حول حديث بشار الأسد عن القضية الكوردية على قناة روسيا 24 . 1/2
أن يقوم كاتب عروبي سوري أو غير سوري على تحريف التاريخ العربي أو الكوردي في الجزيرة أو في جنوب غرب كوردستان بشكل عام، عن جهالة؛ ويكذب فيها حسب مزاجية، نستطيع التغاضي عنه، وتلافيه كنكرة. أما أن يقوم مجرم سوريا الأول (بشار الأسد) بالفعل ذاته وعن خباثة، مكررا ما نشره العديد من الباحثين العروبيين من التحريفات التاريخية، وفي مرحلة لاتزال الهيئات الدولية تعترف به كرئيس دولة، جريمة ثقافية لا تقل عن جميع جرائمه الأخرى ولا يمكن تجاوزها والتغاضي عنها. فعلى المفهوم الشاذ ذاته كان البعث ووالده المقبور يتلاعبون بمدارك المجتمع السوري، وينفاقون على الإعلام العالمي حول مسيرة التاريخ السوري. وجوابه على سؤال القناة الروسية، حول الكورد في شمال وشمال وشرق سوريا، وبطريقته السافرة؛ حاول قطع الروابط الوطنية بين المكونات السورية، ونتائجها سوف لن تقل عن بشاعات تغطيته على جرائمه خلال السنوات التسع الماضية، وبالتالي لا يمكن التغاضي عنها، وتركها تمر دون رد رسمي صادر من الحراك الكوردي عامة، وخاصة من الجهات التي ستوصله الرد، أو ستطلع مربعاته الأمنية والإدارية عليها؛ ولتبلغه الموقف الكوردي، وخلافنا معه ومع نظامه حول الكورد وقضيتهم وتاريخهم، وعلى أن مثل هذه السفاهات لن تقطع الروابط الوطنية بين شعبينا الكوردي والعربي المؤمن بالإخوة والمساواة.
فتشويه تاريخ سوريا الماضي والحديث، ومن موقف رسمي، وعلى منطق أولئك الباحثين العروبيين، وإنكار جغرافية الشعب الكوردي الذي ضم إلى دولة سوريا اللقيطة في بدايات القرن الماضي، تندرج ضمن الجرائم الكبرى التي نفذها سلطة بشار الأسد بحق سوريا والشعب العربي قبل الشعب الكوردي. ولا نشك لحظة أن السؤال كان قد خطط له وبشكل مقصود؛ وتقف ورائها مصالح روسيا، وجهز له هذا الجواب لعدة غايات وأبعاد، ومنها:
1- محاولة خلق صراع بين الشعبين العربي السني والكورد في شرق الفرات.
2- نقل المنظمات التكفيرية التي تحارب في مناطق إدلب وعفرين إلى شرق الفرات، ليستفيد منها في تقوية مركزه، على حساب ضعف الطرفين المناهضين له.
3- وجلها للبقاء مدة أطول على كرسي الرئاسة.
4- إلى جانب محاولة خلق إشكاليات بين الأطراف الكوردية، وهي ذاتها التي تحاول تركيا القيام بها، عند اهتمامها المفاجئ وعلى المستوى السياسي بطرف كوردي والتهجم على الأخرين.
5- وعلى رأس كل هذه الإشكاليات تكمن المصلحة الروسية، لذلك فهي تعتبر رسالة روسية ومن السلطة لأمريكا قبل أن تكون للكورد.
ففي الحيز الداخلي، أي ضمن المجتمع السوري، فعلى الأغلب وحتى لو من خلال صفحات كتاب التاريخ المدرج في مناهج المرحلتين الإعدادية والثانوية ضمن مدارس سوريا، لا بد وأن بشار الأسد يعلم أنه عندما مددت جغرافية سوريا الكبرى بفضل فرنسا إلى شرق الفرات، وشمال حلب، إي إلى الجزيرة ومناطق عفرين، كانت قد اقتطعت المنطقتين من كوردستان، والتي كانت حتى قبل انهيار الإمبراطورية العثمانية تصنف كمناطق تابعة لولاية ماردين وأمد، وأورفا، وبهما تشكلت سوريا الحالية التي يتشدق بعروبتها المستعربون في سوريا وبينهم بشار الأسد، وما هم عليه الكورد ضمن سوريا، يعتبرها مِنةً منه لهم ومن ضمنها أعطاهم حق المواطنة، متناسيا أن سوريا التي أجرم بشار الأسد ووالده المقبور بحق شعوبها، حصلت على هيئتها الحالية بعد تقطيع الجزء الجنوبي الغربي من كوردستان، وقبلها، أي قبل عام 1920م لم تكن تتجاوز شرق نهر الفرات، وشمال حلب بكيلومترات عدة، ولربما لم يطلع بشار الأسد على خريطة من خرائط المنطقة المرسومة في القرنين الماضيين.
