المجلس الوطني الكوردي في سوريا

وليد حاج عبدالقادر : حينما تصبح الأيديولوجيا ترفا..

124

كان للفيلسوف أفلاطون ( ٤٢٨- ٣٤٧ ق . م ) موقف واضح في السياسة حيث رأى فيها تجسيدا للعدالة ، وبنى عليها دراسة معيارية ومبادئ نظرية لحكم البشر ، ومهد الطريق امام السلاطين لإنتاج سبل ووسائل السيطرة على الشعوب والحفاظ على السلطة … أما ميكياڤيلي / ١٤٦٩ – ١٥٢٧ م / فرأى أنه : من الأسلم للحاكم ان يكون مهابا من أن يكون محبوبا ، فإذا نجح في أن يحفظ حياته وسلطته ، فأن كل الوسائل التي استخدمها يحكم عليها بأنها مشرفة .. هذه المفردات ومنها الكثير إن في التطبيقات العملية او تصورات أصبحت مدارس نظرية أطرت لمذاهب ايديولوجية تحكمت في المسار النضالي المجتمعي واختطت حسب السيد خالد الحروب في مقال له بجريدة الحياة عدد ١٨٤٦١ تاريخ ٢٠ – ١٠ – ٢٠١٣ بعنوان ( عواصف الواقع وانحناءات النص الطوباوي ) حيث أكد على / .. ان الأيديولوجية الإنسانية هي تلك المرتكزة على الحرية وتحرير الفرد من كل القيود ومده بالقوة والطاقة الاستعلائية على كل النظم المقيدة والاهم تمكينه بالنقد والنقد الشامل الذي يشمل ايضا نقد الأيديولوجيا ذاتها التي عملت على تحريره . اما الأيديولوجيا الاستبدادية القمعية ، فهي تلك التي قد تنطلق لاجل تحرير الانسان وتقاتل في اول الامر من اجل ذلك لكنها لا تلبث ان تخضعه لنظام ثقافي تسلطي فوقي بديل عن النظام الذي حررته منه . هي تستبدل تسلطا بآخر تحت راية التحرر . لكن خطورتها ربما تتجاوز خطورة النظام الذي ثارت عليه بكونها تشتغل تحت شعار الحرية وبكونها ذات برنامج فوقي / خلاصي فانها لا تسمح لهذا الفرد المحرر والمتحرر بأن يتحرر منها أيضا او ان ينقدها ، هي تشجعه على نقد النظام الثقافي والسياسي والأيديولوجي المنقضي ، بيد انها ترفع ذاتها الى مرتبة عليا ، فوق النقد والناقدين ، وتتحول الى منظومة مستبدة للأفراد الذين حررتهم / النازية ، والستالينية والدين المستبد كامثلة ناجزة في التاريخ الحديث … / . هذه النزعة الباطنية التي تصر أن تبقى محملة بموروث ماقبلها ، لابل وتضيف عليها جرعات أقوى في آلية تقمص نزعة الإستبداد ، فيجملها بإضافات شكلانية ، ولكن بعنفية أقوى من سابقتها كخبرة أضيفت من معاناة سابقة ، وهذه هي الاكثر استدلالا في ممارسات بعض التوجهات التي تتحول الى جماعات ابتزاز نضالية ، وذلك بدراية منهم أم لا بمدى الإنعكاس السلبي لحدية تفردهم بالخطاب المتحول من أيديولوحية وحدانية الى استبداد غوغائي موسوم بتقية لا تقود الى نفي الآخرين فحسب ، بل وبسعي حثيث لاستيلاد نسخة منقحة ، وكماركة مسجلة لها ، وبامتياز في استبداد أصبح مركبا ، وهنا وكأمثلة حية ومقاربة لهذا التنظير ! وفي العودة الى التجربة السورية بعد انطلاقة ما نسميه بالثورة السورية ، وفي تتبع لمآلات التحول البنيوي في مسارها المدني المسالم ، وفي انتقاء رئيس لأهم الشعارات التي رفعت وهتفت بها جموع الناس سواءا منهاالعامة التي تغنت بالحرية والديمقراطية والمساواة ودولة المواطنة وو الخ ، والتي – هذه الشعارات – تحولت