عبر ضمان قيم العيش المشترك بين مكوّنات المنطقة من عرب وكرد وسريان، ومن الجدير ذكره أن بعض القوى الدولية تقف مع المجلس بهذا الصدد، وتسعى لمؤازرته وتسهيل تلك الأعمال والمساعي.
من جانبٍ آخرَ، وفي مجال مساعي تقريب وجهات النظر بين المجلس و (ب ي د) بشأن العمل المشترك، تبدو هذه الجهود تستمدُّ جديّتها من دور بعض الدول الصديقة واهتمامها، أو لحاجة هذه الدول بغية استكمال مشاريعها المرتقبة في البلاد، ومن المعلوم أن موقف حزبنا (الحزب الديمقراطي الكردستاني – سوريا) في هذا الصدد لا يختلف بشيء عن موقف مجلسنا وعبر توفير المناخات المناسبة، وضمن الشروط الموضوعية لخدمة شعبنا الكردي وقضيته العادلة، كما أن المساعي تسيرُ باتجاه تحقيق شروط الحوار المباشر بين الطرفين (المجلس و ب ي د) على أمل التوصُّل إلى نتائج إيجابية تضمن الشراكة الحقيقية بين عموم القوى السياسية الكردية، شريطة جدية الجانب الآخر ( ب ي د ).
في الختام، نبارك لرفاق حزبنا (الحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا) وجماهيره وأصدقائه وحلفائه الذكرى السادسة لإنجاز الوحدة الاندماجية في أيام 3 ، 4 ، 5 نيسان 2014 في هولير عاصمة إقليم كوردستان.

المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا
قامشلو 4 / 4 / 2020

التعليقات مغلقة.