المجلس الوطني الكوردي في سوريا

معاذ يوسف : حرمان الكورد من حقوقهم ليس لوجود عيب في مبادئ انما الخلل يكمن في تحكم الدول الكبرى في السياسة الدولية.

149

 

بعد الحرب العالمية الأولى والثانية والتي شهدت جرائم ومعاناة رهيبة ومرعبة بحق البشرية والإنسانية والتي راح ضحيتها اكثر من ٥٠ مليون قتيل، ولعدم تكرار ذلك الكوارث والمخاطر، أقرت الأمم المتحدة في العاشر من شهر كانون الأول عام ١٩٤٨ م مثل هذا اليوم، يوما عالمياً لحقوق الإنسان، وكان من أهم بنوده حماية الإنسان بصرف النظر عن انتمائه الديني او العرقي او بحسب جنسه او لونه.
حيث لا تزال البشرية تعاني وطأة الظلم في الكثير من الدول ، وتكون المرأة والطفل أكثر تعرضاً للجرائم والمخاطر، ولا تزال العديد من الشعوب تعاني الاضطهاد والحرمان من الحقوق التي وهبها الله له، وليكن حق الاسم، وهذا الحق البسيط لا يعلم به الا الكوردي وحرمّ منه في ظل حكومة البعث، على الرغم من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي كانت اهم ما عبرت عنه الارادة والرغبة الدولية ويحظى بأهمية كبرى وفي ذات الوقت يعد هذا الإعلان أكثر الإعلانات والمواثيق تعرضاً لانتهاكات سافرة.

وباستذكار المناسبة كان لموقعنا لقاء مع عضو المكتب القانوني في المجلس الوطني الكوردي الإستاذ ( معاذ يوسف)، وطرحنا عليه عدة اسئلة.

بخصوص الاعلان العالمي لحقوق الإنسان، هل استفاد الكورد منه ام أنه لم يرتق إلى مطالبهم المشروعة، بالرغم من تعرض الكورد للويلات؟

” يوسف” أجاب قائلاً : لم يحظ  أي موضوع باهتمام الدول و المنظمات المدنية و الدولية و حتى الافراد كما حظي موضوع حقوق الانسان .
وإذا أمعنا النظر بتاريخ تقدم الامم بالرقي في الحفاظ على حقوق الانسان فان الفرق شاسع بين وضع حقوق الانسان اليوم و وضع حقوق الانسان في القرون الوسطى، فلقد تحقق الكثير الكثير من الانجازات و خاصة في العصر الحديث بعد رؤية ميثاق الامم الامتحدة النور.
ووجوب احترام حقوق الانسان في الديباجة و كذلك المساواة و العدالة بين الامم صغيرها و كبيرها فميثاق الامم المتحدة هي أكبر اتفاقية دولية في العصر الحديث، و لقد صدر الإعلان العالمي لحقوق الانسان ليجسد رؤية العالم الجديدة للحقوق الاساسية للإنسان ووجوب احترام هذه الحقوق على الرغم ادعاء البعض ان الاعلان غير ملزم الا اننا يجب ان لا نبحث عن الالزام في الإعلان نفسه بل يجب ان نبحث عنه في ديباجة ميثاق الأمم المتحدة كونها اتفاقية دولية ملزمة لجميع الدول.
أليس العهدين الدوليين افضل منه بخصوص الحقوق السياسية والمدنية، حيث حرمت الدولة السورية منذ تسلم البعث الحكم وحتى هذه اللحظة أبسط حقوق للكورد حتى حق الاسم الذي وهبه الله والموجود في الشريعة الإسلامية الذي يعتبر من المصادر الرسمية للقانون، أم ان الدول لعبت دورها في تسييس مصالحها عبر هكذا اعلانات وعهود؟

“يوسف ” قال : لا نستطيع القول أن هذه الحقوق و المبادئ بقيت حبرا على ورق فجميع دساتير الدول المتحضرة ضمنت هذه الحقوق في دساتيرها و تراقب موضوع احترام هذه الحقوق وفق آليات دستورية قانونية أدت الى رفاه تلك الشعوب و حتى على المستوى الإقليمي هناك المحكمة الاوربية لحقوق الانسان و كذلك محاكم في القارة الاميركية مختصة بمواضيع حقوق الانسان و يستطيع أي مواطن في هذه الدول مقاضاة دولها حين انتهاك أي حق من حقوقهم .
أما في دول المشرق العربي و تركيا و ايران و الكثير من الدول الافريقية فموضوع حقوق الإنسان لم يحظى بالحماية القانونية المناسبة و السبب تحكم الانظمة الدكتاتورية بالكثير من هذه الدول .
وبالنسبة للشعب الكوردي فمن حقه التمتع بهذه الحقوق وفق مبادئ ميثاق الامم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان و كذلك العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق السياسية و المدنية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية الملزمة لكافة الدول الموقعة عليها و خاصة موضوع حق تقرير المصير الذي هو حق جماعي يمارسه شعب ما في تقرير مصير مستقبله السياسي . و حرمان الكورد من ممارسة هذا الحق ليس لوجود عيب في مبادئ حقوق الإنسان الفردية و لا في الحق الجماعي ( حق تقرير المصير ) ولكن الخلل يكمن في تحكم الدول الكبرى في السياسة الدولية و حتى في مصائر كثير من الدول المستقلة عدا عن الشعوب المقهورة مثل الشعب الكوردي .