بقدرة قادر الى ملفات وضعت في الخزائن وتأرشفت ، ومع ازدياد نزعة العسكرة والتسلح وظهور إيالات وأمارات توشحت كل منها برداء – راية ، وجميعها أصرت ان تعطي أنموذجا أبشع باتت تفسر على أنها من رحم سلطة الإستبداد ، وأخذت تظهر شعارات واهداف غريبة عن أفق ووعي الشارع السوري الذي عرف عنه طفرة ثقافية متنوعة وان كانت مقموعة ، فتداخلت التوجهات الوطنية والقومية ، الليبرالية والدينية ، وتفرعت غالبيتها ايضا فرادى لتصبح كل واحدة منها منصة استولدت منصات ، وهذه الظاهرة – ربما – انتجتها ذات الأداة التي قدمت نماذجها الأسوأ في ادارة المناطق التي خرجت من سيطرة النظام ، و .. أيضا في تقديم الشكل المشوه في البعد التنظيمي – السياسي للأحزاب بتشظياتها وهيكلياتها التي ازدادت تكاثرا وبشكل وبائي وكنماذج : يمكننا استذكار الحركات التي هيمنت في الجنوب ومحيط دمشق وغوطتها ، وايضا حمص وبعض من ريف حماة وحلب وادلب ، رغم سعي الإخوان المسلمين كتنظيم حاول البقاء وبدعم تركي كبقعة ضوء وحيدة بالضد من رغبة غالبية الشعب السوري بمكوناته المتعددة ، وكورديا سنختزل بالتركيز على بديل النظام بعيد استلامه المنطقة وتعويمه للقضية القومية الكوردية وتتويهها في مخاضات ايديولوجية مبهمة ، لم ترتق مطلقا حتى في شكلها المصطلحي عن طروحات النظم المتعاقبة على سوريا ، والآن ! وسوريا امام تحولات مصيرية هامة ، كل ملامحها تشي بنوع من الإنفتاح العلماني ، وبعض من الآفاق الديمقراطية ، إضافة الى أصوات أخذت تتعالى وتطرح مفاهيم متقدمة لشكل من أشكال دولة المواطنة بعنوان فيدرالي لها وان اختلفت الشروحات والمقاربات لهذا التوصيف ، وعليه ، وفي الجانب الكوردي ، فأن هذه المرحلة أشبه ما تكون بمرحلة تأسيس – تشكيل لدولة سوريا وبعقد تشاركي ايضا جديد ، كل هذه الامور تدفعنا لأن نتذكر الأساسيات التي تهم شعبنا لا احزابنا ، خاصة حينما تظن الأيديولوجيا بأن اولوية الصراع يجب ان تكون بنيويا ، ولكن لسوء التحليل او التقدير فقد تتحول آلية الصراع الى كوارث مدمرة ، وعليه فأن الاولوية دائما تكون للحقوق التي يفترض بأنها ستهيء الأرضية للمتغيرات المستقبلية . إن الصراع على اسس ايديولوجية وعلى قاعدة تناحرية ، هي من اهم عوامل الهدم الذاتي من جهة ، والمؤدية الى فوضى ، تتناقض بفظاعة لمبدأ وحدة وصراع الأضداد ، التي تدفع بعجلة التوافق المجتمعي واحترام أسس مبادئ الديمقراطية ، ولنا في نماذج صراعات الشعوب البينية تجارب هامة ، ففي امريكا مثلا ، حينما انهزم السيناتور ستيڤن دوغلاس في الإنتخابات أمام ابراهام لينكولن قال عبارته المشهورة : / آن الأوان للمشاعر الحزبية أن تنسحب أمام المشاعر الوطنية / .. وأيضا أل غور حينما خسر امام بوش أضاف على جملة دوغلاس / هذه أمريكا ، نحن نقدم وطننا على الحزب وسنقف خلف رئيسنا الجديد / … وعليه ! ألا يحق لنا التساؤل : هل يوجد للشعب الكوردي قضية وطنية وقومية أم ؟! …

المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبها ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع 

التعليقات مغلقة.