المجلس الوطني الكوردي في سوريا

أحمد خاني-1708-1650 

202

أنا عطار ولست بائع جواهر, أنا قد غرست نفسي, ولم يعن بتربيتي احد, جبلي أنا , من هذه السفوح , وهذه الكلمات تنبع من صميمي الكوردي ،فوقعوها بحسن ألطافكم،أصغوا إليها بسمع إصغائكم بهذه الكلمات يقدم أحمد خاني نفسه لقرائه في ملحمته الخالدة(مم و زين ).
ولد أحمد خاني ابن الشيخ الياس في قرية(خان) بالقرب من مدينة ( بيازيد ) عام1650م ونسب إليها وقد نسبه البعض إلى عشيرة(خانيان).

تلقى خاني علومه الابتدائية في الكتاتيب والجوامع ثم في المدارس التي انتشرت في المدن الكبيرة مثل ( بيازيد وتبريز وبدليس ) وقد ظهرت عليه علائم النبوغ وهو لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره،وسعيا وراء المزيد من العلم والمعرفة ترك ( بيازيد ) وتنقل في المدن فزار عاصمة الدولة العثمانية (الآستانة) ومكث فيها فترة من الزمن يتلقى العلم من مشايخها ثم زار دمشق ومصر ، فاطلع على علوم عصره ويلقفها فجمع بين الأدب ، ولاسيما الشعر،والفقه الإسلامي والتصوف فذاعت شهرته مقرونة بالثقافة الواسعة والمعرفة العميقة في الأمور الأدبية والفلسفية والدينية.
قد أتقن أحمد خاني العربية والفارسية والتركية بالإضافة إلى لغته الكوردية التي كان يعتز بها ويدعو الشبان الكورد إلى تعلمها والكتابة بها ، ومن أجل ذلك راح يفتح المدارس ويتطوع للتعليم فيها بنفسه دون مقابل ومن أجل أن يحبب العلم بالطلاب أعد لهم كتابا ليسهل عليهم التعلم سماه( نو بهارا بجوكان ) أي الربيع الجديد للصغار مجسدا بذلك حبه لشعبه ولغته القومية.
وعلى الرغم من تمكنه وإتقانه لهذه اللغات فقد آثر أن يكتب بلغة قومه ليؤكد بذلك مساهمة الكورد في بناء الحضارة الإنسانية وإبرازا لشعبه ولطاقاته الفكرية،أو كما يقول هو( …ولكي لا يقول أحد أن أنواعا من الملل تملك الكتب ولا حساب للكورد وحدهم في هذا الميدان )، ولكي يشجع الأدباء الأكراد على الكتابة باللغة الكوردية بدلا من اللغات الأخرى فتصبح آثارهم وينسى أصلهم الكوردي.
عاش أحمد خاني في النصف الثاني من القرن السابع عشر الذي كان حافلا بالصراع بين الإمبراطوريتين الفارسية والعثمانية للسيطرة على كوردستان وثرواتها والذي شهد أيضا انهيار الإمارات الكوردية الواحدة تلو الأخرى وآخرها إمارة تبليس ، وانصراف الأمراء والحكام الكورد إلى الاقتتال الداخلي،فكتب ملحمته الخالدة( مم وزين ) يدعو فيها الأمراء الكورد إلى الاتحاد والتعاون بدلا من الاقتتال والفرقة ويوضح لهم مرامي الإمبراطوريتين العثمانية والفارسية إذ أن كل همهما هو احتلال كوردستان والتمتع بمواردها وبموقعها الإستراتيجي الهام والاستفادة من الشعب الكوردي كرأس حربة ضد الإمبراطورية الأخرى أو كسد أمام هجوم الدولة المهاجمة.

ولم يكتف خاني بدعوة الأمراء فقط للوحدة بل دعا الشعب أيضا لليقظة والتنبه والاعتماد على الذات , كان يثق بطاقات شعبه الخلاقة فلم يترك فرصة إلا وكان يدعو الكورد للتعلم والإتحاد والعمل،حيث كان يربط بين الازدهار السياسي والازدهار الاقتصادي والعلمي .

وبالإضافة إلى فكره القومي الثاقب كان خاني متحررا، وقف إلى جانب المرأة وأنصفها في شعره ودعاها إلى التعلم والتحرر كما كان معاديا للظلم ويكره اللهاث وراء جمع المال ورعاته. أما أهم أعماله بالإضافة إلى ملحمته ( مم وزين ) فهي : قاموس كوردي – عربي للأطفال بعنوان ( نو بهارا بجوكان ) و ( عقيدة الإيمان ) وهي قصيدة شعرية باللغة الكوردية نظمها في 70 بيتا من الشعر وديوان شعر متنوع المواضيع .يعتبر ديوانه الشعري القصصي (ممو زين) من أشهر الروايات الشعرية الإنسانية التي تدور في إطار غرامي مأساوي والتي نقلها إلى العربية ( الكاتب والشاعر جان دوست من كوباني ) .

تحكي ( مم و زين ) قصة حب بين عاشقين من بيئتين مختلفتين حيث كان ( مم ) من طبقة اجتماعية متدنية على عكس ( زين ) التي كانت أخت أمير بوطان وعندما حس الأمير بوجود علاقة بينهما بعدما وشي له ( بكو ) بوجود تلك العلاقة غضب الأمير وزج ( مم ) في السجن إلا أن موجه عارمة من السخط والتمرد قام بها الشعب في بلده مما اضطر الأمير إلى الإفراج عن (مم ) ووافق على تزويجه من أخته ( زين ) إلا إن المنية وافت ( مم ) قبل إتمام زواجه منها فمات وبعد فترة قليلة جدا ماتت ( زين ) من شدة حزنها .

توفي أحمد خاني في مدينة ( بيازيد ) سنة 1708م و دفن فيها.

 يقول :
أيها النسيم في رقة الروح
يا من تفتح له الأبواب جميعاً
هل لك أن تلتفت إلي قليلاً
وتحمل عني ما أعرضه عليك….؟
ويقول أيضاً :
لم الحياة ؟ ولم الروح ؟
ألكي يقولوا : ها هي تحيا , كانت ( خج سيامند )
فبالله , بالإله الطاهر , بالنور الإلهي أقسم :
أنت وحدك تملكني .
وساهواك ما حييت , وها أنا اتبعك  .

التعليقات مغلقة.