المجلس الوطني الكوردي في سوريا

التقرير السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني _سوريا الأخير في عام ٢٠١٩.

124

أصدر المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني _سوريا التقرير الأخير في عام ٢٠١٩ وتناول فيه العديد من قضايا السياسية الكوردية خاصة والسورية عامة.

وفيما يلي نص التقرير :

أعلنت الأمم المتحدة منذ أيام عن فشل أعمال اللجنة الدستورية المصغرة لوضع دستور جديد لسوريا بسبب العراقيل والعقبات التي افتعلها النظام السوري لتحول دون الوصول حتى الى جدول عمل متفق عليه، ومعها ازدادت الحملات العسكرية السورية بمساندة القوات الروسية على محافظة إدلب بغية اعادتها الى سيطرة النظام، ما يعني أن النظام السوري مازال مصرّاً على الحل أو الحسم العسكري للأزمة السورية، ومن الجانب الآخر، رغم مساعي الحل السياسي سواء عبر جنيف أو آستانا- سوتشي، فإن بعض القوى الإقليمية كإيران وتركيا هي الأخرى تمارس العنف من جانبها خدمة لأجنداتها ومصالحها، أي أن دول آستانا – سوتشي بمجملها مازالت تمارس العمل العسكري داخل الأراضي السورية ما يعني أنها تزيد الأزمة اشتداداً، لكن التحالف الدولي بقيادة أمريكا يبدو أنها بدت تستخدم سلاحاً آخر في هذا المضمار سواءً لجانب عموم أزمات المنطقة أو الأزمة السورية بشكل خاص لاسيما السلاح الاقتصادي، والمؤشرات قد تكون جلية، من خلال الاحتجاجات الحاصلة في كل من لبنان والعراق وإيران، وانعكاساتها واضحة على الاقتصاد السوري حيث هبوط سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الصعبة (الدولار واليورو) وغيرهما، إضافة الى هبوط اسعار عملات ذات الدول أيضاً، وما زاد الوضع أكثر صعوبة هو إقرار الإدارة الأمريكية لقانون سيزر (قانون حماية المدنيين) أو ما يسمى قانون قيصر، الذي يقضي بفرض العقوبات الاقتصادية على أية جهة (دولة أو بنك أو شركة أو منظمة أو شخصيات ..الخ) تقدّم يدَ المساعدة للنظام السوري أو حتى تسعى لتقديم الدعم لإعادة إعمار سوريا بعد كل ما لحق بها من دمار وخراب، أي أن المساعي في هذا الجانب تتجه نحو النظام لاستهداف الاقتصاد السوري نحو الانهيار، وبالتالي إرغام النظام أو حمله على قبول الحل السياسي وفق مرجعية جنيف1 والقرار 2254 ذلك الحل الذي تسعى اليه الأمم المتحدة، وينشده المجتمع الدولي والشعب السوري على حدٍّ سواء، وعموماً تبدو المساعي والجهود مستمرة على مختلف المسارات باتجاه حل الأزمة السورية، وبالتزامن والتشابك مع ممارسات الدول ذات الشأن في الداخل السوري، ورغم كلّ الصعوبات هناك من يتفاءل بدنو ترتيبات الحل السياسي في مستقبل واعد لسوريا جديدة لكل السوريين.
وتركيا، مستمرة في تلك السياسة التي تخدم أجندتها دون سواها، فهي في سعي لتنفيذ مشروعها باتجاه استقرارها في حيز من الأراضي السورية (عفرين سابقاً، وسري كاني وكري سبي لاحقاً) والسعي للتغيير الديمغرافي لتلك المواقع، وبالتنسيق والتعاون مع أطراف دولية أساسية (أمريكا وروسيا) حيث اتفاقها مع الطرفين لإبعاد شبح الخطر المزعوم عن حدودها، كما لم تتوانَ عن توسيع علاقاتها الدولية والإقليمية وامتداداتها في بعض الدول العربية وخصوصاً قطر وليبيا.
وفي الأخيرة تسعى لتقديم عسكريين متطوّعين وبمغريات مالية للدفاع عن حكومة السراج، لكنها تأخذ الحيطة والحذر السياسي من جانب أمريكا، وخصوصاً بعد مساعي شخصيات سياسية هامة بينهم رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داوود أوغلو وبابا جان لتشكيل حزب جديد مع قادة آخرين لحزب (العدالة والتنمية) الحاكم الذي يقوده رئيس الجمهورية (رجب اردوغان) والخشية من الدعم الأمريكي للحزب الجديد على حساب الحزب الحاكم المذكور.
وإيران، مازالت الاحتجاجات مستمرّة فيها بشدّة تكاد تشمل عموم المناطق والمدن الإيرانية، وخصوصاً في مناطق كوردستان وأحواز رغم القمع الوحشي والتنكيل بالمحتجين قتلاً وجرحاً واعتقالاً، أي باستخدام السلاح الحي ضد المحتجين في معظم الحالات ودون وازع أخلاقي أو إنساني، ودون أيّ احترام للقانون الدولي في هذا الصدد، ويبدو أنها ستستمرُّ هكذا رغم العقوبات الاقتصادية ضدها ورغم صعود الخط البياني لمستوى الفقر بسبب البطالة المتفاقمة وضعف القدرة الشرائية لدى الجماهير الإيرانية الغفيرة وهبوط سعر صرف الوحدة النقدية الإيرانية أمام العملات الأجنبية، أي أنّ الوضع الاقتصادي لإيران يسير من سيّئ إلى أسوأ، وأن قوى الاحتجاج والمعارضة السياسية تزداد تقدماً، ويزداد معها الغضب الجماهيري، وبالتالي تزداد معها العقوبات الدولية ويزداد الوضع الدولي مناوئاً لإيران وسياساتها المتعارضة مع الأعراف والعهود والقوانين الدولية.