والسؤال الاخير الفرق بين حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني على الرغم من استمرار الحرب لم تستفد البشرية منه مبينا الأسباب؟
لا بد من معرفة الفرق بين القانون الدولي لحقوق الانسان والقانون الدولي الإنساني نظرا لأهمية معرفة الفرق بين القانونين لجميع المهتمين من قانونيين و مثقفين و خاصة لأولئك العاملين في المنظمات الحقوقية التي ربما في كثير من الأحيان تخلط بينهما في معرض قيامها بنشاطاتها دون قصد ويبدو من الضرورة تسليط الضوء على أهم الفروق بين هذين الفرعين من القانون الدولي العام .
حيث يعرف القانون الدولي الانساني بأنه : مجموعة القواعد التي تهدف الى الحد من آثار النزاعات المسلحة و يحمي الاشخاص الذين لا يشاركون أو يكفون عن المشاركة في الاعمال العدائية و هو يقيد وسائل الحرب .
و أهم مصادر هذا القانون اتفاقيات جنيف الاربعة مع البروتوكولات الاضافية و اتفاقيات لاهاي و القانون الدولي العرفي و قاعدة بيانات اللجنة الدولية للصليب الأحمر .
أما القانون الدولي لحقوق الانسان فيمكن أن يعرف بأنه : مجموعة القواعد التي تهدف الى حماية الحقوق الاساسية للانسان النابعة من الكرامة الانسانية المتأصلة في الانسان
ومصادر هذا القانون هي : ميثاق الامم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وغيرها.
وعلى رغم ان جوهر هذين القانونين ثابت و يهدفان الى حماية حياة و كرامة الانسان الا ان الفرق واضح من جهة المصادر المختلفة لكلا القانونين كما رأينا و كذلك من جهة زمن تطبيق القانون و نطاقه في قواعد القانون الدولي الإنساني تطبق زمن الحروب و النزاعات المسلحة المحلية او الدولية بعكس القانون الدولي لحقوق الانسان الذي يطبق في كل مكان و زمان في وقت السلم و الحرب وإن كان يطبق في أوقات السلم بشكل أكثر شمولا .
وفي الختام أضاف ” يوسف” قائلاً : نأمل من الدول القيام بالواجبات الملقى على عاتقها واحترام العهود والاتفاقيات التي وقعت عليها سواء كان في الأمم المتحدة او أي اتفاقية تضمن حقوق الشعب الكوردي في دولة لها علمها ونشيدها الخاص ولغتها.

والجدير بالذكر بأن الشعب الكوردي يعد مثالا حيا على ذلك حيث تعرض و منذ عقود طويلة الى اضطهاد قومي مقيت على أيدي أنظمة الدول التي تقتسم وطنه كوردستان فقد حرم من ابسط حقوقه القومية والإنسانية وحتى من حقوق المواطنة ومورس ضدهم حرب إبادة جماعية وصلت الى حد استخدام الاسلحة الكيماوية ، فتركيا تتنكر لأبسط حقوقه القومية، وكذلك إيران بالأضافة الى ما يتعرض له الشباب الكورد فيها على أيدي نظام الملالي من إعدامات ميدانية على آعواد المشانق في مشاهد مروعة ، و في سوريا تعرض أبناء الشعب الكوردي الى اضطهاد مضاعف و مشاريع عنصرية ممنهجة استهدفت وجوده ومحو خصائصه القومية.
هذا وخلال سنوات الثورة السورية لم يكن أبناء الشعب الكردي بمنأى عن الجرائم التي ارتكبت بحق أبناء الشعب السوري عموما بمختلف فئاته ومكوناته القومية والاجتماعية والذي ذاق مرارة الفظائع التي لم يشهد التاريخ مثيلا لها.

حاوره :جكر سلو

إعلام enks

التعليقات مغلقة.