في الحروب والكوارث والزلازل وأي أزمة تحدث عموماً أكثر فئة تدفع الثمن هي فئة الأطفال بوصفهم حلقة الأضعف في المجتمعات، طبعاً هذا هو المعروف كما نسمع ونشاهد ونرى، وطبعاً هذا لا ينفي مسؤولية البشرية في حمايتها لطفولة بوصف تلك الفئة هم الأمل، من بعد الفئة الشابة، و لأن في كل زمان ومكان فأن المجتمع بحاجة للتجديد والشباب بحاجة للقفز نحو المستقبل مشرق من الواقع المؤلم.
عموماً أكثر المناطق الساخنة بالمواجهات هي مناطق الشرق الأوسط، و باعتبار أن المجتمعات الشرقية تهمل الطفولة والأطفال إلى أبعد الحدود فمن البديهي جداً أن ترى الأطفال في مجتمعاتنا يقومون ببيع المحارم في تقاطع الإشارات، يعملون في محل تصليح السيارات، يتسولون وهم في الشوارع، يسرقون، ينامون وهم عراة أو يتم تعذيبهم في أعمال أخرى، أو تراهم في المخيمات تحت خيم التشرد والبرد كما في شمال حلب كمثال ( أطفال عفرين و أدلب ).
ومن الطبيعي جداً أن ترى أطفالاً يحملون السلاح في المجتمعات التي تسودها لغة العنف، الاستبداد والغسل الأدمغة كما يحصل في عموم سوريا وفي مناطق الكُردية خاصة، لأن السياسة التي تمارس فيها هي سياسة تحريم الطفولة من حقوقها وتعليمها وتنشئتها على مبدأ سياسة الاعتماد على الذات كما يروج لها أصحاب الفلسفات الثورية والمقاومة، أو حتى جهات السلفية المتشددة وذات الفكر الراديكالي.
وليس ببعيد فأن أخبار القادمة من مخيمات التشرد بخصوص خطف قاصرتين لتجنيدهما من قبل جهات تابعة للإدارة الذاتية، وهذه الحالات أصبحت شبه يومية وليست حالات فردية، والإدارة الذاتية التي تصف نفسها وكما تتحجج في برامجها وما تروج لها من السياسات والفلسفات بأنها جهة ديمقراطية من الواجب عليها أن تحمي الطفولة وتقوم برعاية الأطفال بدل من حملهم السلاح وهم في العمر هم أحوج من الذهاب إلى المدرسة التي حُرِمُ منها أيضاً.
لن نخوض نقاشاً طويلاً حول الطفولة وحقوق الأطفال، لكن في العموم أن الجهة التي تقوم بخطف الأطفال من أحضان أهاليهم بغض النظر أي تكن تلك الجهة هو أسلوب ميليشياوي تعتمده جهات الغير النظامية، وأسلوب أرهابي وجريمة حرب، حتى ولو ذهب القاصرون برضاهم، لأن العمر الذي هم فيه ليسوا قادرين على حماية أنفسهم وليسوا مسؤولين عن قراراتهم، وهذه من البديهيات القانونية في جميع الأديان والأعراف والقوانين الدولية.
ولطالما أن الإدارة الذاتية تريد الوحدة وتريد التصالح مع الشعب ومع الأطراف الكُردية عليها أن تبادر بخلق أجواء مناسبة للتقرب من الشعب ومحاولة إصلاح ما يمكن إصلاحه للخروج من الكارثة التي حلت على الشعب الكُردي بسببهم، بدل من أتباع أساليب التي تشرد الشعب وتزيد الخناق عليه وتهجرهم خارج أرضهم من أجل حماية أطفالهم.
التعليقات مغلقة.