وقد كتبنا وكتب العديد من الأخوة الكورد في هذه الإشكالية، وغيرها، كقضية الديمغرافية الكوردية وهجراتهم من والى الجزيرة أي جنوب غرب كوردستان، من مما كتبته 40 حلقة تحت عنوان (مصداقية الباحث العربي… 1-40) و 20 حلقة تحت عنوان (ماذا فعل المربع الأمني بغربي كوردستان-1-20) ومقالات أخرى في هذا المجال التاريخي وما تم من التحريف لتاريخ الكورد بشكل عام وفي الجزيرة بشكل خاص، وأخرها كان المقال المنشور بست حلقات بعنوان ( مراحل التمدد العربي في جنوب غرب كوردستان( مراحل التمدد العربي في جغرافية جنوب غرب كوردستان-1-6) كرد على ملهمي التاريخ في هذا البعد لأبن الأسد، وبينهم من كان قد كلف من قبل والده المقبور وشريحة البعثيين المفرزين للطعن في القضية الكوردية، ودعموهم لكتابة الدراسات التاريخية عن جغرافية الجزيرة وديمغرافيتها، ولم يكتفوا بالنشر بل هاجموا المثقف الكوردي من على الإعلام، ومن خلالها على الكورد وقضيتهم، بعرض مفاهيم ساذجة وضحلة الأبعاد؛ عن الهجرة الكوردية إلى سوريا، في الوقت الذي لم تكن هناك وجود لسوريا أثناء وقبل وبعد تلك الهجرات. وكما ذكرنا سابقا ولعدة مرات نعم حدثت وعلى مر التاريخ هجرات للكورد لكن جميعها كانت ضمن الجغرافية الكوردستانية، وما يقحم الآن سوريا كوطن ضمنها ليست بأكثر من خداع للذات، وطمس للحقائق التاريخية، والمؤدية إلى تصعيد الصراع بين شرائح المجتمع السوري بشكل عام وبين الكورد والعرب بشكل خاص، وربما توسيع حلقات الدمار على الجغرافية السورية.
فالتقرب من القضية الكوردية بهذه النزعة العنصرية والخلفية الفكرية الموبوءة، في الوقت الذي يجب أن يتعاملوا مع الشعب الكوردي بمنطق حضاري، وفكر ديمقراطي متفتح، بعد كل هذه البشائع، ويغيروا صورهم النمطية المشوهة عنهم، ويتقبلوهم كالقومية الثانية ضمن الوطن المأمول إقامته بعد كل هذا الدمار، ويتحاوروا مع حراكه على الدستور السوري القادم لتظهر دولة مقبولة من العالم الخارجي ومن شعوب سوريا ذاتها وأقلياتها وطوائفها، خاصة بعدما ضحى الكورد بالآلاف من الشهداء للقضاء على أخطر منظمة إرهابية في العالم الحديث، وأنقذوا سوريا والعراق من فظائعهم، وهم يحمون قرابة مليونين من المكون العربي ضمن مناطقهم المحتضنة أكثر من ثلثي الاقتصاد السوري، تعد خيانة لسوريا وللمجتمع العربي قبل الكورد الذين عدهم مواطنون سوريون! وبها يكون قد وضع خاتمة على كل محاولات إحلال السلام في سوريا، بل يطمع في نقل ساحات الحرب إلى المناطق الكوردية، التي ينفي وجودها، وندرك من كلامه لو أنه كان مقتنعا بمقولته، لما خطط بهذه السذاجة وفي هذه المرحلة الحديث عن القضية الكوردية…
يتبع…
التعليقات مغلقة.