العراق، هو الآخر مازالت دائرة الاحتجاجات الجماهيرية تزداد اتساعاً وخصوصاً في الجنوب والوسط وحتى العاصمة بغداد، وقد أعطت بعض نتائجها الهامة حيث استقالة حكومة السيد عادل عبد المهدي، وكذلك وضع استقالة رئيس الجمهورية السيد برهم صالح تحت تصرف البرلمان، ما يعني أن التغيير في العراق سيحصل حتى ولو طالت الأزمة الى آماد أخرى، كون الأزمة العراقية لها أبعادٌ إقليمية ودولية تتجلى في الصراع السياسي الدائر في العراق بين أمريكا وإيران فضلاً عن قضايا عراقية داخلية تتعلق بالخدمات والوضع المعيشي للمواطنين وحالة البطالة والفقر المدقع إلى جانب ملفات الفساد المالي والإداري، كل ذلك أعباء ومهام ينبغي تنفيذها بما يخدم المجتمع العراقي بكل مكوّناته، ولشدة الأزمة واستعصائها هناك توجه نحو إجراء الانتخابات المبكرة ومساعي تعديل الدستور وقانون الانتخابات كي تتماشى مع توجهات تعزيز اللامركزية، لتوفير مستلزمات الاستقرار محليا وبالتالي التوزيع العادل لثروات البلاد.
إقليم كوردستان، يتّجه بشكلٍ عامٍّ نحو المزيد من الاستقرار السياسي والاقتصادي، كما يسعى إلى توثيق العلاقات مع العديد من الدول الصديقة بينها دول عظمى ذات شأن في أوضاع المنطقة وأزماتها، ويتطلّع إلى تعزيز العلاقات مع دول الجوار، هذا إضافة الى الاهتمام اللازم بقضايا الوضع الداخلي للإقليم سياسياً واقتصادياً وخدمياً، ولعل! المؤتمر الأخير للاتحاد الوطني الكوردستاني بنتائجه الايجابية وفي المقدمة منها دور القيادة الجديدة برئاسة السيد كوسرت رسول علي يبعث على المزيد من التفاؤل بالاستقرار السياسي في الإقليم، عبر تعزيز التفاهم بين الرئاسات الثلاث المتجانسة (رئاسة الاقليم والحكومة والبرلمان) فضلاً عن الدور المتميز للزعيم والمناضل مسعود بارزاني في عموم أوضاع الإقليم بما يدفع باتجاه توفير المزيد من عوامل التطور والتقدم والازدهار.
كوردستان سوريا، رغم المزاعم بوقف المعارك وأعمال العنف في كل من سري كانييه وكري سبي عبر الاتفاقات الأخيرة التي حصلت مع تركيا، إلا أن حالة التوتر والاحتقان لاتزال قائمة بقوة، وأرضية ممارسات العنف لاتزال مهيأة، هذا فضلاً عن معاناة الأهالي جراء انتهاكات القوى الظلامية المستمرّة من نهب وسلب وسرقات، كل ذلك الى جانب النزوح والتهجير أسوة بعفرين وتوابعها، هي الأخرى ما تزال مستمرة، وهكذا مساعي تغيير الطبيعة الديمغرافية قائمة، حيث النزوح الأخير لآلاف النازحين الى مناطق عفرين جراء الحملات العسكرية على محافظة ادلب، ما يعني ضرورة السعي الحثيث والمبرمج للعمل لدى القوى الدولية الصديقة ومنظمات حقوق الانسان ومؤسسات المجتمع المدني للضغط باتجاه وقف الانتهاكات ووقف مساعي التغيير الديموغرافي والترتيب لعودة المهجرين والنازحين الى ديارهم وممتلكاتهم، ومن ثم العمل على إدارة هذه المناطق من قبل أهاليها الحقيقيين، ومن الجدير ذكره أن المجلس الوطني الكوردي في سوريا وفي اجتماعه الأخير قد أولى اهتماما خاصا بهذا الجانب عبر أوضاع عفرين وكري سبي وسري كانييه.
وفيما يتعلق، بالموقف من الدعوات ومساعي تقريب وجهات النظر بين أطراف الحركة السياسية الكوردية باتجاه توحيد الصف والخطاب السياسي، فإن موقف حزبنا (الحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا) هو جزء من موقف المجلس الوطني الكوردي في سوريا، والذي يتلخص في أن يكون موقف حزب الاتحاد الديمقراطي واضحاً في هذا الاتّجاه، وبما ينسجم مع ما يبتغيه المجلس بتوفير عوامل الثقة والأجواء المناسبة، وبالدرجة الأساس الإفراج عن المحتجزين، والإقرار بضمان شراكة حقيقية في الحقوق والواجبات وفي كل المجالات السياسية والإدارية وحتى العسكرية من خلال إدارة مشتركة، مشددين على الشراكة في القرار السياسي بشكل خاص، وعليه يمكن بناء ما يمكن تحقيقه خدمة لشعبنا وقضيته القومية والوطنية العادلة.
المكتب السياسي
للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا
قامشلو 31 / 12 / 2019

التعليقات مغلقة.